الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 فبراير 2022 13:12
للمشاركة:

“أنا يوسف، يا أمّي”

تعوّدنا أن نسمع عن يوسف وأبيه يعقوب. كلمات محمود درويش التي غنّاها مارسيل خليفة "أنا يوسف، يا أبي" كرّست هذا الاعتياد. لكن هذه المرة، قال محمد رضا فرطوسي كلمته لـ "الشمس": "أنا يوسف، يا أمي".

أمٌّ تخبّئ ولدها لـ ٢١ سنة في البيت، كما تضمّه في قلبها دائمًا وأبدًا. هذا ما يجعل المشاهد يسأل: هل هو “العشق”، أم هي “الأنانية”؟ وهل من الممكن أن تكون الأنانية الوجه الآخر للعشق؟ وهل يبرّر العشق هذه الأنانية؟ لكن، سرعان ما تتلاشى هذه الأسئلة، فيعود المشاهد إلى ما هو أقوى من الأسئلة، وهو ألا أمان سوى عند الأم، ويعرف “يوسف” أنه كان بأحضان عشق أمه، حيث يضطر لهجر وطنه بعد مرور ٢١ سنة في البيت.

يروي الفيلم بأحداثه الحقيقية، قصة شاب بغدادي فرّ من جيش “البعث” في العراق لكونه رفض المشاركة في الحرب العراقية الإيرانية عام ١٩٨٠. اختفى “يوسف” عن الأنظار ، فظنه البعض مفقودا والبعض الآخر ظنه ميّتا، هكذا إلى أن يعرف المشاهد مخبأ “يوسف”، وسر “أم يوسف” بعد ٢١ سنة!
نشاهد في فيلم “أنا يوسف، يا أمي” معاناة الإنسان بعيدا عن التوجهات السياسية، حيث يحاول الفيلم القول إن الحرب “مفروضة” على كل الأطراف ولا منتصر فيها.
نرى الآثار الأليمة لحرب الثمانينات، وللغزو الأميركي للعراق ٢٠٠٣، في إنسان واحد.

https://www.instagram.com/tv/CZZqIJAFcrp/?utm_medium=share_sheet

فيلم “أنا يوسف، يا أمي” رُفع الستار عنه في السينما الإيرانية بالمدن الكبرى منذ ٢٠ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٢. هو أول فيلم سينمائي للمخرج والكاتب والباحث محمد رضا فرطوسي، كما أنه أول فيلم عربي يعرض في السينما الإيرانية. فيلم باللغة العربية وتحديدا اللهجة العراقية أُنجِزَ عام ٢٠١٨، وهو مقتبس عن قصة حقيقية. منذ إصداره، تم عرضه في مهرجانات عديدة منها مهرجان المكسيك حيث حصد جائزة “النخلة الفضية”، ومهرجان دلهي، و مهرجانات سينمائية أقيمت في البرازيل وأميركا وحصل على جوائز عديدة هناك.
يقول المخرج والكاتب محمد رضا فرطوسي في مقابلة مع “جاده إيران” إن “الفيلم يصور جوانب أخرى من الحرب، جوانب تركز على الإنسان بدلا من الزعماء السياسيين والقادة العسكريين”، وأضاف: “كنت أطمح منذ بداياتي لإخراج عمل عربي إيراني، لأنني عربي إيراني”.
وتابع المخرج عن “أنا يوسف، يا أمي” إن الفيلم “نسوي” بامتياز، حيث يروي من خلال “قصة نسائية”، حسب تعبيره، واقعا ذكوريا وتاريخا شرسا، كما يكشف عن المعاناة التي تتركها الحروب. – إن كانت حرب الثمانينات أو حرب ٢٠٠٣ – فالحروب لا لون لها سوى أحمر الدماء وأسود الظلام.

تدور أحداث الفيلم خلال ثلاثة أيام قبل سقوط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وتم استخدام المشاهد الخارجية الوثائقية من تلك الأيام، وكذلك الأصوات الخارجية للناس في الشارع والانفجارات المسموعة في البيت.
نشاهد في الفيلم أنه في ثلاثة أيام سبقت سقوط نظام صدام حسين، طرقت كاميرا محمد رضا فرطوسي باب منزل في بغداد، حيث يقول: “لو كنت طرقت أي باب آخر غير هذا الباب لكنا شاهدنا فيلما مختلفا وقصة نادرة، لا تقل عن التي شاهدناها”. ويضيف بتنهيدة: “نحن بيوت الشرق الأوسط حياتنا مليئة بالقصص الحزينة الجديرة بأن تكون فيلما وثائقيا”.

"أنا يوسف، يا أمّي" 1


فرطوسي تخرج من معهد السينما في طهران، وتتلمذ على يد المخرج السينمائي الإيراني الشهير عباس كيارستمي. حظيت أفلامه باهتمام خاص في المهرجانات السينمائية الدولية وحصل على العديد من الجوائز من المهرجانات الدولية عن أعماله، وهو حائز على جائزة الإيسيسكو، وحصل على جوائز من مهرجانات الأفلام مثل برازيليا، وفيلم المكسيك، وبرشلونة، وتوراسترافا، وإستونيا، وسينه كويست من الولايات المتحدة؛ كما تم اختياره من قبل مهرجانات إيدفا، وميونيخ، وباريس، وفجر، و…

وأدت الدور الرئيس، دور “أم يوسف”، الممثلة العراقية القديرة زهرة الربيعي، وقد تم تصوير مشاهد الفيلم في طهران بسبب بعض القضايا الأمنية في بغداد، وفقا لفرطوسي، هذا عدا المشاهد الوثائقية من تلك البرهة الزمنية. وفي هذا الصدد قال الكاتب والمخرج “عندما عُرض الفيلم على شاشة المسرح الوطني في بغداد بحضور عدد من النقاد والفنانين العراقيين لم يلاحظ أحد منهم أن التصوير لم يتم ببغداد”؛ وأضاف: “حينها لم يتعرف أحد من الحضور على هوية الممثل عباس غزالي الفارسية لأنه أجاد اللغة واللهجة بشكل جيد”. وغزالي هو النجم الإيراني الفارسي الذي أدى دور “يوسف” وقد تدرب مع مستشار لغوي على اللهجة العراقية من العربية لأداء دوره. هذا بجانب ممثلين آخرين منهم حميدة موسوي، وحميد حميدي، وأحمد حيدري.

والفيلم من إنتاج كويتي – إيراني – عراقي مشترك، والمنتج الرئيس رزاق موسوي بور بالإضافة إلى محمد رضا فرطوسي.
وحصد جوائز، بما في ذلك أفضل فيلم في مهرجان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السينمائي في هولندا، وأفضل فيلم في رأي الجمهور في مهرجان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السينمائي في هولندا، وجائزة أفضل فيلم مستقل في مهرجان برازيليا السينمائي وجائزة النخلة الفضية في مهرجان ماكسيمو سيتي السينمائي الدولي؛ كما شارك هذا الفيلم في العديد من المهرجانات الدولية الأخرى حتى الآن.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: