الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 أكتوبر 2021 12:05
للمشاركة:

طهران تستضيف اجتماع الجوار الأفغاني، وتعرض رؤيتها للحل

انطلق الأربعاء 27 تشرين الأول/ أكتوبر الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول الجوار الأفغاني في طهران.

وحضر الاجتماع الذي يستمر يوما واحدا كل من وزير الخارجية الأوزبكي عبد العزيز كاملوف ووزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي ووزير الخارجية التركماني رشيد مردوف ووزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهرالدين كما انضم كل من وزير الخارجية الصيني وانغ يي ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عبر الانترنت.

وفي كلمة ترحيبية بالضيوف عبر الوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن أمل طهران أن “نتمكن بصوت واحد من إرسال رسالة مشتركة إلى المجتمع الدولي ودول المنطقة وإلى أفغانستان”. مؤكدًا أن بلاده تؤيد تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، كما أن مسؤولية أمن المواطنين الأفغان وحدود هذا البلد مع جيرانه من وجهة نظر إيران تقع في المقام الأول على عاتق الهيئة الحاكمة في كابل.

ودعا وزير الخارجية الإيراني الجميع لمساعدة أفغانستان للخروج من الأزمة الحالية، مشيرًا إلى أن “احترام السيادة والحفاظ على السلامة الإقليمية وعدم التدخل في شؤون الآخرين من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

إلى ذلك، تحدث النائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر في الاجتماع، بالنيابة عن الرئيس ابراهيم رئيسي، الذي لم يتمكن وفق توضيحات عبداللهيان من حضور الاجتماع بسبب أمر طارئ استجد عليه.

مخبر رحب بمشاركة وزراء خارجية الجوار الأفغاني في اجتماع طهران. موضحًا أنه هذا الاجتماع يعقد للمرة الثانية في طهران بعد اجتماع أول في باكستان، وسيلحقه اجتماع ثالث في الصين.

وأكد نائب الرئيس الإيراني أن “احتلال أفغانستان لمدة عشرين عاما أدى إلى الدمار وعدم الاستقرار وزيادة إنتاج المخدرات وهو ما يؤكد أن الاحتلال الأميركي لأفغانستان أثبت أن الأجنبي لن يحقق الأمن والاستقرار للبلد الاخر”، معتبرا أن هزيمة الولايات المتحدة المخزية في أفغانستان ستبقى في أذهان كافة الشعوب الحرة في أنحاء العالم.

وشدّد مخبر على أن المنظمات الدولية ينبغي عليها أن تواصل ارسال المساعدات الإنسانية لأفغانستان وللدول المضيفة للاجئين ومنها إيران، منوهًا إلى أن بلاده أبقت كافة منافذها الحدودية مع أفغانستان مفتوحة لمساعدة الشعب الأفغاني.

كلمة عبداللهيان، ومخبر، تبعها كلمات لوزراء خارجية الدول الـ6 المجاورة لأفغانستان، تضمنت التأكيد على أهمية تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، والتعبير عن الدعم الكامل لتحقيق الأمن والسلام هناك. كذلك، شارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة له عبر الفيديو.

وبعد انتهاء الكلمات، عاد وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان، للحديث، مذكرًا بأن الولايات المتحدة غزت قبل عشرين عامًا أفغانستان بذريعة محاربة الإرهاب، وأبقت على تواجدها العسكري طوال تلك المدة، لتعيد عدم الاستقرار والحرب وانعدام الأمن في ذلك البلد ثم هربت بشكل محرج وغير مسؤول من المشهد، وخلقت الوضع الذي نواجهه جميعًا اليوم.

وأضاف عبداللهيان أن جيران أفغانستان يدركون جيدًا أهمية عدم وجود توافق في الآراء داخل أفغانستان والمحيط والنظام الدولي كأحد الجذور الرئيسية للأزمة المستمرة في ذلك البلد، مشددا على أن هؤلاء الجيران يمكنهم أن يلعبوا دورًا بناء في بناء الانسجام بين الجماعات السياسية والعرقية داخل أفغانستان وعلى مستوى النظام الدولي والمساعدة في إدارة الأزمة في هذا البلد إذا تم الحفاظ على توافق الآراء وتعزيزه، وتابع الوزير الإيراني أن إدراك هذه القضية هو أحد جداول أعمال اجتماع طهران. محذرًا من أن إضعاف هذا التوافق أو كسره لن يؤدي إلا إلى استمرار الاضطرابات واستمرار هذه الأزمة الطويلة الأمد التي ابتليت بها شعوب أفغانستان ودول المنطقة لأكثر من أربعة عقود.

عبداللهيان أوضح أن دراسة تاريخ أفغانستان والحياة السياسية لشعب هذا البلد تفيد بأنها أرض التفاعل والتعاون بين المجموعات العرقية المختلفة، وأن السلام والاستقرار والهدوء فيها كان مهدداً، لافتًا إلى أن التجربة التاريخية تؤكد أنه لا توجد آلية في أفغانستان يمكن أن تكون مستدامة دون مراعاة الاعتبارات الاجتماعية والعرقية والتفاصيل الدقيقة وتجاهل هذه التجربة سيعيد أفغانستان إلى جولة جديدة من الحرب الأهلية ليس في مصلحة أي من جيرانها.

وأردف بالقول إن التخلف الاقتصادي والاجتماعي والفقر والأمية تجعل الناس عرضة للانضمام إلى الجماعات الإجرامية والإرهابية وأن ضعف السلطة القادرة على توفير الأمن في البلد، هو أحد أهم الأسباب التي دفعت الجماعات الإرهابية المختلفة إلى التواجد وتطوير نواتها العملياتية في أفغانستان. معتبرًا أن الهجمات الإرهابية الوحشية التي شنتها الجماعة على المجتمعات الدينية، بما في ذلك الهجمات على مساجد المسلمين،في قندز وقندهار، هي أمثلة على الأعمال التي تضايق الشعب الأفغاني والرأي العام العالمي باسم الإسلام وبأشكال مختلفة، وذكر أنه في الأسابيع الأخيرة، أصبح واضحًا للجميع أن الجماعات الارهابية اكتسبت جغرافيًا وقدرات عملياتية في أفغانستان، ولم تتمكن طالبان من منع الجماعة من العمل في مدن مختلفة.

عبداللهيان قدم نيابة عن بلاده مقترحات عدة للخروج من الوضع الراهن في أفغانستان وهي:

أولاً: تغيير الوضع وتوازن القوى في أفغانستان، لكن هذا التغيير سيستقر وسيستمر عندما تفهم الاحتياجات الاجتماعية لأفغانستان ويتم التصرف وفقًا لها. وبناءً على ذلك، تؤكد إيران على الحاجة إلى حكومة شاملة مع وجود ومشاركة فعالة ومستمرة لجميع الجماعات العرقية والدينية في أفغانستان من خلال الحوار بين الأفغان ودون تدخل جهات أجنبية، من المتوقع أن تستخدم الدول المجاورة كل نفوذها على قادة طالبان والأطراف الأفغانية الأخرى لتشجيع وتسهيل التضامن والمشاركة الجماعية في تشكيل الحكومة.

ثانيًا: طالبان، بصفتها التيار الحاكم في أفغانستان، لها دور لا يمكن إنكاره في ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب، واحترام حقوق الفئات المختلفة، بما في ذلك النساء، وتوفير الضروريات المعيشية للمواطنين الأفغان، وإنهاء الإساءة للأقليات العرقية والدينية والقضاء على التهجير ومراعاة المبادئ الأساسية والمقبولة للقانون الدولي التي يجب أن يعتني بها.

ثالثًا: من الضروري أن تتخذ طالبان مقاربة ودية مع جيرانها وأن تتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم وجود تهديد لأفغانستان من جيرانها.

رابعًا: شعب أفغانستان في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء واللقاحات لمكافحة كوفيد، وبالنظر إلى أن توزيع المساعدات يجب أن يتم بطريقة يمكن للناس الاستفادة منها بطريقة عادلة، هناك حاجة إلى آلية متماسكة. نظرا لضيق الوقت وإلحاح العمل، تقترح إيران تفعيل “برنامج منظمة التعاون الاقتصادي لدعم أفغانستان”.

خامسا: لمكافحة الجريمة المنظمة والأعمال الإرهابية الأفغانية المنشأ، نقترح أن تكون آلية التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول المنطقة أكثر جدية وعلى فترات أقصر لتبادل المعلومات والتنسيق مع دول المنطقة بما في ذلك جيران أفغانستان.

سادسا: نظرا لانتشار مظلة الأمم المتحدة، فإن اقتراح إيران هو أن تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بذل جهود متضافرة، وإذا لزم الأمر، التوسط بين الأطراف الأفغانية للتوصل إلى اتفاق بشأن الهيكل السياسي المستقبلي في ذلك البلد.

في وقت لاحق، ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أن هدف اجتماع طهران هو تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان تعكس التنوع العرقي في البلاد وتحرر هذه المنطقة الجغرافية من العنف، مؤكدًا أن المشاورات بين وزراء الخارجية مازالت مستمرة من أجل الوصول لبيان مشترك، كما أوضح أن طهران تسعى من خلال هذا اللقاء لأن تكون نقطة التقاء لكافة الأطراف في المنطقة

يذكر أن الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول الجوار الأفغاني استضافته باكستان في 8 أيلول/ سبتمبر 2021، وقد شارك فيه وزراء خارجية إيران والصين وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: