أحدث الإحصائيات الرسمية.. ٢٦ مليون إيراني تحت خط الفقر
أكد الكاتب الإيراني بهنام قلي بور، أن خط الفقر في إيران تزايد في البلاد خلال العام الإيراني الماضي (أذار/ مارس 2020 إلى أذار/ مارس 2021)، عارضًا في مقاله بموقع "ايران واير" أخر الإحصائيات التي نشرها مكتب "دراسات الرفاه الاجتماعي" بهذا الشأن.
ووفق المقال الذي ترجمته “جاده إيران”، فقد كشفت أحدث التقارير الرسمية لمؤشرات الفقر في إيران عن تزايد خط الفقر خلال العام 1399هـ.ش (بدأ في مارس 2020م) بنسبة تتجاوز الـ 38% بالمقارنة بالعام السابق له 1398هـ.ش (بدأ في مارس 2019)، ما أسفر عن انتشار الانتحار في المدن الإيرانية المختلفة وفقًا لتحقيقات الشرطة.
مكتب “دراسات الرفاه الاجتماعي” التابع لوزارة التعاون والعمل نشر التقرير السنوي لمسح الفقر لعام 1399هـ.ش، الذي يوضح تدهور معيشة الشعب الإيراني، ويذكر أن ما يقرب من ثلث تعداد السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وبعد إعلانه عن نمو 38% خلال العام الماضي للفقر في إيران، كتب أن خط الفقر خلال ذلك العام وصل بمتوسط شهري مليون و٢٥٤ ألف تومان (1$= 27000 تومان، بسعر السوق) في ربوع إيران، على النحو الذي بلغ فيه خط الفقر بالنسبة للأسر المكونة من ثلاثة مليونين و٧٥٨ ألف تومان، والمكونة من أربعة أفراد ثلاثة ملايين و٣٨٥ ألف تومان.
التقرير أكد أن معدلات التضخم (النقطي) كانت بالترتيب ٤٧.٥% و٢٢% و٤٩٪ في السنوات من ٢٠١٨م حتى ٢٠٢٠م، مما تسبب في زيادة تكلفة المعيشة، والمحصلة زيادة خطر الفقر أيضًا. ويذكر التقرير أن معدل التضخم في عام ٢٠١٩م كان يتجه نحو الانخفاض، لكن في عام ٢٠٢٠م مع الانخفاض الشديد للعوائد النفطية (من حيث سعر النفط والعقوبات) زاد نمو القاعدة النقدية والسيولة إذ أدَّت مؤشرات عجز ميزانية الحكومة، وجائحة كورونا، والصدمة الناتجة عن الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي دورًا سلبيًا للغاية تجاه الاقتصاد الإيراني.
وإلى جانب التضخم المرتفع وزيادة تكاليف المعيشة، تسبب النمو الاقتصادي السلبي في عدم تهيئة دخل جديد يتناسب مع زيادة التكاليف لكل الأسر الإيرانية؛ بالشكل الذي يجعل دخل الفرد الإيراني عام ٢٠١٩م يقل بنسبة تقترب من ٣٣٪ بالمقارنة مع عام 1390 هـ.ش (بدأ في مارس ٢٠١١م).
وفي العام 2020م أيضًا ومع صدمة تفشي فيروس كورونا أسفر ذلك عن ازدياد سوء الأوضاع المعيشية للعوائل الإيرانية بجانب الرفاه المفقودة، إذ أعلن عن أن الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي من شهر مارس ٢٠٢٠م حتى نهاية عام ٢٠٢٠م تساوي – ١.٢٪، وكان أهم عامل لها هو حصة الـ ٥٠٪ لقطاع الخدمات في مجال التوظيف.
توضح البيانات المتعلقة بالتوظيف فقدان ما يقرب من مليون ونصف المليون وظيفة إذ كان لهذا المؤشر تأثير بارز على المعدل السلبي لنمو الإنتاج المحلي الإجمالي.
تتسبب قلة التوظيف في قلة الرعاية والرفاهية وازدياد سوء الظروف المعيشية الأسرية. ورغم عدم وجود معلومات دقيقة متاحة عن الحالة الاستهلاكية للعوائل عام ٢٠٢٠م حتى الآن، إلا أن معلومات منظومة “شابرك” (عبارة عن شركة نشطة تحتوي على شبكة إلكترونية خاصة بالكروت البنكية تراقب المعاملات المالية الإلكترونية وغيرها) أن حصة نفقات الغذاء تزايدت ضمن إجمالي نفقات العوائل خلال هذا العام (باعتبار أنه مؤشر الرفاه كلما قل كلما كان هناك رعاية ورفاهية أكبر).
خلال العام نفسه وصلت حصة الطعام من التكلفة بمجملها في عام ٢٠٢٠م إلى ٢٣.٤٪، والتي زادت بالمقارنة مع عام ٢٠١٧م حيث كانت ٢٢.١٪.
تثبت كذلك دراسة أوضاع الاقتصاد الكلية للبلاد وكذلك سائر البيانات المتوفرة ليس فقط ازدياد الأوضاع المعيشية للعوائل الإيرانية بصورة متوسطة سوءًا، وإنما بصورة محتملة أكبر فقدان المجموعات ذات الدخل المنخفض رفاه أكثر بالمقارنة بالمجموعات ذات الدخل المرتفع.
يوضح هذا الجدول استحواذ نفقات الغذاء على 33% من إجمالي نفقات العوائل الفقيرة، وعلى 28% من إجمالي نفقات العوائل القادرة، بما يعني انفاق الإيرانيين أموالًا أكثر كل عام كي يتمكنوا من البقاء أحياء.
يوضح الرسم البياني نسبة التكاليف المخصصة للطعام من قبل الفقراء وغير الفقراء على مدار السنوات بداية من ٢٠١١م وحتى ٢٠١٩م، والملفت للنظر أن الفقراء ينفقون من المال أكثر من غير الفقراء.
تم تسليط الضوء في جزء آخر من هذا التقرير على دور صدمة العقوبات وكذلك جائحة كورونا، وورد فيه أن هذين الأمرين أثرا على ازدياد سوء معيشة الأسر الإيرانية بشكل كبير.
تسببت صدمة العقوبات في الانخفاض الشديد لعوائد الحكومة، وزيادة العجز في الموازنة، والتضخم المتزايد وارتفاع شديد في نفقات العوائل. كما أسفرت العقوبات عن انخفاض الصادرات النفطية وغير النفطية وانكمش الاقتصاد وتبعه نمو اقتصادي سلبي، والذي أدي بطبيعة الحال إلى انخفاض دخل الفرد الإيراني.
ويضيف التقرير أن العقوبات كانت أهم العوامل المؤثرة على الوضع المعيشي للعوائل خلال العقد الأخير، إذ تسببت إلى جانب السياسات الاقتصادية الخاطئة المتبعة في الداخل في انخفاض النمو الاقتصادي خلال هذا العقد.
وخلال مثل هذه الظروف وفي آخر عام من العقد نفسه دخلت صدمة كورونا إلى الاقتصاد الإيراني وتسببت هذه الصدمة في انخفاض السعر العالمي للنفط، وكذلك وانخفاض الصادرات غير النفطية، ولهذين السببين انخفضت عوائد إيران من العملة الأجنبية أكثر من ذي قبل.
من ناحية أخرى، تسببت الصدمة الناتجة عن جائحة كورونا في خسارة عدد كبير من الوظائف وخاصة في نطاق الخدمات، ومن هذا المنطلق أدت إلى قلة الإنتاج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي السلبي، وخسارة العديد من الوظائف؛ وأغلب الوظائف هي في الأقسام غير الرسمية وتعمل فيها الفئات منخفضة الدخل.
وأضاف التقرير أن فيروس كورونا تسبب بشكل مباشر في سوء الأوضاع المعيشية للأسر أكثر وخاصة الفئات منخفضة الدخل حيث تستمر العواقب السلبية والآثار الجانبية له على الدوام.
أدى هذا الوضع إلى تفاقم الكثير من الأضرار الاجتماعية في المجتمع الإيراني مثل تنامي أنواع من الجرائم الصغيرة إلى جانب حالات الانتحار وانهيار الأسر التي تعتبر أهم هذه الأضرار.
ووفقًا لإعلان هيئة الطب الشرعي، إحصائية ضحايا الانتحار في إيران منذ مارس إلى أكتوبر العام الماضي زادت أكثر من ٤٪ بالمقارنة مع المدة المشابهة في العام السابق له، وبهذا الشكل يفقد ١٥ شخصًا على الأقل حياتهم يوميًا نتيجة للانتحار.
ورد في هذه الاحصائية أنه منذ مارس إلى أكتوبر عام ٢٠٢٠م فقد ثلاثة آلاف و٥٨٩ شخصًا حياتهم نتيجة الانتحار.
أعلى متوسط معدل انتحار في إيران خلال السنوات منذ ٢٠٠٥م وحتى ٢٠٢١م يعود إلى محافظة إيلام بمعدل ٦.٤٩٪، وأكثر المعدلات انخفاضًا يعود إلى محافظة أذربيجان الشرقية بنسبة ٠.٠١٪.
يوضح الرسم البياني التالي معدلات الانتحار في المدن الإيرانية، جميع المحافظات
مجلة “دانش نظامى” الفصلية لشرطة همدان قامت بنشر بحث حول هذه الأضرار الاجتماعية بعنوان “دراسة تأثير الاقتصاد على معدل الانتحار في إيران”، ودرس العلاقة بين أهم المؤشرات الاقتصادية وظاهرة الانتحار في المدن المختلفة باعتبارها موضع بحث.
سلط هذا البحث الضوء على أثر العوامل الاقتصادية المتعددة على معدل الانتحار في إيران، ومن ضمن هذه العوامل: النمو الاقتصادي، معدل البطالة، معدل التضخم، عدم المساواة في الدخل، والتصنيع، وفجوة الإنتاج والانتقال إلى المدن.
وقد أوضحت نتائج هذا البحث أن البيانات الإحصائية بين عام ٢٠٠٥م وحتى عامنا الحالي، فقد كان الإنتاج الحقيقي للدولة أقل من المتوقع، فزادت فجوة الإنتاج من الناحية السلبية وتسببت في تفاقم الركود في الدولة، وأدى هذا الأمر إلى زيادة معدل الانتحار في المجتمع.
وقد أوردت الشرطة في تقرير لها أنه “بزيادة ١٪ في عدم المساواة في الدخل خلال الفترة السابقة، زاد معدل الانتحار في المجتمع بسبب خلق الضغوط الناتجة عن قلة الدخل بما يقرب من ٠.٠٣٪”.
كما ورد في التقرير أن حصة الزيادة في معدل البطالة مع زيادة معدل الانتحار خلال نفس الفترة الزمنية كانت ٠.١٢٪. استخلصت الشرطة في نهاية تقريرها أن خلال هذه الحقبة الزمنية ومع احتداد فجوة الإنتاج كان للانتحار تزايد ذي معنى في المجتمع الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت معدلات الانتحار مع زيادة معدل التضخم ومعدلات البطالة والانتقال إلى المدن والتصنيع وعدم المساواة في الدخل.