الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 أغسطس 2021 06:21
للمشاركة:

بعد سيطرة طالبان على كابول.. تأثيرات الجار الشرقي على إيران

تجمع بين أفغانستان وإيران قواسم مشتركة عديدة مثل اللغة والثقافة والتاريخ، إضافة إلى الحدود البرية التي تبلغ نحو ٩٠٠ كيلومتر. ربما هذا ما يجعل إيران من أكثر المتأثرين جراء تطورات الأحداث في أفغانستان. لذلك لم تتأخر الأولى عن تقديم موقف رسمي من سيطرة تنظيم "طالبان" على أغلب أراضي الثانية. وبما أن السنوات الماضية شهدت انفتاحًا واضحًا في علاقة طهران بالتنظيم الأفغاني فإن الموقف الإيراني لم يبد قلقًا بعد انتهاء حقبة الحكم الذي رسمت معالمه الولايات المتحدة بعد سيطرتها على كابول عام 2001.

في هذا الصدد، رأى الأستاذ الجامعي عماد آبشناس في رده على سؤال حول الآثار التي من الممكن أن تتركها تطورات أفغانستان على إيران أن “هذه الأخيرة تأمل بتشكيل حكومة ائتلافية أو توافق وطني أو كل ما أردت تسميتها بما يؤدي إلى إيجاد استقرار في أفغانستان بعد خروج الولايات المتحدة من هناك وبما أنها استطاعت بناء علاقات مقبولة نسبيا مع طالبان خلال العقدين الماضيين فإنها تتطلع لأن تكون الحكومة المقبلة صديقة لإيران وليست عدوة كما كان الحال منذ عشرين عاما”.

من الأحداث الأفغانية البارزة على الأراضي الإيرانية، كان وصول والي هرات السابق وأحد أبرز القادة الأفغان في الحرب ضد حركة ‎طالبان محمد اسماعيل خان، إلى مدينة ‎مشهد شرقي إيران بعدما كان يخضع للإقامة الجبرية في ‎أفغانستان. وهذا ما دفع المحللين للتساؤل هل فرّ اسماعيل خان من قبضة طالبان أم أن هناك اتفاق بين إيران وطالبان على نقل والي هرات السابق إلى إيران. وعلى الرغم مما سبق يعتقد بعض الأصوليون مثل المحلل وحيد يامين بور أن “إيران مطالبة بالحذر من الأحداث في أفغانستان لأن الأيادي الأميركية ليست بريئة من كواليس السقوط الغريب للمدن الأفغانية على يد طالبان”. معتبرًا أن “طالبان قنبلة موقوتة وتهديدا لإيران”. صوت يامن بور لم يكن الوحيد في إيران، إذ يشير آبشناس في حديثه مع “جاده إيران”، إلى أن “طهران يوجد فيها اتجاهين أحدهما يعتبر أن طالبان تغيرت ويمكن التعامل مع الحكومة المقبلة هناك، فيما يتخوف الاتجاه الأخر من إمكانية عودة طالبان لإيدولوجيتهم القديمة بعد السيطرة على السلطة وتشكيل تهديد لإيران وعندها سوف تجبر إيران على التعامل مع الموضوع بمواجهة التهديدات أمنيا وعسكريا”.

ردود الفعل الدبلوماسية

يراقب الساسة الإيرانيين الأوضاع في أفغانستان لتكتمل ملامح الموقف الإيراني تجاه سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان. وجاءت تصريحات دبلوماسية الأثنين ١٦ آب/ أغسطس على لسان عدد من السياسيين في البلاد.

‏أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي ‎شمخاني، أكد على الدعم الإيراني للشعب الأفغاني ورغبته وإرادته حسب قوله، كما أشار شمخاني في تغريدته إلى تغريدة سابقة للجنرال بسم الله محمدي وزير الدفاع الأفغاني كان قد قال فيها “قيدوا أيدينا وراء ظهورنا وباعوا الوطن، اللعنة على غني وعصابته”، حيث قال شمخاني في وقت باكر من يوم الاثنين ١٦ آب/ أغسطس: “خلال زيارتي إلى كابول في ديسمبر ٢٠١٨ كانت لي جلسة صاخبة مع الرئيس الأفغاني. الحديث المؤلم لوزير الدفاع الافغاني يترجم 20 عاما من آثار الاحتلال الاميركي ومدى عمق نفوذ وتأثير واشنطن على حكومة هذا البلد. سنواصل دعمنا للشعب الافغاني على غرار الـ 40 عاما التي مضت وندعم مطالبه وإرادته.

وصرح ‏الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي: يجب تبديل الهزيمة العسكرية والانسحاب الأميركي من ‎أفغانستان إلى فرصة لإعادة الحياة والأمن لهذا البلد. وأكد رئيسي خلال مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته محمد جواد ‎ظريف حول التطورات الأفغانية وسيطرة حركة ‎طالبان على مقاليد السلطة أن ‏‎”إيران ملتزمة بعلاقات الجوار مع ‎أفغانستان وترصد عن كثب وبدقة التطورات الأفغانية الجارية”. كما شدد رئيسي على ضرورة التوصل لاتفاق وطني شامل حيث قال: “إيران كدولة جارة لـ ‎أفغانستان تدعو جميع الفصائل الأفغانية للتوصل إلى اتفاق وطني شامل”.

في السياق، أعربت الخارجية الإيرانية عن قلقها إزاء العنف في أفغانستان وحثت للحفاظ على أمن المدنيين. داعية جميع الأطراف ‏‎الأفغانية إلى ضبط النفس والحوار لتحقيق تسوية سلمية.

وفي تصريح حول ماهية الحركة قال وزير الثقافة الإيراني محمد مهدي إسماعيلي بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول يوم الأحد، “إن حركة “طالبان” ليست حزبا سياسيا بل هي تيار فكري”. مضيفًا أن “الأحزاب السياسية تغير مواقفها وفقا للاقتضاءات السياسية وفي سبيل الوصول إلى السلطة. لكن التيارات الفكرية لا تتغير على المدى القصير، من الممكن أن تغير أساليبها لكنها ثابتة على أصولها”. وتابع إسماعيلي: “الفكر الطالباني لم يتغير”.

الاقتصاد الإيراني – الأفغاني

تتصل إيران وأفغانستان بأكثر من ٩٠٠ كيلومتر من الحدود المشتركة شرقي إيران وغربي أفغانستان. ويعتقد الخبراء بأن في ظل حكومة طالبان في أفغانستان ستشهد الأسواق الإيرانية هناك أزمة. وكان قد أعلن رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران وأفغانستان عن توقيف التجارة بين البلدين منذ أسبوع أي ١٠ أغسطس/ آب. وفي هذا الصدد أوضح الأستاذ الجامعي عماد آبشناس أن “أفغانستان كانت خلال السنوات الماضية أحد المستوردين للبضائع الإيرانية وطبعا هذا الأمر يهم التجار الإيرانيين كثيرا”.

الجدير ذكره، أن أفغانستان تؤمن نسبة كبيرة من الكهرباء والغاز اللازم لها من إيران. هذا ما جعل الوكالة الألمانية “دويتشه فله” تنقل عن السفير الإيراني السابق لدى كابل يقوله إن أفغانستان ستشهد أزمة في مجال الكهرباء والغاز في حال سيطرة طالبان عليها.

وبحسب الوكالة الرسمية للإذاعة والتلفزيون الإيراني فإن “إيران تصدّر بضائعا بنحو ٣ مليار دولار إلى أفغانستان. وأضاف التلفزيون الإيراني الرسمي أن واردات أفغانستان في عام ٢٠٢٠ لم تتجاوز ٧ مليار دولار، وبهذا احتلت البضائع الإيرانية ٤٤% من إجمالي الواردات الأفغانية. وتابعت الوكالة الرسمية: “بالرغم من العقوبات فإن التجارة الإيرانية الأفغانية تضاعفت في السنوات الخمس الأخيرة”.

ووفق التلفزيون الإيراني فإن أفغانستان تستورد أكثر من ٩٠% من احتياجاتها من دول الجارة لها.

إيران والمهاجرون الأفغان

تتوقع السلطات الإيرانية زيادة الهجرة الشرعية وغير الشرعية من الجانب الأفغاني إلى إيران. وذلك على وقع تفاقم الوضع الأمني في أفغانستان، فأعدت خطة مسبقة لاستقبالهم في ثلاث من المحافظات الحدودية.

بحسب وكالة “إرنا” الإيرانية أعلن مدير الحدود في وزارة الداخلية الإيرانية حسين قاسمي في وقت سابق أن بلاده أعدت خطة مسبقه لاستقبال اللاجئين الأفغان القادمين باتجاه إيران، حيث تم بناء مساكن مؤقتة في ٣ محافظات حدودية هي خراسان رضوي وخراسان جنوبي وسيستان وبلوشستان.

يذكر أنه يبلغ عدد اللاجئين الأفغان في إيران بحسب إحصائيات الوزارة في شباط/ فبراير 2021، مليونان ونصف المليون أفغاني.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: