الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة3 يوليو 2021 11:57
للمشاركة:

أبرز الشخصيات المرشحة لتولي وزارة الخارجية في عهد رئيسي

يُعرف من يتقلد منصب وزير الخارجية في إيران بأنه المسؤول الرئيسي عن تطبيق السياسة الخارجية للدولة، كما يُعدّ أهم منصب في الحكومة على مستوى العلاقات الدولية بعد رئيس الجمهورية. وبالرغم من أن التصريحات الأخيرة حول هذا المنصب للقائد الإيراني الأعلى تقول إن "وزارة الخارجية تنفّذ السياسات الخارجية للنظام فحسب ولا تقرّرها"، يبقى السؤال الأكبر بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية يدور حول من سيقود الدبلوماسية ويحل في المبنى الأهم في مجمع وزارة الخارجية الايرانية؟

الأجابة على هذا التساؤل حصرتها الأحداث السياسية الإيرانية في الآونة الأخيرة -على الصعيدين الداخلي والخارجي- في عدة أسماء لا تزال تتصدر الأخبار والتحليلات كونها أبرز المرشحين لتولي هذا المنصب في حكومة الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي دون استبعاد المفاجآت. فمن هؤلاء؟

منوشهر متكي

الوزير الذي كان في رحلة عمل إلى السنغال بصفته وزيرا للخارجية الإيرانية في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، فأخبروه مباشرة بعد لقائه بالرئيس السنغالي آنذاك بعزله من منصبه! ربما هذا أغرب عزل سياسي شهدته الجمهورية الإسلامية في إيران عبر تاريخها.

ولد منوشهر متكي عام 1953 في إحدى المحافظات الشمالية للبلاد. وكان أيام الثورة الإسلامية في إيران شابا في الخامسة والعشرين من عمره يدرس علم الاجتماع في الهند -وهو اليوم حاصل على درجة الماجستير في تخصصه-. صبيحة انتصار الثورة في إيران انطلق متكي من الهند مع مجموعة من رفاقه باتجاه بلده الأم، ومن هنا بدأت رحلته السياسية.

تولى متكي المعروف بميله للتيار الأصولي مناصب مختلفة في الوزارة على مدى 27 سنة. كان السفير والوزير والمفاوض والنائب إلى جانب مناصب مهمة أخرى. كان متكي نائبا في مجلس الشورى الأول الذي يُعد أهم برلمان بعد الثورة في إيران إذ قام هذا البرلمان بمناقشة قضايا مهمة مثل قضية المعتقلين الأميركيين في إيران وفرض الحجاب وعزل الرئيس الأول ابو الحسن بني صدر، كما اندلعت نيران الحرب العراقية – الإيرانية في هذه الفترة.

كذلك كان متكي نائبا ايضا في البرلمان “الجمهورية الإسلامية” السابع. ومن المناصب المهمة التي تولاها منوشهر متكي، منصب السفير الإيراني في تركيا لمدة أربع سنوات شهدت نموا اقتصاديا كبيرا في التجارة بين البلدين. إلا أن أهم منصب شغله متكي، وزارة الوزارة الخارجية لأكثر من 5 سنوات في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. وكان عزل متكي من منصبه بتلك الطريقة الغريبة أشبه بالنيل منه وذلك بسبب خلافه مع أشخاص مقربين من الرئيس. رَدّ متكي على هذا الأسلوب بعدم حضوره حفل التوديع الذي يقام رسميا في المناسبة.

أثار هذا الحدث ضجة كبيرة في الوسط السياسي والمجتمع الإيراني. كما أن البرلمان اجرى استجوابا للرئيس أحمدي نجاد حول هذه القضية وأحمدي نجاد لم يعط سببا مقنعا -حتى اليوم-. أما متكي، فقد اجاب عندما سُئل عمّا جرى قائلا: “سوف نتحدث أنا وأحمدي نجاد عن تفاصيل هذه القضية يوم نكون رجلين عاديَّين” أي عندما لا نكون سياسيَّين. ومؤخرا أشار منوشهر متكي في حديث له عبر التلفزيون الإيراني الرسمي عن تفاصيل عملية عزله المثيرة للجدل. ولكنه لم يكشف ماذا حدث خلف الكواليس.

أبرز الشخصيات المرشحة لتولي وزارة الخارجية في عهد رئيسي 1

سعيد جليلي

سعيد جليلي الأصولي بل “الأصولي جدّا” كما يصفه السياسيون حول العالم، أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران والمنسحب لصالح إبراهيم رئيسي. بعدما كان قد أعلن دعمه لهذا الأخير في الانتخابات الرئاسية السابقة، أي انتخابات 2017 عندما كان إبراهيم رئيسي المنافس الأبرز للرئيس حسن روحاني.

ولد سعيد جليلي عام 1965 في مدينة مشهد. كان في الخامسة عشرة من عمره حين اندلعت الحرب العراقية – الإيرانية. التحق بساحة القتال منذ ذلك الحين ضمن التعبئة الشعبية، وفقدَ رجله اليمنى بعد إصابته عند مشاركته في عمليات إبان الحرب. يحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران، والتي تعتبر مدرسة لصناعة الكوادر السياسية الإيرانية.

تولى مناصب عديدة في الوزارة الخارجية على مدى 18 سنة، وكان أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومسؤول ملف المفاوضات حول الملف النووي لبلاده في الفترة بين 2007 وحتى 2013، ويرى البعض أنّه حقق نجاحات أكسبت إيران موقفًا قويًا في مواجهة الغرب حول برنامجها النووي. وعُيّن جليلي عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام من قبل القائد الأعلى للثورة الإسلامية في عام 2013.

يُعتبَر سعيد جليلي من أشد معارضي الاتفاق النووي وصرّح سابقا أن “الاتفاق النووي لو كان جيدًا، لما أضاف القائد الأعلى والبرلمان ومجلس الأمن القومي 28 شرطًا لتنفيذه… فإن الاتفاق بدون هذه الشروط كارثي”.وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الحالي ويليام برنز، والذي كان عضو فريق التفاوض الأميركي حول تجربة التفاوض مع جليلي: “لقد كان مؤمنًا حقيقيًا بالثورة الإسلامية، وقد توصل إلى هذا الاعتقاد من خلال تجربة مريرة. أصيب في المعركة مع العراقيين في الثمانينيات، وفقد جزءًا من ساقه اليمنى وكان يعاني من صعوبة واضحة في المشي. مثل العديد من معاصريه، فقد تعلّم في الخنادق الطريقة الصعبة التي يجب على إيران ألّا تثق بأحد وأن تعتمد على نفسها فقط”.

كما عبّرت سابقا رئيسة الوفد الأميركي في المفاوضات النووية ويندي شرمن، نائبة وزير الخارجية الأميركي الحالي، بالقول إن “سعيد جليلي کبير المفاوضين أثناء فترة حكم الرئيس أحمدي نجاد، کان “يعذّبنا” علی طاولة المفاوضات”!

أبرز الشخصيات المرشحة لتولي وزارة الخارجية في عهد رئيسي 2

عبّاس عراقتشي

رجل المفاوضات، ترأس الوفد الإيراني للتفاوض مع الغرب في الشأن النووي وكان حاضرًا في جميع المفاوضات. هو سياسي إيراني ومسؤول دبلوماسي يشغل منصب نائب الوزير للشؤون القانونية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية. ويُعدّ اليوم أحد أبرز الشخصيات على المستوى الدبلوماسي.

ولد عراقتشي عام 1962 في طهران، وهو حاصل على درجة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة “كينت” البريطانية. تنقل مابين متحدث رسمي، ومعاون وزير، وسفير، ومناصب أخرى في عهود الرؤساء حسن روحاني ومحمود أحمدي نجاد ومحمد خاتمي. ولكن التخصص في المجال السياسي لم يمنع عباس عراقتشي عن الانضمام لقوات الحرس الثوري الإيراني أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل إن السنوات الماضية شهدت انتشار أخبار، لم يجر التأكد منها، تُفيد بأن عراقتشي ما زال ضمن فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو الفيلق المكلّف بالعمليات العسكرية خارج حدود إيران، الأمر الذي نُفي في حينه من جهاتٍ مقربة من عراقتشي، فيما اكتفى عراقتشي نفسه بالصمت.

وعلى صعيد المفاوضات والاتفاق النووي، كان عراقتشي أول مسؤول إيراني يعلن عام 2015 عن التوصل لاتفاق مبدئي حول ملف إيران النووي، عبر تغريدة على موقع تويتر كتب فيها “ارتفاع دخان أبيض من مفاوضات جنييف”، وكان قد قصد بها التأكيد على وجود تقدم في مسار المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1. سيرة دبلوماسية حافلة، ومازالت مستمرة، تجعل عددًا من المهتمين يصف عراقتشي بأنّه الشخص الثاني في المؤسسة الدبلوماسية الإيرانية التي يقودها وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

علي باقري كَني

ظل سعيد جليلي ومساعده خلال سنوات مجلس الأمن القومي، وهو الاسم الذي جرى الاتفاق عليه بين ادارة الرئيس حسن ‎روحاني وفريق الرئيس المنتخب ابراهيم ‎رئيسي على تولي تنسيق عملية التسلّم والتسليم في وزارة الخارجية خلال الفترة المقبلة. وقد اعتبر المحللون هذا الأمر تلميحا لامكانية تسلمه وزارة الخارجية في الحكومة المقبلة.

علي باقري كني الذي ولد عام 1967 في طهران، هو نجل رجل الدين الإيراني المعروف “محمد باقر باقري كني” الذي شغل مناصبا سياسية في الجمهورية الإسلامية. كما أن شقيقه، مصباح الهدى، متزوج من ابنة القائد الأعلى علي خامنئي، إلى جانب كونه ابن أسرة لعبت دورا مهما في التاريخ السياسي الحديث في بلاده.

أما عن أبرز المناصب التي تولاها علي باقري كني، فقد كان نائب المدير العام لأوروبا الوسطى والشمالية، كما عمل لبعض الوقت كنائب لوزير الخارجية للشؤون الأوروبية. وكان ضمن الوفد المفاوض في الملف النووي إلى جانب كبير المفاوضين آنذاك سعيد جليلي.

أما على صعيد الاتفاق النووي، فلم يخالف علي باقري كني استاذه المعنوي سعيد جليلي، في انتقاده الشديد للمحادثات النووية في حكومة الرئيس حسن روحاني وأعلن اعتراضه على مضمون المحادثات والاتفاق النووي بصراحة تامة مرات عديدة منها في البرلمان.

حسين أمير عبد اللّهِيان

هو أول مسؤول إيراني دُعي إلى لندن لإجراء محادثات إقليمية بعد إعادة فتح سفارة لندن في طهران خلال الولاية الأولى للرئيس حسن روحاني، كما أنه التقى وزير الخارجية البريطاني آنذاك فيليب هاموند. وقد أجرى محادثات إقليمية مفصلة مع فيديريكا موغيريني وعقد اجتماعات مفصلة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

حسين أمير عبد اللهيان الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة طهران. هو شخصية معروفة في وزارة الخارجية، وقد عُرف بموقفه الصريح والفاعل على الصعيدين الدولي والإقليمي في أزمات العراق وسوريا والتطورات في غرب آسيا وشمال إفريقيا.

عُيّن عبد اللهيان نائبًا لوزير الخارجية في وزارة علي أكبر صالحي في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، والتي احتفظ بها خلال السنوات الثلاث الأولى من وزارة محمد جواد ظريف في عهد الرئيس حسن روحاني. يعمل حاليًا كمساعد خاص لرئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف. والجدير ذكره أن إقالته من منصب نائب وزير الخارجية لشؤون البلدان العربية والأفريقية قوبلت آنذاك بانتقادات من التيار الأصولي. وكان عبد اللهيان سفير إيران لدى البحرين منذ عام 2007 حتى 2010.

يحاول أمير عبد اللهيان في موافقه السياسية التماهي بشكل كامل مع تلك التي يعلنها القائد الأعلى علي خامنئي، كما أنه غالبا ما يعلن دعمه لما يطلق عليه “محور المقاومة” والذي يضم حزب الله في لبنان والحكومة السورية وفصائل عراقية والمقاومة الفلسطينية.

يشار كذلك إلى أن عبد اللهيان شارك في المفاوضات النووية في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، كما أنه كان مفاوضًا في اللجنة السياسية للمفاوضات الإيرانية الأميركية في بغداد عام 2007.

أبرز الشخصيات المرشحة لتولي وزارة الخارجية في عهد رئيسي 3

إلى جانب الاسماء البارزة أعلاه يجري الحديث عن خيارات أخرى تبدأ بمهدي صفري الذي كان يشغل منصب المبعوث الرسمي لرئيس الجمهورية لشؤون بحر قزوين خلال حكومة الرئيس الاسبق محمد خاتمي وسفير إيران لدى الصين خلال فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. كما يتداول اسم علي حسيني تاش معاون امين مجلس الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية والذي شغل سابقا منصبا في الحرس الثوري. محمد رضا شيباني أيضا من الاسماء التي ذكرت ضمن لائحة المرشحين وهو كان سفيرا في سورية ويشغل حاليا منصب نائب وزير الخارجية.

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: