الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 أغسطس 2021 12:20
للمشاركة:

الفريق الاقتصادي في حكومة رئيسي… النجاح صعب والفشل ممنوع

لعلّ من حسن حظ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن معظم الإيرانيين ليس متخصصًا في الاقتصاد. وسبب ذلك أن الوضع الاقتصادي الإيراني، اليوم، يشكو من تداعيات ظاهرةٍ قلّما وُجدت: الاقتصاد التضخمي الكسادي. مصطلح يكفي لأن تتجهّم وجوه الاقتصاديين لسماعه، فالحل فيه هو المشكلة، والمشكلة فيه قد تكون حلا. هكذا، فإن حلّ أزمات التضخم يأتي بالكساد، وحلّ أزمات الكساد ينتج تضخمًا. هذا ما يلمسه معظم الإيرانيين في يومياتهم، وهنا تنخفض أهمية المصطلح لمصلحة الواقع المعاش، ويتبين لنا أن رئيسي ليس محظوظا بما فيه الكفاية.

في الخلاصة، الرئيس الجديد أمام امتحانٍ اقتصادي شديد الصعوبة وهو مدرك ذلك. ولهذا، من الطبيعي أن يكون السؤال الأبرز حول الحكومة المقترحة: من سيترأس المفاصل الاقتصادية في الحكومة؟ وما هي برامجهم؟ رفع العقوبات الأميركية، وأغلبها اقتصادي، هو المهمة البارزة للفريق الاقتصادي للحكومة، بالتعاون مع وزارة الخارجية.

الفريق الاقتصادي المقترح من رئيسي

 ثلاثة مناصب اقتصادية لا بد أن يعين رئيس الجمهورية من يشغلها: وزير الاقتصاد، ورئيس البنك المركزي، ورئيس منظمة البرمجة والميزانية. لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد. بإمكان رئيس الجمهورية تعيين مساعد خاص للشؤون الاقتصادية وكذلك تعيين نائب للاقتصاد. هذا ما فعله الرئيس السابق حسن روحاني، الذي أضاف منصب نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية. وفي السياق الرئاسي نفسه، من المتوقع أن يضيف ابراهيم رئيسي منصب المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية، إضافة إلى تعيين مسؤول للتنسيق بين الفريق الاقتصادي في الحكومة. تتعدد التسميات، والمهمة واحدة تقريبا: تحسين الوضع الاقتصادي الذي بلغ مراحل خطيرة جدا.

أولى الخطوات سهلها البرلمان أمام رئيسي، إذ منح الثقة لوزير الاقتصاد المقترح احسان خاندوزي، تزامنا مع تعيين رئيسي نائبه الأول محمد مخبر مسؤولا للتنسيق بين الفريق الاقتصادي في الحكومة، وذلك بعد أن عيّن مسعود ميركاظمي رئيسا للبرمجة والميزانية. يبقى من الفريق الاقتصادي الرئيسي، كي يكتمل، تعيين رئيس البنك المركزي من قبل رئيس الجمهورية، إضافة إلى المناصب الأقل تأثيرا من دون أن ينفي ذلك أهميتها.

 أبرز القضايا الاقتصادية

الوقت لا ينتظر. سيبدأ الفريق الاقتصادي أعماله الأسبوع المقبل، في حال نيل ثقة البرلمان. القائد الإيراني الأعلى علي خامنئي كان قد طالب رئيسي “بتسريع تأليف الحكومة والقيام بالأعمال وإنجاز المهام، نظرا إلى الوضع الحساس في البلاد. فإن أكبر المعاناة في إيران تتمثل في الوضع الاقتصادي”. تواجه الجمهورية الإسلامية في ظل العقوبات وقضية FATF المعقدة، عقبات مثل التضخم، والنمو الاقتصادي، وتراجع حاد في قيمة العملة الوطنية. تؤثر هذه العوامل على جميع الأصعدة الاقتصادية في البلاد، ولكن التأثير الأكبر يطال التجارة. إيران تعتمد على تجارة محدودة لتأمين الأموال، فيما  تبدو غير قادرة على تصدير النفط في ظل الحصار بالطرق الرسمية دوليا، ما يصعب المهمة، رغم أن رئيسي طمأن إلى وجود طرق لبيع النفط، وليس سرًا أن يتحدّث عن الصين كوجهة أساسية لذلك. من المؤكد أن التجارة المحدودة أيضا لا تتم بسهولة، فإيران تعيش عقوبات بنكية ومصرفية قاسية. وهذا ما يعقد عملية التسليم والتسلم للأموال، إضافة إلى أن هبوط الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي يجعل الأسعار الأجنبية باهظة، ومن أقسى تجلياتها اضطرار إيران لشراء احتياجاتها من المعدات والمشتقات النفطية بأضعاف السعر الرسمي.

في ظل الحصار، من الطبيعي ألا تكون إيران وجهة المستثمرين الأجانب. ولا تقتصر الأزمة على ذلك. تراجع الريال وعدم توافر المواد الأولية لإنتاج البضائع اللازمة داخليا، تسببا في تجميد عمل المستثمرين في الداخل. يعتقد خبراء اقتصاديون بأن حلحلة القضايا المرتبطة بالاستثمار الداخلي يجب أن تتصدر برامج الحكومة الجديدة. يتوقعون أن تواجه البلاد أزمات كبرى مستقبلا في مجالي البنى التحتية والمنتجات الوطنية، في حال عدم الالتفات للمستثمرين في الداخل. صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية نقلت عن عضو دار التجارة الإيرانية السابق مهدي علي بوردار قوله: “إن أغلب الدول في العالم تعفي المنتجين والمستثمرين في الانتاج من الضرائب وتدعمه من جهات أخرى كذلك، ولكن في إيران تتعامل الحكومة مع المنتج عكس ذلك تماما، وتمنح الإعفاءات الشرعية وغير الشرعية للوساطات وليس المنتج”.

التجارة في برنامج حكومة رئيسي

رضا فاطمي أمين، المرشح لتولي وزارة الصناعة والمعدن والتجارة في حكومة ابراهيم رئيسي، كان قد صرح أن برنامجه يتضمن صناعة ٣ ملايين سيارة، ورفع معدل صناعة المستلزمات المنزلية إلى ٦ أضعاف في الحكومة الجديدة، أي في السنوات الأربع المقبلة. وفي حديث أجرته صحيفة “دنياي اقتصاد” التخصصية مع فاطمي أمين، أكد أن ارتفاع الصادرات إلى ٥ مليار دولار ممكن من خلال التركيز على التجارة مع البلدان الجارة بدءًا من العام الجاري.

داخليًا وخارجيًا، تبدو التحديات الاقتصادية أمام حكومة رئيسي شديدة القسوة. يدرك الرئيس المنتخب أن النجاح صعب جدا وأن الفشل ممنوع. بين هذين الحدّين يرجّح أن يضع فريق رئيسي مجهوده، في انتظار تحولاتٍ خارجية على مستوى الاتفاق النووي، ستؤدي إن حصلت، إلى تحسنٍ اقتصادي ملحوظ. لكن العمل بناء على هذا الاحتمال يبدو شبه مقامرة، ومن المبكر الحديث عنه، لأسبابٍ شتّى، وتلك قصة سياسية أخرى ترفع الاقتصاد وتهبط به.

https://www.youtube.com/watch?v=q_RsSZzeJtQ&ab_channel=%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%AB
جاده ايران تلغرام
للمشاركة: