الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 أغسطس 2021 23:55
للمشاركة:

صورة روسية بريطانية في طهران تستفز إيران

نشرت السفارة الروسية في طهران يون الأربعاء 11 آب/ أغسطس على حسابها في تويتر صورة قوبلت بردود شديدة اللهجة من قبل السياسيين وأثارت ضجة لدى الشارع الإيراني فتفاعل معها مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد بطابع سلبي.

الصورة التقطت في السفارة الروسية ويظهر فيها سفير موسكو في طهران لافان جاجاريان وكذلك سفير لندن في طهران سيمون شركليف تجمعهما جلسة على سلالم مبنى السفارة، كما ظهر في الصورة كرسي فارغ يتوسطهما. فرأى الإيرانيون أن الكرسي الفارغ يشير إلى غياب أميركا التي كان رئيسها حاضرا في صورة سابقة. إذ أخذت الصورة بالذاكرة الإيرانية إلى الحرب العالمية الثانية واستعمار الحلفاء لإيران. حيث أنها تحاكي الصورة التاريخية التي جمعت في ذات المكان كل من وينستون ‎تشرشل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، وفرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة، وجوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي، عام 1943 خلال الحرب العالمية الأولى.

وأرفقت السفارة الروسية صورتها بتعليق أشارت فيه إلى ذلك “المكان التاريخي” حيث قالت: لقاء السفير لافان جاجاريان بالسفير البريطاني الجديد في إيران سيمون شركليف، على السلم التاريخي، حيث عُقد مؤتمر طهران عام 1943.
ويذكر أن مبنى السفارة الروسية في طهران لم يتغير منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا، وحتى السلالم ما زالت موجودة. وكانت إيران في الحرب العالمية الثانية مستعمرة الحلفاء وقربها الجغرافي من الاتحاد السوفيتي جعلها مركز الاجتماعات للحلفاء وموقعا لاتخاذ القرارات المهمة لمواجهة هيتلر في تلك الحقبة الزمنية. لذلك اعتبر المحللون الصورة التي نشرتها السفارة الروسية لدى طهران تذكير بأيام الاستعمار الغربي لإيران.

ردود الفعل الإيرانية لم تتأخر، حيث سارع محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الإيراني ‏مغردًا بالقول: “يجب متابعة الإجراء غير الملائم لسفيري ‎روسيا و ‎المملكة المتحدة على الفور من قبل وزارة الخارجية. كما يجب على كلا السفيرين أن يعتذروا فورًا ورسميًا عن الإجراء المتخذ، وإلّا فسيكون من الضروري الرد الدبلوماسي الحاسم”.

كما اعتبر محمد جواد ظريف ‏وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته، صورة سفيري ‎روسيا و ‎بريطانيا لدى ‎طهران “غير لائقة” حيث قال: رأيت صورة غير لائقة للغاية اليوم. لقد أظهر الشعب الإيراني، بما في ذلك أثناء محادثات ‎الاتفاق النووي، أن مصيرهم لا يمكن أبدًا أن يخضع لقرارات في السفارات الأجنبية أو من قبل قوى أجنبية.

بدوره ‏المرشح لوزارة الخارجية حسين أمير ‎عبد اللهيان رد على الصورة قائلا: لقد أدى العمل غير الدبلوماسي الذي قام به السفيران الأجنبيان في ‎طهران إلى خنق الرأي العام. أيضًا أظهر تجآهلًا للآداب الدبلوماسية والاعتزاز الوطني للشعب الإيراني الغيور. التصحيح السريع لهذا الخطأ ضروري.

كذلك، شدد محسن رضايي الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران على أن “على السفيرين أن يتعلمان درسا من الكرسي الأميركي الفارغ” إذ قال: إن السفير البريطاني بتلبيته دعوة نظيره الروسي، يريد القول مع نظيره الروسي إن بريطانيا وروسيا في صف واحد بالقضايا الإيرانية وأن أميركا لا وجود لها معهما. فليأخذوا درسا من الكرسي الأميركي الفارغ. يجب التعامل مع كلا السفيرين بشكل حاسم ليفهما أن إيران اليوم ليست المكان المناسب لهذه الاستعراضات الفارغة.

الجدير ذكره، أن هذه الحادثة حظيت بتفاعل من المحللين السياسيين من كلا التيارين الأصولي والإصلاحي. إذ تساءل المحلل الأصولي ورئيس صحيفة “جوان” الأصولية عبد الله كنجي “إلى ماذا تومئ هذه الصورة” فردّ عليه الكاتب الإصلاحي عباس عبدي قائلا: يمكنك طرح السؤال على الصعيد الدبلوماسي، فإذا اشتركتا بريطانيا وروسيا حقا في توجيه رسالة إلى إيران فهذا يعتبر تغييرا أساسيا ولا شك أنّ له علاقة بالاتفاق النووي.
وعلق كنجي في تغريدة أخرى خاطب فيها السفير الروسي وقال: السيد السفير إن تجديد ذكريات الحرب مع النازية محله في سنبترزبورغ وليس طهران، فهنا لا يعني سوى تجديد ذكريات الاستعمار. وطالبه بـ”الاعتذار” معتبرا أن هذا أقل شيء يمكن التعويض به.

في السياق ذاته، كتب الأستاذ الجامعي المتقاعد من كلية القانون وعلم السياسة في جامعة طهران الإصلاحي عبد الله رمضان زاده: استدعوا سفيري بريطانيا وروسيا إلى وزارة الخارجية وإذا لم يقدما اعتذارا رسميا، اسحبوا اعتمادهم.

على خلفية تلك الصورة التي تذكر بمؤتمر ‎طهران السري في خضم الحرب العالمية الثانية 1943 وردود الفعل التي قوبلت بها، سارعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى كلا السفيرين المعتمدين لديها‏‎، السفير الروسي لافان ‎جاجاريان ونظيره البريطاني سيمون شركليف. وصرحت الخارجية الإيرانية بأنه “تم إبلاغ السفير الروسي باعتراض ‎طهران على نشر هذه الصورة و السفير الروسي أكد على استراتيجية العلاقات الإيرانية الروسية و أن الغرض من نشرها كان التذكير بالتعاون الروسي البريطاني ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية  وليس الاساءة لإيران”. كما صرح السفير البريطاني بعد استدعائه ‏قائلا: “مع احترام جمهورية ‎إيران الإسلامية وشعبها العظيم وتاريخها، أؤكد أنه لا يوجد حقد وراء هذه القضية”.

وأصدرت السفارة الروسية بيانا توضيحيا جاء فيه: “‏رد الفعل على الصورة مستغرب، فهي لا تحتوي على أي سياق معاد لإيران. لن نسيء إلى مشاعر الشعب الإيراني الصديق. المعنى الوحيد هو الإشادة بالجهود المشتركة ضد النازية خلال الحرب العالمية”. وأضافت: “خلال المحادثة التي جرت في جو ودي، تم تقديم جميع التفسيرات اللازمة للجانب الإيراني، والتي تم نشرها بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالسفارة. وأعرب السفير عن أسفه لسوء التفاهم الذي نشأ بهذا الصدد”. مؤكدة أن “‏إيران صديقتنا وجارتنا وسنواصل تعزيز العلاقات على أساس الاحترام المتبادل”.

صورة روسية بريطانية في طهران تستفز إيران 1
جاده ايران تلغرام
للمشاركة: