الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 سبتمبر 2021 06:50
للمشاركة:

زيارة الكاظمي لطهران: كيف قرأها الإيرانيون ولماذا لم يلتق خامنئي؟

تختزل العلاقات الايرانية العراقية الكثير من التداخلات التي تجعلها تبدو وكأنها لا تقبل الحد الوسط. تارة هي حرب دموية لثماني سنوات ذهب ضحيتها مئات الآلاف على الجانبين، وطوراً تكون "أعمق من الحدود المشتركة"، على حد تعبير رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

الكاظمي الذي زار طهران خلال الأيام الماضية حمل معه ملفات متعددة، الى جانب انتخابات عامة عراقية ستجري خلال أسابيع من الآن. لكنه رغم اللقاءات التي عقدها لم يحظ بلقاء مع القائد الأعلى آية الله علي خامنئي الأمر الذي زاد على التداخلات والتعقيدات.
ففي حين ذهبت مصادر إيرانية تحدثت لـ”جاده إيران” للقول إن لا شيء جديد لدى خامنئي ليناقشه مع الكاظمي، وأن اقتراب الظرف الانتخابي سيجعل من اللقاء نوعا من التزكية لرئيس الوزراء العراقي لنيل ولاية ثانية وهو ما لا يرغب خامنئي في التدخل فيه، تقول مصادر شديدة الاطلاع لـ “جاده إيران” إن عدم اللقاء لم يكن لموقف سياسي وأن خامنئي قبل أسابيع قليلة أرسل للكاظمي رسالة خطية إيجابية.

جاء الكاظمي إلى طهران حاملا ملف التهدئة السعودية الإيرانية من جهة، ومن جهة ثانية الانسحاب الأميركي المقرر نهاية العام إلى جانب العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي.
أدرك رئيس الوزراء العراقي باكرا أن تهدئة الأوضاع بين إيران والسعودية ستنعكس مباشرة على بلاده ومن هنا بدأ بالسعي جاهدا ليتوسط بين الطرفين. وفي هذا الاطار نجح في التحول من ساعي بريد إلى وسيط فاعل وهو ما أعطاه المزيد من الأوراق للتعامل معها.

كما يعدّ العراق البلد الوحيد الذي يمتلك إعفاءً من الجانب الأميركي لاستيراد الطاقة الإيرانية، ولم تحده العقوبات المفروضة على إيران. ولكن هذا الإعفاء لم يكن كافيا لبناء علاقة مستقرة هذا الصعيد، فقد أعلنت إيران التوقف عن تصدير الكهرباء إلى العراق منذ أغسطس/ آب الماضي بسبب تجميد العراق لأموالها المستحقة في المصارف العراقية بسبب العقوبات البنكية المفروضة على إيران والتي لا تسمح بتحويل الأموال من الخارج إلى الداخل الإيراني.

الانتخابات العراقية

اعتبر المحلل المختص بالشأن العراقي محمد صالح صدقيان أن السبب الأهم لزيارة الكاظمي إلى طهران هو الانتخابات المقبلة في العراق. وبحسب صدقيان فإن “الكاظمي يعرف أن لإيران دور حاسم في الانتخابات العراقية”. هذا بينما قال السفير الإيراني السابق لدى لبنان أحمد دستمالشيان في حواره مع صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية “إن إيران لم تتدخل في الانتخابات العراقية قط”.

التجارة وقطاع الطاقة

رأى صدقيان في حوار له في صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحيةـ أن القضايا المتعلقة بالتجارة بين طهران وبغداد إحدى أسباب زيارة الكاظمي إلى طهران. وأشار صدقيان إلى أن التجارة بين البلدين تبلغ 13 مليار دولار، بينما يريد الطرفان أن تصل إلى 30 مليار دولار، وفق ما قاله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر بغداد. كما اعتبر المحلل السياسي أن موضوع تصدير الكهرباء والغاز الإيراني إلى العراق، وموضوع الأموال الإيرانية المجمدة في البنك المركزي العراقي، تتصدر أسباب الزيارة إلى طهران.

فبحسب المحللين الإيرانيين حاول الكاظمي خلال هذه الزيارة إقناع الجانب الإيراني بإعادة صادرات الغاز إلى نفس الحجم السابق، كما حاول لإيجاد حلول لدفع أموال إيران في ظل العقوبات الأميركية ومشكلة التبادلات المالية والمصرفية مع إيران.

بدوره المحلل الإيراني مصيب نعيمي كتب في صحيفة “روزغار” أن الكاظمي يسعى لإحداث سكة حديدية بين منطقة الشلامجة الحدودية الإيرانية إلى البصرة العراقية. كما لفت إلى أن الكاظمي يريد كذلك إحداث سكة حديدية من العراق إلى تركيا ويسعى لجلب مساعدة إيران بإحداثها. وتابع نعيمي منوها إلى بحث القضايا المختصة بالمياه المشتركة بين إيران والعراق.

وساطة بغداد والقضايا الدبلوماسية

رأى المحلل صدقيان أن وساطة العراق بين إيران والسعودية من أهم أسباب زيارة الكاظمي إلى العراق. حيث عقدت ثلاث جولات من المحادثات في بغداد وينبغي أن تعقد الجولة الرابعة التي تأجلت بسبب الانتخابات الإيرانية وموسم الحج في السعودية بحسب تصريح سابق لمسؤول في الخارجية الإيرانية. وتابع صدقيان أن المباحثات الإيرانية السعودية ستُستَأنَف في القريب العاجل في بغداد وسيكون مستوى المفاوضات أعلى في هذه الجولة.

من جهة أخرى يعتقد الخبراء بأن بغداد تسعى من خلال زيارة رئيس وزارءها لعقد اجتماع بين وزيرَي خارجية إيران والسعودية في المرحلة المقبلة من المباحثات التي تجمع البلدين في بغداد. ووفق محلل قضايا الشرق الأوسط مُصيّب نعيمي “إن الاجتماع الإيراني السعودي على مستوى وزيرَي الخارجية يُعَدّ ورقة رابحة لمصطفى الكاظمي في الانتخابات العراقية القادمة”.

بدوره السفير الإيراني السابق لدى بيروت لفت إلى احتمال بحث انسحاب القوات الأميركية من العراق خلال هذه الزيارة. لأنه من المقرر أن تغادر هذه القوات العراق بحلول نهاية العام الجاري. هذا إضافة إلى إشارته لبحث تطوير العلاقات الثنائية، وبحث القضايا الإقليمية، ورفع التوترات بين دول المنطقة، والتوسط بين إيران والسعودية، والقضايا المالية والاقتصادية وقضايا الطاقة، باعتبارها أهم ما جرى في زيارة الكاظمي إلى طهران.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: