الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 يونيو 2022 18:20
للمشاركة:

ماذا جری خلال إحياء ذکری وفاة الخميني؟ وماذا حملت كلمة خامنئي من دلالات؟

بعد توقف دام عامین علی خلفیة انتشار فیروس کورونا، استؤنفت من جديد التجمعات الشعبیة في إيران. وواحدة من أهم هذه التجمعات التي کانت تقام کل عام بحضور القائد الأعلى آية الله علي خامنئي هي إحياء الذکرى السنوية لوفاة مؤسس الجمهوریة الإسلامية الإمام الخمیني في مرقده الكبير والمثیر للإعجاب من الناحیة المعماریة قرب العاصمة طهران.

وأُقيمت مراسم هذه الذکرى من جدید هذا العام في الرابع من حزيران/ يونيو 2022، مع تغییرات طفيفة في طریقة التنظيم، إلا أنها أثارت بعض الانتقادات، تحدیداً فی ما یتعلّق بالتمييز بین مكان جلوس المسؤولين – الذين جلسوا على كراسي – ومكان تواجد عامة الناس الذي جلسوا على الأرض.

وكان لافتاً حضور الرئیس الأسبق محمود أحمدي نجاد، بعد أن غاب عن الاجتماعات السیاسیة العامة، وتحدیداً تلك التي یحضرها القائد الأعلى بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث دعا لمقاطعتها کونها غیر دیموقراطیة، حسب تعبیره.

لكنّ الحدث الأهم کان ما جری خلال کلمة حفید مؤسس الثورة حسن الخمیني ذا الميول الإصلاحية والعلاقات الودية مع الرئيس الأسبق محمد خاتمي وباقی القیادات الإصلاحية في البلاد.

وعندما بدأ الخمیني کلمته، ارتفعت أصوات في آخر القاعة تردد بعض الشعارات، منها: “الموت لکل من هو ضد ولایه الفقیه”، و”لسنا من أهل الكوفة لکي یبقى علي وحیداً”.

على أثر ذلك اضطرّ الخمیني لترك المنصة، في ظل ارتفاع الشعارات المناهضة له وإثارة حالة من الشغب في جزء من حرم جده.

وعلّق القائد الأعلى خامنئي علی ما جرى خلال کلمته قائلا: “سمعت أنّ بعض الناس أثار الشغب أثناء كلمة السید الخمیني. أنا أعارض هذه التصرّفات. أنا لا أؤيد هذه الإجراءات المدمّرة للآخرین. لیعلم الجمیع أنا لا أؤيّد هذا. عسى أن یهدینا الله جمیعاً”.

ورغم أنّ الحادث أثار ردوداً واسعة خلال الأيام الماضیة، لكنّ الأمر لا يُعتبر سابقة في الثقافة السیاسیة المعاصرة لإيران، کما أنّ الخميني الحفيد بالتحديد ليس أول من واجه مثل هذه التصرفات خلال کلمته.

ومنذ عام 2009 (تحدیداً انتخابات الرئاسة التي فاز فیها محمود أحمدي نجاد، التي تُعَدُّ نقطة تحوّل في تاریخ الجمهوریة الإسلامية أحدثت شرخاً عمیقاً بین قیاداتها)، واجه الکثیر من القیادات الإصلاحية أو المعتدلة في إيران صعوبات وتحدیات خلال حضورهم مناسبات عامة منعتهم تدریجیاً من التواصل المباشر مع الشارع، وخاصة مع جمهورهم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ ترديد شعارات مسیئة للخميني الحفيد حدث خلال کلمته في ذکرى وفاة جده عام 2009، فضلًا عن اقتحام عدد من العناصر المجهولة الهویة حسینیة الإمام الخمیني في منطقة جماران حیث کان یلقي خاتمي کلمته في ذكرى عاشوراء واضطر للمغادرة خوفاً علی حیاته، كما تم رمي الحجارة علی رئیس البرلمان السابق علي لاریجاني خلال کلمته في حرم الإمام في العام التالي، بالإضافة إلى العديد من الأحداث الأخرى، جعلت البعض ینظرون إليها کردة فعل يقف خلفها النظام بهدف السيطرة على القیادات المعارضة داخل البلاد.

وفي خطوة لافتة، قامت إدارة حرم الإمام الخمیني التي تعمل تحت إشراف الخميني الحفيد بنشر صور مثيري الشغب خلال كلمة هذا الأخير في مقطع فيديو، وتساءلت: “من هم هؤلاء وهل ستتم ملاحقتهم أم سيواصلون أعمالهم أينما یریدون”؟

ورداً على ذلك أصدر رئیس السلطة القضائية محسني إجئي بعد يومين مما حدث مؤخرًا أوامر لتحدید واعتقال من قام بأعمال الشغب خلال کلمة حفید مؤسس الثورة.

إشارات لافتة في كلمة القائد الأعلى

وعلاوةً علی ما جرى من هوامش خلال ذکری الخمیني، لا یمکن تجاهل الرسائل اللافتة التي وجهها القائد الأعلى خلال کلمته في هذه المناسبة، منها التأكيد علی تعویل أعداء الثورة علی الاحتجاجات الشعبیة.

ورغم أنّ آية الله خامنئي لم يُشر إلى أن موجة الاحتجاجات خلال الأشهر الماضية في عدد من محافظات البلاد تضمن أغلبها مطالب اقتصادیة ومعیشیة، إلا أنه رسم المشهد بطریقه أخرى، حيث أكد علی دور الأعداء في ما يجري.

وجاء في كلمة خامنئي: “تفكّر الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربیون بأنهم یمکنهم إثارة الشعب أمام النظام من خلال عملیات الحرب النفسیة عبر الانترنت وتمویل العملاء داخل البلاد بناء على اقتراحات من جانب المستشارین الإيرانيين الخونة”.

وتابع: “یحاول هؤلاء المستشارون الخونة تصویر الشعب الإيراني کأنه متعب من الثورة والالتزام بالإسلام، بینما تُظهر تجمّعات حاشدة مثل مراسم تشییع جثمان الشهید سلیماني أو الترحیب الواسع بنشید سلام فرمانده أنّ الشعب الإيراني یؤمن بطریق الثورة أكثر من أي وقت مضى”.

وفي إشارة أخرى فسرها الکثیر من وسائل الإعلام كرد غیر مباشر علی مواقف ابن شاه إيران السابق رضا بهلوي، الذي یعتبر نفسه قائداً للمعارضة الإيرانية، شدد خامنئي على ضرورة الانتباه كي لا ينحرف مسار الثورة نحو الماضي وأن لا تتعزز الانتمائات الرجعیة.

وأكمل خامنئي: “شعبنا الکبیر تجاوز نمط الحیاة الغربیة التي کان یروّجها النظام البهلوي، ولا یجب السماح بعودتها إلى البلاد مرة أخرى”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: