الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 مايو 2022 23:00
للمشاركة:

الأسد في طهران… الاقتصاد من بوابة الحلف السياسي

ثلاث ساعات فقط كانت مدة زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران. لكنها ورغم قصر مدتها - شأنها شأن زيارات الأسد المتزايدة منذ نحو عام- كانت مثمرة ويبدو أنّها أدّت الغرض المرجو منها.

الزيارة الثانية للأسد إلى طهران منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 نسّقها قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء اسماعيل قآاني، حيث رافق الأسد إلى طهران وعاد معه إلى دمشق. وفق مصادر “جاده إيران” فإن الطابع الأساسي للزيارة كان اقتصاديا، وخلالها تمت إعادة تفعيل الخط الائتماني الإيراني في سوريا، وهو مؤشر واضح وفق المصادر إلى أن “إيران ليست في وارد مطالبة سوريا حاليا بأي التزام مالي سواء كان ديونا أو غير ذلك، وأن الأولوية للحلف الاستراتيجي معها”. ومن أبرز العناوين التي تم بحثها في الزيارة كان تأمين المشتقات النفطية الإيرانية لسوريا من جديد، وهو ما أبدت طهران إيجابية تجاهه وفق المصادر. في الساعات الثلاث: كان للأسد إضافة إلى الجلستين اللتين نشرت صورتيهما، جلسة مغلقة مع القائد الأعلى الإيراني علي خامنئي بحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وقآاني، وكذلك جلسة مغلقة مع رئيسي.

سياسيًا، لا يعدّ ما خرج من الزيارة جديدا، بقدر ما هو تثبيت للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، ولا سيما في ظروف دولية عنوانها الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا، ما يجعل توطيد العلاقة بين دمشق وطهران أكثر ضرورة. أكثر من رسالة سياسية أطلقها الأسد ومضيفوه. فالقائد الأعلى قال: ” احترام سوريا ومكانتها قد ازدادا كثيرا بعد الحرب حیث الجميع ينظرون الى هذا البلد على انه قوة”. كما أنه تناول مسألة التطبيع الأخير بين دول عربية و”إسرائيل” قائلا: ” بعض قادة الدول الجارة لنا ولكم يجالسون قادة الكيان الصهيوني، ويشربون القهوة معا، لكن شعوب هذه الدول نفسها تملأ في يوم القدس الشوارع بالجموع وبالشعارات المناهضه للصهيونية. هذا هو واقع المنطقة اليوم”. ومتماهيا مع هذا الخطاب، قال رئيسي خلال استقباله الأسد: “المقاومة هي التی تحدد مستقبل المنطقه ولیست طاوله المفاوضات، والتنسیق العسکري الناجح بین إیران وسوریا إلی جانب مقاومه الشعب الفلسطیني، أظهر أن خطة بعض القادة العرب لإبرام الصفقات مع الصهاینه فاشلة”.

لا تبدو تصريحات القائد الأعلى ورئيسي جديدة، لكن أهميتها تكمن في دلالاتها حيث أنها قيلت أمام الأسد، الذي زار أخيرا ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وهو ما رأت فيه صحف إيرانية تدور في فلك التيار الإصلاحي انعكاسا لحاجة سوريا للمال لإعادة الإعمار، ونبهت من أنه قد يؤدي إلى تطبيع سوري إسرائيلي لاحقا برعاية إماراتية. وبالعكس، رد أنصار التيار الأصولي على تلك الانتقادات، بالتاکید علی العلاقه الاستراتیجیة مع سوريا، باعتبارها “من أهم التحالفات العسکریه إقليميا، ما تجعل سوریا ملتزمه بدعم محور المقاومة أمام الکیان الصهیوني”. المعارض الایراني حسین قاضي زاده، يرى بدوره أن زيارة الأسد “تاتي في سیاق التنافس الخفي بین موسکو وطهران حیث تستغل الأخیرة تورط روسیا بالحرب في أوکرانیا، لتعزیز نفوذها في دمشق”. وقد غرد قاضي زاده على تويتر قائلا: “القضیة هي عبارة عن ملء الفراغ الروسي في سوریا، ولن یعود الأسد من طهران بيدين فارغتين.

في الخلاصة، تبدو الزيارة اقتصادية سياسية من شأنها تجديد إعلان البلدين تحالفهما على مستويات مختلفة، وأن علاقتهما لم تتأثر ببعض التحولات الإقليمية، وأنّها ما زالت متينة واستراتيجية في المدى المنظور.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: