الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 أبريل 2022 19:22
للمشاركة:

هل اخرجت تغريدة داعمة للنساء مذيعة من العمل في تلفزيون إيران الرسمي؟

إذا کنتم من أنصار کره القدم فأنتم تعلمون أن مبارة لكرة القدم في إطار تصفیات مونديال قطر جمعت الشهر الماضي بين مننتخبي لبنان وإيران في مدینة مشهد الإيرانية، حيث فازت الأخيرة بهدفین معززةً موقعها في المركز الأول من المجموعة.

وهکذا انتهت المباراة ریاضیاً إلا أنها ترکت إرثاً من النزاعات الاجتماعیه وربما السیاسیة داخل البلاد. بدأت القصة عندما منعت السلطات الإيرانية في مدينة مشهد النساء من الدخول إلى الملعب لمشاهده المباراة خلافاً للوعود الرسمیة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ قضیة منع دخول النساء إلى الملاعب تُعتبر إحدى أهم محاور الاحتجاجات المدنیة في إيران خلال الأعوام الماضیة، والتي اشتدت بعد أن سمحت القیادة السعودیة للنساء بالدخوال إلى الملاعب.

بالتأكد نجحت أخيراً المجموعات النسویة في إيران برعایه الحكومة السابقة (برئاسة حسن روحاني) وبضغط من المنظمات الدولیة على رأسها اتحاد الفیفا أن تفتح أبواب الملاعب أمام النساء ولو بشکل محدود جدا منذ العام 2019.

لکنّ هذه التغییرات شملت العاصمة وبعض المدن الکبری الأخرى، ولم تصل إلى المدن ذات الطابع الدیني کمدینتي مشهد وقم اللتین لا تقام فیهما حتی حفلات موسیقیه بترخیص رسمي من وزارة الثقافة والإرشاد الاسلامیة.

وبحسب الأعراف الجدیدة، حددت وزارة الریاضة حصة النساء من الکراسي لمشاهدة المبارة یوم 29 آذار/ مارس الماضي، وتم عرض التذاکر للبیع في الموقع المعروف لذلك. لکن عندما بدأت المباراة منعت السلطات النساء من الدخول إلى الملعب، مما دفع إلى تجمّع عدد محدود من النساء اللواتي اشترين التذاکر أمام الملعب، حيث ردّدن شعارات احتجاجیة وداعمة لحقوق النساء.

وخرجت الأمور عن السيطرة لبضع دقائق، ذلك أنّ حرّاس الملعب لجأوا إلى العنف لتفریق المتظاهرات من خلال ضربهن أو رش غاز الفلفل عليهم. وکما کان متوقعاً، أثار نشر صور هذا الحدث جدلاً داخلياً كبيراً، حيث أدانت جمیع التیارات السیاسیة والاجتماعیة من دون استثناء تصرفات المسؤولين في مشهد ومنع دخول النساء إلى الملعب والاعتداء علیهن.

أما بعض التیارات والشخصیات فقد ذهبت أبعد من ذلك، مطالبةً اتحاد الفیفا بصفتها منظمة دولیة بمعاقبة الاتحاد الإيراني لکرة القدم، كإقصاء المنتخب من الموندیال أو تعليقه مشاركته في المباریات لمده محددة.

وفي غضون ذلك، انضمت المذیعة الشهیرة في إيران المیرا شریفي مقدم إلى تلك الاحتجاجات من خلال تغریدة یبدو أنها کلّفتها خسارة عملها في التلفزیون الإيراني. وجاء في تغريدتها: “لم تستیقط فیفا بعد”؟ في إشارة إلى ضرورة معاقبة الاتحاد الإيراني من قبل المنظمات الدولیة.

ورحّب عدد من النشطاء الإيرانيين بهذه التغریدة، حیث تم إعادة نشرها لآلاف المرات. وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها المیرا شریفي مقدم الجدل بمواقفها، ذلك أنها سبق وأن هاجمت المسؤولين الحکومیین الکبار في برامج مباشرة علی الهواء علی خلفیة عدم اهتماهم بمعاناه الشعب في جنوب البلاد، أو الأداء الضعیف تجاه أزمة وباء. كورونا

لکن هذه المرة یبدو أنّ القضیة کانت مختلفة تماماً، فبعد مرور ساعة من نشر التغریدة، قامت المذيعة الإيرانية بمسحها ثم نشرت تغریدة أخرى جاء فيها: “تعلمون بأنني أحب إيران، لکن بسبب سوء فهم تغریدتي تعرضت لاتهامات کأنني أبيع وطني أو أخونه. اضطررت لكي أحذف التغریدة وأعتذر لجمهوري علی ذلك”.

ورغم محاولتها لتغییر الاجواء وتجاوز التغریده یبدو أن اوساطا محافظه في السلطه اعتبرت موقف المیرا شریفي مقدم دعوه التدخل الأجنبي في شؤون البلاد والتي تعتبر خطا أحمر في الخطاب السیاسي الرسمي. کما کتب بهزاد مهرکش الکاتب في جریده وطن امروز الأصولیه علی صفحته في توییتر: إنه جو غریب جدا؛ حیث تدعو موظفه في مؤوسسه التلفزیون والإذاعهطة الإیرانیة المنظمات الدولیة لحل قضیه داخلیة في البلاد.
وبعد مرور أقل من شهر توقفت فجاه برنامج المیرا شریفي مقدم في التلفزیون الإیراني من دون إعلان مسبق. وبعد یوم من قرار إدارة التلفزیون الایراني أعلن محمد زارعي الصحفی الناشط في المجال الریاضي في خبر خاص علی صفحته في توییتر أن إخراج المیرا شریفي مقدم من التلفزیون جاء علی خلفیه تغریدتها. فکتب زارعي: منعت المذیعة الایرانیة المیرا شریفي مقدم من العمل بسبب تغریدتها الداعمه للنساء علی هامش مباراة إیران ولبنان في مشهد. وبعد ساعات وبینما نفت بعض المصادر الخبر کتبت المیرا شریفي مقدم نفسها في توییتر: لقد أخذت إجازه للفصل الدراسي الرابع للدکتوراة لأنني بحاجة للإستعداد من أجل خوض الاختبار الجامعي… دمتم بخیر. وهکذا أکدت المذیعة الخبر غیر الرسمي بشان تعلیق عملها في التلفزیون. وبرغم أنه لم یتضح بعد هل إنها عقوبه دائمة أم أن شریفي مقدم ستعود إلی الشاشات في المستقبل. إلا أن قرار إدارة التلفزیون بتوقف بث البرنامج و منع شریفي مقدم من العمل أثار انتقادات کثیرة حتی من جانب طواقم العمل في نفس المنظمة. فکتب مهدی خانعليزاده المذیع والخبیر ذو الانتماء الأصولي في تغریده: رغم أنني عارضت بشده تغریدتها لکننی لا أوافق على منع السیده شریفي مقدم من العمل في التلفزیون فهذه المؤسسه یجب أن تهتم إلی راسمالها البشري بشکل أفضل.

قرار إدارة التلفزیون بتعلیق عمل المذیعة، يّذكر الرأي العام الإیراني بقضیه طرد أشهر مذیع ریاضي في نفس المؤوسسة أي عادل فردوسي بور الذی منع من مواصلة عمله في البرنامج التلفزیوني الأكثر شعبية في إيران بسبب انتقاداته المثیرة لعدم بث صور النساء خلال المباریات الأجنبیه بسبب عدم وجود حجاب. وفي إشاره إلی انعکاس هذه القرارات علی الشارع الإیراني أكدت صحيفة ‘آفتاب یزد” الاصلاحیة، أن طرد أکثر المذیعین والمذیعات شهرة في التلفزیون الإیراني بسبب مواقفهم الانتقادیة في الشبکات الاجتماعیة یشیر إلی تعمیق الفجوه بین الشارع والخطاب الرسمي والملفت أن السلطات ذات صلاحیات کبیره، لكنها بدلًا من السعي لاحتواء الفجوة وتخفیفها تعمل علی تشدیدها من خلال استبعاد أي صوت منتقد أو معارض من المنفذ الإعلامي الشامل والوحید في البلاد أي مؤسسة التلفزیون والاذاعة الإیرانیة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: