الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 فبراير 2022 17:19
للمشاركة:

مفاوضات فيينا النووية.. على ماذا يختلف المسؤولون الإيرانيون؟

تناول موقع "يورونيوز الفارسية" الأوروبي، الأخبار التي ذكرت مؤخرًا وجود خلاف بين المسؤولين الإيرانيين حول طريقة تعاطي طهران مع مفاوضات فيينا، والحديث عن رسائل إلى القائد الأعلى علي خامنئي، حيث أورد تقرير الموقع الذي ترجمته "جاده إيران"، تفاصيل اجتماع أجراه خامنئي قبل استئناف المفاوضات النووية مع مسؤولي البلاد، استمع فيه إلى الأراء، وعلق عليها، كما دعا رئيسي لاستمرار الاجتماع مع هؤلاء المسؤولين.

نفت وزارة الخارجية الإيرانية الأربعاء 9 شباط/ فبراير 2022، الأنباء التي تحدثت عن إرسال وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، رسالة إلى القائد الأعلى علي خامنئي، بشأن المحادثات النووية. وخلال الرسالة التي أشارت إليها بعض وسائل الإعلام الأقل شهرة في إيران، اشتكى وزير الخارجية إلى خامنئي من تخريب بعض المعارضين للمحادثات النووية، وخاصة سعيد جليلي، وهو الذي يعارض منذ سنوات أي مفاوضات مع الولايات المتحدة لسنوات ولا يخجل من الإعلان عن ذلك.

رغم تشديد البيان الذي نشرته وزارة الخارجية على ضرورة الوحدة بين القوى السياسية المختلفة بمسار دفع المحادثات النووية إلى الأمام، يبدو أنه على عكس التوقعات، لا يوجد حتى الآن أي أنباء عن الوحدة بين مختلف المؤسسات الإيرانية، ومع الأخذ في الاعتبار أن رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، مجلس الشورى الإسلامي من بين القوى الوفية للنواة الصلبة والمتشددة للسلطة في البلاد، لا يزال هناك خلاف خطير بين مسؤولي النظام حول اختيار الاستراتيجيات الرئيسية لطهران.

مرة أخرى، يكشف موضوع نشر تفاصيل رسالة جليلي إلى القائد الأعلى، وكذلك إنكار وزارة الخارجية فيما يتعلق بإرسال رسالة أمير عبد اللهيان إلى خامنئي، عن وجود خلافات خطيرة بين مراكز السلطة الداخلية حول اتباع نهج مناسب في المفاوضات النووية لإحياء الاتفاق النووي، التي استؤنفت الجولة الثامنة منها للتو في فيينا، وأعربت الأطراف عن أملها في أن يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق نهائي لإحياء الاتفاق النووي في هذه الجولة من المفاوضات.

هذه ليست المرة الأولى منذ تولى إبراهيم رئيسي منصبه، التي يظهر فيها خلاف بين متشددي إيران حول تبني استراتيجية ضد الولايات المتحدة في المفاوضات النووية.

في 26 كانون الثاني/ يناير 2022، هاجم رئيس تحرير صحيفة كيهان حسين شريعتمداري، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، بشأن ما أسماه الأخير “خطة تفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة”. ووصف شريعتمداری تصريحات علي شمخاني بأنها غير مدروسة. هاجمت صحيفة “كيهان” شمخاني بينما كان هذا القائد العسكري نفسه أحد المسؤولين في حكومة حسن روحاني الذين لطالما انتقدوا المفاوضات النووية في زمن الرئيس السابق في أشهرها الأخيرة بقيادة عباس عراقتشي.

ومع ذلك، فإن شمخاني الذي هو أحد السياسيين القلائل الذين ظلوا في مناصبهم حتى بعد تغيير الحكومة في إيران، اتخذ مواقف متضاربة بشأن المحادثات النووية وفي الأشهر الأخيرة، فمرة يتحدث حول التقدم في المحادثات، ومرَّة يصف الإرادة السياسية للطرف الآخر بأنها غير كافية للتوصل إلى اتفاق.

قبل شمخاني، قال أمير عبد اللهيان في 24 كانون الثاني/ يناير إن إيران مستعدة للجلوس مباشرة مع الولايات المتحدة إذا لزم الأمر، وذكر على هامش مؤتمر في طهران: “إذا وصلنا إلى مرحلة في المفاوضات يكون فيها الحوار مع الولايات المتحدة أمرًا ضروريًا للتوصل إلى اتفاق جيد بضمانات عالية، فلن نتجاهل ذلك”.

وعلى الرغم من هجوم صحيفة “كيهان” وبعض المتشددين الآخرين على أمير عبد الهيان وعلي شمخاني، ووصف موضوع المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة بأنه لا فائدة منه، وهو کـ “البحث عن الماء في السراب”، أشار خامنئي، في وقت سابق، في لقاء مع مجموعة من أهالي قم يوم 10 كانون الثاني/ يناير، إلى قضية المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، وقال: “التفاوض و التعامل مع العدو في مرحلة ما، لا يعني الاستسلام له، و أضاف “مثلما لم نستسلم له في السابق ولن نستسلم له في المستقبل”.

جاءت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني في وقت لم ترد فيه أنباء عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، وكانت محادثات فيينا تسير في نفس الاتجاه السابق. ورأى بعض المحللين في الوقت نفسه أن عدم معارضة القائد الأعلى الإيراني لإمكانية إجراء حوار مباشر مع الولايات المتحد هي ضوء أخضر جديد لفريق التفاوض الإيراني وأعلنوا عن إحراز تقدم على طاولة المفاوضات.

جاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي منع فيه مرارا وتكرارا أي حوار مع الولايات المتحدة في ظل حكومة روحاني.

يبدو أن مرور الوقت وتغيير الحكومة واستمرار الضغوط الاقتصادية وتزايد الاستياء الداخلي قد غير استراتيجية القائد الأعلى الإيراني.

ماذا حدث في لقاء القائد الأعلى بكبار المسؤولين؟

روى مصدران مطلعان مقربان من الحكومة الإيرانية لـ “يورونيوز الفارسية” عن اجتماع، يظهر أن القائد الإيراني قرر منذ بداية فوز رئيسي حل قضية البرنامج النووي من خلال الحوار. ويقول المصدران: “بعد أسابيع قليلة من فوز إبراهيم رئيسي، عقد اجتماع في مكتب القائد الأعلى بحضور سعيد جليلي وعباس عراقتشي ومحمد باقر قاليباف وعلي لاريجاني وعلي أكبر ولايتي وعلي شمخاني وإبراهيم رئيسي لمناقشة القضية النووية، وتقرر مواصلة المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي.

وخاطب خامنئي الحضور في بداية اللقاء، قائلًا: دعوتكم لإبداء رأيكم في مستقبل المفاوضات وإبداء رأيكم الحقيقي دون أي مجاملة.

في هذا اللقاء، سعيد جليلي أدلى برأيه، وخاطب خامنئي قائلًا: “أعتقد أن الولايات المتحدة في موقف ضعيف الآن، ويمكننا تحسين وضعنا مما نحن عليه. يجب أن نوسع علاقاتنا الاقتصادية والتجارية مع الشرق مع زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، لنجعل العقوبات غير فعالة. بعد ذلك، يمكننا أن نكون أكثر قوة في محادثاتنا مع الولايات المتحدة، ونكسب المزيد من الامتيازات”. 

وتقول مصادر “يورو نيوز” إن خامنئي قال لجليلي ضاحكا بعد سماع تصريحاته: “لو كان من الممكن القيام بذلك، لكنا فعلناه سابقا، يجب أن يكون لدينا نهج واقعي”.

قدم عراقتشي خلال الاجتماع تقريراً عن وضع المفاوضات، كما دعم لاريجاني وولايتي استمرار المحادثات والتوصل إلى اتفاق. وفي نهاية المطاف وفي ختام الاجتماع، خاطب القائد الأعلى الحضور، وشدد على أنه من الأفضل استئناف المحادثات وعلى فريق التفاوض في الحكومة الجديدة العودة إلى محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي. وقال مصدر آخر ليورونيوز، في نهاية اللقاء، نصح خامنئي رئيسي بضرورة استمرار الاجتماع مع هذه المجموعة، وأنه مستعد لحضور هذه الاجتماعات إذا لزم الأمر، لكن هذه الاجتماعات لم تعقد مع مرور أشهر على هذا اللقاء.

وفي هذا الصدد، أوردت وسائل الإعلام الإيرانية الأسبوع الماضي تفاصيل رسالة من 200 صفحة من سعيد جليلي، قالت إنه أرسلها إلى علي خامنئي تعارض المحادثات النووية وإحياء الاتفاق النووي. ودعت الرسالة، التي عارض فيها السياسي المتشدد أي حل وسط أو حوار مع الولايات المتحدة والغرب بشأن البرنامج النووي، إلى إحراز تقدم تقني في البرنامج النووي وتجاهل العقوبات الدولية بدعم من روسيا والصين.

وتأتي خطوة سعيد جليلي في الوقت الذي أقرت فيه أطراف مختلفة في المحادثات النووية بأن المحادثات تتقدم والجانبان ليسا بعيدين عن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. وعلى الرغم من وجود اختلافات في الرأي بين مختلف المجموعات حول اختيار النهج الصحيح لهذه المفاوضات. لكن تجربة السنوات الأخيرة أظهرت أن كبار المسؤولين الإيرانيين ينظرون إلى مسألة الحوار مع الغرب والولايات المتحدة كمشروع قصير المدى يمكنهم من خلاله تخفيف بعض الضغوط الاقتصادية والسياسية للاستمرار في الحكم بالطريقة التقليدية.

بالنظر إلى الوضع برمته، يبدو أن العديد من التيارات المتطرفة داخل النواة الصلبة للسلطة في إيران لا تزال لا تدعم فكرة الحوار المباشر مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من المشاكل العديدة التي أدت بها المحادثات غير المباشرة مع أمريكا في المحادثات النووية وإبطاء التقدم في فيينا، لا يزال مؤيدو المفاوضات المباشرة في المؤسسات الحكومية يمثلون الأقلية. ومسألة حل القضية النووية تتم متابعتها عن طريق الإكراه وفقط لرفع العقوبات وتقليل الضغوط الاقتصادية على البلاد.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ موقع “يورونيوز الفارسية”

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: