الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 أكتوبر 2021 19:47
للمشاركة:

تقاطع طرق بين مصر وإيران: هل تعود العلاقات قريبا؟

بعد قطع للعلاقات الدبلوماسية لأكثر من 40 عاماً بين مصر و"الجمهورية الإسلامية"، تعود للواجهة احتمالات تحسن في العلاقات المصرية الإيرانية في ظل متغيرات إقليمية ودولية تحط بظلالها على المنطقة العربية ككل لعل أبرزها ما يتمثل في إمكانية نجاح المحادثات السعودية الإيرانية التي ستنعكس نتائجها وفق تقديرات طهران بشكل إيجابي على عدة دول عربية بما فيها مصر.

في وقت سابق، أعلن المدير العام للشرق الأوسط وشمال افريقيا بوزارة الخارجية الإيرانية مير مسعود حسينيان، عن إمكانية تحسن العلاقات مع مصر قائلاً:” إننا نعمل على تحسين العلاقات مع مصر، وإن حل المشاكل بين طهران والرياض قد يكون له تأثير على هذه القضية”.
وأوضح حسينيان أن الجهود لإعادة العلاقات بين البلدين ما زالت بطيئة في ظل وجود العديد من الملفات العالقة بين البلدين لعل أبرزها قضية مصادرة ناقلة نفط إيرانية لمدة عامين، وإصدار أحكام إعدام بحق العديد من المواطنين الإيرانيين المعتقلين هناك بتهمة بتهريب المخدرات.

في هذا السياق، رأى الصحفي الإيراني المختص بالشؤون الإقليمية، سياوش فلاحبور أن إيران دائماً ما تسعى إلى الحصول على علاقات ثنائية ومباشرة مع مصر، بعيداً عن علاقاتها مع الدولة الخليجية لكن هناك أطراف تربط علاقات طهران بالدول العربية بالعلاقات مع دول الخليج وبالتالي أصبح طريق إيران إلى الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص يمر عبر الخليج. وعليه، فإن طهران بحسب الصحفي المصري المختص بالملف الإيراني أسامة الهتيمي “تدرك أن توثيق العلاقات الإيرانية المصرية يستلزم أولا إحداث كسر لحالة الجمود في العلاقات الإيرانية الخليجية لا سيما مع المملكة العربية السعودية التي قطعت العلاقات معها منذ كانون الثاني/ يناير 2016 على إثر حادث الاعتداء على سفارة المملكة في طهران كرد فعل شعبي على إعدام رجل الدين الشيعي في السعودية نمر باقر النمر”

وتابع الهتيمي في حديثه لـ “ جادة إيران”، أن “الجمهورية الإسلامية تدرك أهمية مصر في محيطها العربي والإقليمي والدولي خاصة وأن القاهرة ما فتأت تردد مراراً على ألسنة مسؤوليها أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لها وأولوية مصرية ومحل اهتمام بنسبة كبيرة وأن التقارب مع إيران لن يكون إبداً على حساب الخليج”.

وكان المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة قد أكد في مؤتمره الصحفي الأسبوعي الأثنين 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أن بلاده أجرت 4 جولات من المحادثات مع الرياض منها انعقد في العاصمة العراقية بغداد، مشيرًا إلى أن هذه الحوارات تجري في أجواء جادة واحترام وصداقة آملاً بالتوصل إلى نتيجة إيجابية بين الطرفين.

الهتيمي، لفت إلى أن “مصر تراقب هذه المحادثات بشكل جيد فضلاً عن العديد من القوى الإقليمية والدولية لتتابع امكانية التجاوب بين الطرفين لتحريك العديد من الملفات العالقة التي أدخلت المنطقة في حالة من التوتر وعدم الاستقرار على مدار عقدين من الزمن وبغض النظر عن التباين في الموقفين المصري والإيراني حيال بعض الملفات فإن الخطوة الأولى التي يمكن البناء عليها لتطوير العلاقات المصرية الإيرانية هو وجود تقارب إيراني”

الجدير ذكره، أن الانفتاح الإيراني على المنطقة والدول العربية جاء في صلب أجندة السياسة الخارجية التي أعلن عنها الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية، وقد ظهر التطبيق العملي لذلك في الزيارات التي أجراها وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان، خلال الشهور القليلة الماضية، حيث استهل جولاته الخارجية بحضور مؤتمر بغداد للأمن المشترك، وهناك ظهر وهو يجري حديثًا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبرغم ما سبق إلا أن فلاحبور في حديثه لـ “جاده إيران”، لا يرى أن “الإدارات الایرانیه توثر بشکل فاعل علی سیاسات إیران الإقلیمیه”، منوهًا إلى أن “بوادر تحسن العلاقات بین الرياض وطهران باتت تتضح منذ الأشهر الأخیره لإدارة الرئيس السابق حسن روحانی”، وهو الأمر الذي يندرج وفق قوله تحت “سياسات النظام وليس الحكومات”.

وحول الملفات العالقة بين القاهرة وطهران، أوضح فلاحبور أن “الملف الفلسطینی و دعم إیران للمقاومه فی غزة یشکلان القضایا الرئیسیة بين البلدين، خاصة وأن مصر الآن تقود حوارات لإبرام صفقة تبادل للأسرى وتهدئة طويلة الأمد بين المقاومة واسرائيل، والجزء آخر یعود الی علاقات طهران مع الجماعات المعارضة للنظام المصری والتي انخفضت جداً خلال العقد الماضي”. في المقابل ذهب الهتيمي في إتجاه آخر أثناء تقييمه للقضايا ذات النقاش المشترك بين الطرفين، حيث قال: “لعل أبرزها الوضع في سوريا وإيجاد حل سياسي للأزمة الراهنة، إلى جانب الملفات الأمنية ومنها تحقيق الاستقرار في اليمن الأمر الذي سينعكس بشكل جيد على سلامة الملاحة في مضيق باب المندب المدخل الجنوبي لقناة السويس المصرية، فضلًا عن تحقيق الأمن للمنشآت والشركات المصرية العاملة في العراق”. وأضاف الصحفي المصري أن “الجانب الاقتصادي غير بعيد عن تلك المباحثات، فإيران قريبة من آسيا الوسطى وجمهوريات القوقاز وتمتلك موارد هائلة من النفط والغاز يمكن لأسواقها أن تستقبل البضائع المصرية، إلى جانب إمكانية فتح أبواب السياحة المصرية أمام السائحين الإيرانيين”.

وحول المقومات اللازمة لتحقق ما سلف، ذكر الهتيمي أن “مصر وعلى الرغم من المكاسب المحتمل أن تحصلها جراء استئناف العلاقات مع إيران، إلى أن لديها العديد من الاشتراطات يجب أن تفي بها إيران يبرز منها تخلي هذه الأخيرة عن مواصلة مد نفوذها في المنطقة من خلال دعم الميليشيات الشيعية التي أصبح بعضها يمثل دولة داخل الدولة وتخوض حروباً بالوكالة تنعكس آثارها على الإقليم والمنطقة”

يشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين مصر وطهران، انقطعت منذ عام 1980 بعد استقبال مصر للشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي، وكذلك دعم مصر للرئيس العراقي صدام حسين في حربه مع إيران، وكذلك إطلاق مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني اسم خالد الاسلامبولي الذي اغتال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على أحد الشوارع في طهران، ما أدى لحدوث أزمة بين البلدين من ذلك الحين،إلى أن شهد الموقف الإيراني تجاه مصر تحولات إيجابية في الفترة ما بين 25 كانون الأول/ يناير 2011، أي بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، وعشية مظاهرات 30 يونيو/ حزيران التي أفضت لتسلم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي زمام الأمور هناك، حيث بدت إيران في فترة ما بعد سقوط الاخوان اكثر ميلا للحذر في علاقتها مع مصر والآن يظهر بوضوح الاتجاه نحو الانفتاح.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: