الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة19 يونيو 2021 09:15
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – ما نوع الحكومة التي سيشكلها إبراهيم رئيسي؟

كتب مدير تحرير صحيفة "شرق" الإصلاحية، أحمد غلامي، مقالا تطرق فيه إلى تداعيات الانتخابات الرئاسية ومستقبل الحكومات في إيران ودورها بناء على الشكل الذي يتوقع أن تكون عليه حكومة إبراهيم رئيسي المنتظرة.

إن نهاية الانتخابات الرئاسية للعام 2021 تعني بداية فصل جديد في الحياة السياسية لكل من الأصوليين والإصلاحيين في إيران. وإذا نظرنا إلى أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 2019 وشعار “أيها الإصلاحيون والأصوليون لقد انتهت اللعبة” هو من الشعارات التي وجدت ترحيبا من قبل المعارضين حيث وجدوا النفخ في هذا الشعار من شأنه أن يحقق ما يرمون إليه. وقد وجد هذا الشعار فاعلية جديدة في الآونة الأخيرة حيث أدى إلى تماسك المؤسسات الرسمية والحكومة.

في هذه الدورة من الانتخابات سواء فاز الإصلاحيون أم الأصوليون فلن تكون أيدهم مرفوعة فيها فالمعادلة بالنسبة للإصلاحين واضحة تماما. فعبد الناصر همتي الذي لا يملك نفوذ الراحل هاشمي رفسنجاني، وليس له سجل في المؤسسات الأمنية في البلاد مثل روحاني، ولا يحظى بدعم شعبي مثل خاتمي فإذا فاز فسيتوجب عليه السير في طريق صعب ومن غير المرجح أن تصل رئاسته إلى ثماني سنوات على عكس جميع الرؤساء الآخرين.

لكن مع فوز إبراهيم رئيسي سيكون هناك تغيير في تشكيل السياسة الداخلية الإيرانية بشكل جذري، حيث سيظهر من خلالها جهة ثالثة من غير المرجح أن تكون لها تشعبات حزبية أو فئوية، وسيكون لهذه الجهة وقبل كل شيء موالون داخل ا لحكومة وأوفياء للهياكل الرسمية.

إن الدولة الحديثة والعصرية والتي كانت دائما مؤيدة لطبقة معينة ستتحد مع الطبقات الأخرى بعد الحصول على السلطة، لكن هذه المرة ستكون الحكومة هي الحكومة، ولا غرابة إذن أن يصرح رئيسي في لقائه بمديري وسائل الإعلام الإصلاحية أن حكومته لن تتشكل من اللجان التابعة له. إن الرسالة واضحة من خلال هذا القول وعلى الرغم من أن العديد من الإصلاحيين ليست لديهم رغبة في المشاركة بحكومة رئيسي أيضا فلن يكون هناك مكان لميولاتهم ولن يكون للأصوليين في عملهم الأصولي أيضا أي مكان.

الآن سواء أرادو أو لم يريدوا سيطرح هذا الشك القائل هل إن شعار “أيها الإصلاحيين والأصوليون لقد انتهت اللعبة” هو شعار مصدر أكثر من كونه مستوردا من الخارج، ووفق هذا الإطار لم تعد لافتة الأصوليين ذات فاعلية والأشخاص الذين سيكون لديهم اتصال مع الحكومة بعيدا عن النظرة الحزبية سيكونون موالين ومخلصين للحكومة ومن دون أي تردد وستكون الحكومة مجبرة على اتباع سياسة الحذف والدمج فيما يتعلق بالأصوليين، بحيث أن الأشخاص الذين سوف يدمجون سوف يندمجون كعاملين في الحكومة دون الرجوع إلى هوياتهم الفئوية والأشخاص الذين سيحذفون منها سيذهبون إلى النقاط المشتركة مع الإصلاحيين. أي النقاط المشتركة بالمطالب السياسية والاجتماعية وغيرها من النقاط وسيكون هذا التقارب في المطالب السياسية والاجتماعية في المستقبل غير البعيد. وإن فراغ وضعف سلطتهم سيؤدي لتقربهم من الجهات والفئات التي تم تجاهلها لسنوات وعقود طويلة وسيؤدي هذ الأمر تدريجياً إلى الحراك الاجتماعي.

وعلى الرغم من أن جميع الحكومات السابقة كانت أيديولوجية وبعضها كان مواليًا للاقتصاد شبه الليبرالي، وبعضها اعتمد على الاقتصاد شبه الاشتراكي فإن الحكومة نفسها هذه المرة سوف تكون أيديولوجية، فالأيديولوجيا هي عبارة مادة لاصقة تصل الجزيئات المتفرقة ببعضها وقبل أن تكون النظرية الاقتصادية والسياسية هي محور الدولة وبيانها الرسمي ستكون سلطة الدولة في المقدمة، وعلى الرغم من عدم وضع خطة اقتصادية واضحة بعد، فإن الدولة يجب أن تسد وترمم الفجوات الاقتصادية بسرعه لأنه إذا لم يتم إصلاح وسد هذه الثغرات والفجوات الموجودة فستكون الحكومة في حالة من الاضطراب.

هذا الاضطراب في الحكومة سيجعلها تعتمد وتتعلق أكثر فأكثر بدائرة الموالين لها وسيؤدي هذا التعلق إلى نزاع وعداء بين المواليين لها والمحرومين من طبقات المجتمع وإن أي شيء قاسي وصعب غير مرن سوف ينكسر بسرعة ويتحطم. فالحكومات السابقة وبسبب أنها مثلت قسما من المصالح لطبقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للناس أوجدت مرونة في التعامل مع موجات المجتمع المضطربة ونقل الضغط عليها وأحيانًا إلى المؤسسات الرسمية. وعلى الرغم من أن هذه المؤسسات الرسمية في بعض الأوقات كانت سببا لوجود هذا الوضع المضطرب داخل المجتمع إلا أنها وبسبب استقلاليتها عن الحكومة استطاعت أن تظهر بدور المدافع عن حقوق الشعب.

إن ما أنقذ الحكومات في وسط ما يحدث وأكثر من أي شيء آخر هو طبقات المجتمع، حيث إنها من خلال تعلقها بالمصالح السياسية والاجتماعية والاقتصادية استطاعت تأسيس حكوماتها، وحكومة رئيسي أيضا ليست مستثناة من هذه القاعدة، وإذا كانت لا تريد أن تسلك هذا الطريق المفروض للحكومة ورجحت أن تصبح حكومة أيديولوجية أو حكومة مناصرين فإنها وبعد ٤٠ سنة تصبح مؤسسة الرئاسة مؤسسة مهمشة وشبه معطلة كما كانت في السابق( قبل الثورة)، بالطبع بالنسبة لحكومات الستينيات والسبعينيات هذه المرة لم تعد الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كما كانت في الماضي، وإذا فاز إبراهيم رئيسي فربما يكون أهم عمل يقوم به هو الحفاظ على شكل الحكومة وطريقة الحكم على أساسها.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: