الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أكتوبر 2021 07:00
للمشاركة:

هل يتحمل ظريف مسؤولية عدم إلغاء العقوبات عن إيران؟

لايبدو أن "الصداع" سيفارق وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، بعد أن اعتقد هذا الأخير بذلك في أول فيديو له من مكتبه الجديد في جامعة "طهران" التي انتقل للعمل فيها بعد انتهاء مهمته التي استمرت لمدة ثماني سنوات، حيث أعاد إقراره لأول مرة بتحمل مسؤولية وجود كلمات في نص الاتفاق النووي لا تعني رفع العقوبات عن بلاده، الاتهامات السابقة له بأنه لم يقرأ محتوى الاتفاق.

وكان ظريف قد أكد في جلسة برلمانية سابقة أن نص الاتفاق النووي لا يتضمن كلمة “suspention” التي تعني تعليق العقوبات وليس إلغاءها. وتبين في ما بعد أنها وردت في النص أكثر من مرة. هذا ما جعل مناهضي الاتفاق يتهمونه بعدم الاطلاع على ما ورد فيه. وقد عاد هذا الموضوع للواجهة بعد أن أقر الوزير السابق خلال حوار في تطبيق “كلوب هاوس” الأربعاء ٦ أكتوبر/ تشرين الأول2021، بأن كلمة “Suspend” وردت في متن الاتفاق ٣ أو ٤ مرات. وأوضح أنه كان يؤكد على المفاوضين أن لا يستخدموا هذه الكلمة بل عليهم أن يستخدموا كلمة “lift” التي تعني “الإلغاء” أو الرفع النهائي للعقوبات، وتابع عراب الاتفاق النووي: “عند الشروع في كتابة الملحق قال مندوب الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد لا يستطيع إلغاء (lift) بعض العقوبات مثل العقوبات العسكرية. وقام أحد مفاوضينا بتدوين هذه الكلمة ولم أكن حتى أثناء تلك الجلسة البرلمانية التي تحدثت فيها بعد الاتفاق على علم بهذا الأمر”، غير أنه أكد أنه “من كتب الاتفاق النووي”، مشيرًا إلى أنه أرفق بعض الوثائق بذلك في كتابه عن المفاوضات والذي صدر مؤخرا تحت عنوان السر الدفين”. واتهم من قال إن ظريف لم يقرأ نص الاتفاق النووي بأنهم “ظلموا البلد والحقيقة”، واصفًا ذلك بأنه “افتراء كاذب”، وخاطبهم بالقول “لو أنكم تسألون الغربيين أيضا سيقولون بأن هذا الادعاء ليس صحيحا”.

وحول إصراره على استخدام كلمة “lift” أثناء تدوين نص الاتفاق، أشار رأس الدبلوماسية الإيرانية السابق إلى أن “تلك الكلمة تعني رفع العقوبات بشكل نهائي وليس تعليقها حتى إشعار آخر”، لكن في المقابل، ظهرت كبيرة المفاوضين الأميركيين آنذاك ويندي شيرمان في فيديو لتقول إن “كلمة lift تعني بالإنجليزية Suspend أي “تعليق” ولا تعني “الإلغاء” كما ظن الإيرانيون”. لافتتة إلى أنهم “أدرجوا كلمة lift في كل نص الاتفاق النووي بمعنى “تعليق” العقوبات”. موضحة أن “هذا ما يفعله الدبلوماسي لأنه يعلم أهمية اللغة”. وهو الأمر الذي اعتبرته وكالة “رجا نيوز” الإيرانية، استهزاء أميركي من ظريف، حيث كتبت أن “شيرمان تسخر من ظريف بسبب عدم فهمه للإنجليزية”.

فيما، ذكر رئيس مركز التقييم والرقابة على تنفيذ سياسات النظام العام ياسر جبرائيلي ‏أن “عبارة cease the application تعني “التعليق” كذلك، وأنها تكررت أكثر من مرة في نص تعهدات أميركا”. معلنًا بصورة لمحادثة نشرها على “تويتر” أنه “هو من نصح كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقتشي باستخدام كلمة lift لأن لها معنى قانوني واضح ولا يستنبط منها سوى “إلغاء” العقوبات أي رفعها بشكل نهائي”. وعليه، حمّل الخبير القانوني صادق ضيائي بيغدلي، جبرائيلي مسؤولية استخدام تلك الكلمة في نص الاتفاق النووي.

الجدير ذكره، أن التفاعل في الأوساط الإيرانية مع حديث ظريف، لم يبق داخل إطار القانونيين واللغويين، بل فتح الباب مجددًا أمام أغلبية الأصوليين، فضلًا عن مناهضي الاتفاق لاتهام ظريف بـ “الكذب وعدم الاطلاع على نص الاتفاق النووي”، بينما فضل كثير من الإصلاحيين عدم التعليق على تلك التصريحات، لكن القلة التي تفاعلت منهم مع الموضوع واجهت تلك الاتهامات بالقول إن “هناك تفاصيل لايعلمها إلا أصحاب الاتفاق”، منوهين في ذات الوقت إلى “تأييد القائد الأعلى علي خامنئي لظريف وفريقه المفاوض”.

يشار إلى أن عراب الاتفاق النووي وعلى الرغم من اعترافه بالأخطاء التي ارتكبها فيه، إلا أنه دعا بلاده لضرورة العودة له، لافتًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال له ذات يوم إذا أرادت أميركا العودة للاتفاق النووي وصعبتم عليها الطريق فإن العالم كله سيقف ضدكم، وفي إطار إبراز أهمية الاتفاق ذكّر الوزير السابق بأن الرئيس الصيني لم يوافق على زيارة إيران إلا بعد توقيع الاتفاق، كما أن روسيا لم تقبل ببيع طهران منظومة الدفاع الجوي “اس 300″، إلا بعد الاتفاق. كذلك، استذكر ظريف في تلك المشاركة الصوتية الراحل هاشمي رفسنجاني الذي كان في تلك الفترة رئيسًا لمجمع تشخيص مصلحة النظام، مؤكدًا أنه تلقى من هذا الأخير الدعم الدائم طوال فترة المفاوضات التي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: