الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 أبريل 2022 14:37
للمشاركة:

هل يبقى الأصوليون متحدون في دعم حكومة إبراهيم رئيسي؟

"لا يوجد مؤامرة وراء الكواليس من أجل التضخم، والاقتصاد لا يُدار بالأوامر"؛ هكذا عنونت، وبشكل مفاجئ وغير متوقع، إحدى أهم الصحف التابعة للجناح الأصولي في إيران، والذي يُعرف عنه أنه من أكبر الداعمين لحكومة الرئيس إبراهيم رئيسي.

وفي إشارة إلى ما اسمته تصرفات حكومة رئيسي الاستعراضية أمام وسائل الإعلام، وبلهجة تهكمية، اقترحت صحیفة “رسالت” الأصولیة استخدام أسالیب علمیة لمواجهة ظاهرة التضخم التي ارتفعت خلال العام الماضی، خلافًا لوعود الحكومه الجدیدة.

وانضم جزء من الشخصیات ووسائل الإعلام الأصولیة خلال الأسابیع الأخیرة إلى موجة انتقادیة، تتهم حكومة رئیسي باللجوء إلى “تصرفات استعراضیة وشعبوية في بعض الحالات، بدلًا من حل المشاكل عبر طرق علمیة”.

الأصوليون الجدد

صحیح أن هذه الانتقادات ترکز بشكل أساسي على المجالات الاقتصادیة أو الثقافیة والتنفیذیة، وهي لاتزال بعیدة عن الانتقادات السیاسیة عند التیار الإصلاحي، لكنها تشیر إلی أن معسكر الأصولیین لیس موحدًا ومتحدًا تمامًا كما یتصوره الآخرون في دعم الحكومه.

وقد بلغت الانتقادات ذروتها مطلع الأسبوع الجاري، عندما تحدث السیاسي وعالم الدین الأصولي جلیل محبي عن عدم قدرة رئیسي على إداره الملفات الصعبة في إيران اليوم.

وکتب محبي في تغریدات على تويتر أثارت الجدل: باستثناء عدد ضئیل من أقاربه وأنصاره، فأغلبیة أعضاء الحكومه یعتقدون أن رئیسي لا یملك الخبرة الكافیة لفهم القضایا الخاصة، وأنه عاجز عن اتخاذ قرارات دقیقة وهامة.

والجدیر بالذكر أن أغلبیة منتقدي رئیسي في المعسكر الأصولي ینتمون بشكل أساسي إلی تیار خاص یقوده محمد باقر قالیباف رئیس البرلمان الحالي، وعدد آخر من السیاسیین المعروفین بالأصولیین الجدد.

وهذا التیار الذي أنشئ في منتصف عهد الرئیس السابق حسن روحاني، یمثل جیلًا جدیدًا من الأصولیین، تبرز فیهم انتماءات تكنوقراطیة بعیدة عن الصورة التقلیدیة للأصولیین.

فعلی سبیل المثال، یُعارض هذا التیار فرض قیود جدیدة علی الإنترنت في إیران، کما أنه لا یعارض الدبلوماسية أو حتی الحوار مع القوی الدولیة منها أميركا، لحل المشاكل في السیاسة الخارجیة. لكنه في الوقت نفسه، یحافظ علی ابتعاده عن الإصلاحیین في ملفات هامة جدًا، منها الدفاع المطلق عن القائد الأعلى علي خامنئي، ودعمه لسیاسات “محور المقاومة” في الشرق الأوسط، إلی جانب توجهاته العامة لتعزیز الاقتصاد الوطنی وتخفیض الاعتماد علی مصادر أجنبیه والاستیراد لسد حاجات البلد.

تنافس بين الأصوليين

وبینما یتهم هذا التیار منافسیه في المعسكر الأصولی بالتسمك بالآراء والأسالیب التقلیدیة غیر المحبوبة عند المجتمع وخاصه الشباب، ما یجعل الإصلاحیین في موقف أقوی انتخابیًا، إلا أن مشكلته تكمن في امتلاكه ملفات وقضایا فساد أغلبها تعود إلی فترة رئاسة قالیباف في بلدیة طهران (منذ 2005 إلی 2017)، وهي ملفات عادة ما تُستخدم من قبل معارضيه.

ویمثل أحد أهم محاور التنافس بین التیارین الأصولیين، هو القدرة على مواجهة الإصلاحیین في الانتخابات. ولا یزال یعتقد عدد من أنصار قالیباف، أنه کان يمتلك حظوظًا أقوی لهزیمة حسن روحاني بانتخابات عام 2017، حیث یقول أحد مستشاريه حسین قربان زاده: لقد قلنا آنذاك إن انسحاب قالیباف من الانتخابات یعني ضمان فوز روحاني فیها، کما اتضح في الواقع أن أصواته ذهبت لصالح روحاني خلافًا لتحلیل أصداقئنا الأصولیین.

إضافة إلى ذلك، یعتبر الكثیر من الشخصیات البارزة المنتمیة لهذا التیار، أن الحكومة الحالیة تمثل فرصة تاریخیة للأصولیین، سیؤدي إهدارها بقرارات خاطئة وتصرفات استعراضیة، إلی عودة حسن روحاني وأنصاره إلی المشهد بشكل أقوی من قبل.

وعلی رغم کل ما ذکر، لا یزال یؤكد قادة جمیع التیارات الأصولیة علی دعم الحكومة وتجنب المنافسات الداخلیة، لعدم توفير الغطاء اللازم لإحیاء التیار الإصلاحي الذي خرج من المشهد مهزومًا. لكن بالمقابل، بات واضحًا أن الخلافات بین قاعدتي التیارین متزایدة بطریقة لم يعد ممكنًا إبعادها عن ضوء وسائل الإعلام.

فتعقید المفاوضات بشأن إحیاء الاتفاق النووي، إلی جانب تدهور الأوضاع الاقتصادیة وزیادة الضغوط علی شرائح مختلفه من المجتمع الإیراني بسبب ارتفاع التضخم، یزید الطین بلة. وکل ذلك یجري بینما کان من المفترض أن تمثل حكومة رئیسي رمزًا لنظریة الحاکمیة الموحدة في إیران لتجاوز الخلافات والمنافسات الداخلیة، بعد انتخابات لم یتم تهمیش الشخصیات الإصلاحیة البارزة فیها وحسب، بل رُفضت فيها أهلیة سياسيين معتدلين كعلي لاريجاني.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: