الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 سبتمبر 2021 13:52
للمشاركة:

علي باقري كني مفاوضا نوويا.. المفاوضات الوعرة؟

عُيَّن علي باقري كني مساعدًا لوزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية خلفًا لعباس عراقتشي في 14 أيلول/ سبتمبر 2021، الأمر الذى يزيد من فرصته لتولي رئاسة الوفد الإيراني لمفاوضات فيينا الرامية لإعادة إحياء الاتفاق النووي. وهو ما يفتح المجال لإمكانية تكرار النهج التفاوضي الذي ساد ابان قيادة الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي لفريق التفاوض في معظم ولاية الرئيس الأسبق محمد احمدي نجاد، إذا أن باقري كني يحسب على جليلي، فقد كان مساعدًا له أثناء تلك المفاوضات، فضلاً عن قيادته لحملة جليلي للانتخابات الرئاسية عام 2013.

ويعتبر باقري كني من أشد المنتقدين للاتفاق النووي، وقال سابقًا إنه لو لم يبرم الاتفاق النووي، لكانت العقوبات تهاوت من تلقاء ذاتها، كما يعتبر أن إيران لم تكن مطلقًا تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بحيث تخرج منه بموجب الاتفاق النووي. ورغم ترجيح الكثيرين تولي باقري كني قيادة الوفد المفاوض، إلا أنه حتى الآن لم تُحدد طهران بشكل رسمي من هي الجهة المسؤولة عن المفاوضات هل هي وزارة الخارجية أم المجلس الأعلى للأمن القومي ممثلًا في أمانته؛ حيث كان حيث كان هذا الأخير مسؤولًا رئيسيًا عن أغلب المفاوضات التي أجرتها إيران مع أطراف أجنبية، وكانت قيادة وزارة الخارجية للمفاوضات في عهد حكومة روحاني استثناءً لهذه القاعدة.

في هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ “جاده إيران”، أن “المجلس الأعلى للأمن القومي سيتولى مهمة الإشراف على تنفيذ وزارة الخارجية لرؤيته في المفاوضات النووية”، وأوضحت المصادر أن “نائب وزير الخارجية سيقدم تقاريره للوزارة وللمجلس”، كما أكدت المصادر ذاتها أن “العمل جاري حاليًا على تطعيم الفريق المفاوض بأعضاء جدد من الأمن القومي”. هنا يجدر الإشارة، إلى أن تلك الآلية في إدارة الملف النووي لا تختلف عن الطريقة التي أديرت بها جولات التفاوض الستة في فيينا خلال الشهور الأخيرة من ولاية الرئيس السابق حسن روحاني، فقد كان رئيس وفد التفاوض عباس عراقتشي ينسق مباشرة مع المجلس الأعلى للأمن القومي، وهذا هو الحال الذي ساد أيضًا في المفاوضات السرية التي دارات في سلطة عُمان أواخر عهد الرئيس السابق احمدي نجاد.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “نور نيوز” المقربة من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي أن عدة أسباب تمنع تواصل المفاوضات وفقًا لنموذج المفاوضات السابقة، مشيرة إلى أنه بالرغم من أهمية العنصر البشرى في التخطيط وتنفيذ توجهات النظام، إلا أن السياسات أكثر أهمية من الأفراد، وتابعت الوكالة أنه “مع الأخذ في الاعتبار فشل تجربة التفاوض عندما كانت ترتكز على الأفراد جليلي – باقري كني، أو روحاني – ظريف، فإن ذلك قد يسارع خطوات إعادة الملف إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، كي يخضع الملف للسياسات التي ترسم في تلك المؤسسة”. على ضوء ما سلف، وبالاستناد إلى الخلفية التي جاء منها باقري كني يمكن القول إن هذا الأخير سيتبنى نهجًا خاصًا به في إطار السياسات التي يسعى إليها النظام، إذ أن الجهات العليا فيه لا تمانع بحسب مصادر “جاده إيران” أن “يتم العودة للاتفاق النووي، لكن ضمن شروط جديدة، لأن جدوى الاستمرار بالاتفاق في وضعه الحالي يخض لإعادة تقييم بالرغم من اقتراب انتهاءه”.

في هذا الصدد، دعا المسؤول في “بيت القائد” مهدي فائضلي كلًا من “وزارة الخارجية وهيئة الطاقة الذرية والأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي وغيرهم إلى تقديم مبادرة جديدة، لتبدأ المفاوضات هذه المرة بمادرة من إيران على عكس المرات السابقة”، مؤكدًا في مقاله بوكالة “فارس” المتابعة للحرس الثوري، أن “الفريق التفاوضي الجديد لن يحصل على نتيجة مختلفة إذا واصل المسار الذي سلكته الحكومة السابقة”. المسؤول في “بيت خامنئي”، لفت إلى أن “المبادرة التي ينبغي على إيران طرحها، يجب أن تتضمن خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، وبنود أخرى يمكن المساومة عليها”.

من جانب أخر، لم تتوقف الرسائل الإيرانية الأخيرة المتعلقة بالاتفاق النووي في استبدال عباس عراقتشي الي شارك في التوصل للاتفاق النووي بعلي باقري كني الذي سبق أن رفض الاتفاق، فقد جاء الاستبدال متزامنًا مع جملة تعيينات في وزارة الخارجية تدعم التوجه الذي أعلنه الرئيس إبراهيم رئيسي في أول مؤتمر صحفي بعد انتخابه رئيسًا، والذي كان مفاده أن “سياستنا الخارجية لن تبدأ بالاتفاق النووي، ولن تنتهي به”، حيث اختير سفير إيران السابق لدى الصين وروسيا مهدي صفري مساعدًا لوزير الخارجية لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية، وقد تلت تلك الخطوات الرسالة الأبرز التي وجهتها إيران باختيار حسين امير عبد الهيان الذي أمضى جل تاريخه المهني في المنطقة الخليجية وزيرًا للخارجية. بما يعني الاتفاق النووي لن يكون الأولوية الأولى لسياساسة حكومة رئيسي الخارجية على حساب المصالح والعلاقات الأخرى. فاختيار عبد اللهيان يشير إلى سياسة تستهدف مخاطبة الجوار العربي بالدرجة الأولى، ثم الجوار الإقليمي لطهران. أمَّا صفري القادم من خلفية اقتصادية وعلاقات مع روسيا ثم الصين يكشف عن تقدم العلاقات مع هاتين الدولتين في سلم أولويات الخارجية على حساب الاتفاق النووي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: