الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 أبريل 2022 20:07
للمشاركة:

المجمعات السكنية العشوائية تحاصر طهران.. ما هي الأسباب والمخاوف؟

يُعتبر العقد الماضي كارثيًا على الاقتصاد الإيراني، في ظل الارتفاع الملحوظ في مؤشرات التضخم والبطالة، إضافة لزيادة عدد المواطنين الفقراء.

ولم تعد هذه الحقائق مخفية عن أعين القائد الإيراني علي خامنئي، حيث اعترف بوجود أزمة في الاقتصاد الإيراني، قائلًا: الإحصائیات الاقتصادیة للسنوات العشر الماضیة لیست مقبولة أبدًا، کما أن عدم نمو الناتج المحلي بالقدر اللازم والتضخم ونمو السیولة وارتفاع کلفة تأمین العقارات، سیجعل الشعب أمام معاناة كبيرة في حياته اليومية. إلا أنه وبخلاف الكثیر من الخبراء الذین یعتبرون أن هذا الوضع ناجم عن العقوبات الأميركية خلال العقد ماضي، یعتقد خامنئي أن المعضلة الرئیسیة تعود إلی الأخطاء الإداریة في الداخل، وأن العقوبات لا تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال.

مؤشرات الأزمة

واحدة من المؤشرات الأساسیة للأزمة الاقتصادیة في إیران، هي النمو الهائل لظاهرة العیش في الأریاف والمناطق العشوائیة قرب مدن کبرى، خصوصًا حول العاصمة طهران. ویظهر تقریر منظمة الإداره والتخطیط لمحافظة طهران في العام الماضي، أن عدد السكان في أریاف المدینة یتجاوز الـ4 ملایین شخص، ما یعادل عدد سكان مدینة کبرى بنفسها.

وحول أسباب وجذور هذه الأزمة غیر المسبوقة للمحافظة، أشار رئیس المنظمة مسعود شافعي إلى ارتفاع أسعار الإیجارات وزیادة عدد الفقراء غير القادرین علی تحمل تكالیف الحیاة في المدینة. وأضاف شافي: “بالتزامن مع نمو التضخم في السنوات الماضیة، ارتفعت أسعار الإيجارات في طهران سبعة أضعاف (من 5 ملایین تومان للمتر الواحد عام 2017 إلی 35 ملایین تومان حالیًا، أي ما يعادل 1250$ سنويا)”. لذا، لم يبقَ أي خيار أمام الموظف أو العامل الذي لم یرتفع معدل أجره ارتفاعًا ملحوظًا، وهو یواجه تضخمًا یومیًا في أسعار جمیع السلع والخدمات تقریبًا، إلا ترك المدینة والتوجه نحو مناطق أخرى بمعاییر منخفضة جدًا للحیاة.

استئجار أسطح المباني

إضافة إلی ذلك، توجه بعض المواطنین في طهران خلال الأعوام الأخیرة لأول مرة إلی استئجار أسطح المباني لیلًا. ووفقًا لتقریر موقع “صداى ایران”، فإن بعض المواطنين غير القادرين على تحمل تكاليف العيش حتى في الأرياف، ويواجهون مشاكل بسبب طول المسافة بين أماكن عملهم والأرياف، بدأوا بدفع الأموال لاستئجار أسطح المباني لأخذ استراحة والنوم ليلًا.

ورغم أن هذه الأزمات تتجلی في العاصمة أکثر من أي مدینة أخرى، لكن الأمر لا یقتصر علی طهران، حیث تشیر التقاریر إلی ارتفاع عدد سكان الأریاف والمجمعات العشوائية في البلاد بأکملها إلی أکثر من 20 ملیون شخص، أي ما یعادل ربع تعداد إيران السكني تقريبًا.

في هذا السياق، أكد عضو هيئة الإعمار في البرلمان الإيراني مجتبى يوسفي صحة الخبر، قائلًا: يعد ارتفاع مؤشر الفقر والبطالة (خاصة عند المزارعين) من أهم الأسباب لزیادة عدد سكان المجمعات العشوائية والأرياف في البلاد. کما یظهر تقریر المعهد العالي لبحوث الضمان الاجتماعي أن عدد المواطنین تحت خط الفقر المطلق في إیران تضاعف خلال السنوات الخمس الماضیة. وأوضح رئیس المعهد روزبه کرداني أن عدد الإیرانیین الفقراء حالیًا یتجاوز الـ25 ملیون شخص. ویأتي ذلك بینما یتحدى المنتقدون الإحصائیات الرسمیة، معتبرین أن مؤشرات الفقر وعدد الفقراء بات أكثر بكثير مما تعلنه السلطات الرسمیة.

تأثيرات سياسية وأمنية

یؤدي ارتفاع عدد سكان المجمعات السكنية العشوائية إلی زیادة کبیرة في معدلات الجرائم، إلی جانب اضطرابات في المناطق البعیدة عن المرکز، وقد تصبح مواجهة هذا الواقع صعبة أمام السلطات. واللافت أن هذه الظاهرة الاقتصادیة بالأصل، أنها بدأت تأخذ منحًا سیاسیًا وأمنیًا.

فعلى سبیل المثال، وصف أحد کبار قادة الحرس الثوري الإيراني احتجاجات عام 2019 في إیران، والتي تصاعدت في الأریاف والمناطق العشوائیة عمومًا، بأنها مؤامرة خارجیة، قائلًا: یحاول العدو جعل الطبقات المهمشة والفقیرة والأمیة إلی قاعدة له للضغط علی النظام الإسلامي. وقد تركزت هذه الاحتجاجات العنیفة في الضواحي والمناطق الریفیة، منها مدینة “إسلام شهر” في ریف طهران ومدينة “ماه شهر” في محافظة خوزستان.

بناء على ما سبق، أعلنت الحكومة الإيرانية برئاسة إبراهيم رئيسي، فور وصولها إلى السلطة، أن أحد أهدافها الرئیسیة هو خفض سعر العقارات ومحاولة صد توسّع نطاق الأرياف والمجمعات السكنية العشوائية. حيث وعد رئيسي في حملته الانتخابية ببناء مليون وحدة سكنية سنويًا، لكن لم يتضح بعد كيف ستقوم الحكومة بتنفيذ هذه البرامج التي تتطلب مصادر مالیة ضخمة، أو حتى إنشاء مدن جدیدة علی نطاق واسع، وهي تعاني من عقوبات أميركية تحرمها من الحصول علی جزء کبیر من أموالها التي تأتي جراء بیع الطاقة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: