الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 مايو 2022 20:22
للمشاركة:

لمواجهة التضخم.. هل يبقى تعويل حكومة رئيسي عالقًا بين الداخل والخارج؟

تستمر خطوات حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للإصلاح الاقتصادي، والتي شملت حتى الآن إلغاء الدعم عن السلع الغذائیة، في فترة يعاني فيها المواطنون من صعوبات معیشیة يتعلّق جزء منها في الأصل بالعقوبات الأميركية التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية.



وفي آخر التطورات في هذا السياق شهدت سلع أساسية، كالخبز والزیت، ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار وصل في بعض الحالات لأكثر من عشرة أضعاف خلال أقل من شهر.

وبحسب رئیس اتحاد المخابز محمد جواد كرمي، تراجع مستوی مشتریات الخبز الفرنسي خلال الأسبوع الماضي بنسبه 70%، وأضاف في حوار مع وکالة “إيلنا” العمالية: “ستنخفض قدرة شراء الكثير من المواطنین إذا لم تترافق خطوات الحکومة مع دعم نقدي مباشر یتناسب مع حاجات الناس”.

ورغم تأكيد الحكومة أنّ ارتفاع الأسعار سیقتصر علی سلع محدودة، إلا أنّ التقارير الإعلامية تشیر إلى أنّ موجة الغلاء تجتاح أغلبية المواد الغذائیة، فضلاً عن أنّ الکثیر من المحلات التجاریة لا تلتزم بالأسعار الحكومية.

على سبیل المثال، بینما حددت الحکومة زیادة سعر الزیت بنسبة 30%، إلا أنّ بعض المحلات التجاریة تبیعها بزیاده تتخطى نسبة 100%، مما دفع بعض النواب في البرلمان الإيراني للاحتجاج علی طریقة تنفیذ سیاست الإصلاح الاقتصادي.

وفي هذا المجال، تحدث ممثل طهران في البرلمان أمام النواب السبت 14 أيار/ مايو 2022، عن الغلاء الفاحش في الاسواق قائلاً: “بخلاف مزاعم الحکومة الأولية، نری أنّ تنفیذ المشروع یواجه مشاکل عدیدة، منها عدم ضبط الأسواق، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع التي لم تکن ضمن مخطط الحکومة لرفع الدعم”.

ومقابل کل الانتقادات المتزایدة لطریقه تنفیذ سیاسات الإصلاح الاقتصادي، تؤكد الحکومة علی أهمية إعطاء المواطنین إعانة شهرية قیمتها 400 ألف تومان (13$ تقريبا).

ووصف رئیسي هذه الإعانة بأنها مفتاح لاحتواء موجة الغلاء ومساعدة المواطن للتغلّب علی التضخم، رغم أنه من الصعب جداً تمویل المشروع في الظروف الحالیة التي تمر بها البلاد.
وبموازاة کل ذلك، تستمر احتجاجات متفرقة في بعض المدن الإيرانية (الأرياف خاصة) ضد ما یعتبره المحتجون عدم فاعلیة الحکومة لإدارة البلاد اقتصادیاً.

ورغم أنّ الاشتباکات مع قوات الأمن أصبحت عنیفة في بعض المناطق، إلا أنها بقیت تحت السیطرة، کما أنها لم تُؤدِّ حتی الآن إلى توسیع نطاق الاحتجاجات لیشمل المدن الکبری.

وتترکز الاحتجاجات حالیاً في مدن جنوب وجنوب غرب إيران، منها محافظتا خوزستان ولرستان حیث تجري فیها مظاهرات لیلیة محدودة حسب التقاریر المصورة. وبالمقابل، تشهد هذه المدن أجواءً أمنية ملحوظة، إلى جانب توقف أو تعطل خدمة الانترنت لأيام عدة.

وفي ظل تفاقم المشاکل الاقتصادیة والاستیاء الشعبي من الظروف المعیشیة، تتصاعد انتقادات المعارضة من أداء الحکومة في السیاسة الخارجية وعدم اتفاقها حتی الآن مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي.

وفي آخر تصریح مثیر للجدل، أكد حفید مؤسس الثورة الإسلامية السید حسن خمیني علی ضرورة استخدام الدبلوماسية لحل مشاکل البلاد قائلاً: “يرتبط کل شيء الیوم بالسیاسة الخارجیة. یجب علی الحاکم أن یتابع مصالح بلاده. ألم یردّ علینا الصینیون بأنهم لا یستطیعون أن یخاطروا بتجارتهم مع الأميركيين من أجل التجاره معنا؟ هذا طبيعي لأنهم یتابعون مصالح بلادهم، كما يجب أن نفعل نحن”.

واختتم خمیني کلامه خلال جلسة مع الأعضاء السابقین في الخارجیة الإيرانية بالتالي:
“الغاية لا تبرر الوسيلو مها کانت هذه الغاية عالیة ومقدسة”!

ولم يسمِّ خميني في كلامه أحداً، لكن بدا واضحاً أنه يرد على القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الذي شدد بدوره على عدم ربط المشاكل الداخلية بالخارج والمفاوضات النووية.

وکذلك حذر الرئیس الإيراني السابق حسن روحاني خلال جلسة مع وزراء حکومته من أنّ الاقتصاد الإيراني بحاجة إلى علاقات طبیعیة مع دول العالم بأكمله، لافتاً إلى أنه لا يمكن توقّع النمو والازدهار في ظل العزلة والعقوبات.

وعليه، يبقى السؤال مطروحًا، هل تنجح حكومة رئيسي بإثبات نموذجها السیاسي والاقتصادي من دون اللجوء الی خطوات خارجیة؟، أم ستضطر فی نهایة المطاف إلى تراجع تکتیکي یضمن مصالحها الداخلیة علی المدی القصیر؟

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: