الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 سبتمبر 2021 10:49
للمشاركة:

إيران تتحضر للانضمام لمنظمة شنغهاي.. هل ستكسر طهران “وحدتها الإستراتيجية”؟

تتحضر "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" لكي تصبح عضوًا في منظمة شنغهاي الإقليمية، وذلك خلال القمة التي ستنعقد في طاجيكستان يومي 16 و17 أيلول/ سبتمبر الحالي، بعد أن كانت عضوًا مراقبًا منذ عام 2005، بسبب رفض بعض الأعضاء طلب الانضمام الإيراني، تجنبًا منها للدخول في المواجهة الأميركية الإيرانية.

وتشكّل هذه الخطوة مسارًا جديدًا في علاقات إيران مع محيطها، بعد أن ساد مصطلح “الوحدة الإستراتيجية” التي عانت منها طهران في السنوات الماضية. فبعد أن رفعت طاجيكستان وأوزبكستان، اعتراضهما، من المرتقب أن تُقبل إيران كعضو كامل في “منظمة شنغهاي” في الاجتماع المقبل، على أن تأخذ خطوات تثبيت العضوية بعض الوقت.

وكان أعلن عن إنشاء منظمة شنغهاي الدولي في 15 حزيران/ يونيو عام 2001 في مدينة شنغهاي الصينية. وضمت كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، روسيا والصين، أما باكستان والهند، فقد انضمتا عام 2017.

وتهدف المنظمة إلى تعزيز الثقة والتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والسياحي والنقل والطاقة والسياسة الخارجية وحماية البيئة بهدف حفظ الأمن والسلام والتطور في هذه المنطقة.

دور مرفأ تشابهار

يُعتبر افتتاح مرفأ تشبهار الإيراني من أبرز المواقف الداعمة لانضمام “الجمهورية الإسلامية”، خصوصًا أنه يربط تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، ببعضها البعض من جهة، ومن جهة أخرى، يربط هذه الدول غربًا، بأذربيجان وتركيا وأوروبا.

ولا تقدم إيران الدعم والنوافذ المختلفة نحو القارات عبر مرفأ تشابهار المطل على خليج عُمان فقط، بل تقدم أيضًا مرفأ أنزلي، وهي المنطقة الحرة الوحيدة المطلة على بحر قزوين، ولها روابط بحرية مع موانئ وحوض قزوين، مثل ميناء باكو الأذربيجاني، ميناء تركمانباشي في تركمانستان، ميناء أكاتو في كازاخستان وميناء لاغان الروسي.

وقد أنشأت إيران خط سكة حديد يبدأ شمالًا ويتجه نحو تشابهار، وروابط شحن مباشرة إلى مرفأ مومباي الهندي.

الحضور في اجتماع المنظمة

ومن المرتقب وفق وسائل إعلام إيرانية أن يحضر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي القمة في طاجيكستان، حيث ستعد هذه الرحلة الخارجية الأولى لرئيسي بعد توليه منصبه مطلع آب/ أغسطس 2021، كما سيحضر إلى جانب الرئيس الإيراني نظيره الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بالإضافة إلى قادة إقليميين آخرين. ومن المتوقع أن يلقي كل من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ خطابًا في القمة.

وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قد أعلن في 11 آب/ أغسطس عن “أخبار سارة” مفادها أن الجمهورية الإسلامية أصبحت قاب قوسين من العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون.

وقال شمخاني حينها:”في محادثة مع صديقي وزميلي، سكرتير مجلس الأمن الروسي السيد نيكولاي باتروشيف، درسنا التطورات في أفغانستان وسوريا والخليج”.

وأضاف: “العقبات السياسية أمام عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون قد تم تذليلها وسيبتّ في عضوية إيران بعد تنفيذ الإجراءات الفنية”.

محاولات إيران السابقة

لم تكن رغبة إيران بالانخراط في أعمال المنظمة وليد حكومة رئيسي، فقد عمل الرئيس السابق حسن روحاني مرارًا على انضمام بلاده إلى هذا التجمع الإقليمي. وحضر روحاني العام الماضي، القمة الافتراضية لرؤساء الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

وأعرب روحاني عن اهتمام بلاده في الانخراط بشكلٍ أكبر بمنظمة شنغهاي للتعاون، وانتقد سياسة واشنطن تجاه إيران. وخلال القمة، حثَّ النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري الدول الأعضاء بالمنظمة للتعاون للمشاركة في مشروع سكَّة حديد تشابهار – زاهدان.

أهمية دخول إيران والعوائق السابقة

تعتبر إيران، والتي تشدد اليوم، عقب وصول رئيسي إلى رئاسة الجمهورية، على ضرورة الانخراط في تحالف إقليمي. ويعتقد العديد من المحللين أن إيران عانت تاريخيًا من نوع من “الوحدة الإستراتيجية”. وهذه القضية ليست محصورة بالسنوات الأربعين الماضية بعد الثورة الإسلامية، فلم يكن لإيران حلفاء استراتيجيون في الشرق أو الغرب.

واعترف وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف بهذا الواقع، وشرح هذا الواقع في مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية في كانون الثاني/ يناير الماضي.

وقال ظريف في تلك المقابلة: “يجب أن نبني سياسة الجوار على أساس التكافل والثقة المتبادلة، ومن الضروري أن تأخذ إيران زمام المبادرة”.

وأضاف: “إيران دولة أقوى من جيرانها ولا تقلق على أمنها. ليس لدينا حقًا أي مطالبات إقليمية أو رغبة في الوصول إلى الموارد الطبيعية لدول أخرى في المنطقة، لذا فنحن من يمكننا أن نبدأ هذا الجهد ولا ينبغي لنا انتظار الآخرين”.

وتكمن أهمية الانضمام لهذه المنظمة بأنها أكبر منظمة إقليمية في العالم من حيث التغطية الجغرافية وعدد السكان. ويتم إجراء تدريبات عسكرية بانتظام بين أعضاءها، لتعزيز التعاون والتنسيق ضد الإرهاب والتهديدات الخارجية الأخرى، والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين.

وتسعى دول هذه المنظمة الى إيجاد التكامل فيما بينها على الصعيد الاقتصادي، وإيران بما لديها من إمكانات وموارد، خاصة في مجال الطاقة، ستشكل إضافة مهمة للمنظمة. ومن جهة أخرى ستتيح المنظمة لإيران الفرصة، لكي تخرق الحصار المفروض عليها أميركيًا، لجذب الاستثمارات الاسيوية وتوريد المنتجات البتروكيميائية.

وشكّلت العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، والتي تتعلق بالبرنامج النووي عائقًا أمام قبول عضويتها، وخصوصًا ما يرتبط بقانون “كاتسا” (2017)، لأنه سيعرّض كل دول المنظمة لخطر العقوبات.

إلى ذلك، يتوقع العديد من المراقبين أن يضيف انضمام إيران لعضوية المنظمة ورقة قوة جديدة لطهران على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأميركا بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي، إذ أن تمتين الروابط الاقتصادية لإيران مع هذه المنظمة سيخفف عليها وفق الترجيحات ضغط العقوبات الأميركية، وبالتالي ستضعف ورقة الضغط الغربية، الأمر الذي سيجعلها أقل رغبة في تقديم تنازلات على صعيد برنامجها النووي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: