الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 أغسطس 2021 18:52
للمشاركة:

عبد اللهيان وزيرًا لخارجية إيران .. دلالات ورؤى

لا شك أن اختيار رئيس جمهورية إيران إبراهيم رئيسي، لحسين أمير عبد اللهيان المساعد الخاص لرئيس البرلمان في الشؤون الدولية، لتولي حقيبة الخارجية في حكومته لها يكشف عن دلالات وتوجَّهات للسياسة الخارجية الإيرانية في عهده. فهو دبلواسي قضى جل حياته المهنية في المنطقة، ويفتقر للدراية التي كان يحملها سلفه في خارج نطاق المنطقة.

الحكومة الـ 13 برئاسة رئيسي تبدأ أعملها مثل سابقتها يحتل الملف النووي الإيراني أولى أولوياتها على طاولة وزير الخارجية (في حال استقر الملف داخل جدران الخارجية ولم يعد إلى المجلس الأعلى للأمن القومي). كذلك تمر الخارجية في الدبلوماسية الإقليمية بأوقات مزدحمة؛ فلقد أطلقت التكهنات حول تهدئة التوتر بين إيران والسعودية موجة من الأخبار والتحليلات حول خروج هذا الملف من الطريق المسدود.

لهذا وفي سبيل قراءة توجَّهات وأولويات السياسة الخارجية الإيرانية في عهد رئيسي، وفي استقراء لدلالات اختيار عبد اللهيان وزيرًا للخارجية خلفًا لمحمد ظريف، تناول منظَّر السياسة الخارجية الإيرانية جلال دهقاني فيروز آبادي، خلال مقاله على صحيفة “ايران” الحكومية اليوم السبت دلالات تعيين المساعد الخاص لرئيس البرلمان في الشؤون الدولية وزيرًا للخارجية.

فيروز آبادي وخلال مقاله أكَّد على أنه رغم عدم تحديد ورسم السياسات الخارجية جميعها في وزارة الخارجية، إلا أن ذلك لا يعني انتفاء أهمية دور وزارة ووزير الخارجية.

حتى وإذا سلَّمنا بحصر وظيفة وزارة الخارجية في تنفيذ السياسة الخارجية، فهذا أيضًا لا ينفي عدم وجود تأثير لها. نظرًا لأن منفذي السياسة الخارجية يملؤون الفجوة ما بين وضع السياسات والقرار في السياسة الخارجية وتنفيذها، لذلك فمن يختار وزيرًا للخارجية، سيلعب دورًا محددًا في السياسة الخارجية.

ولهذا، فإن تسمية وانتخاب حسين أمير عبد اللهيان وزيرًا للخارجية له دلالات ذات معنى للسياسة الخارجية لإيران في الحكومة الـ 13. أمَّا عن أهم دلالات وزارة خارجية عبد اللهيان فهي عبارة عن:

  • استمرار الاستفادة من أداة الدبلوماسية في السياسة الخارجية:

انتخاب دبلوماسي مهني وخبير وزيرًا للخارجية يشير إلى أنه خلافًا للدعاية المغرضة ستستفيد الحكومة الـ 13 من الدبلوماسية بالحد الأقصى.

  • تطابق الميدان-الدبلوماسية:

انتخاب دبلوماسي ميداني وزيرًا للخارجية يعني انتهاء الثنائية الكاذبة الميدان-الدبلوماسية في السياسة الخارجية للحكومة الـ 13 وتطابق هاذين التوجهين للقوة الوطنية. والنتيجة لذلك أيضًا سيكون تعزيز الدبلوماسية الميدانية في السياسة الخارجية الإيرانية.

  • تطابق المفاوضات-المقاومة:

التفاوض والمقاومة أيضًا وجهان لعملة واحدة. نظرًا لأن نجاح السياسة الخارجية تستلزم استخدام متزامن ومتضامن لهذين الاثنين. التفاوض بدون مقاومة ينتهي بالمصالحة والاستسلام وهو ما لا يوفر المصالح القومية. وزارة خارجية أمير عبد اللهيان مؤشر لإنهاء هذه الثنائية الكاذبة أيضًا في السياسة الخارجية الحكومة الـ 13.

  • تعزيز خطاب المقاومة:

مع وزارة أمير عبد اللهيان، ستشهد وزارة الخارجية تحوَّلًا في الخطاب. على النحو الذي سيعزز توجه المقاومة ويوطده لأجل إقرار توازن بين التفاوض والمقاومة.

  • تقوية محور المقاومة:

توجيه الجهاز الدبلوماسي من قبل دبلوماسي معروف بدعمه لمحور المقاومة، مؤشر على تعزيز محور المقاومة في السياسة الخارجية للحكومة الـ 13. على النحو الذي سيكون التعاون مع دول محور المقاومة على أولوية السياسة الخارجية.

  • الإقليمية المستقلة:

إحدى الثنائيات النظرية والعملية الأخرى في السياسة الخارجية الإيرانية نقطة انطلاقها نحو المستويين الإقليمي والدولي. هل السياسة الخارجية الإيرانية يجب أن تنطلق من المستوى والمنصة الإقليمية نحو المستوى العالمي أم العكس، تدخل إلى الإقليمية من خلال العالمية؟ أداء الحكومات السابقة يكشف أن الإقليمية كانت تابع للعالمية في السياسة الخارجية الإيرانية. وزارة دبلوماسي ذو ميول إقليمية يشير إلى أن الإقليمية المستقلة وبالطبع التعاونية ستكون على جدول أعمال السياسة الخارجية الإيرانية.

  • السياسة الإقليمية والجوار الفعَّال:

الإقليمية المستقلة تستلزم وتتضمن منطقيًا سياسة إقليمية فعالة في سياسة الحكومة الـ 12 الخارجية. خاصة أن تخصص وتجربة وزير الخارجية المقترح لهذه الحكومة منطقة غرب آسيا. في قلب السياسة الإقليمية هناك تمركز أيضًا لسياسة الجوَّار الفعَّالة. ومن ثمَّ فالعلاقات مع الجوار من جانب، وتهدئة التوترات مع الجيران في الجنوب على جانب آخر، ستكون ضمن أولويات السياسة الخارجية للحكومة الـ 13.

  • تطوير وتعزيز العلاقات الخارجية الإيرانية مع كافة دول العالم:

تطوير وتعزيز العلاقات الخارجية الإيرانية مع كافة دول العالم على النحو الذي سيكون لطهران تعاون ذكي وفعَّال وشامل مع العالم. هذا الأمر يعني انتهاء التقييد في السياسة الخارجية. على النحو الذي لن تقتصر أولًا السياسة الخارجية على العلاقات مع الغرب. ثانيًا لن تقيَّد السياسة الخارجية فقط بالاتفاق النووي.

  • التوازن في السياسة الخارجية:

ستكون السياسة الخارجية في الحكومة الـ 13 مثلما صرَّح عبد اللهيان، متوازنة، على النحو الذي سيصنع التوازن من خلال تعزيز “التوجَّه شرقًا” في مقابل سياسية “التوجَّه غربًا”. واحدة من ضروريات السياسة الخارجية المتوازنة أيضًا هي التوجَّه نحو آسيا. ونتيجة هذان العاملين انتهاء فترة التركيز غربًأ غير المتوازنة واقتلاع جذور “التغريب” في السياسة الخارجية الإيرانية.  

  • إعادة بناء واسترجاع الثقة والاعتبار لوزارة الخارجية:

اختلاف وجهات النظر والأداء بين وزارة الخارجية وكافة جهات والمؤسسات المعنية بالسياسة الخارجية في حكومة حسن روحاني تسبب في إضعاف ثقتها واعتبارها على مستوى النظام. لكن، وزير الخارجية الذي هو موضع ثقة النظام، وانتخب بإجماع الأجهزة المختلفة المعنية بالسياسة الخارجية، سيعيد ويسترجع الثقة والاعتبار بوزارة الخارجية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: