الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 أكتوبر 2021 10:19
للمشاركة:

انتخابات العراق.. الصراع شيعي – شيعي، وإيران تخشى “اختيار خاطئ لرئيس الوزراء”

يبدو أن الصراع في العراق لم يعد طائفيا ولا حتى قوميًا، إنما استهدف "البيت الشيعي" نفسه هذه المرة، وأصبح صراع شيعي – شيعي. هذا ما لا تريده إيران المتهمة بضلوعها في التدخل بالعراق.

في السياق، تبنت عدد من القراءات الإيرانية رواية حلفاء طهران في بغداد التي تفيد بحدوث تزوير في نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وعلى الرغم من أن اتحاد الصوت الإيراني مع صوت هادي العامري ونوري المالكي يعد طبيعيًا إلا أن “الجمهورية الإسلامية” لم يصدر عنها حتى الآن موقفًا رسميا إلى جانب تلك الأصوات المعترضة في بغداد على تلك النتيجة التي يعد حتى اللحظة “التيار الصدري” فائزًا بها. وفي حين يؤكد هذا الأخير على “ضرورة خروج أي أجنبي من البلاد”، فمن الجدير الإشارة إلى أن السياسة و “الأمن القومي” من وجهة نظر طهران لا يسمحان لها وهي التي احتضنت جزء كبير من الشيعة والأكراد العراقيين قبل عام ٢٠٠٣ بتحقيق ما يريده التيار الفائز حتى الآن.

يُذكر أن النتائج الأولية لانتخابات البرلمان العراقي المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تشير إلى أن التيار الصدري (حزب “سائرون”) بزعامة مقتدى الصدر حصل على ٧٠ مقعد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329. بينما حصل ائتلاف “دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي على ٤٠ مقعد. كما حصل “الحزب الكردي الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني على ٣٤ مقعد. وحصل ائتلاف “الفتح” بزعامة رئيس هيئة “الحشد الشعبي” هادي العامري على ٢٠ مقعد في البرلمان العراقي.

نظرة على العلاقات الإيرانية – العراقية

لم تهدأ الأوضاع بين البلدين بعد حرب الثمانينات التي راح ضحيتها الآلاف من كلا الطرفين الإيراني والعراقي، لا سيما إنهما احتضنا الأطراف الداخلية المناهضة لبعضهما البعض. حيث أصبحت إيران ملجأ للشيعة والأكراد، كما أصبح العراق مركزا للجماعات المناهضة للنظام الإيراني الجديد آنذاك وعلى رأسهم “مجاهدي خلق”.

استمر هذا الوضع حتى موعد غزو العراق من قبل الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي في نيسان/ أبريل ٢٠٠٣ وانهيار نظام البعث وبداية عهد جديد في تاريخ العراق، حيث أزيل التهديد العراقي على إيران. ومن هنا بدأ فصل جديد من العلاقات بين البلدين. وكان للبيت الشيعي دور بارز في تقوية هذه العلاقات. وفي السنوات الأخيرة أصبح الحضور الإيراني على الأراضي العراقية أوضح بجانب المقاتلين ضد “داعش”، إضافة إلى الحضور المعنوي في الساحة السياسية العراقية.

قراءات إيرانية للانتخابات العراقية

اعتبر المحلل السياسي علي موسوي خلخالي في مقاله بصحيفة “اعتماد” الإصلاحية، أن المجتمع المدني العراقي غير نشط كي تجذب ديناميته وحيويته نبض الحركات الاجتماعية والسياسية، لذلك لا يمكنه إدارة وتوجيه الناس إلى صناديق الاقتراع. مشيرًا إلى المجتمع السياسي العراقي ضعيف جدًا لدرجة أنه لا يزال غير قادر على فهم ما يريد وما يجب عليه فعله للحصول على ما يريد. وتابع مستشهدًا على ذلك بالقول: “يتظاهر الناس ويحتجون ويُقتلون ويرددون شعارات ضد الفاسدين ولكن في الممارسة العملية حيث يتعين عليهم الدخول بنشاط لتحقيق شعاراتهم فإنهم لا يفعلون شيئًا”.

بدوره، يرى خبير القضايا الدولية صابر غُل عنبري في تحليله في موقع “ديبلماسي إيراني” أنه نظرًا للتطورات التي يمر بها العراق كله كوحدة سياسية وليس فقط “البيت الشيعي”، فليس من المستبعد أن نشهد في السنوات القادمة ظواهر سياسية ناشئة مثل تشكيل حزب أو جماعة سياسية فاعلة، التي ستكون ظاهرة في انتخابات عام 2024. ووفقا لترجيحه ستكون قادرة على جذب الناخبين المقاطعين للانتخابات وجرهم إلى صناديق الاقتراع، وفي هذه الحالة ستتغير كل المعادلات السياسية الحالية في العراق.

من جانبها، شككت صحيفة “ابتكار” الإصلاحية بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، ذاكرة أن هذه الأخيرة كانت مُهندسة سلفا، وذلك من أجل خلق نوع من المواجهة والصراع الشيعي – الشيعي. وأضافت الصحيفة: “لو قامت مفوضية الانتخابات بتغيير نتائج الانتخابات بشكل كبير سيثير ذلك حفيظة التيار الصدري الشيعي، وفي المقابل لو امتنعت عن تغيير نتائج الانتخابات فإن ذلك سيكون سببًا في اعتراض تيار الفتح الشيعي”، منوهة إلى أن أي من هذه التغييرات ستضع البيت الشيعي أمام بعضه البعض، وقد ينتهي ذلك بالمواجهة فيما بين الأطراف الشيعية.

في السياق، حذرت صحيفة “كيهان” الأصولية من حدوث اختيار خاطئ (لرئيس الوزراء) قد يجلب تبعات لا يمكن تعويضها على العراق، وإن إبعاد الجانب غير المرغوب فيه هو أهم طريق لتحسين الوضع الراهن، كما أن استمرار الخلافات والتحزب هو أهم عامل سيؤدي لفشل إبعاد هذا الجانب غير المرغوب فيه.

إلى ذلك، يذكر أن بعض الصحف الأصولية مثل صحيفة “جام جم” الصادرة عن الإذاعة والتلفزيون الرسمي وصحيفة “جوان” فضلت أن تركز على “انتصار المقاومة” على حد تعبيرها أو بعبارة أخرى موضوع “خروج أميركا” الذي يؤكد عليه حزب “سائرون” العراقي الحاصل على أعلى نسبة من التصويت حتى اللحظة، وتفادت تعميم رؤية “سائرون” لكل الحضور الأجنبي في العراق بما فيه الإيراني.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: