الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 يونيو 2022 19:59
للمشاركة:

حسين طائب خارج استخبارات الحرس: انقلاب أم تحضير لموقع أكبر؟

في خبر وصفته الأوساط السیاسیة بالزلزال الأمني في إيران، أعلن مكتب العلاقات العامة للحرس الثوري الخمیس عزل حسین طائب عن منصب رئاسة جهاز استخبارات الحرس وتعیین العميد محمد كاظمي خلفاً له.

وبحسب مانشرت وكالة “تسنیم”، أصدر القائد العام للحرس الثوري اللواء حسین سلامي أمراً بتعیین حسین طائب مستشاراً خاصا له نظراً لتجاربه وخبرته في القضایا الأمنية على مدى الأعوام الماضية.

لكن المعادلة السیاسیة الجاریة في إيران تُظهر أنّ إعطاء المناصب الاستشاریة لمسؤولین بعد تنحیتهم عن السلطة یمثل عادةً خطوة رمزية لا تشمل أي صلاحیات تنفیذیة. وعلیه بات مستقبل الحیاة السیاسیة والمهنية لرجل الظل المخابراتي حسین طائب يواجه علامات استفهام كبرى. فهل تعني تنحيته نهایة حقبة نفوذه الهائل – التي انطلقت بعد انتخابات عام 2009؟ أم لا تزال هناك محطات مهمة في طریقه تشمل مناصب أکثر أهمیة ونفوذاً، منها أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي، أو ربما المساعد الأمني لمكتب القائد الأعلى الإيراني أیة الله علي خامنئي؟

كاظمي .. قائد جدید وسط معركة شرسة

حتى اللحظة لا يوجد الكثير من المعلومات عن الرئیس الجدید لجهاز مخابرات الحرس الثوري محمد كاظمي لدى وسائل الإعلام الإيرانية، حيث لم تُنشر له مسبقاً أية مقابلة، كما أنّ الصور المتداولة عنه لا يتجاوز عددها عدد أصابع الید.

یُعرف بأنه قاد جهاز “حمایة مخابرات الحرس الثوري” لفترة طویلة. ورغم ما يُقال عن أنّ جهاز الحمایة يندرج ضمن منظومة الحرس الثوري، إلا أنه في الحقیقة جهاز مستقل عن القیادة العامة للحرس ویعمل مباشرة بإشراف خامنئي، كما أنه یتم تعیین رئیس الجهاز وكبار مسؤولیه من قبل القائد الأعلى نفسه ولیس قیادة الحرس الثوري.

تتمثل المهمة الرئیسیة لجهاز الحمایة هذا في جمع وتحلیل وتسجيل أیة معلومات حساسة وسریة متعلقة بالحرس الثوري، كما يُمكن اعتبار هذا الجهاز أداةً للإشراف على الحرس والدفاع عنه وليس لخدمته.

جهاز الحمایة من أقدم المؤسسات الأمنية في الجمهوریة الإسلامية، وقد تشکل بُعَيْدَ إنشاء الحرس الثوري بفترة قصیرة جداً.

ویشیر مصدر مطلع ل “جاده إيران” إلى أنّ “كاظمي من القادة المقرّبين جداً من خامنئي، وأنه محل الثقة القائد الأعلى منذ فترة طویلة، وخلال تطورات أمنیة هامة”.

ویدل توقیت تعیین كاظمي رئیساً لجهاز الاستخبارات علی عزم النظام الإيراني على مواصلة المعركة الأمنیة التي تصاعدت منذ فترة ضده بمزید من القوة، وإعطاء فرصة لوجوه جديدة لدیها سجل ناجح في المجال الأمني والمخابراتي.

ویخرج محمد كاظمي من وراء الکوالیس في وقت تتعرض البلاد لأخطر الهجمات الأمنية الأجنبية منذ انتصار الثورة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني، حيث لا تقتصر هذه الهجمات علی استهداف العلماء النوويین وشخصیات عسكریة في قلب العاصمة طهران بل تشمل أيضاً ضرب أكثر مناطق البلاد أمناً، كمحطة نظنز النوویة أو قاعدة بارتشین الصاروخیة، فضلاً عن سرقة وثائق سریة مرتبطة بالمشاریع النوویة والعسكریة.

واليوم بات كاظمي في مكان يجعل منه الصندوق الأسود للنظام الإيراني، وتحديداً للأجهزة العسكریة والأمنیة، بعدما أصبح قائداً مباشراً في میدان المواجهة الأمنیة ومهمته وضع حد لخروقات قد تطال العمق الأمني للنظام.

قراءات أخرى

رأت الأوساط السیاسیة في إيران عزل حسین طائب من جهاز مخابرات الحرس الثوري من ناحية تتجاوز القضايا الأمنية وتتعداها إلى السياسية، بالنظر إلى دور الرجل البارز في التطورات السیاسیة خلال العقد الماضي.

وحاول بعض المراقبين ربط ما يجري حالياً في الحرس بالصراع الدائر بشأن خلافة القائد الأعلى، حیث كان بإمكان حسین طائب أن یلعب دوراً بارزاً في تعیین القائد المقبل نظراً لعلاقاته القریبة جداً مع عدد من المسؤولین الكبار في البلاد.

من جهة أخرى، نظر البعض إلى هذه التطورات باعتبارها متغیّراً سیؤدي الی تغییر توازن القوى السیاسیة داخل إيران، لأنّ حسین طائب لطالما اعتُبر داعماً لمجموعة من المسؤولین السیاسیین والتنفیذیین، في مقدمتهم رئیس البرلمان محمد باقر قالیباف، مما يعني أنّ البعض سيخسر غطاءه الأمني بعد مغادرة الرجل.

وتؤكد هذه الروایة علی مواجهة طائب وتیاره مع قطبین آخرین یمثلهما تیار المعتدلین یضم شخصیات بارزة، منهم علي لاریجاني، أصغر حجازي والرئيس السابق حسن روحاني، إلى جانب تیار بایداري المنتمی للقسم المتشدد من المحافظین، الذين يقفون بدورهم اليوم خلف الحكومة ویدعمون الرئيس إبراهيم رئیسي.

وتطرح اسئلة في الأوساط الإيرانية حول توقيت الإعلان وتداعياته على مستوى الخريطة السياسية والأمنية في البلاد. فطائب يشكل واجهة لمنظومة أمنية سياسية تبدأ من داخل بيت القائد الأعلى وتمتد إلى المؤسسات الأمنية، بالتالي تقييم الخطوة من زاوية الربح والخسارة قد لا يرتبط باللحظة الآنية إنما بمآل المشهد بعد إتمام التعيينات المتوقعة على مستويات مختلفة. بل وهناك من يقول إن وضع التغيير في مساحة الإطاحة يعني أن هناك قوة أخرى فاعلة بأدوات ممتدة أيضا تريد تعديل موازين القوى وتثبيت معادلة جديدة للاستفادة منها في أي استحقاق كبير على مستوى النظام. كل السيناريوهات على الطاولة حتى انجلاء الغبرة واتضاح المشهد.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: