الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 مايو 2022 15:47
للمشاركة:

حرب في أوكرانيا وإيجابية في فيينا.. هل تُفتح ثغرة في جدار العلاقات بين طهران ولندن؟

على وقع الإيجابية التي طغت على ملف المفاوضات النووية في الأيام الماضية، تناول الخبير في الشؤون الأوروبية عابد أكبري، في مقال على موقع "المجلس الإستراتيجي الإيراني للشؤون الخارجية"، موضوع العلاقات بين إيران وبريطانيا، وتطور العلاقات بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة على أكثر من مستوى.

طفت إيجابية على سطح المفاوضات النووية بين إيران والدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، بعد تصريحات المسؤولين الأوروبيين حول “حلحلة” بعض العقبات من أمام استئناف تلك المحادثات.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الأوروبية عابد أكبري أنه “بينما يعتقد بعض المعارضين للاتفاق النووي الإيراني في الغرب أنه بالإمكان عرقلة تنفيذ هذا الاتفاق حتى انتهاء صلاحيته ومن ثم فرض اتفاق أقوى وأوسع نطاقًا على إيران، ترفض أطراف أخرى خاصة الدول الأوروبية التي تولى اهتمامًا كبيرًا بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، هذه الرؤية”.

وكان منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد اعتبر في تصريح له في 13 أيار/ مايو، أن مهمة منسق الاتحاد الأوروبي لمفاوضات فيينا إنريكي مورا في طهران جرت “أفضل مما كان متوقعًا”.

وأضاف بوريل للصحافيين على هامش اجتماع لمجموعة السبع في ألمانيا: “المفاوضات توقفت والآن أعيد فتحها”، مضيفا “هناك أفق للتوصل إلى اتفاق نهائي”.

تأثير حرب أوكرانيا

ويعتبر أكبري في مقالته أن “التغييرات الجيوسياسية المهمة على الساحة الدولية، من بينها المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، والعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتراجع أهمية الشرق الأوسط الإستراتيجية، هي من جملة الأسباب التي دفعت القوى العالمية بإظهار المرونة بشأن القضايا النووية على مستوى العالم خاصة الاتفاق النووي مع إيران”.

وتناقلت وسائل إعلام عالمية بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير الماضي، معلومات حول عمل موسكو على إفشال استئناف المفاوضات النووية، لاستغلال هذه الورقة في أي محادثات مرتقبة بشأن الأزمة مع كييف؛ وهو أمر نفته روسيا وإيران.

وقدّمت روسيا في شباط/ فبراير، قبيل ما قيل إنه الساعات الأخيرة للمباحثات النووية، طلبًا دعت فيه الولايات المتحدة إلى تقديم “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بعد هجومها على أوكرانيا لن تضرّ بالتعاون بين موسكو وطهران بموجب الاتفاق النووي الذي يُعرف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”.

وجاء الطلب على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد أن بلاده تريد “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات لن تؤثر “على حقنا في التعاون الحر والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران”.

تقارب بريطاني نحو إيران

من جهة أخرى، يشير أكبري إلى أن بريطانيا تُعتبر لاعبًا أساسيًا على الساحة الدولية، ويقول: “إن لندن، بصفتها قوة عالمية مهمة وعضو دائم في مجلس الأمن الأممي، تتأثر بشكل مباشر بالتطورات الدولية وهي تحتاج إلى تطوير علاقاتها التجارية مع شركاء غير أوروبيين، بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي”.

ويضيف: “التحقت بريطانيا العام الماضي إلى جبهة المعارضة الصريحة للصين بإبرام اتفاقية أوكوس؛ الأمر الذي حدد مستقبل علاقاتها الاقتصادية مع الصين”.

ويتابع قائلًا: “بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، خرجت بريطانيا من الإدارة المشتركة لملف جوار أوروبا الشرقي وفقدت السيطرة على الكثير من الأمور في تلك المنطقة، ما جعلها بحاجة إلى إرساء علاقات ثنائية مع دولها لتدارك الوضع”.

وردًا على التطورات الجيوسياسية الأخيرة وبالتنسيق مع المعسكر الغربي، صدت بريطانيا جميع السبل الاقتصادية بوجه روسيا بعد هجومها على أوكرانيا وفرضت عقوبات عليها، حسب أكبري، “لكنها تواجه حالياً سؤالًا مهمًا بشأن موضوع إمدادات الطاقة وهو: أي مورّد سيكون قادرًا على استبدال الطاقة الروسية؟ هذا هو ما يوضح سبب توجه بريطانيا نحو إيران والسعودية”.

علاقات بناءة

ويقول أكبري: “توجه بريطانيا نحو إيران والاتفاق النووي فلا ينطلق من الجانب الاقتصادي فحسب، بل كذلك هناك دور لإرهاق الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وضرورة اتخاذ بريطانيا قرارها”.

لذلك، يبدو أن بريطانيا ترى في الاتفاق النووي سبيلاً للتواصل الاقتصادي مع إيران وتنتظر الوصول للاتفاق، وفق أكبري.

وكان المتحدث باسم رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون قد اعتبر في تصريح سابق له، أن إقامة علاقات بناءة مع إيران، وليس التوصل للاتفاق فقط، هي الهدف النهائي لبريطانيا.

وهذا الموقف تُرجم بإطلاق إيران سراح سجينين مزدوجي الجنسية وتسديد بريطانيا 400 مليون يورو من المستحقات الإيرانية، وهو ما رآه خبراء بادرة على الانفراج في مسار التوصل للاتفاق، وللتقارب بين لندن وطهران.

فرصة ثمينة

في السياق نفسه، يلفت أكبري إلى أنه “عند المقارنة بألمانيا وفرنسا، اكتسب التوصل للاتفاق أهمية متزايدة بالنسبة لبريطانيا في الأشهر الأخيرة. ففي حين انشغال باقي الأعضاء الأوروبيين بالملفات الداخلية مثل الانتخابات الفرنسية، كانت بريطانيا تدفع المحادثات النووية باتجاه التوصل للاتفاق”.

ويشير أكبري إلى أنه “في ظل تراجع دور فرنسا وألمانيا في المحادثات النووية، كانت بريطانيا تقدم حلولًا للتعقيدات المهمة بشأن القضايا المختلفة في مسار المحادثات”.

من جهة أخرى، قد يمهد الاتفاق مع إيران نووياً لإطلاق ما يقارب مليار ونصف مليار برميل من النفط الإيراني، وفق الكاتب، “ومن أجل إيجاد بدائل للطاقة الروسية، تحتاج بريطانيا إلى إقامة علاقات مع إيران بصفتها شريكًا اقتصاديًا غير أوروبي، بل وشريكاً للأمن في الشرق الأوسط”.

ويختم قائلًا: “إلى جانب الاتفاق النووي، توفرت فرصة ثمينة جدًا لإيران للتوصل إلى توافقات اقتصادية أو أمنية مهمة أخرى مع الدول الأوروبية، خاصة مع بريطانيا، وإرساء تعاون طويل الأمد معها خاصة في مجال الطاقة؛ لذا ينبغي على إيران أن تستغل الظروف الراهنة التي عززت مكانتها الإقليمية والدولية”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: