الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 فبراير 2022 19:48
للمشاركة:

زيارة رئيسي لقطر .. هكذا تطورت العلاقات بين الدوحة وطهران

اختار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي العاصمة القطرية الدوحة لتكون أولى محطاته العربية بعد تسلّمه منصب الرئاسة، وفي ذلك إشارة إلى مستوى العلاقة التي تطورت بين البلدين خلال السنوات الماضية. ولعل إعلان مدير هيئة الموانئ الإيرانية أنّ المفاوضات جارية لإنشاء نفق بحري بين البلدين تعكس الجدية التي يوليها البلدان لعلاقتهما.

ولهذه الزيارة ظروف موضوعية مرتبطة بقمة منظمة “أوبك” للغاز في العاصمة القطرية، لكن رئيسي بنى على اللحظة ليترأس وفداً رفيع المستوى الأثنين 21 شباط/ فبراير في أول زيارة لرئيس إيراني إلى قطر منذ أكثر من عقد.

وكانت زيارة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد في أيلول/ سبتمبر 2010 الأخيرة لرئيس إيراني، وبذلك تكون خطوة رئيسي هي الأولى من نوعها منذ تولي الأمير تميم بن حمد الحكم في حزيران/ يونيو 2013.

وتطرق الباحث فی العلاقات الدولیة محسن غریبی فی حوار مع صحیفه “فرهیختغان” الإيرانية إلى أهم المحطات فی العلاقات الإيرانية – القطریة، هذه أهمها برأيه:

  • عدم دعم العقوبات الإقليمية

خلال هذه السنوات، لم تواجه العلاقات بين إيران وقطر تحديات وخلافات خطيرة. حتى بعد أن قطعت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها العلاقات مع إيران في عام 2015، لم تقطع قطر علاقاتها السياسية والاقتصادية مع إيران. وقد رحبت قطر مراراً وتكراراً بالحوار الإيراني السعودي ودعت إلى الوساطة.

  • دعم الاتفاق النووی

دعمت الحكومة القطرية الاتفاق النووي الإيراني مع دول مجموعة 5 + 1 وحاولت لعب دور إيجابي من خلال التوسط في مختلف الأمور. وتعتبر الدوحة الاتفاق النووی عاملاً من عوامل الاستقرار في المنطقة، وقد أبلغ المسؤولون الإيرانيون نظراءهم القطريين دائماً بمسيرة المفاوضات ونواياهم السلمية.

  • حرب الیمن

ترى الحكومة القطرية بشكل عام أنّ الحرب وانعدام الأمن في منطقة الخليج وأجزاء أخرى من المنطقة، بما في ذلك الأزمة اليمنية، يمثلان تهديداً لأمنها واستقرارها. على الرغم من مشارکة قطر في التحالف السعودي في بداية الحرب اليمنية، إلا أنها لم تتعاون بشكل كبير مع المملكة العربية السعودية.

يُظهر نشر بعض الخرائط القديمة للأراضي المزعومة لسلالة آل سعود في القرون الماضية من قبل وسائل الإعلام السعودية أن هذه المنطقة شملت كل أو جزءاً من الدول المجاورة للمملكة العربية السعودية، بما في ذلك السيطرة الكاملة على قطر.

وهنا بالطبع تختلف مواقف وتصريحات الحكومة القطرية في إدانة هجمات المقاومة اليمنية على الإمارات والسعودية دائماً عن دول أخرى تصف هذه الهجمات ب”الإرهابية” والحوثيين ب”الإرهابيين”.

وعادة ما تدين وزارة الخارجية القطرية في تصريحاتها من دون ذكر “أنصار الله” و”الهجمات الإرهابية”، أي اعتداء على المدنيين بشكل عام، وتدعو الجانبين إلى وقف الهجمات واتباع السبل السياسية.

  • المواقف في المنظمات الدولية والاقلیمیة

امتنعت قطر بشكل عام عن التصويت لصالح قرارات ضد إيران فی المنظمات الدولية، و في كثير من الحالات صوتت لصالح إيران. لکنّ إيران لطالما اشتكت من تصويت قطر الإيجابي لصالح قرارات فی مجلس التعاون الخليجي أو فی جامعة الدول العربية تحتوي على فقرات ضدها.

  • فلسطين

استضافت قطر في السنوات الأخيرة بعض قيادات وحركات المقاومة الفلسطينية، و خاصة “حماس” وبعض حركات الإخوان الأخرى. وكان وزير الخارجية القطري قد تحدث مراراً عن معارضة بلاده لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، واصفاً بناء المستوطنات في فلسطين المحتلة بـ “التطهير العرقی”. كما تبث قناة الجزيرة أخباراً وتقارير فعالة لدعم الشعب الفلسطيني. و هذا ما یتوافق بشکل کبیر مع السیاسة الإيرانية.

  • فتره العقوبات والحصار على قطر

بدأت المملكة العربية السعودية، إلى جانب حكومات مصر والإمارات والبحرين، بفرض عقوبات على قطر براً و جواً وبحراً في حزيران/ يونيو 2017 وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.

ثم وضعت السعودية 13 شرطاً لتطبيع العلاقات مع قطر. كان أحد هذه الشروط هو القطع الكامل للعلاقات القطرية مع إيران. الحكومة القطرية و بمساعدة إيران، وبدرجة أقل تركيا، أنقذت بلدها من الانهيار.

خلال هذه الفترة، أصبحت سماء إيران المجال الرئيسي للطائرات القطرية، وتم إنقاذ شركات الطيران في قطر من الإفلاس.

في غضون ذلك، زادت صادرات المنتجات الزراعية والغذائية والسلع الاستهلاكية الأخرى، وزادت التجارة بين طهران والدوحة. على الرغم من أنّ الحصار والعقوبات ضغطت على قطر، إلا أنه كان لها أيضاً آثار إيجابية على البلاد.

أدركت الدوحة أنه من أجل الحفاظ على نفسها، فإنها بحاجة إلى زيادة اعتمادها على القوة المحلية، وتنويع علاقاتها خارج مجلس التعاون الخليجي، وتجاوز مجرّد الشراكة مع الولايات المتحدة. كما شكلت المساعدة الإيرانية في الوقت المناسب نقطة تحول في زيادة الثقة وتحسين العلاقات بين البلدين في السنوات التي أعقبت الأزمة.

بعد أن خمدت الأزمة وعشية اجتماع العُلا الذي أدى إلى اجتماع قادة مجلس التعاون الخليجي في السعودية، رحب وزير الخارجية الإيراني آنذاك، محمد جواد ظريف، بوقف الضغط على قطر.

وعدد غريبي أبرز نقاط الخلاف فی العلاقات الإيرانية – القطرية، وهي:

  • الدعم السياسي والمالي الذي تقدمه قطر لبعض الجماعات المسلحة وجهودها للإطاحة بالحكومة السورية ورفض الدوحة عودة سورية الجامعة العربية.
  • قلق إيران من تصرفات القوات الأميركية المتمركزة في قطر. من وجهة نظر إيران، يعد الوجود العسكري الأميركي في المنطقة سبباً رئيسياً للحرب وانعدام الأمن.

وكانت حكومة رئيسي قد أعلنت في أكثر من مناسبة عزمها على إقامة علاقات خاصة مع جيرانها ودول المنطقة لتوسیع العلاقات الاقتصادیة، خاصة فی ظل العقوبات الاميركية.

و فی هذا السیاق قال المدير العام لإدارة الخليج في وزارة الخارجية الإيرانية علي رضا عنايتي إنه تم إعداد وثائق للتعاون المشترك مع قطر ويؤمل أن يتم توقيعها خلال زيارة الرئيس الإيراني.

وتحدثت الصحف والوکالات الإيرانية عن مشاریع اقتصادية عدة سیتم نقاشها فی زیارة رئيسي لقطر، أهمها:

  • ربط شبكة الكهرباء بين إيران و قطر

تطرّقت وکالة “فارسة للأنباء لمشروع ربط شبكة الكهرباء بين إيران و قطر خلال زيارة رئيسي وکتبت: “في مثل هذه الظروف، يعتبر خبر ربط شبكة الكهرباء بين إيران و قطر باستخدام خط النقل البحري الخطوة الأولى لعودة إيران لتصبح مركزاً للطاقة في المنطقة. بشكل عام، استفادت شبكة الكهرباء الإيرانية بسعة تقارب 90.000 ميغاواط، بتنمية أكثر بكثير مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة. لدرجة أن هذه الشبكة لديها القدرة على أن تصبح مركزاً لتوزيع الكهرباء في المنطقة ويمكن أن تجعل إيران لاعباً رئيسياً في مجال إمداد الكهرباء”.

  • تعاون مشترك بين إيران وقطر في سوق الغاز العالمي

ونقلت وکالة “إيرنا” للأنباء عن مصدر مطلع في وزارة النفط أنّ وزيري النفط الإيراني والقطري سيناقشان التعاون الثنائي في مجال الغاز، المواقف المشتركة في الأسواق العالمية، وتشكيل مجموعة عمل ودراسة مشتركة لحقل بارس المشترك بین إيران وقطر على هامش قمة “أوبك” للغاز فی الدوحة.

  • التخطيط لتجارة بقيمة مليار دولار مع قطر

وبحسب وكالة “مهر” للأنباء، نقلاً عن منظمة تنمية التجارة الإيرانية، ففي هذه الزیارة، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالنفط ، سیحضر وزير الصناعة والمناجم والتجارة وأيضاً وزیر التراث الثقافي والسياحة والصناعات الیدوية، وذلك بهدف تطوير التعاون التجاري والسياحي بین البلدین.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: