الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 يونيو 2022 20:02
للمشاركة:

السلاح النووي.. مفتاح إيران للردع أم طریقها نحو الکارثة؟

"لدينا فتوى من القائد تؤكد حرمة صناعة السلاح النووي، لكن في حال محاصرة قطة في زاوية ما، ستسلك مساراً للدفاع عن نفسها". هذا جزء من المقابلة المثیرة للجدل لوزیر المخابرات الإيراني السابق محمود علوي عام 2020، أي بعد مرور نحو عشر سنوات من إصدار الفتوى الشهیرة للقائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي یمنع فیها الحصول علی أي نوع من أسلحة الدمار الشامل، ومنها منها القنبلة النوویة.





تشیر المراجعة التاریخیة إلى أنّ جذور هذه الفتوى تعود الی أوائل القرن الحادي والعشرين، تحدیداً عام 2003، عندما بدأ الغزو الأميركي للعراق.


في ذلك الوقت، برز خطاب جدید عند المسؤولین الإيرانيين رفیعي المستوى يركز بشكل رئيسي على الرفض من ناحية دينية وثقافية لصناعة الاسلحة النوویة.


وفي هذا الإطار يتحدث الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني – الذي كان في ذلك الحین أمين للمجلس الأعلى للأمن القومي والمسؤول عن المفاوضات النووية – عن كیفیة تحویل الفتوى إلى مفهوم سیاسي جدید بالقول: “لقد أبلغت وزراء خارجیة الترویكا الأوروبية خلال محادثات في كانون الثاني/ دیسمبر 2004 أنّ المواقف الصادرة عن القائد الأعلى برفض صناعة القنبلة النوویة كفتوى دينية هي بالنسبة لنا أكثر أهمية من معاهدة NPT أو أي اتفاقية دولية أخرى”.


ورغم تأكيد روحاني أنه فعل ذلك بقرار شخصي وليس بعد التشاور مع آخرين، إلا أنّ موقف خامنئي من صناعة السلاح النووي تحوّل فعلاً إلى فتوى دينية عام 2010 عندما وصل الملف النووي الإيراني إلى مراحل خطیرة في مجلس الأمن الدولي.


هل يعني ذلك أنّ إيران لن تتجه نحو صناعة الأسلحة النوویة؟.. لا یبدو الأمر بالضرورة على هذا النحو!


منذ عام 2018، وبالتزامن مع انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأكثر شدة على طهران – ارتفعت أصوات في الداخل الإيراني وتحديداً من مناصري النظام تنادي بمراجعة السیاسة الدفاعیة للبلاد، وتحدیداً فتوى القائد الأعلى.


ويلفت أصحاب هذا الرأي إلى عنصرين في هذا المجال: اعتبار “المصلحة الزمنیة” في إصدار تلك الفتوى، وإمكانية تغییر الفتوى وبالتالي تحديد السیاسات العامة حسب “المقتضیات المستجدة”.


ورغم أنّ شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر حتی الآن الساحة الأهم لمناورة هذه الجهات، حیث تقوم آلاف الحسابات المعروفة بالجیش الإلكتروني للنظام الإيراني بنشر محتويات مؤيدة لصناعة الأسلحة النوویة وضرورة تغییر السیاسات الرسمیة في هذا المجال، إلا أنّ عدداً من وسائل الإعلام الرسمیة – وحتی بعض الشخصیات السیاسیة البارزة – دخلت علی الخط واتخذت مواقف مثیرة للجدل.


فعندما أعلن وزیر المخابرات الإيراني السابق أنّ بلاده قد تتجه نحو صناعة السلاح النووي إذا ازدادت الضغوط الأجنبية علیها، لاقى هذا التصريح ترحیباً من قبل عدد من السیاسیین، بینهم العضو السابق في لجنة الأمن القومي في البرلمان الایراني أحمد بخشایش، الذي أشار إلى إمكانية تغییر الفتوی بمرور الوقت في ظل المستجدات. وأضاف: “أنّ صناعة القنبلة تمثل الحل الوحید أمام الجمهوریة الإسلامية الیوم للخروج من المأزق الخارجي والاقتصادي”.



وفي نفس السياق، نشر موقع “تابناك” المقرّب من اللواء محسن رضائي مقالاً في نفس العام یطرح من خلاله أسئلة بشان السیاسیة الدفاعیة للبلاد جاء فیه: “یعتقد عدد من الخبراء بأنّ صناعة القنبلة تُعَدُّ أمراً ضروریاً في ظل انعدام الأمن الدولي، وتحدیداً في عالم ما بعد أوباما. ويمكن لإيران أن تراجع عقیدتها الدفاعیة حسب المعطیات الحدیثة”.


بدوره أكد النائب الحالي في مجلس الشورى الإيراني والرئیس السابق لمنظمة الطاقة الذریة الإيرانية فریدون عباسي – الذي کان یُعرف بنشاطاته السیاسیة ضد حکومة الرئیس روحاني وسياسات جواد ظریف الخارجية – في مقابلة مثیرة للجدل مع جریدة “إيران” الحکومیة أنّ العلماء النووین وفّروا الأرضية اللازمة لصناعة القنبلة، رغم حظرها من  قبل القائد.


ومما جاء في كلامه خلال المقابلة: “لم یكن یهدف علماء الدفاع عن إيران فقط لتوفیر الأرضية العلمیة لصناعة السلاح، لأننا ندعم محوراً إقليمياً بالكامل”. وقد اضطرت “إيران” لتبرير ما جاء في المقابلة التي أثارت ردود أفعال واسعة تشدد على أنّها لم تشمل أي ادعاء بأنّ البرنامج النووي الإيراني غير سلمي.


أما زوجة العالم النووي المغتال مصطفی أحمدي روشن، فقد تحدثت خلال مقابلة مع وکالة “تسنیم” عن کلام غریب لعالم دين مقرّب من القائد الأعلى بشأن محطة نطنز النوویة.


وجاء في تلك المقابلة: “لقد سال زوجي الشهید ذات مرة آية الله خوشوقت عن موعد ظهور إمام الزمان؟ وكان الرد أنّ هذا یتوقف علی ما يتم العمل عليه في محطة نظنز”!


وأمام تزايد أصحاب الرأي الداعم للحصول على السلاح النووي في ايران، یواصل معارضوا هذا الرأي الدفاع عن مواقفهم بصوت عال أيضاً.


ويرى الرافضون لصنع السلاح النووي أنّ تحقيق هذا الأمر سيؤدي إلى حدوث أزمات اقتصادية مروّعة، متهمين الآخرين بعدم الواقعية السياسية وقراءة المعادلات الدولية حسب الأساطير والأوهام.


وفي هذا المجال یشیر أستاذ العلاقات الدولیة في جامعة طهران صادق زیباكلام خلال محاضرة له إلى التبعات الاقتصادیة لذلك القرار الخطیر، ويقول: “صناعة القنبلة تعني نهایة حلم التنمیة والتقدم في إيران، حیث سیتم فرض عقوبات علینا ستعید الحیاة الاقتصادیة في البلاد عشرات السنین الی الوراء”.


ويرى الناشط السیاسي هادي موسوي أنّ الردع النووي لیس سوى أوهاما: “لن تحصل طهران علی ردع شامل حتی إذا صنعت القنبلة، لأنّ الأمر یحتاج إلى تقنیات عسكریة متطوّرة للغایة لا تمکلها حتى باكستان وعدد من الدول النوویة الأخرى”.


وفي مقابلة له مع موقع “إنصاف نيوز”، يلفت موسوي إلى أنّ صناعة القنبلة ستؤدي إلى فرض عزلة شاملة علی البلاد، وستغیّر الحياة فيها بالكامل.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: