الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 أكتوبر 2021 07:21
للمشاركة:

“لا حدود لتوسيع العلاقات مع الجيران”.. عبداللهيان يشرح سياسة إيران تجاه أفغانستان

شرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في مقال له في صحيفة "طهران تايمز" الإيرانية الصادرة باللغة الإنجليزية، تطلعات إيران تجاه دول المنطقة في ظل حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي. ومنطلقًا من تاريخ الدخول الأميركي إلى كابل، اعتبر عبداللهيان أن مؤتمر "جيران أفغانستان" الذي سيُعقد في طهران الأربعاء 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، سيكون له "أهمية كبيرة" للشعب الأفغاني.

ترك خروج القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها، المحرج والكارثي، من أفغانستان خلفه دولة غير منظمة وأمة مضطربة، مما تسبب في مستقبل غامض لبلد عانى من غزو عسكري تحت شعار مبتذل للتطور الديمقراطي.

عام 2002، عندما كان دعاة الحرب الأميركيون يغزون منطقتنا بتهور لتحقيق ما يسمى بالعولمة تحت ستار “الحرب على الإرهاب”، كانت هناك أصوات تشيد بالجنون وتتصور مستقبلًا أكثر إشراقًا للبلدان التي تعرضت للغزو.

شهدت منطقة غرب آسيا تطورات في ذلك الوقت، ولكن اتسمت هذه التطورات بعدم الاستقرار والحرب. إن الحالة التي استمرت حتى يومنا هذا أدت إلى زيادة تأجيج الإرهاب والتطرف، وخلق بيئة غير آمنة وعرضة للتوترات والصراعات.

تعلمنا هذه الفترة المأساوية درسًا لنا جميعًا في غرب آسيا، ليس أقله لأولئك الذين يواصلون تعليق آمالهم على القوى الأجنبية. والدرس المستفاد هو حقيقة أن الاستعانة بمصادر خارجية للأمن والاعتماد على القوى المستبدة هو حلم كاذب وسراب غير مستقر.

يذكرنا هذا التاريخ المأساوي لماضي أفغانستان بالمبدأ الأصيل الذي يقضي بأنه يجب على دول المنطقة توحيد قواها والرد بشكل جماعي على أسئلة وتوقعات شعوبها والسعي لخلق بيئة أكثر ازدهارًا وأمانًا واستقرارًا. يجب أن يتجسد هذا المسعى القيم ليس على أساس نموذج مفروض أو مبتذل، ولكن على إطار أصلي وشامل للتعاون الإقليمي.

أجندة جديدة

يد الصداقة والأخوة الإيرانية تمتد دائمًا إلى كل دول المنطقة، ولا سيما الجيران. من هذا المنطلق، بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تعهده العظيم بوضع سياسة خارجية متوازنة وديناميكية وذكية على جدول أعماله.

في هذه الأجندة الجديدة، تُعطى الأولوية للعلاقات بين الجيران والدول الآسيوية، وتحسين العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة من خلال الاعتماد على الروابط التاريخية والثقافية والدينية والجغرافية، وسيكون بمثابة أساس للتنقل والتواصل الجديد. يوضح هذا الإطار الإيمان العميق بأن القواسم المشتركة بيننا في هذه المنطقة أكبر وأقوى بكثير من خلافاتنا قصيرة العمر.

اليوم، تعلمت بلدان المنطقة من خلال التجربة أن أهداف الأمن المستدام والرفاهية والتنمية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التآزر الإقليمي والتعاون بين الجيران.

ويهدف التعاون الإقليمي إلى إحياء الفرص والحد من التهديدات التي يسببها التقارب الجغرافي من خلال الاعتماد على المقومات الأخلاقية لحسن الجوار. إن الجولة الجديدة من جهودنا المشتركة بشأن أفغانستان هي بمثابة اختبار مهم لجيران أفغانستان من خلال أخذ إمكاناتهم الواسعة والمتنوعة في هذا الصدد.

مؤتمر في طهران

يعد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية جيران أفغانستان في طهران خطوة جديدة في الدبلوماسية التي اتخذتها الحكومة الإيرانية الجديدة لتحسين التقارب والروابط الإقليمية دون تدخل القوى الأجنبية وقائمة على الجوار وإرساء الأساس للمشاركين اتخاذ قرارات حقيقية وعملية من أجل مساعدة شعب أفغانستان في حل الأزمة الحالية في بلدهم، بما في ذلك من خلال مواجهة انعدام الأمن والتهديدات متعددة الأبعاد والحد من الفقر.

واليوم، بعد أربعة عقود من انعدام الأمن في البلاد، يعتبر جيران أفغانستان تحسين أمن الشعب ومعيشتهم حجر الزاوية للاستقرار والتنمية وتشكيل “حكومة شاملة”.

إيران وأفغانستان جارتان صديقتان وأخويتان تربطهما علاقات تاريخية وروابط وفيرة، تتراوح من منطقة تاريخية حضارية شاملة مشتركة إلى الترابط الديني والثقافي واللغة الفارسية التي ربطت البلدين معًا.

في جميع المراحل الحساسة والحاسمة من تاريخ أفغانستان، بما في ذلك زمن النضال والمقاومة ضد الاحتلال، وقفت جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب دولة أفغانستان المسلمة والمجاورة لها. تولي الحكومة الجديدة لجمهورية إيران الإسلامية أهمية كبيرة لهذا التاريخ الطويل الأمد في سياستها الخارجية.

ومن دواعي السرور أنه يوجد اليوم إجماع أكبر من أي وقت مضى على أهمية سياسة الجوار في إيران. لا حدود لتوسيع وتعميق العلاقات مع الجيران، وعلى الأخص مع أفغانستان التي لها مكانة خاصة في السياسة الخارجية الإيرانية.

حكومة شاملة في أفغانستان

ولحسن الحظ، فإن جميع جيران أفغانستان لديهم توافق في الآراء على أنه يجب تطهير البلد من انعدام الأمن وعدم الاستقرار، وأنه ينبغي أن يصبح مركزا للأنشطة البناءة والإنتاجية، وألا تستخدم الأراضي الأفغانية لشن تهديدات ضد البلدان المجاورة.

كدولة محورية في المعركة ضد داعش والإرهاب، وكدولة عانت من فقدان قائدها العظيم الشهيد قاسم سليماني، وشهداء آخرين في هذا المسار، تؤكد جمهورية إيران الإسلامية مع جيرانها الآخرين على مكافحة الإرهاب.

وفي هذا الصدد، فإن تشكيل حكومة شاملة تعمل باعتبارها السبب الوحيد للوحدة والتلاحم بين الشعب الأفغاني سيمهد الطريق لمستقبل مشرق لأفغانستان، وهو موضوع مهم للمناقشة في اجتماع طهران.

تريد دول الجوار أفغانستان مستقرة وآمنة ومزدهرة اقتصاديًا، مؤكدة على حقيقة أن قضية النازحين وسبل عيش الشعب الأفغاني تتطلب اهتمامًا مكثفًا على المدى القصير.

الآن، مع إنهاء احتلال أفغانستان بمساعدة المنظمات الدولية ودول المنطقة، ينبغي اتخاذ الترتيبات اللازمة لمساعدة الأشخاص المستضعفين في أفغانستان في محنتهم الحالية.

في اجتماع طهران، سنسعى بكل إخلاص لاستكشاف السبل لحل هذه المشكلة المزمنة، وإثبات أن مشاركة الجيران وتعاونهم ومساعدة جميع الأعضاء هي إمكانات هائلة وبناءة يمكن أن تضع نهاية أبدية للهيمنة والاعتماد الأجنبي على قوى خارج المنطقة.

المصدر/ صحيفة “طهران تايمز”

ترجمة/ هادي فولادكار

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: