الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة30 أغسطس 2021 18:42
للمشاركة:

إيران وطالبان: صداقة عابرة أم عداء مُحتدم؟

نشرت مجلة ناشيونال إنترست (National Interest) الأميركية مقالاً للدبلوماسي الإيراني السابق "سيد حسين موسويان"، تحدث فيها عن الفرص المتاحة لإيران في أفغانستان مع عودة طالبان والتحديات التي ستواجهها، خصوصا أن "انتصار طالبان في أفغانستان يعني هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة بأموال سعودية واستخبارات باكستانية" وفق المقال الذي ترجمته "جاده إيران".

شهدت الأسابيع الماضية سقوط مُدوي للحكومة الأفغانية مع إستيلاء مقاتلو طالبان على العاصمة (كابول) وسط مشاهد من الذعر والفوضى، وتدل عودة ظهور طالبان في أفغانستان على فشل الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها، لكن برغم هذا الظهور والفشل لم يتضح  إلى الآن هل الوضع الراهن يمثل تحديًا أم فرصة لإيران؟

  • أولاً، يمكن أن يكون انتصار طالبان تهديداً خطيرًا للأمن القومي الإيراني، حيث “تتركز المبادئ الأساسية لإيديولوجيا طالبان على الوهابية – السنية الراديكالية المُعادية للشيعة في جوهرها”، لذا مِن المُرجح أن تطرح عودة ظهور طالبان مجموعة مُعقدة من التحديات للأمن القومي الإيراني تتضمن: دعم الحركات الطائفية والانفصالية في إيران.
  • ثانيًا، عززت سياسة الضغط الأقصى التي انتهجها دونالد ترامب على إيران استراتيجية “التوجه شرقًا” بين النخب الإيرانية. ما يعني توسيع العلاقات مع قوى الشرق، أي روسيا والصين، وهذا ما جعل بعض المحللين يعتقدون أن أحد أهداف الانسحاب المفاجئ للولايات المتحدة من أفغانستان هو خلق تحديات أمنية لروسيا والصين وإيران.
  • ثالثًا، خلال إدارة ترامب، شكلت المملكة العربية السعودية وإسرائيل جبهة موحدة بدافع المصالح ضد إيران، ونتيجة لذلك وسعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل تعاونها السياسي والأمني وفعّلت كل ما في وسعها ضد طهران بما في ذلك تدمير خطة العمل الشاملة المشتركة، ويمكن لنفس التحالف استخدام طالبان والذي سيحظى بتأييد ودعم الولايات المتحدة كأداة ضد إيران.
  • رابعًا، في أوائل الثمانينيات، ومع الغزو السوفيتي لجأ مئات الآلاف من الأفغان إلى إيران، وتسارع تدفق اللاجئين الأفغان بعد الغزو الأميركي لأفغانستان، ويعيش الآن حوالي ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني في إيران، وبالنظر إلى الصعوبات الاقتصادية التي تكافحها إيران نتيجة سياسة الضغط الأقصى لإدارة ترامب – والتي استمرت بالفعل حتى بعد انتخاب جو بايدن، فإن ارتفاع تدفق اللاجئين إلى إيران سيؤدي إلى تفاقم البطالة بين الشباب.

مع ذلك، فإن استيلاء طالبان على السلطة يوفر أيضًا العديد من الفرص لإيران:

  • أولاً، اتخذت الثورة الإيرانية عام 1979 بُعدًا مهمًا وهو مُناهضة الإمبريالية، واتخذت إيران موقفاً متشدداً ضد الولايات المتحدة – القوة الرئيسية الإمبريالية منذ ذلك الحين – وحاولت تشكيل وقيادة محور للمقاومة في المنطقة ضد الهيمنة الأميركية، وقد أعلنت حركة طالبان مقاومة الهيمنة الأميركية في أفغانستان والمنطقة ككل، وإذا كانت طالبان جادة في هذا الأمر، فمن المحتمل أن تجد في إيران حليفًا، ولها نموذجًا في “حركة حماس الجِهادية السُنية” التي تمكنت من إقامة علاقات قوية مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران، ووجدت حماس وإيران أسبابًا مشتركة لتحالفهما أبرزها: مُحاربة الإمبريالية الأميركية والصهيونية.
  • ثانيًا، ترتبط إيران وأفغانستان بعلاقات ثقافية وتاريخية وطيدة، “فاللغة الرسمية لأفغانستان هي اللغة الفارسية” وجزء من سكانها من الطائفة الشيعية وبالتالي، فإن طالبان لا تمثل كل الأفغان، ومن أجل إقامة حكومة مستقرة، تحتاج طالبان إلى مشاركة وتعاون الأقليات العرقية الأخرى مثل: الطاجيك، والهزارة، والأوزبك وحتى البشتون الذين لا يأيدون بالضرورة طالبان كما يتوقف نجاح إمكانية إقامة حُكم شامل في أفغانستان على إشراك جميع المجموعات العرقية في الحكومة الأفغانية المستقبلية وإقامة علاقات طبيعية مع إيران. وفي الآونة الأخيرة، قبل الانسحاب الأميركي، سافر وفد رفيع المستوى من طالبان إلى طهران وأجرى محادثات سرية مهمة مع المسؤولين الإيرانيين، وقال المتحدث باسم طالبان محمد نعيم على تويتر: إنهم توصلوا إلى تفاهم مشترك مع طهران. ومنذ ذلك الحين، لم يٌلاحظ أي رفض جاد قولًا أو فعلًا من قادة الطاجيك والهزارة الشيعة لطالبان. وفي 22 آب/ اغسطس، كرر المتحدث باسم طالبان أن الحركة ستدرس تقاسم السلطة بين العرقيات الأفغانية وستسعى إلى إقامة علاقات ودية مع جميع الدول.
  • ثالثًا، انتصار طالبان في أفغانستان يعني هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة بأموال سعودية واستخبارات باكستانية، وقد كشفت التطورات الأخيرة في أفغانستان عن نقاط ضعف الولايات المتحدة، “ويذكّرنا سقوط كابول بسقوط سايغون عام 1975 ويُضَاف إلى قائمة الهزائم الأخرى في الشرق الأوسط التي تشمل العراق واليمن وليبيا”. وبالتالي، لن يكون من المبالغة القول إننا وصلنا إلى “نهاية عصر الهيمنة الأميركية الإقليمية”. وهذه هي اللحظة الذهبية التي تنتظرها بكين وموسكو وطهران و”محور المقاومة” لعقود، ويجب ملء فراغ السلطة الذي نشأ في المنطقة، ومن المرجح أن هذه القوى سوف تملؤها.
  • رابعًا، قد تكون التطورات الأخيرة في أفغانستان فرصة لتحسين العلاقات الثنائية السعودية – الإيرانية، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أجرى البلدان مُباحثات في بغداد -النتائج غير واضحة لكن المباحثات كانت إيجابية- ومؤخرًا، أشار سفير إيران في العراق إلى أن اللقاءات تم تعليقها إلى ما بعد تعيين إنتهاء تشكيل حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي.

ولطالما اهتم المسؤولون السعوديون في التفاوض مع إيران بقضيتين:

  • الأولى: القوة غير المتوازنة بسبب سيطرة إيران على قضايا مختلفة في الشؤون الإقليمية
  • الثانية: أن القائد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري الإسلامي هما صانعي القرار، وليس إدارة روحاني، والآن جاء رئيسي، المدعوم مِن القائد الأعلى والحرس الثوري الإيراني، لذا قد يُنظر إلى انتصار طالبان في أفغانستان على أنه مكافأة للسعودية، الأمر الذي يمنحها حافزًا لتحسين العلاقات الثنائية مع إيران، ما يفتح أبوابا لتعاون أوسع في المنطقة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ مجلة ناشيونال إنترست

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: