الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يونيو 2022 16:58
للمشاركة:

قفزة نوعیة في الصادرات لدول الجوار.. هل بدأت إيران تجني ثمار الدبلوماسية الاقتصادية؟

وعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال حملته الانتخابیة بتغییر اتجاه البوصلة نحو المنطقة، واستخدام الفرص الاقتصادیة التي أهملتها الحكومة السابقة خلال ثماني سنوات.

اليوم، بعد مرور عام على انتخابه رئيسًا، تشهد التبادلات التجاریة بین إيران والدول المجاورة تطورات لافتة جنت الأولى من خلالها أكثر من 21 ملیار دولار بحسب ما أعلنته الجمارك الإيرانية (فقط خلال الأشهر الثمانیة الأولى من ممارسة حكومته مهامها بشكل عملي في شهر أب/ أغسطس 2021).

وتظهر البیانات أنّ مستوی الصادرات الایرانیة إلى 15 دولة مجاورة ارتفع نحو 96% مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبق أي ( من أب/ أغسطس 2020 حتى نيسان/ أبريل 2021).

وتأتي تركیا في مقدمة الدول التي شهدت نموّاً في استیراد السلع من إيران، حیث سجلت الصادرات إليها ارتفاعاً قیاسیاً، بنسبة 242%، تلیها الإمارات المتحدة العربیة بنسبة 162%.

هكذا تمكّنت الحكومة الإيرانية من الحصول علی عائدات تزید عن 21.753 ملیار دولار عبر التجارة مع الدول المجاورة خلال أقل من عام، بینما لم تتجاوز عائداتها التجارية مع نفس الدول عام 2021، 11 ملیار دولار، ما یدل علی حدوث قفزة نوعیة في إيرادات بلد لا يزال یعاني من عقوبات قاسیة تحرمه من الوصول إلى أسواق النفط الدولیة.

كل هذا ولا تشمل الصادرات الإيرانية لدول الجوار النفط، مما یعني أن الحكومة نجحت في اتخاذ خطوة کبیرة نحو تحقيق السیاسة الاستراتیجیة الأكثر أهمیة حالیاً للبلاد، أي ربط الاقتصاد بالصادرات غیر النفطیة وتنویع مصادر الدخل.

ولا یمكن تجاهل تأثیر تراجع القیود المفروضة علی التجارة العالمیة بسبب شیوع فیروس كورونا، حیث شهدت الكثیر من دول المنطقة خلال العام الماضي انخفاضاً ملحوظاً بسبب هذه القيود، سواء لجهة إغلاق الحدود أو الإغلاقات في الوحدات الإنتاجية.

علاوة على ذلك، يأتي أثر التضخم الدولي كعامل لا يمكن إنكاره علی زیادة العائدات الإيرانية من الصادرات.

لكنّ ارتفاعاً قیاسياً في الصادرات الإيرانية من 33 ملیون طن خلال 2021 إلى 59 ملیون في العام الجاري يؤكد حدوث تطور عمیق في توجهات الحكومة الإيرانية، حیث یظهر أنها تعتبر فعلاً التبادل التجاري مع الجوار حلاً مستداماً للتعویض عن خسائر العقوبات أو تحییدها، كما يذكر القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي دائماً.

وتلفت صحيفة “إيران” الحكومية إلى أنّ الزیادة الكبیرة في صادرات البلاد إلى دول الجوار هي جزء من استراتیجیة الحكومة التي تسمیها “الدبلوماسیة الاقتصادیة”، حيث یمكن الرهان علیها لتغییر الظروف المعیشیة لصالح الشعب الایراني.

ولا تقتصر محاولات الحكومة للعثور علی طرق تمكّنها من مواجهة الضغوط الغربیة علی صادرات السلع، حیث بدأت تتابع استكمال المشاریع الكبرى المتعلقة بالممرات التجاریة العالمیة عبر الأراضي الإيرانية، التي قد تحوّل البلاد إلى قطب للتجارة والنقل في الشرق الأوسط. وإذا تمكنت إيران من إتمام هذه المشاریع التي تحتاج إلى تمویل كبیر، فهي قد لا تحتاج بعدها لرفع العقوبات عن صادرات نفطها.

إنجازات إقليمية من دون الاتفاق مع الولايات المتحدة

انطلاقاً من التوجه الجدید عند الحكومة الإيرانية، تكللت في بداية عملها المحاولات للانضمام إلى منظمة شنغهاي بالنجاح، ما يُعتبر نقطة عطف في العلاقات الاقتصادیة بین طهران والعواصم الشرقیة في أسیا الوسطى.

إضافة إلى ذلك، تمكّن رئیسي من تحسین العلاقات الإيرانية مع طاجيكستان التي تمثل قناة فعالة للالتفاف علی العقوبات المصرفیة الأميركية بعد نحو تسع سنوات من التوتر، عبر توقیع 17 اتفاقية اقتصادية وتجارية.

من جانب آخر حصل الإيرانيون خلال الفترة نفسه علی اتفاق استراتیجي ثلاثي مع عشق أباد وباكو من شأنه نقل الغاز الترکمستاني إلى أذربیجان عبر الأراضي الإيرانية، وحصة إيران من هذا الغاز تكفي استهلاكها الداخلي، تحديداً في النصف الثاني من العام.

كما تم تفیعل السكة الحدیدية التي تنطلق من كازاخستان وصولاً إلى تركیا عبر إيران، حیث دخل أول قطار ترانزیت علی الطریق هذا الأسبوع بعد أشهر من الاتصالات والمتابعات الدبلوماسیة والاقتصادیة التي تبنتها حكومة رئیسي.

والأهم من كل ذلك هو إعلان الحكومة عن نیتها لاستكمال “ممر شمال – جنوب” الذي یربط جنوب آسیا بروسيا روسیا وأوروبا، وتعتبر إيران محطة هذا الطريق الرئیسیة.

وترى الأوساط الاقتصادیة أنّ استكمال هذا الممر بمثابة نقطه عطف تاریخیة في اقتصاد إيران، رغم أنها لا تزال بعیدة عن إنهاء المشروع الاستراتیجي بشكل تام بالنظر للبنية التحتیة في مجال النقل. كما یمكن ملاحظة زیارات الرئیس الإيراني للدول الخلیجیة، خاصة قطر وسلطنة عمان، في إطار محاولاته لكسر الحصار والعزلة المفروضة علی بلاده من دون الرضوخ أمام الولايات المتحدة ومطالبها.

نسبة الصادرات الإيرانية لدول الجوار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عمر حكومة إبراهيم رئیسي مقارنة بالفترة السابقة نفسها في أعوام 2020، 2021

تركیا: 242.9%
الامارات: 162%
سلطنة عمان: 138%
ترکمنستان: 88.5%
العراق : 71.1%
أرمینیا : 69.2%
باكستان: 60%
أذربیجان: 46.2%
قطر: 22%
كویت: 7.8%
كازاخستان: 0.2%
روسیا: -1.5%
أفغانستان: -13%
البحرین: -34%

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: