الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 أبريل 2022 13:34
للمشاركة:

داعمة للعقوبات على الحرس الثوري ومنتقدة لخامنئي.. من هي فائزة هاشمي رفسنجاني؟

"أنشطة الحرس الثوري تضر بمصالح البلد، وتأتي بنتائج سلبیة على الإيرانيين؛ فالطریق الوحید لإعادة الحرس إلی المعسكرات هو استمرار فرض العقوبات علیه". هذه لیست تصريحات لنائب جمهوري في الكونغرس الأميركي أو لناشط في المعارضة الإيرانية، بل لفائزة هاشمي رفسنجاني، السیاسیة الإیرانیة وابنة الرئیس الأسبق للبلاد.

اعتاد المجتمع السیاسي الإیراني خلال الأعوام الماضیة علی تصریحات فائزة المثیرة للجدل، والتي تتجاوز في الكثیر من الأحیان الخطوط الحمراء المتعلقة بالنظام. ورغم انتقادها من قبل أفراد أسرتها وبعض أنصار الجمهوریة الإسلامیة، إلا أنها ذهبت إلی أبعد من ذلك، حیث یمكن تصنیفها الیوم حسب مواقفها معارضة للنظام الإیراني.

فعلی سبیل المثال، وفي وقت يطالب فيه حتى أشد منتقدي النظام برفع العقوبات عن البلاد، لا تزال فائزة تطالب بإبقاء هذه العقوبات كأداة فاعلة لتغییر سیاسات النظام، إضافة لدعوتها السابقة بمقاطعة الانتخابات، واصفة إياها بـ”المسرحية السخيفة”.

فمن أین بدأت مسیرتها السیاسیة، وما هي الأسباب والظروف التي دفعتها لاتخاد مواقفها المثیرة؟

الدفاع عن حقوق النساء

“أبناء السياسيين” هي ظاهرة معروفة جدًا في إيران، وتطلق على أبناء القيادات وعلماء الدين والمسؤولين الكبار، الذين يدخلون إلى الحياة السياسية والاقتصادية من دون تجارب أو خبرات تذكر، اعتمادًا على علاقاتهم العائلية.

وفائزة هاشمي رفسنجاني هي واحدة من هؤلاء، وتسلمت رئاسة الاتحاد الریاضي للنساء وهي فی الـ29 من عمرها. ورغم دخولها عالم المسؤولیات التنفیذیة برعایة والدها، لكنها بخلاف الكثیرين، لم تکن لدیها الرغبة في العمل بالمجالات الاقتصادیة، فرکزت علی المجال الاجتماعي وخاصة حقوق النساء.

وکانت نشاطات فائزة منذ البدایة مثیرة للجدل. وتقول فائزة، في حوار مع “مجموعة التاریخ الشفوي لإيران” بإشراف حسین دهباشي: “لم یحب العدید من المسؤولین أو حتی العلماء توسیع نطاق النشاطات الریاضیة للنساء بشكل عادل في أجواء ثوریة جدًا، لكنني ناضلت من أجل إحقاق حقوقهن ونجحت في الكثیر من المعارك”.

وفي السنوات اللاحقة، أسست فائزة صحيفة أسبوعیة مثیرة للجدل، کانت تعرف بتوجهاتها النسویة ومواقف خاصة جدًا، منها الانتقاد للحجاب الإجباري، تم إیقافها للأبد بأمر من المدعي العام في إیران بعد عام واحد فقط من انتشارها. وخلال نفس الفترة، ترشحت فائزة للانتخابات التشریعیة عام 1996 ضمن قائمة مدعومة من قبل الحكومة آنذاك، والتي كان يرأسها والدها، فنجحت في الدخول إلی البرلمان بصفتها النائبة الثانیة التی حازت علی أغلبیه أصوات المواطنین في طهران.

وخلال هذه المرحلة البرلمانیة أیضًا، اتخذت مواقف أکثر جدلية في مواضيع المرأة والمجتمع، رغم بقائها بعیدة عن الدخول في الصراعات السیاسیة. وبخلاف توقعاتها، فشلت فی الفوز بالانتخابات اللاحقة للبرلمان، حیث سیطر الإصلاحیون المنتقدون لحكومه هاشمي رفسنجاني علی السلطة التشریعیة في البلاد.

اتساع الفجوة مع النظام

لا شك أن انتخابات 2009، كانت من أكبر الأزمات التي واجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حیث انضم بعدها جزء کبیر من التیار المعتدل بقیادة رفسنجاني إلی معسكر الإصلاحیین، واتخذ مواقف انتقادیة حادة لأول مرة تجاه النظام والقائد الأعلی.

ورغم أن النظام حاول احتواء الأزمه بعد فوز حسن روحاني في انتخابات عام 2013 من خلال السماح للتیارات المعتدلة بالعودة إلی السطلة، لكن تلك الفجوة لا تزال قائمة إلی حد ما، وربما أکبر دلیل علی ذلك هو بقاء مرشحين معارضين لأحمدی نجاد، واللذين یدعیان أن الانتخابات کانت مزورة، تحت الإقامة الإجباریة.

من هنا، اشتدت حدة مواقف فائزة تجاه النظام في تلك السنوات، بالتزامن مع ابتعاد والدها عن القائد الأعلی علي خامنئي. وفي انتهاك صارخ للخطوط الحمراء، شارکت فائزة في الاحتجاجات العنیفة التي جرت في شوارع طهران ضد النتائج الرسمیة للانتخابات عام 2009، وتحدثت بصراحة عن وقوع تزویر منظم فیها من قبل السلطات الرسمیة.

وتم اعتقالها لأول مرة في نفس العام لمدة 24 ساعة من قبل الأجهزة الأمنیة، وهكذا انطلق ملف فائزة عند السلطة القضائیة في إیران والذي لا یزال قائمًا إلى اليوم. فخلال السنوات الماضية، اتهمت فائزة أكثر من مرة بالعمل ضد النظام والحرس الثوري، وسجنت بما يصل مجموعه إلى عام بسبب تلك الاتهامات.

ولم تقتصر هذه الضغوط علی إجراءات وأحكام قضائیة، حیث تعرضت فائزة خلال عهد أحمدی نجاد للاعتداءات من قبل مجموعات مجهولة، منها الاعتداء الذي تعرضت له خلال مراسم تشییع أحد أقاربها في حرم “عبد العظیم الحسنی” في مدینة ري، حیث هددها بالضرب، صارخًا في وجهها: “أخرجي یا ساقطة من هنا”. لكن الضغوط هذه تراجعت بعد فوز حلیف والدها في انتخابات عام 2013، وهو حسن روحاني.

وکما کان متوقعًا، جمیع هذه الخطوات جعلتها أکثر تشددًا في وجه النظام، ومؤخرًا في وجه القائد الأعلى.

المواقف والتصریحات الأکثر جدلًا

رغم كثرة انتقادها للنظام في إيران، يبقى هجوم فائزة المستمر على القائد الأعلى أكثر حساسية في الأوساط السياسية في البلاد. ومؤخرًا، اتهمت فائزة، في تسجيل صوتي، خامنئي بضعفه في العلاقات الدولية، وقالت في ذلك التسجيل: “لا يمتلك خامنئي الثقة في النفس، وقد جرّ البلاد بسياساته غير المنطقة ضد أميركا واعتماده على التوجه شرقًا في الاقتصاد، إلى حافة الهاوية والانهيار”. كما دعت فائزة إلی تخلي خامنئی عن منصب قیادة البلد، کخطوة أولی لإصلاح الوضع في البلاد.

من جانب آخر، تنتقد فائزة بصراحة أقوی مؤسسة في إیران الیوم، أي الحرس الثوري. فعلاوة علی دعواتها بإبقاء الحرس في قائمة العقوبات، انتقدت فائزة سیاسات القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سلیماني فی الشرق الأوسط، في حوار مع برنامج “رو در رو” الذي یبث عبر الإنترنت، قائلة: “لیس عندي نظرة إیجابیة بالنسبة له، ووالدی لم یكن یوافق علی دخول إیران في الأزمه السوریه”. کما عبّرت عن موقفها السلبي تجاه فيلق القدس في أکثر من مناسبة، معتبرة أنه لم یجلب لإیران سوى الأزمات.

من جانب آخر، أثار دفاع فائزة عن سياسة الضغط الأقصى للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، جدلًا واسعًا عند الأوساط السياسية والإعلامية في إيران. فقد أعلنت في حوار مع موقع “إنصاف نيوز” الإصلاحي عن رغبتها في بقاء ترامب في البيت الأبيض، معتبرة أنه سیكون لصالح الشعب الإیراني، “لأن هناك مجموعات شریرة داخل إيران لا تعرف إلا لغة القوة، وهي المصدر الأصلي للأزمات في البلاد”.

وبینما دعت أغلبیة الأحزاب المعتدلة و الإصلاحیه الشعب الإیراني إلی المشارکة في الانتخابات رغم رفض صلاحیة العديد من المرشحين، أعلنت فائزة هاشمي رفسنجاني من خلال موتمر افترضی على تطبيق “کلوب هاوس”، رفضها المشاركة في هذه الانتخابات. وسجل ذلك المؤتمر عددًا قياسيًا من المشتركين وصل إلى 24 ألف مستمع.

وفي النهایة، یمكن اعتبار لقائها بالسجناء التابعین للدیانة البهائیة من أكثر مواقفها المثیرة للجدل. حیث تعتبر قضیة البهائیین من أخطر الخطوط الحمراء عند أجهزة إیران الأمنیة. فالتقت فائزه بفریبا کمال أبادي، وهي واحدة من أبرز النشطاء البهائیین في إیران، بعد إطلاق سراحها من السجن، وهي أعلنت بعد ذلك أنها تعرفت علی کمال آبادي أثناء وجودها بسجن إيفين السیاسي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: