الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 يونيو 2021 18:44
للمشاركة:

صحيفة “فرهيغتغان” الأصولية – استراتيجية الإصلاحيين للبقاء

تناولت صحيفة " فرهيغتغان" الأصولية في مقالٍ محاولات التيار الإصلاحي الاستمرار في المشهد السياسي والحفاظ على كيانه في ظل التصدع والتخبط الذي يسود موقف قياداته من الانتخابات الرئاسية وانقسامها حيال المشاركة في هذه الانتخابات.

هل أصبح المشهد السياسي في إيران معقدا للغاية بحيث بات يستعصي على قادة التيار الإصلاحي اتخاذ قرار في أهم حدث سياسي في البلاد، يجعلهم يعيشون حالة من الحيرة والتردد؟ أم إنّ هناك مجموعة من القرارات في جبهة الإصلاحيين هي التي خلقت هذا الغليان؟

تأتي الانتخابات الرئاسة المقررة غدا الجمعة في الوقت الذي لم يحسم الإصلاحيون أمرهم بالنسبة للمشاركة في هذه الانتخابات، وقد نقلوا هذا التردد وعدم الحسم إلى جمهورهم من الناخبين. إن “لجنة الإجماع في جبهة الإصلاحيين” قد شُكلت أساسا لتنسيق العمل بين الإصلاحيين من أجل الانتخابات الرئاسية، وقد عَقدت هذه اللجنة اجتماعا يوم الاثنين الماضي 14 يونيو/ حزيران بهدف البت في أمر الانتخابات والاتفاق على دعم احد المرشحين، لكن هذا الاجتماع لم يخرج بنتيجة ولم يتفق الإصلاحيون على دعم أحد المرشحين الإصلاحيين في هذه الدورة بعد أن اعتمدوا على نتائج استطلاعات رأي في 12 محافظة، وهي استطلاعات لم يتم التأكد من صحتها ومصداقيتها. وبذلك استمر الإصلاحيون في الانتخابات الرئاسية الحالية كما الانتخابات البرلمانية دون وجود مرشح مدعوم من جانبهم بشكل معلن ورسمي.

وعلى الرغم من نشاط التيار الإصلاحي في الحملة الانتخابية للمرشحيْن عبدالناصر همتي ومحسن مهرعليزاده، ودعم أشد الإصلاحيين تطرفا لمهرعليزاده أثناء المناظرات الانتخابية إلا أنهم وبعد اجتماع “لجنة الإجماع في جبهة الإصلاحيين” توصلوا إلى ضرورة عدم دعم أحد المرشحيْن وهو ما يعزز مقولة وجود صراع داخل التيار الإصلاحي وتمرد جبهة على جبهة أخرى في هذا الموضوع. هذه الجبهة التي ظهرت الآن بعنوان “تحالف الجمهور” تكونت من 9 أحزاب و6 جمعيات وتكتلات سياسية قد دخلت ساحة الانتخابات وأعلنت في بيان لها دعمها وحمايتها لعبدالناصر همتي، وأكدت أنها ستصوت له في يوم الانتخابات. طبعا لم تكن هذه الأحزاب وحدها هي التي تمردت على “لجنة الإجماع في الجبهة الإصلاحية” بل إن شخصيات أخرى مثل بهزاد نبوي رئيس هذه اللجنة والذي أعلن سابقا أنه لا يدعم أحد المرشحين خرج مؤخرا في مقطع مصور ودعا الناس للمشاركة في الانتخابات.

إن موقف الإصلاحيين في هذه الانتخابات حظي أمس بتطور لافت، حيث أعلن محسن مهرعليزاده فجر الأربعاء انسحابه من السباق الرئاسي بعد أن كان قد أعلن في المناظرات الانتخابية إن حكومته ستكون “الحكومة الثالثة لخاتمي”. لم يعلن أن انسحابه جاء دعما لأحد المرشحين لكن اللافت أنه وبعد هذا الانسحاب حظي مهرعليزاده بشكر وثناء من سيد محمد خاتمي ومحمد علي أبطحي وبهزاد نبوي. فالرئيس الأسبق محمد خاتمي قد قال في رسالة بعد انسحاب مهرعليزاد “إن الخطوة التي تنمّ عن الإحساس بالمسؤولية والتضحية التي قمتَ (مهرعليزاده) تستحق الثناء والتقدير، ويؤدي ذلك إلى عدم تشتيت الأصوات والآراء التي يريد أصحابُها عدم الخضوع لمن يريدون تحميل ممثل الأقلية على البلاد”. إن السيد خاتمي كان قلقا من تشتيت آراء الناخبين لكنه مع ذلك لم يكن على استعداد لنطق اسم عبدالناصر همتي في خطابه، فهو لا يزال يعاني من هذا التذبذب وعدم الحسم في الموقف تجاه هذه الانتخابات.

من جانب نرى أن السيد خاتمي وبعد قرار “لجنة الإجماع في جبهة الإصلاحيين” وانقسامه إلى شقين لا يستطيع دعم عبدالناصر همتي صراحة، وفي الجانب الآخر لا يريد أن يعمل كما عمل التيار اليساري والذي بات يدعو إلى مقاطعة الانتخابات نهائيا. وكان رئيس “لجنة الإجماع في جبهة الإصلاحيين” بهزاد نبوي أكثر صراحة من السيد محمد خاتمي حيث قال في رسالة له بعد الفشل في إقناع جميع الإصلاحيين في دعم عبدالناصر همتي:” أنا وبعد انسحاب مهرعليزاده الذي ينم عن الشعور بالمسؤولية والواجب سوف أصوتُ للسيد عبدالناصر همتي”. إن هذه المواقف من الإصلاحيين تظهر بشكل جلي التخبط داخل التيار الإصلاحي، فمن جانب يلتزم محمد خاتمي الصمت بسبب موقف لجة الإجماع ولا يذكر اسم أحد المرشحين ومن جانب آخر يعلن رئيس هذه اللجنة دعمه لهمتي.

اللافت للنظر في هذه القضية هو أن السيد حسن الخميني الذي يصنف نفسه ضمن التيار الإصلاحي لم يعلن صراحة دعمه لهمتي واكتفى بالقول إن أحد طرق الحفاظ على الطابع الجمهوري في النظام هو “التصويت بشكل صحيح”. إن عدم ذكر اسم همتي صراحة له أسباب أخرى وهو معرفة الإصلاحيين بنتائج استطلاعات الرأي ووضع همتي في هذه النتائج. بعيدا عن نتائج استطلاعات الرأي التي يجريها الإصلاحيون فإن استطلاعات الرأي الوطنية تظهر أن آراء همتي لا تتجاوز الـ 5 بالمئة وبالتالي فإنّ دعمه بشكل صريح يعني تقبل الإصلاحيين لتكاليف الهزيمة المحتملة.

لو دعم الإصلاحيون في الانتخابات الرئاسية لعام 2013 المرشح الاحتياطي، فكان من الوارد أن الحكومة الفائزة في الانتخابات لم تستطع إبرام الاتفاق النووي، وبهذا يتمكن الإصلاحيون من استغلال هذا الظروف والدخول في الانتخابات الرئاسية القادمة (2017) بمرشح إصلاحي رسمي، ليفوزا في الانتخابات مستغلين في ذلك ضعف الحكومة السابقة. لكن الطمع في السلطة عام 2013 قد تغلب على الإصلاحيين ولهذا طلب محمد خاتمي في رسالة له من محمد رضا عارف الانسحاب من تلك الانتخابات (دعما لروحاني). و كانوا مستعدين للرهان على حسن روحاني في تلك الظروف، لكن المسألة هنا هي أن روحاني لم يكن يملك أوراقا كثيرة لخوض هذا الرهان الذي عول عليه الإصلاحيون. لقد أصبح جمهور الإصلاحيين في جبهة روحاني بعد موقف خاتمي آنذاك، وفي عام 2018 خسر روحاني الرهان ليدفع الإصلاحيون تكاليف هذه الخسارة. هذه التكلفة كانت كبيرة للغاية بحيث لم يكن الإصلاحيون على استعداد للدخول في الانتخابات التشريعية لعام 2020 بعد علمهم بأن الهزيمة مؤكدة في تلك الانتخابات.

بعد ذلك تلاحقت الهزائم واحدة تلوى الأخرى على الإصلاحيين. إن فشل الإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية السابقة أسقط هياكل الإصلاحيين الانتخابية حيث قدم عديد من الشخصيات الإصلاحية مثل محمد رضا عارف رئيس لجنة التشريع في الجبهة الإصلاحية وعبدالواحد موسوي لاري نائب الرئيس في هذه اللجنة الاستقالة من منصبهما. إن حل اللجنة التشريعية للإصلاحيين كانت تحمل معان كبيرة، لكن الإصلاحيين لم يكونوا يملكون خيارا آخر، وعلى هذا الأساس ظهرت تكتلات انتخابية جديدة باسم “لجنة الإجماع” وتم تأسيسها لتحل محل اللجنة التشريعية السابقة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “فرهيغتغان” الأصولية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: