الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 مايو 2022 15:51
للمشاركة:

إغلاق نافذة الاتفاق مع إيران.. مناورة أميركية أم تهديد حقيقي؟

"احتمالات نجاح مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي أصبحت أقل من احتمالات فشلها"؛ يعكس هذا التصريح الذي أطلقه المبعوث الأميركي الخاص بشؤون إيران روبرت مالي أمام مجلس الشيوخ، حالة الإحباط التي تمر بها الأوساط السياسية، والتي كانت تتوقع حدوث انفراجات مهمة في الملف النووي الإيراني، بعد عام من رئاسة جو بايدن، وعودة فريق الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى البيت الأبيض.

والأزمة هنا، ليست في عدم تحقيق انفراج في الملف، بل في أن الأمور تتجه نحو المزيد من التفاقم يومًا بعد يوم. وبناء علی ما کشفت عنه صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، حسم الرئیس الأميركي جو بایدن قراره أخیرًا، بشأن إبقاء الحرس الثوري ضمن قائمة المجموعات الإرهابیة، وربما أهم ما في الأمر أنه أعلن ذلك خلال اتصال هاتفي مع رئیس الوزراء الإسرائیلي نفتالي بنيت، في 24 نيسان/ أبریل الماضي. بالمقابل، أشاد بينيت بالموقف الأميركي، داعيًا إلى الاستمرار على هذا النحو.

رسائل سلبية من واشنطن

يأتي كل ذلك في وقت كشفت فيه صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقریر لها نقلًا عن مصادر مطلعة، أن تل أبیب هي المسؤولة عن اغتیال الضابط الإیراني حسن صیاد خدايي في العاصمة طهران، بعى أن كشفت أن إسرائيل أبلغت أميركا رسالة مفادها أن العملیة تهدف إلى تحذیر إیران لوقف أنشطتها الهادفة لخطف وإيذاء الإسرائيليين في الخارج.

بدوره، أکد وزیر الخارجیة الأميركي أنتوني بلینكن، في تغريدة له، أنه “بینما تواصل الولایات المتحدة السعي إلی عودة متبادلة للعمل بالاتفاق النووي، إلا أننا لن نتردد في استهداف أولئك الذين يدعمون الحرس الثوري أو حزب الله”. وکانت التغریدة تشیر إلی فرض عقوبات جدیدة من قبل الخزانة الأميركية علی شبكة من التجار والكیانات في دول عدة، توفر الغطاء المالي لأنشطة حزب الله وفیلق القدس التابع للحرس الثوري، حسب تعبیر الإدارة الأميركية.

کما أکد بیان وزارة الخزانة أن الشبكة التي تم فرض العقوبات علیها، تدار من قبل کبار ضباط الحرس الثوري في طهران، بالتعاون مع جهات أمنیة واقتصادیة في روسیا، منهم اللواء المتقاعد رستم قاسمي الذي یشغل حالیًا منصب وزیر النقل في حكومة إبراهیم رئیسي.

وتجاوزت الرسائل السلبیة من واشنطن تجاه طهران حدّ التصريحات، حيث تم احتجاز ناقلة کانت تحمل 115 ألف طن من النفط الإیراني، عند الموانئ الیونانیة، في إشارة إلی إعادة اعتماد سیاسة الضغوط القصوی، التي انتهجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضد إیران، والتي تشمل توقیف العدید من السفن الإیرانیة بين عامي 2018 و2020.

ورغم احتجاج إیران الشدید لدى القائم بأعمال السفارة الیونانیة في طهران، إلا أن الشرطة في أثينا أعلنت أنها سترسل شحنة النفط الإیراني المصادرة إلی أميركا بناء علی طلب مسؤولین قضائیین في واشنطن.

ورأت الكثیر من المصادر والأوساط الإیرانیة أن هذه الخطوات هي تحذیر نهائي لإغلاق نافذة إحیاء الاتفاق النووي. فعلی سبیل المثال، اعتبر المحلل الإیراني والعضو السابق في مرکز الدراسات الإستراتیجیة التابع للرئاسة الإیرانیة دیاکو حسیني، في تغريدة له، “أننا أهدرنا الكثیر من الفرص لتغيير الوضع، ولا یمكن الیوم إحیاء الاتفاق بسهولة، إلا من خلال تنازلات کبیرة إزاء إنجازات لا تذکر”. في المقابل ارتفعت في طهران الأصوات المنادیة بالخروج من اتفاق لم یعد یفید الاقتصاد المحلي، والتوجه نحو إنشاء قوة نوویة رادعة أمام الضغوط الأميركية.

إيجابية في إيران؟

لكن الأمر لا يبدو مخيبًا للآمال كما تظهره الأجواء السياسية والإعلامية، على الأقل في داخل إيران. والمؤشر الأول على ذلك هو مسألة إبقاء الحرس ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

فبينما تصر وسائل إعلام غربية على تصوير الأمر على أنه جوهري بالنسبة لطهران – كتقرير موقع أكسيوس الأميركي الذي زعم أن القائد الأعلى علي خامنئي لن يوافق على العودة على أي اتفاق دون سحب الحرس الثوري من لائحة الإرهاب – أكدت طهران أكثر من مرة أنها ليست أولوية وأن تركيزها الأساسي ينصب علی إلغاء العقوبات. حيث أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عندما سُأل في مؤتمر “دافوس” الاقتصادي عن موضوع رفع الحرس الثوري عن “قائمة الإرهاب” الأميركية، أنّ “الكيان الصهيوني هو من يضخّم هذا الموضوع، ويصوره على أنه المشكلة الرئيسية”، ووصف تلك القضية بأنّها “فرعية وأولويتنا هي مصالح الشعب الإيراني والمطالب الاقتصادية في إطار التجارة العالمية”.

وتأكيدًا علی الموقف هذا، کتب مستشار الوفد الإیراني فی المفاوضات محمد مرندي تغریدة، بالتزامن مع تصريحات عبداللهيان، معقلًا فيه على خبر صحيفة “بوليتيكو”: هذا الموضوع لم یکن مطروحًا أو مهمًا عند الإیرانیین في المفاوضات، والمفتاح الأساسي بالنسبة لهم هو إلغاء العقوبات وفرض ضمانات والتأکد من تحقیق ذلك.

من جهة أخری، وبخلاف الأجواء الإعلامیة التي تظهر انسداد التفاوض بین الطرفین، تتحدث مصادر عدیدة عن طرح مبادرات جدیدة ستوفر فرصة جیدة للجانبین للخروج من المأزق والحصول علی اتفاق جدید.

وكان موقع “جاده إيران” قد نشر مقالًا في 21 أيار/ مايو الجاري، أشار فيه إلى أن طهران قدمت مبادرة إلى كبير المفاوضين الأوروبيين إنريكي مورا تضمن أفكارًا جديدة.

وجاء في المقال المذكور: “ما قُدّم للمسؤول الأوروبي كان أكثر من مجرد اقتراحات، والجانب الإيراني سلّم إلى مورا اقتراحًا بأفكار تمت مراجعتها”. وأضافت مصادر “جاده إيران”: قضية الحرس الثوري ليست محورية في الاقتراح الجديد.

وأكد وزیر الخارجیة الإیراني هذه المعلومات خلال حواره علی هامش منتدی دافوس قائلًا: نؤمن بالتفاوض کحل أساسي لتجاوز الأزمة، وعلیه، قدّمنا مقترحًا جدیدًا لاستمرار المفاوضات.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: