الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة31 أغسطس 2021 09:19
للمشاركة:

العلاقة بين الإيرانيين والمهاجرين الأفغان.. أراء ودراسات

يُشكَّل الأفغان حوالى 95% من الأجانب المقيمين في إيران، والتي تعتبر المحطة الأولى للهجرة من بلادهم؛ فمع بداية الأزمة الراهنة في أفغانستان وبدء عملية انحساب القوات الأميركية من أراضيها، كان أبرز ما تخشاه طهران من سيطرة طالبان على كابل، هى موجات النزوح والهجرات المتوقعة تجاهها، على خلفية معاناتها من ضغوط اقتصادية متزايدة كنتيجة للعقوبات الأميركية وعجز الموازنة.

أولاً- الأفغان.. أرقام واحصائيات

أعلن مركز إحصاء إيران في عام 2016 خلال تقرير له عن وجود مليون و583 ألف و979 أفغاني مهاجر في إيران، لكنه لم يفرق ما بين المهاجرين الشرعيين وغيرهم.  فيما كشفت وزارة المهاجرين الأفغانية أيضًا عن وجود 2 مليون مهاجر أفغاني بإيران، منهم مليون و400 ألف شخص يفتقرون لوثائق الهجرة القانونية.

وفي 12 مايو 2015، أجاب وزير الداخلية الإيراني السابق، عبد الرضا رحماني فضلي، على أسئلة النوَّاب بخصوص هذا الأمر، بقوله إن هناك 2 مليون ونصف المليون مهاجر أفغاني يعيشون في إيران، منهم مليون ونصف المليون شخص يعيشون بصورة قانونية، ومليون شخص آخر يقيم بشكل غير شرعي.  

العلاقة بين الإيرانيين والمهاجرين الأفغان.. أراء ودراسات 1

ثانيًا- سيطرة طالبان وموجات النزوح والهجرة

كشف تقرير بحثي صادر عن مركز أبحاث البرلمان الإيراني في 29 حزيران/ يونيو 2021، تبعات سيطرة طالبان على أفغانستان، متوقعًا أن يؤدى نشوء انعدام للأمن والاستقرار بالداخل الأفغاني إلى موجات من اللاجئين والنازحين إلى الدول الأخرى، وطالب التقرير بالتدبير في هذه القضية وأبعادها المختلفة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والصحية.

وترجع غالبية موجات الهجرة من أفغانستان إلى إيران، إلى بداية المعارك بين المقاتلين الأفغان والاتحاد السوفيتي السابق في 1978، حيث تعد محافظة خراسان الرضوية ومدينة مشهد واحدة من البؤر المهمة لاستقبال المهاجرين الأفغان لقربهما من الحدود الشرقية للبلاد. وتشير أحدث الدراسات التي تناولت نقد ومناقشة “السياسة الثقافية وحقوق الإنسان للمهاجرين الأفغاني في إيران”، إلى 3 أنماط من السياسات، اتخذها المسؤوليين في  طهران في مواجهة المهاجرين الأفغان.

وتتمثل الأولى في سياسة “الأبواب المفتوحة” التي أسفرت عن تشكل الموجة الأولى لهجرة الأفغان إلى إيران في أعقاب الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وجرى استقبالهم كأشقاء في الدين، لكن تغيَّرت هذه السياسة بعد وصول طالبان إلى الحكم في التسعينيات وقتلها لعدد من الدبلوماسيين الإيرانيين في القنصلية الإيرانية في مزار شريف، وتحوَّلت إلى النمط الثاني من هذه السياسة؛ إذ تقدم الحفاظ على الأمن القومي على الالتزامات الأخرى، ولاقى المهاجرين الأفغان خلافًا لما سبق ترحيبًا أقل. أمَّا النمط الثالث يرجع لآخر عامين حيث أقرت طهران قانون منح الجنسية لأبناء الإيرانية المتزوجة من أجنبي (وهم أفغان على الأغلب).

وتشير نتائج عدَّة دراسات جامعية رسمية، إلى أن المواطنين الإيرانيين يفتقرون للنظرة الإيجابية تجاه الأفغان المقيمين في بلادهم، وكشفت نتائج المسح الذي نشر العام الماضي عن نظرة الإيرانيين للمهاجرين الأفغان، أن 43% من أهالي طهران يوافقون على حظر حضور الأفغان في العاصمة الإيرانية، بينما عارض ذلك 41.1%، ولم يبد 15.6% رأيهم في ذلك.

العلاقة بين الإيرانيين والمهاجرين الأفغان.. أراء ودراسات 2

كذلك يكشف المسح عن موافقة 44.2% من أهالي طهران على توطين الأفغان أحياء خاصة منفصلة عن الأحياء الأخرى، وعارض ذلك 40.3% من أهالي طهران، فيما لم يبد رأيه 15.5%. كما يرى أيضًا 40% من أهالي طهران ممن شملهم المسح أن الأفغان هم السبب في بطالة الإيرانيين، فيما عارض هذه الرؤية 40.3%، ولم يبد 19.7% رأيه. بينما يشير بحث آخر قامت به الفصلية الخاصة بشرطة محافظة قم، والتي يشارك فيها الكثير من منسوبي الشرطة وقادتها والمدراء الأمنيين، إلى أن الرؤية غير الإيجابية كثيرًا تجاه الأفغان المهاجرين لا تزال سائدة عن قطاع كبير من مواطني قم.

العلاقة بين الإيرانيين والمهاجرين الأفغان.. أراء ودراسات 3

وقال المدراء الأمنيين وأفراد الشرطة المشاركين في هذا البحث إن المهاجرين الأفغان في قم تركوا تأثيراً سلبياً على الأمن الوظيفي للقوى المحلية بالمحافظة. ومثلما ورد في هذا البحث، أدى حضور أكثر من مليونين و350 ألف مهاجر أفغاني وحيازتهم على مليون و600 ألف فرصة عمل إلى انخفاض الأمن الوظيفي للإيرانيين. كما يشير هذا البحث إلى أن 91% من هؤلاء الأفغان يفتقدون للتخصص في مقابل 64% من تعداد السكان الإيرانيين العاطلين الفاقدين للتخصص. وهذا بدوره، أسفر عن تزايد البطالة، وانخفاض مستوى المعيشة، واستبدال العمالة المحلية بأخرى أفغانية، والاستفادة من الإعانات، وزيادة عدد السكان، وخروج العملة الأجنبية من البلاد، وظهور بطالة مستترة، والوظائف الخادعة وعدم دفع المهاجرين الأجانب للضرائب كل هذا ساهم في تزايد رقعة التهديدات وانخفاض مستويات الأمن القومي. 

ومن ضمن التهديدات أيضًا التي يلقي الباحثون في إيران الضوء عليها، ظهور أزمات واضطرابات اجتماعية نتيجة موجات الهجرة الأفغانية، إذ ربط الباحث علي صالح نيا، نشوب الأزمات الاجتماعية بالمعدلات الكبيرة للمهاجرين والرعايا الأفغان في بعض المدن الإيرانية، وقال إن هذه النسبة المرتفعة للغاية من الرعايا الأفغان من الممكن أن تسفر عن احتمالية وقوع أزمات، إذ من الممكن حدوث اشتباكات بين المواطنين الإيرانيين (حيث يعتقدون أن الأفغان سبب في بطالتهم أو بعض المشاكل الأخرى) مع هؤلاء المهاجرين.

كما يعتبر صالح نيا أن التهديدات تشمل استياء الرأي العام من المهاجرين الأفغان، ويضيف أن هناك رؤية سلبية إزاءاهم لأسباب مختلفة؛ حيث أدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة للبلاد خلال الأعوام الأخيرة الماضية إلى توجيه الرأى العام الإيرانى إلى أن حضور المهاجرين الأفغان في البلاد يؤدي إلى زيادة المشكلات الاقتصادية، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى بالنهاية إلى زيادة نسبة الاستياء العام تجاه الحكومة، ويؤدى إلى خلق أرضيات للاشتباكات بين الأهالي والرعايا الأفغان.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: