الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يونيو 2022 20:18
للمشاركة:

كیف تنظر إيران إلى قرار مجلس حكام الوكالة الدولية؟

بعد سنوات من الأزمات والمفاوضات والتوصل لاتفاق وصف بأنه تاریخي، عاد الملف الإيراني إلى طاولة مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جديد.

ووفق ما أعلنه مندوب روسيا في المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، سيناقش المجلس مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة إلى جانب ثلاث دول أوروبية (فرنسا، ألمانيا وبريطانیا) يطالب إيران بالمزيد من التعاون مع الوكالة، بعدما قيل عن اكتشاف آثار يورانيوم في ثلاثة مواقع لم تدل طهران المفتشين عليها.

وأثار توجه الدول الغربية لطرح ملف إيران على مجلس الحكّام مخاوف واسعة عند الأوساط السياسية والاقتصادية في طهران، لأنّ ذلك يذكّر بقرارات صدرت عن مجلس الأمن في أواخر فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، والتي أفضت إلى فرض عقوبات دولية واسعة ألحقت أضراراً جسيمة بالاقتصاد الإيراني خلال العقد المنصرم.

لكن هناك من يرى أنّ الوضع بات مختلفاً تماماً عما كان علیه عام 2009، وأنه ليس بمقدور الوكالة فرض الضغوط علی إيران اليوم بنفس السهولة كما في الماضي. حيث أشارت صحيفة “قدس” الأصولية، في هذا الإطار لأوراق قوة تمتلكها البلاد منها زيادة احتياطاتها من الوقود والیورانیوم المخصّب بمقدار 18 ضعفاً حسب تقریر مفشتي الوكالة في نهایة شهر أيار/ مايو الماضي.

وعرجت على إشارة التقاریر الصادرة عن المؤسسات التابعة للوكالة إلى أنّ إيران ستتمكّن من إنتاج ما یلزمها لصناعة خمس قنابل نوویة من الیورانیوم خلال ستة أشهر، ما یجعل البلاد في موقف تفاوضي أقوى من السابق.

ودعت الصحيفة الإيرانية إلى عدم نسيان أنّ الحرب الروسیة – الأوكرانية تلعب دوراً بارزاً في تغییر ميزان القوی لصالح إيران في المنظمات الدولیة، حیث أنها ستعزز من الثنائية القطبية في العالم وسترفع من حظوظ طهران لتحصل على المزيد بدعم القوتین الروسیة والصینیة في المنازعات الدولیة.

وعليه، خلصت “قدس”، إلى أن مواقف الوكالة الدولیة للطاقة الذریة تُظهر أنها لا ترغب في دفع إيران نحو خیارات تعقّد الأزمة أكثر مما هي علیه الآن.

وفي السیاق، عبّر مدير الوكالة رافائیل غروسی خلال مؤتمر صحفي الأثنين 6 حزيران/ يونيو 2022، عن استمرار تفاؤله بشأن التعامل مع إيران، مؤكداً عدم وجود نية للتصعيد.

وبناءً على ذلك، یمكن التوقع أنّ قرار مجلس الحكّام یوم الأربعاء لن یشمل مواقف تصعیدیة خطیرة ضد إيران. وتؤكد معلومات مراسل مجلّة “فورین بولیسی” الأميركية هذا الأمر، حیث نشر تغریدةً جاء فیها: “القرار لن یشمل اقتراحاً لنقل ملف إيران إلى مجلس الأمن”.

ويبدو من خلال هذه الملاحظات أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها لا يبحثون عن مواجهة خطیرة مع إيران حالیاً، علی الرغم من تضاؤل فرص الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق مع إيران بالتزامن مع اقتراب الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ما هي مخاطر عودة الملف لمجلس الأمن؟

تملك الدول الغربیة خیارین لإعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن، وبالتالي إعادة فرض العقوبات الأممية علیها.

الخیار الأول یتمثل باستخدام آلیة الزناد ضد طهران. فوفقاً للمادتين 36 و37 للاتفاق النووي، یمكن لجمیع الدول الأعضاء تقدیم الطعن بشأن أنشطة إيران النوویة، على أن يُناقش الطعن في اللجنة الخاصة للاتفاق، وإذا أقنعت الدولة المشتكیة بقيّة الأطراف يعود الملف إلى مجلس الأمن خلال أقل من شهرین، ويصبح من الممكن إعادة فرض جمیع عقوبات الأمم المتحدة السابقة من دون إجراء أي تصويت، مما يمنع استخدام الدول الداعمة لإيران حق الفیتو.

أما الخیار الثاني، فيمرّ عبر الوكالة الدولية للطاقة النوویة. حیث یصوّت مجلس الحكّام لعودة الملف إلى مجلس الأمن، بعد موافقة أغلبية الدول الأعضاء فیه من أصل 35 دولة علی القرار، علماً بأنّ القرارات في مجلس الحكام تُتّخذ بالأغلبية، ولا حق لأي دولة النقض.

وفي حال لم یتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال الأشهر المقبلة، ستكون الجلسة اللاحقة لمجلس الحكام والتي تنعقد بعد ثلاثة أشهر أكثر خطورة بالنسبة للملف الإيراني.

ما هي السیناریوهات بشأن الرد الإيراني؟

حذّرت إيران عام 2019 في ظلّ حكومة الرئیس السابق حسن روحاني الدول الغربیة من تبعات عودة ملفها النووي إلى مجلس الامن، لجهة انسحابها الفوري من معاهدة NPT لمنع انتشار الأسلحة النووية.

وباعتبار ذلك. یمکن القول إنّ الرد الإيراني متوقّع رغم أنّ طهران لم تنفذ عدداً من وعودها التحذیریة ضد الغرب، منها الانسحاب من الاتفاق النووي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لكن وبالنظر إلى أنّ قرار یوم الأربعاء لن یشمل يحمل حسب التوقعات تصعیداً خطیراً، بل سيقتصر على رسالة تحذيرية، فمن المرجح أن يبقى الرد الإيراني ضمن الإطار الرمزي.

علی سبیل المثال تحدثت صحيفة “ايران” الحكومية عن خیارات مهمة قد تشمل تخفیض مستوی التعاون مع الوكالة ومساحة تحرّكها داخل الأراضي. کما أنّ بعض الخبراء دعوا إلى محو صور سجلتها کامیرات المراقبة في المنشإت النوویة، والتي من المقرر أن تقدمها طهران للوكالة إذا تم إحياء الاتفاق النووي، أو فرض فرض قيود جديدة على نشاطات المفتشين.

في خضم ذلك، هناك من یرى أنّ هذا المسار سیکون خطیراً بالنسبة لمستقبل إيران، حتی وإن کان قرار مجلس الحكام یحمل مجرّد دلالة رمزیة في هذه المرحلة. على سبيل المثال، یؤكد الخبیر الإيراني في القضایا الدولیة حسن بهشتي بور أنه یجب عدم استفزاز المجتمع الدولي عبر رد قاسي علی قرار مجلس الحكام.

وفي إشارة إلى ما يراها أخطاء أوصلت إيران إلى مستنقع العقوبات، لفت بهشتي بور في حواره مع موقع “شفقنا” إلى أنّ الرئیس الأسبق محمود أحمدي نجاد اعتبر أن القرارات الصادرة عن مجلس الحكام مجرّد أوراق لا تثير المخاوف، مذكّراً بأنه ومع مرور الزمن تبین أنها كانت مشروعاً لتضخیم الملف الإيراني عبر إصدار قرارات متکررة أقنعت المجتمع الدولي بشأن نقل الملف إلى مجلس الأمن، وبالتالي فرض عقوبات تدمّر أي اقتصاد في العالم.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: