الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يناير 2022 13:59
للمشاركة:

الهجمات على الأميركيين في المنطقة.. رسالة إيرانية دون إراقة دماء؟

حذر دبلوماسي عربي من أن إيران تقترب، من نقطة اللا عودة في برنامجها النووي، فيما أكد قيادي في الحشد الشعبي العراقي، خلال تقرير أعده الصحافي علي هاشم، لموقع "المونيتور" الأميركي، أن طهران تقصد إرسال رسالة قاسية إلى الولايات المتحدة من خلال هجوم على جيشها في المنطقة دون إراقة دماء. إليكم هذا التقرير الذي ترجمته "جاده إيران"

حذر دبلوماسي عربي تحدث إلى “المونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته من أنه في كل يوم تتأرجح المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، فإن طهران تتقدم في برنامجها النووي.

وقال الدبلوماسي: “الإيرانيون يشترون وقتاً ثميناً حتى يصلوا إلى نقطة اللا عودة”.

بدأت إيران والقوى العالمية الجولة الأخيرة من المحادثات في 3 كانون الثاني/ يناير في فيينا، ومع ذلك لا تزال هناك العديد من النقاط العالقة، خاصة بالنسبة لأولئك الموجدين في منطقة الشرق الأوسط والذين يتعيّن عليهم العيش مع إيران.

هناك مخاوف جدية في الشرق الأوسط من أنّ إيران تحاول فرض الوضع الراهن عبر المحادثات النووية التي يمكن من خلالها الحفاظ على مصالحها.

وأوضح الدبلوماسي العربي أنّ السعودية ودولاً عربية أخرى قبلت فكرة تطبيع العلاقات مع إيران، “لكنّ النظام الإيراني هو الذي يستغل حسن نيّتها ليحاول الحفاظ على موقعه في فيينا مع زعزعة استقرار المنطقة” في نفس الوقت.

شهد الأسبوع الأول من عام 2022 هجمات عدة على المصالح الأميركية في العراق، وإن كان ذلك من دون قطرة دم.

وأوضح قائد في وحدات الحشد الشعبي العراقية تحدث إلى “المونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته إنّ هذه الهجمات “ترسل رسالة قاسية إلى الأميركيين مع الحرص على عدم إراقة قطرة دم”. وتابع: “يتعلّق الأمر بوضع المشهد في الذكرى الثانية لاغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وكذلك استعراض القوة التي يريد العراقيون أن تستخدمها إيران على طاولة المفاوضات في فيينا لتقوية موقفها”.

سواءً كان ذلك في العراق أو فيينا، فمن الواضح أنّ الطرفين الرئيسيين – الولايات المتحدة وإيران – على الرغم من أنهما لم يلتقيا بشكل مباشر، إلا أنهما يراقبان بعضهما ويريدان تحقيق المكاسب، أو على الأقل هكذا ترى المنطقة الأمر.

بينما تصر إيران على رفع جميع العقوبات، إلى جانب نظام التحقق، تهدد الولايات المتحدة وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي بإعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتطبيق آلية snapback التي ستشهد إعادة تفعيل جميع عقوبات الأمم المتحدة، وكذلك تطبيق عقوبات الاتحاد الأوروبي.

وأكد مصدر إيراني أنهم ينتبهون لهذا الأمر، رغم أنهم لا يعتبرونه خطرا.

وفقًا لعلي فائز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، لا يزال بإمكان الولايات المتحدة تطبيق الإجراء بشكل أكثر صرامة ويمكنها تعميق مشاكل إيران الاقتصادية وعزلها دبلوماسياً من خلال العمل مع الأوروبيين لاستعادة عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأوضح أنّ هذا ممكن على الرغم من حقيقة أنّ “إدارة ترامب كادت أن تستنفد تأثير العقوبات الأميركية”.

اعتباراً من 8 أيار/ مايو 2018 ، وهو التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس السابق دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت الولايات المتحدة مئات العقوبات على الكيانات والأفراد في إيران وأعادت فرضها.
قال إسفانديار باتمانغليج، الزميل من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والرئيس التنفيذي ل”بورس وبازار”: “أظهر فرض ترامب أحادي الجانب للعقوبات الثانوية أنّ حملة العقوبات لا يجب أن تكون متعددة الأطراف لتحقيق أقصى قدر من الضغط”.
واعتبر باتمانغليج أن الصدمة الاقتصادية التي تعرضت لها إيران في عام 2018 كانت بنفس حجم الصدمة التي أعقبت فرض عقوبات متعددة الأطراف في عام 2012.

السؤال الرئيسي بالنسبة لإيران هو ما إذا كانت الصين ستدعم إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة إذا فشلت المحادثات النووية. وأضاف باتمانغليدج في هذا الصدد: “إذا دعمت الصين هذه الإجراءات، وخفّضت مشترياتها من النفط الإيراني ، فسيكون لذلك تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني. لكن الصين ستتردد في تأييد العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة وستستمر باستيراد النفط الإيراني المخفّض”.

ذكرت شركة استخبارات السوق Kpler في وقت سابق أنّ الصين استوردت ما يقرب من 18 مليون برميل من إيران في تشرين الثاني/ نوفمبر بمتوسط حوالي 600000 برميل يومياً، على الرغم من أنّ البيانات الصينية الرسمية تشير إلى أنّ بكين لم تحصل على النفط من طهران منذ كانون الثاني/ ديسمبر 2020.
كان رد الفعل المفاجئ هو ما قامت به إدارة ترامب بعد ذلك في آب/ أغسطس 2020 عندما أبلغت واشنطن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنها بدأت عملية مدتها 30 يوماً للعودة إلى عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران. لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أوقف المحاولة على أساس أنّ معظم أعضاء المجلس الخمسة عشر اعترضوا على هذه الخطوة لأن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي لعام 2015.

في حين أنّ تأثير مثل هذه الخطوة على الاقتصاد الإيراني أمرٌ مشكوك فيه، فإن رد فعل إيران على مثل هذه الخطوة قد يمهّد الطريق لأزمة أخرى.

يقول محمد ماراندي، الأستاذ في جامعة طهران ومستشار فريق التفاوض الإيراني: “ستتاح للإيرانيين فرصة لطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقليل التعاون إلى الحد الأدنى وإزالة الكاميرات”، محذراً من أنه إذا حدث ذلك فسوف يستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يكتشف الأوروبيون والأميركيون ما يحدث في إيران.

يوضح ماراندي أن هناك العديد من الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لإيران: “يمكن لإيران توسيع برنامجها النووي على مستويات متعددة وفي أجزاء مختلفة من البلاد. يمكن لإيران أيضاً زيادة الضغط على الولايات المتحدة خارج الحدود في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى خفض التكاليف بأي شكل”.

ولكن – من وجهة نظر فايز – فإن توسيع البرنامج لا بد أن يدفع الولايات المتحدة و/ أو إسرائيل للجوء إلى العمل العسكري في الأشهر المقبلة.

تحذر إسرائيل من أنها لن تسمح لإيران بالحصول على قنبلة نووية، وفي عدة مناسبات، كانت هناك تقارير تفيد بأنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تدرسان الخيارات وتقومان بإعداد الخطة “ب” في حال وصول المحادثات إلى طريق مسدود.

لكن فائز يعتقد بأنه لا يزال هناك خيار ثالث.
وتابع: “إذا فشلت الأطراف في إيجاد طريق لاستعادة الاتفاق النووي، فإن الطريقة الوحيدة لمنع مواجهة عسكرية محفوفة بالمخاطر هي من خلال اتفاق مؤقت يمكن أن يضع مزيداً من الوقت على الساعة الدبلوماسية”.

ومع ذلك، فإن الصفقة الجزئية ليست مطروحة على الطاولة، كما يقول ماراندي. “ليس هناك مناقشة لصفقة جزئية؛ تريد إيران التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة ولكن ليس كما في الماضي. بعبارة أخرى، امتنع الأميركيون في الماضي عن تنفيذ الصفقة، لكن هذه المرة يقول الإيرانيون إن هذا ببساطة ليس خياراً”.

وأوضح مسؤولون إيرانيون في مناسبات عدة إنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للوصول إلى أي صفقة. بدلاً من ذلك ، فهم لا يفضلون أي صفقة على صفقة لا تفي بشروطهم.

ومع ذلك ، يعتقد باتمانجليج بأنه في الوقت الذي تسعى فيه إيران إلى التحقق والضمانات بشأن تخفيف العقوبات بسبب الدروس المستفادة من تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عام 2016 وانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة في عام 2018، فإنها أيضاً علمت بأن الكثير من الفوائد المتوقعة من الصفقة لم تتحقق أثناء سريان العقوبات وبأنّ جميع مزايا الصفقة يمكن القضاء عليها إذا انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد.

لذلك، لكي تعزز إيران دفاعاتها الاقتصادية، ستحتاج إلى نهج تقني لتخفيف العقوبات من شأنه أن يساعد في ضمان إجراء المزيد من التجارة والاستثمار بشكل أسرع وأن تكون فوائد هذه المشاركة الاقتصادية أكثر ديمومة.

على الرغم من أن باتمانجليج يرى أن هذا الأمر لن يكون سهلاً، إلا أنه لا يزال يعتقد بأنّ “تجربة تخفيف العقوبات في عام 2016 تُظهر لنا أن العديد من الفوائد الاقتصادية ستتحقق تلقائياً بعد رفع العقوبات ولن تحتاج إلى تدخلات سياسية إضافية من قبل أطراف خطة العمل المشتركة الشاملة”. وختم بالقول: “يمكن لإيران أن تتوقع بيع المزيد من النفط، وإجراء المزيد من التجارة واستعادة الوصول إلى معظم أصولها المالية، وكل ذلك سيعزز الاقتصاد ويُكسب الوقت للعمل الفني لضمان أنّ المعاملات الأكثر صعوبة، مثل المعاملات الأجنبية والاستثمارات في قطاع النفط والسيارات التي فشلت بين 2016-2018 ، يمكن أن تكتمل هذه المرة “

المصدر/ المونيتور

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: