الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة31 أغسطس 2021 08:23
للمشاركة:

في ظل “فقر سكني” يبلغ 42%.. هل تستطيع الحكومة الإيرانية بناء مليون وحدة سكنية سنويًا؟

أقر مجلس صيانة الدستور في إيران، قانون "طفرة الإنتاج وتوفير السكن" الصادر عن البرلمان الإيراني، والقاضي ببناء مليون وحدة سكنية سنويًا. ويأتي هذا القانون في وقت تعيش فيه الجمهورية الإسلامية وضعًا صعبًا على صعيد الإسكان؛ حيث أظهرت دراسة نشرت في صحيفة "دنياي اقتصاد" التخصصية، أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط "الفقر السكني" بلغت 42% عام 2019.

لكن هذه الأزمة لم تبقَ في سياقها المعيشي والاقتصادي، حيث شنّت صحيفة “كيهان” الأصولية هجومًا على حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، متهمة إياها بـ”التقاعس” في العمل على حل مشكلة المسكن في إيران. وكان البرلمان الحالي قد أطلق خطة طفرة الإنتاج منذ بداية ولايته، ولحق ذلك إعلان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، خلال الحملات الانتخابية، نيته بناء مليون منزل سنويًا.

2700 وحدة سكنية يوميًا

وكان رئيس لجنة الإعمار في البرلمان الإيراني محمد رضا كوتشي، أكد أن مشروع طفرة الإنتاج وتوفير السكن صار قانونًا رسميًا في البلاد، بعد إقراره من قبل مجلس صيانة الدستور. وأوضح كوتشي، في تصريحات نقلتها وكالة “فارس”، أن القانون القاضي ببناء مليون وحدة سكنية سنويًا سيتم تبليغه من قبل رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إلى رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي خلال الأسبوع الحالي. مشدّدا على أن اللجنة البرلمانية ستراقب بدقة تطبيق القانون، وأن على مندوب الحكومة تقديم البرامج الخاصة للمشروع للجنة بأسرع وقت. وأشار إلى أنه يتوجب على وزير الطرق والتنمية الحضرية، العمل على بناء 2700 وحدة سكنية يوميًا في إطار هذا القانون، “وهي مسؤولية كبيرة بحد ذاتها”.

بدوره، اعتبر رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف أن أولويات مجلس النواب كانت تتركز منذ البداية على حل مشكلة الإسكان. ورأى قاليباف أن موافقة مجلس صيانة الدستور على خطة “طفرة الإنتاج السكني” “وفرت الصفة القانونية اللازمة لتحقيق الحركة السكنية في الحكومة الثالثة عشرة”.

توفر الإمكانية

من جهته، أعلن وزير الطرق وإعمار المدن في الحكومة الايرانية الجديدة رستم قاسمي، توفر إمكانية بناء مليون وحدة سكنية سنويًا. وقال قاسمي، في تصريح للقناة السادسة في التلفزيون الإيراني (قناة خبر): إن الإمكانية اللازمة متوفرة لبناء مليون وحدة سكنية في العام الواحد، أي 4 ملايين وحدة خلال فترة الحكومة الحالية. مضيفًا أن الإمكانيات الهندسية والفنية والشركات القادرة عمليًا على إنشاء مليون وحدة سكنية في العام الواحد متوفرة في البلاد في الوقت الحاضر.

وتابع: ينبغي على جميع الوزارات أن تضع أراضيها التي تمتلكها تحت تصرف وزارة الطرق وإعمار المدن، حيث يوجد أكثر من مليون هكتار من الأراضي الحكومية التي يجب وضعها تحت تصرفنا. موضحًا أن الطرق السريعة والحرة “لا يمكن تطويرها كثيرًا من خلال الموارد المالية الحكومية المحدودة، ولا بد من استخدام أساليب أخرى”.

واعتبر أن أحد الطرق للاستثمار هو مقايضة النفط بإنشاء طرق سكك الحديد والطرق الحرة والسريعة. داعيًا الإيرانيين المقيمين في الخارج إلى “المشاركة في قطاع النقل والشحن في البلاد”، وأكد أنهم يسعون لمشاركة الشركات الأجنبية”.

واقع السكن في إيران

في هذا السياق، نشرت صحيفة “دنياي اقتصاد” التخصصية تقريرًا، يظهر فيه واقع الإسكان في محافظات إيران، والصعوبات التي تواجهها البلاد على هذا الصعيد. وبحسب الدراسة، تُعتبر محافظات سيستان وبلوشستان وكرمان، من أسوأ المحافظات الإيرانية على صعيد مؤشر الحرمان في قطاع الإسكان، والتي تشمل كلفة المسكن وجودة المياه وشبكة الصرف الصحي، إضافة لحصة الفرد من مساحة المنزل الإجمالية.

وتحتل العاصمة طهران، المركز 14 على صعيد المحافظات الأكثر حرمانًا. كما أظهرت نتائج الدراسة الرسمية، أن “فقر المساكن” له تأثير مدمر على نوعية حياة الأسر. فكلما زاد الضغط على تكاليف السكن، انخفضت حصص الأسر من السعرات الحرارية، وكذلك جودة الصحة والتعليم.

إضافة إلى ذلك، تظهر نتائج تقرير رسمي حول وضع السكان الذين يعانون من فقر السكن في البلاد أن عدد السكان المحرومين من “السكن الميسور” في إيران يبلغ 1.8 ضعف المتوسط العالمي. كذلك أوضحت الصحيفة، أنه في وقت سابق من هذا العام، نشر فاردين يزداني، مدير المراجعة الشاملة للإسكان في المنتدى الاقتصادي العالمي، تقديرات أولية لدراسات فقر الإسكان. وأظهرت نتائج هذه الدراسات أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر السكني عام 2019 في إيران، بلغت 42%.

مناوشات سياسية

على المقلب الآخر، دخلت أزمة الإسكان في المناوشات السياسية داخل إيران، حيث اعتبرت صحيفة “كيهان” الأصولية، أن التأخير في إقرار هذا القانون، هو عدم وجود الرغبة في العمل به من قبل الحكومة السابقة. موضحة أن أسعار المساكن ارتفعت بنحو 700% في السنوات الثماني الماضية “بسبب السياسات الغريبة لحكومة روحاني”.

واعتبرت الصحيفة أن خطوة بناء مليون منزل في السنة، “لم تكن تروق لبعض التيارات السياسية، التي كانت تدعم عدم تدخل الحكومة في الإسكان طوال السنوات الثماني الماضية. وكانت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية قد انتقدت خطة البرلمان، معتبرة أنه يُصعب على الحكومة الحالية تأمين المبلغ المطلوب للسير بالخطة، وبالتالي، فإن هذه الخطة “غير واقعية”.

ورأت “كيهان” أن “أنصار حكومة روحاني وجدوا أنه من الأفضل انتقاد خطط الحكومة الجديدة”. وفي هذا الصدد، قال محمود شايان، الرئيس التنفيذي لبنك الإسكان المتخصص، في مقابلة مع وكالة فارس: “ما قاله الرئيس إبراهيم رئيسي عن بناء مليون وحدة سكنية في العام أمر واقعي”.

إلى ذلك، أكد نائب رئيس الجمعية الوطنية للبناء العام، إيراج رهبار، أن قضية “الأرض” و”التمويل”عاملان مهمان لنجاح تنفيذ أي مشروع سكني، “وإذا تم توفير هذين الأمرين، فسيتم حل مشكلة بناء مليون وحدة سكنية في العام”.

في غضون ذلك، أعلن رئيس هيئة رئاسة مجلس النواب سيد نظام الدين موسوي، في إشارة إلى الموافقة على خطة قفزة الإنتاج السكني في مجلس صيانة الدستور، التزام البنوك بتخصيص 20٪ من مرافقها لبناء المساكن. وقال: بحسب خطة زيادة الإنتاج السكني، فإن الحكومة ملزمة ببناء ما لا يقل عن مليون منزل سنويًا في السنوات المقبلة، خاصة في السنوات الأربع المقبلة.

في المحصلة، حرّك قرار مجلس صيانة الدستور الركود على صعيد أزمة الإسكان في إيران، في انتظار رؤية التنفيذ العملي لهذا القانون الجديد.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: