الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 يونيو 2021 09:16
للمشاركة:

صحيفة ” فرهيختغان” الأصولية – رئيسي سيشكل حكومة “عودة الأمل”

تساءلت صحفة "فرهيختغان" الأصولية، عن الخصائص التي يتميز بها الرئيس الإيراني المنتخب، إبراهيم رئيسي، والتي من شأنها أن تساهم في درء الشرخ المجتمعي والسياسي في إيران واصفة حكومة رئيسي بـ "حكومة عودة الأمل".

على الرغم من أن نتائج استطلاعات الرأي في الانتخابات الرئاسية كانت قد ذكرت أن نسبة المشاركة في الانتخابات سوف تكون قرابة 42 بالمئة إلا أننا لاحظنا أن الكثيرين قد توجهوا إلى صناديق الاقتراع ما جعل النسبة تتجاوز التوقعات، ولولا ضعف الإجراءات الحكومية في بعض مراكز الاقتراع وحدوث مشاكل في التصويت حتى الساعة 11 صباحا لكانت النسبة قد تجاوزت الخمسين بالمئة.

كان يوم 18 من يونيو/ حزيران عام 2021 بعثا جديدا للشعب الإيراني، وهو بعثٌ كان من الوارد أن يحدث قبل 49 شهرا أي في 20 أيار/ مايو 2017، لكن عتبُ الفقراء والمهمشين وعزوفهم عن المشاركة في الانتخابات أجّل هذا البعث إلى 18 من يونيو/ حزيران الجاري، لكن بين هذين التاريخين كم هي النفوس التي تلفت والحياة التي تدمرت بسبب ضغوط العقوبات وعدم فاعلية الحكومة ليقوم الأعداء الذين كان لهم حصة في هذا الوضع بالعمل على إبعاد الناس عن صناديق الاقتراع وحثهم على عدم المشاركة في الانتخابات. ورغم كل هذه الظروف بالإضافة إلى أزمة جائحة كورونا إلا أن الشعب قد نزل إلى صناديق الاقتراع في يوم التصويت وأنهى الجدل القائم وقال كلمته الحاسمة.

ولم يتوقف هذا البعث في الجغرافيا الإيرانية حيث شهدنا أنه قد امتد إلى جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن الجماعات المناهضة والمعادية للثورية مِن ملكيين وإرهابيين قد تجمعوا أمام مراكز التصويت في الخارج وحاولوا منع الناس من المشاركة في الانتخابات عبر إطلاق الشتائم والسباب إلا أن ذلك لم يمنع الناس في الخارج من المشاركة في العملية الانتخابية. ووفق الإحصاءات التي أعلن عنها وزير الداخلية فإن نسبة المشاركة بلغت 48.8 بالمئة ليتم الإعلان عن فوز رئيسي بعد أن حصل على 17 مليون و926 ألف و 34 صوتا من بين إجمالي عدد المصوتين والذين بلغ عددهم 28 مليون و 933 ألف و 4 مصوت.

وكان اللافت في هذه الانتخابات هو مشاركة الفئات التي رفضت المشاركة في الانتخابات السابقة بسبب الاستياء من الوضع الاقتصادي. في تلك الانتخابات شهدنا حضور واسع للطبقات المرفهة، وفي المقابل رأينا عزوفا عن المشاركة في الانتخابات من قبل الفئات الدنيا في البلاد. وهذا الأمر قاد إلى أن يحصل السيد حسن روحاني في منطقة شمال طهران (المنطقة الأولى) على 80 بالمئة من الأصوات كما حاز روحاني على 95 من الأصوات في المنطقة السادسة والتي تقطنها الفئات الغنية في البلاد. في المقابل شهدت المنطقة 15 والتي تعد متوسطة وضعيفة من حيث المستوى المعيشي للقاطنين فيها مشاركة انتخابية بنسبة 53 بالمئة. إن الطبقة الفقيرة من المواطنين لم تشارك في الانتخابات البرلمانية لعام 2020 لنشهد نسبة مشاركة لم تتجاوز 42 بالمئة، لكن وبعد أقل من عامين وفي ظروف أشد قسوة شهدنا ارتفاع المشاركة في الانتخابات الرئاسية بنسبة 7 بالمئة لتصل إلى قرابة 49 بالمئة. أظهرت الإحصاءات أن الانتخابات الرئاسية في دورتها الثالثة عشرة في مدينة طهران شهدت مشاركة متدنية حيث بلغت 23 بالمئة فقط، لكن في المقابل فإن نسبة المشاركة في المناطق الفقيرة والمهمشة بلغت أكثر من 60 بالمئة.

إن ماهية الأسباب التي تجعل الطبقات الفقيرة من المجتمع تصوت لصالح السيد إبراهيم رئيسي هو موضوع يستحق منا التأمل والمناقشة، وبكل تأكيد فإن أحد هذه الأسباب هو وجود عامل “الأمل” لدى الناس تجاه المستقبل. فهم يعتقدون أن مشاكل البلاد يمكن أن تحل من خلال هذه المشاركة. مع ذلك يبقى السؤال قائما وهو لماذا هؤلاء المواطنون قد شاركوا في هذه الدورة من الانتخابات وصوتوا لصالح إبراهيم رئيسي ولم يشاركوا في الانتخابات التي جرت عام 2017؟، إن الشعارات التي رفعها إبراهيم رئيسي في تلك الانتخابات لم تختلف كثيرا عن الشعارات الحالية. لقد وعد بتحقيق العدالة وخلق مليون فرصة عمل والقضاء على الفقر وبناء المساكن ذات التكلفة المنخفضة وكذلك زيادة نسبة الدعم الحكومي للطبقات الدنيا ثلاثة أضعاف مما هو عليه الآن، لكن هذه الوعود كانت لا تزال في حد الشعارات الانتخابية وفي النهاية لم تستطع أن تجر الناس إلى صناديق الاقتراع آنذاك.

في الانتخابات الرئاسة الأخيرة جاء السيد إبراهيم رئيسي بسجل ناجح في مجال العدالة، فعندما يتحدث عن ضرورة مكافحة الفساد فهو يحكي لنا ما قام بها وهو رئيسا للسلطة القضائية، وعندما يتحدث عن العدل والمساواة أمام القانون فهو يملك معه شهادات من محاسبة المفسدين ومن لديهم سجل سيء في النظام المصرفي في البلاد. وقد عزل القضاة الفاسدين وسجن الكثير منهم لكي ينقل رسالة التغيير إلى المواطنين وقد تحقق ذلك بالفعل.

لم يكن رئيسي شخصا مناسبا للطبقة الفقيرة فحسب بل الطبقة المتوسطة والتي تبحث عن الحريات الاجتماعية أيضا تجد فيه رئيس الجمهورية المنشود.  إن أدائه في السلطة القضائية فيما يتعلق بقضية الإعلام وموضوع الحجب لاقى إقبالا واسعا، وقد أقنع نسبة من الشارع الإيراني بأنه لا يعارض قضية الحريات وهو ما جعله مميزا عن باقي المرشحين. إن السيد إبراهيم رئيسي يعتبر الآن ذو سمعة جيدة لدى المواطنين وهو في نفس الوقت عنصر موثوق لدى منظومة الحكم في البلاد ما يجعله شخصا مناسبا لترميم الكثير من الشرخ الذي حدث خلال العقود الماضية بين الشعب والسلطة.

الانتخابات الإيرانية في وسائل الإعلام الغربية

حاولت وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للانتخابات الرئاسية الإيرانية التشكيك في “مشروعية” هذه الانتخابات، والسعي لتصوير هذه الانتخابات بأنها فاقدة للأهمية بالنسبة للمواطن الإيراني. فوكالة أسوشيتد برس وفي إطار هذه الغاية اضطرت للثناء على الانتخابات الإيرانية السابقة وأوردت في تقرير لها أن الانتخابات الإيرانية السابقة شهدت تشكيل صفوف طويلة من الناخبين لكن في الانتخابات الأخيرة فقد كانت الشوارع فارغة ولم تشاهد زحمة السيارات في الشوارع بسبب فراغ مراكز الاقتراع من الناخبين.

أما موقع موقع بوليتيكو الأمريكي فقد تجاهل المشاركة الشعبية الواسعة للإيرانيين في هذه الانتخابات وزعم أن رئيسي المرشح الأصولي قد فاز في ظل مشاركة منخفضة، معللة السبب في هذه المشاركة المنخفضة بقرار مجلس صيانة الدستور إبعاد عدد من المرشحين، لكن الحقيقة أن السبب في المشاركة المنخفضة يعود لفشل حكومة روحاني خلال السنوات الثمانية الماضية حيث حاولت أن تعالج مشاكل إيران من خلال الاعتماد على العلاقة مع الغرب.

في المقابل اعتبرت صحيفة “اليابان تايمز” الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران بمثابة استفتاء على أداء الحكومة في الاقتصاد وقطاعات مثل ارتفاع الأسعار والبطالة وانهيار العملة الوطنية.

في غضون ذلك غطت وكالة أنباء شينخوا الصينية الانتخابات الإيرانية ونشرت صورا لمشاركة واسعة للإيرانيين في هذه الانتخابات وكتبت في هذا الخصوص “شارك الكثير من المواطنين الإيرانيين من خلال تشكيل طوابير طويلة في الانتخابات الرئاسية”، كما نقلت كلمة المرشد ودعوته الشعب الإيراني إلى المشاركة في الانتخابات والمساهمة في تحديد مصيره.

كما سلطت وسائل الإعلام الغربية الضوء على ردود الأفعال الدولية بعد الإعلان عن فوز رئيسي حيث هنأ العديد من الزعماء الرئيس الإيراني الجديد وكتب القسم الفارسي بصحيفة إندبندنت البريطانية “بوتين أول زعيم يهنئ رئيسي”، وعنونت السي إن إن “إبراهيم رئيسي القاضي المحافظ والذي يرأس جهاز القضاء الإيراني أصبح على وشك الفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية”، وكتبت الغارديان البريطانية وقالت “منافسو رئيسي يهنئونه بالفوز”.

وكتبت وكالة الأنباء الفرنسية وقالت “من بين الذين صوتوا لصالح رئيسي هناك العديد من المواطنين الذين يقولون إن سبب تصويتهم لرئيسي هو عزمه وتعهده في مكافحة الفساد ودعم الطبقات الفقيرة في المجتمع”.

رسائل زعماء العالم إلى رئيسي

بعد الإعلان عن فوز إبراهيم رئيسي تسابق زعماء العالم على تهنئة بالفوز في الانتخابات الرئاسية واعتبروا هذه الانتخابات مظهرا لعظمة إيران، من بين المهنئين نجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و هيثم بن طارق سلطان سلطنة عمان، وإلهام علي اف رئيس جمهورية أذربيجان، و سركسيان رئيس جمهورية أرمينيا، والرئيس السوري بشار الأسد، وحركات المقامة الإسلامية حماس والجهاد، ونائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، ونبيه بري رئيس البرلمان اللبناني والكثير من القيادات والزعماء في العالم. كما هنأ أمين عام حركة حزب الله اللبنانية السيد حسن نصر الله رئيسي بالفوز في الانتخابات ونشر في تغريدة صورة لرئيسي مرفقا معه قوله تعالى: «سَلَامٌ عَلَی إِبْرَاهِیمَ».

رئيسي: سأشكل حکومة ثورية وفاعلة ومكافحة للفساد

وأكد رئيسي بعد الإعلان عن فوزه في الانتخابات في بيان له أنه سوف يشكل حكومة فاعلة وثورية وتعمل على مكافحة الفساد بكل ما أوتيت من قوة وقال في هذا الخصوص: “كما دخلت هذه الانتخابات بشكل مستقل فسأشكل بدعمكم وثقتكم العالية إن شاء الله حكومة فاعلة وثورية ومكافحة للفساد”.

وجاء في جانب من هذا البيان: “لقد وفيتم بصدق بعهدكم بالأمس، واليوم قد جاء دوري أنا؛ خادمكم لأعدكم بأني سأفي بالعهد الذي قطعته معكم وألا أتوانى عن خدمتكم ولو للحظة”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “فرهيختغان” الأصولية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: