الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 نوفمبر 2021 16:48
للمشاركة:

أفغانستان في مواجهة التغلغل الصيني والتردد الأميركي.. ما هو دور إيران في كابل؟

تناول مركز السياسات السياسية والدولية، في مقال للدبلوماسي الإيراني علي رضا مير يوسفي، المشهد السياسي في أفغانستان بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة، والتحركات الصينية والأميركية في البلاد. حيث دعا في المقال الذي ترجمته "جاده إيران" بلاده لاتخاذ خطوات أكثر حذرًا تجاه الحكومة الجديدة في كابل، ومراقبة التطورات هناك.

من خلال خطتها المكونة من أربع نقاط لأفغانستان، تعد الصين اللاعب الأجنبي الأكثر إصرارًا على محاولة تثبيت الوضع في كابل بمساعدة باكستان وطاجيكستان، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذه البلدان في علاقاتها مع حركة طالبان.

في المقابل، كانت سياسات الجهات الفاعلة الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة، مترددة ومتناقضة.

خطط الصين

وتتعارض خطة الصين، المكونة من أربع نقاط والتي قُدّمت في قمة مجموعة العشرين، مع قرارات الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لمواصلة الضغط على طالبان، والمتمثلة بتجميد الأصول الأفغانية في أوروبا وأميركا، فيما يبدو أن باكستان، التي كانت حليفة للولايات المتحدة في أفغانستان، تنتهج سياستها في أفغانستان بالتنسيق مع الصين.

مصالح الصين في أفغانستان هي في الدرجة الأولى اقتصادية وجيوسياسية، وفي الدرجة الثانية أمنية. ويُعتقَد أن تشكيل حكومة قوية في كابل، أي توسيع وتوطيد قوة طالبان في البلاد، يساعد الصين في تحقيق كلا الهدفين. لذلك يمكن القول إنه على عكس الأميركيين، ستصل الحكومة الصينية في القريب العاجل إلى استكمال انتهاج سياستها في أفغانستان.

وفي هذا السياق، تعتمد الصين بشكل كبير على العلاقات الباكستانية وهيمنة إسلام آباد على طالبان، وتسعى إلى إقامة علاقات إيجابية مع حكومة طالبان من أجل تنفيذ المشاريع الاقتصادية وتنفيذ خطة الحزام وطريق الحرير وغيرها من المشاريع الاقتصادية مع السيطرة على الجماعات المتطرفة في أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، تحاول الصين، بالتعاون مع طاجيكستان، منع نقل المقاتلين المتطرفين من أفغانستان إلى آسيا الوسطى ومن هناك إلى الصين، وتقدم في سبيل ذلك 8.5 مليون دولار كمساعدة لإنشاء قاعدتين عسكريتين على حدود طاجيكستان وأفغانستان، على الرغم من أن الصين تشترك في حدود يصل طولها إلى 46 ميلاً مع أفغانستان، إلا أن صعوبة اختراقها يجعل من غير المرجح أن تشعر بتهديد أمني فوري منها. لذا، فالقلق الرئيسي للصين هو حدودها في آسيا الوسطى.

أخطاء واشنطن

في المقابل، أخطأ الأميركيون في الحسابات. وحتى يومنا هذا كانت معظم سياساتهم مبنية على ردود الفعل. فبعد الانسحاب الفاضح للولايات المتحدة واحتلال طالبان الفوري لكابل، اعتبر بعض المحليين هذا الانسحاب المتسرع متعمدًا ويهدف لخلق مشكلة أمنية حادة لجيران أفغانستان، وخاصة إيران.

ومع ذلك، بالنظر إلى البيانات الرسمية والنصوص الأكثر جدية من مراكز الأبحاث الأميركية، يمكن الاستنتاج أنه على الرغم من أن الأميركيين توقعوا في نهاية المطاف صعود حركة طالبان، إلا أنهم تصوروا وفق إحدى خططهم عملية مدتها ستة أشهر إلى عام واحد للاستيلاء على كابل بعد مغادرة أفغانستان، حيث إنهم اعتبروا أنه خلال هذه الفترة، ومن خلال التشاور مع طالبان والحفاظ على بعض أدوات قوتهم، سوف يتحكمون في عواقب هذا الانتقال قدر الإمكان.

على سبيل المثال، أجريت مشاورات مع تركيا للسيطرة على مطار كابل في إطار هذا التقييم. ومع ذلك، فإن الانهيار الفوري للجيش الأفغاني وسيطرة طالبان على كابل لم يُشاهَد في التقييمات الأميركية بهذه الطريقة. لذلك لا تزال هناك الكثير من الشكوك حول السياسة الأميركية النهائية في أفغانستان في الدوائر المحلية ومراكز الأبحاث.

وإحدى الخطط الأميركية كانت استمرار الضغط الاقتصادي بشكل أساسي على طالبان ومنع استقرار الوضع في أفغانستان عبر تجميد أموال البلاد، واستمرار الحصار والعقوبات وعدم الاعتراف بطالبان حتى ضياع أفغانستان تمامًا.

وتهدف هذه الخطة على الأقل إلى مواجهة الكتلة المعارضة للولايات المتحدة في المنطقة: وهي الصين وروسيا وإيران وطاجيكستان وباكستان وطالبان وإيجاد أزمات دائمة وعدم استقرار في المنطقة. وفي هذا الصدد، لا يزال هناك اتجاه قوي للغاية في الولايات المتحدة، وخاصة بين الجمهوريين من اليمين المتطرف في الكونغرس، لإجبار حكومة الولايات المتحدة على الامتناع عن أي تعاون أو اعتراف ضمني أو صريح بحكومة طالبان.

من ناحية أخرى، دفعت بعض التطورات الأخيرة الحكومة الأميركية إلى إعادة النظر في هذا السيناريو أو الاستراتيجية، وهناك دلائل على الاهتمام بالتعامل مع طالبان والحفاظ على الحد الأدنى من النفوذ الأميركي في البلاد، حيث أدى الخلاف بين فصائل طالبان الرئيسية، خاصة بين عبد الغني برادر وسراج الدين حقاني، وربما احتمال انهيار هيمنة المخابرات العسكرية الباكستانية على الجماعة، إلى وضع مراجعة للسياسة على الأجندة الأميركية، على الرغم من أنه لا يبدو أن مراجعة السياسة هذه قد اكتملت.

إلا أن بعض التغييرات، بما في ذلك تعيين قطر كراعية لمصالح الولايات المتحدة في أفغانستان وبعض الأخبار عن تعبئة أميركية متجددة للتعامل مع طالبان عبر قطر وتركيا، قد تكون علامات على استعداد الولايات المتحدة لإجراء بعض التغييرات في هذا الصدد.

المهم بالنسبة لإيران هو أنها من خلال المراقبة الدقيقة لهذه التطورات الهشة وغير المستقرة وتجنب التسرع في اتخاذ المواقف، فإن عليها أن تولي اهتمامًا كافيًا بالآثار العميقة لتنفيذ كل من استراتيجيات القوة العظمى هذه واختيار أفضل استراتيجية لحماية مصالح إيران والشعب الأفغاني وشعوب المنطقة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: