الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 يونيو 2021 09:14
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية – لماذا يتقدم رئيسي في استطلاعات الرأي؟

تناولت صحيفة "وطن امروز" الأصولية في مقال مطول أسباب وخلفيات تقدم المرشح الرئاسي، إبراهيم رئيسي، على منافسيه في الانتخابات الرئاسية، وتوقعت أن يكتسح رئيسي نتائج الانتخابات القادمة في ظل شعبيته المتزايدة لدى رأي العام الإيراني كما تظهر استطلاعات الرأي في ذلك.

حسب استطلاعات الرأي المنتشرة بالآونة الأخيرة حصل السيد إبراهيم رئيسي على أكثر من 60 في المائة من الأصوات الشعبية في الانتخابات الرئاسية.

وفق تقرير صحيفة “وطن امروز” فإن حملة الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة تقترب من نهايتها، وتجري هذه الانتخابات طبعا في أجواء مختلفة عن الدورات السابقة، حيث تجري الانتخابات في ظل تفشيء جائحة كورونا. ومع ذلك فإن جائحة كورونا ليست الشيء الوحيد الذي يؤثر على البيئة الانتخابية لهذه الفترة الرئاسية. فرئاسة حسن روحاني التي استمرت 8 سنوات لعبت دوراً بإلحاق أضرار جسيمة بالمجتمع وكما تسببت أيضاً بشكل لا يمكن إنكاره في إحباط وعزوف الكثير من طبقات المجتمع عن السياسة. مع كل هذا يمكن اعتبار الجرس الأخير للانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة نهاية عصر روحاني. العصر الذي نهضت فيه بالطبع القوى الموالية للغرب في الأشهر الأخيرة محاولة منها لتمديد هذا العصر وإطالة عمره. في غضون ذلك يمكن اعتبار وجود السيد إبراهيم رئيسي والهجمات العديدة ضده والإهانات غير المسبوقة التي تعرض لها خلال مناظرات الانتخابات الرئاسية مثالاً على ذلك.

تقترب الدعاية والأجواء المختلفة للانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة من نهايتها وبحسب أدلة ونتائج استطلاعات الرأي المختلفة يتفوق رئيسي على منافسيه الآخرين بفارق كبير، ويحقق أكبر قدر من النجاح لدى الرأي العام. ولعل هذه الشعبية العامة والمكانة الكبيرة في الرأي العام يمكن اعتبارهما أهم سبب لهجمات التيار المؤيد للغرب على رئيسي. وبالطبع لم تقتصر الهجمة على المرشحين الموالين للحكومة بل ودفعت حسن روحاني أيضا الأسبوع الماضي إلى استغلال كل فرصة لمهاجمة مرشحي الثورة وعلى رأسهم حجة الإسلام رئيسي.

في هذه الحالة ربما يكون السؤال الأهم لفهم المناخ السياسي للبلاد هو ما سبب الإقبال العام على رئيسي وعدم تأثير الأفعال التخريبية للحكومة على شعبيته؟، كيف للتيار الذي لديه خبرة واسعة في الأعمال المخربة ضد رئيسي والذي استطاع الفوز عليه في انتخابات عام 2017، أن يفشل في تشويه سمعة هذا المرشح الرئاسي، بل كان السبب في أن يشوه سمعته هو لدى الرأي العام.

نظرة سريعة على نتائج أهم الاستطلاعات المنشورة تظهر فجوة كبيرة بين الشعبية العامة لسيد إبراهيم رئيسي مقارنة بالمرشحين الآخرين الحاضرين على ساحة الانتخابات الرئاسية. هذا موضوع لم نشهده في أي انتخابات رئاسية على الأقل خلال العشرين سنة الماضية. وعلى هذا الأساس فإن إهمال أسباب هذه القضية بالتأكيد سيؤدي إلى فهم غير مكتمل للوضع العام والسياسي للبلاد. من بين الاستطلاعات الرسمية التي نُشرت في الأيام الأخيرة يحتل حجة الإسلام سيد إبراهيم رئيسي الصدارة في قائمة المرشحين.

 في استطلاع للرأي نشره مركز استطلاع الرأي بجامعة طهران في 14 حزيران/ يونيو 2021 فإن 66 في المائة ممن قالوا إنهم سيشاركون في الانتخابات بالتأكيد سيصوتون لرئيسي. وبحسب نتائج مركز استطلاع الرأي للطلاب الجامعيين (ISPA) فقد حصل رئيسي على 61٪ من أصوات الجمهور حتى التاريخ المذكور. في كلا الاستطلاعين بغض النظر عن حوالي 15 في المائة من السكان المترددين حصل المرشح الثاني على نحو 8 في المائة فقط من الأصوات والمرشح الموالي للحكومة بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة.

سرّ الاستياء العام من روحاني

ظهر حجة الإسلام سيد إبراهيم رئيسي على مسرح الانتخابات الرئاسية لعام 2017 في موقف ترافق وجوده فيه مع هجوم منظم من روحاني وجهانغيري ومجموعة من القوى الإصلاحية ضده. وذهبت أساليب التنافس ضده إلى حد أن قناة “آمد نيوز” على التلغرام وبصفتها زعيمة الإعلام المناهض للأمن والاستقرار في البلاد، أصبحت أهم وسيلة إعلامية افتراضية لتدمير رئيسي. في هذا الجو لم يمتنع روحاني وأنصاره عن نسب أي صفة إلى رئيسي، لدرجة أن روحاني استشهد صراحةً بالمثال الشهير “بناء الجدران في الشارع” باعتباره خطًا تخريبيا ضد منافسه رئيسي. في نهاية الانتخابات المذكورة وعلى الرغم من عدم فوز رئيسي بمنصب الرئاسة إلا أنه حصل على أكبر عدد من الأصوات بين المرشحين المهزومين لرئاسة الجمهورية بـ16مليون صوت.

ومع ذلك بقدر ما نجح روحاني والإعلام الإصلاحي في تقوية الانقسام الاجتماعي وهزيمة رئيسي فقد أدى ذلك حتماً إلى تشكيل مساحة لم تصل إلى أذهان مصممي سيناريو تدمير رئيسي.

بعد بضعة أشهر فقط من تنصيب الحكومة الثانية عشرة ومع الكشف عن ضعف روحاني الإداري جنبًا إلى جنب مع تصاعد السخط العام واجه رئيسي كرمز لمعارضة حكومة روحاني مكانة مختلفة من الرأي العام، بمعنى آخر كلما اتخذ المجتمع موقفًا من حكومة روحاني كان السيد رئيسي موضع ترحيب أكبر باعتباره هدفا لهجمات المسؤولين الحكوميين.

وشهد الجمهور كيف وصف الفريق الإعلامي الحكومي أن وصول رئيسي إلى السلطة بأنه سيشكل تضخم وزيادة في سعر الدولار إلى 5000 تومان وعدم فاعلية الاتفاق النووي، ولكن بعد وقت قصير فقط من إعادة انتخاب روحاني أصبح تحقيق  هذه الظروف المروعة حلما لكثير من الناس. الحكومة التي حولت في فترة قصيرة الدولار من آلاف 3 تومان إلى 30ألف تومان واستمرت في تحذير الناس من أن الوضع سيزداد سوءًا إذا لم تستمر في السلطة، ساعدت لا شعوريًا في تعزيز الصورة العامة لرئيسي كرمز المعارضة لسياسات الحكومة.

إدارة قضائية حاسمة

لكن بعيدًا عن رمز معارضة روحاني، يمكن الإشارة إلى إدارة حجة الإسلام رئيسي في القضاء باعتبارها أهم ميزة في خلق إجماع واسع حوله. وتزامن تنصيبه رئيس السلطة القضائية مع ظروف اقتصادية صعبة ونشر سلسلة من قضايا الفساد الاقتصادي من قبل العديد من السماسرة والانتهازيين. في هذا المجال زاد رئيسي في فترة قصيرة من الزمن من خلال التعامل بحزم مع العديد من الشخصيات الاقتصادية البارزة ومتابعة القضايا التي اعتُبرت خطاً أحمر في الرأي العام من الأمل في تحسين الوضع الحالي في المناخ العام. إن السعي الحثيث للإصلاح القضائي والعمل الحاسم ضد المفسدين، وجهود منع تعطيل أنشطة المصانع ومراكز الإنتاج كشف النقاب عن شخصية رئيسي القوية والكفؤة. كان نجاح رئيسي في تنفيذ هذه المهمة من النوع الذي جعل حتى العديد من خصومه السياسيين في العامين الماضيين أن يستشهدوا بأدائه كرئيس للسلطة القضائية وكمثال على تجاوز البلاد للوضع الصعب الحالي.

ربما يكون الوصف الأكثر إيجازًا للشخصية الإدارية لرئيسي هو أنه كان رمزًا لجميع العناصر التي تفتقر إليها حكومة روحاني. لذلك أدى مرور الوقت وظهور قدرة رئيسي وعزمه مقارنة مع تعلل الحكومة إلى تقوية جبهة أنصار رئيسي في المناخ العام للبلاد. تظهر نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة وإقبال العديد من أفراد المجتمع وحتى المعارضين له في عام 2017 تشكيل فرصة مهمة لإجراء تغييرات شاملة وأساسية في الظروف الخاصة للبلد. يمكن اعتبار اعتراف بعض الشخصيات الإعلامية الموالية لروحاني بسلطة رئيسي في الأيام الأخيرة إلى جانب رد فعل المجتمع على تشنيع رئيسي بمثابة شرارة في تشكيل وحدة حاسمة بين الحكومة والشعب. في غضون ذلك فإن مرافقة عدد كبير من الأشخاص المحبطين الذين قد لا يخوضون انتخابات 18 حزيران/ يونيو والتعاطف معهم مهمة صعبة ولكنها محتملة للحكومة المقبلة. هذه القضية بجانب تعزيز رأس المال الاجتماعي للنظام ستساعد أيضًا في إنشاء منصة لتصحيح أوجه القصور والمشاكل الحالية.

سأقوم بضخ 200 مليون دولار في سوق رأس المال

قال المرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي: «لا ينبغي أن تصبح البورصة مكانًا لتعويض عجز الموازنة الحكومية». بعد الزيارة التي قام بها حجة الإسلام والمسلمين سيد إبراهيم رئيسي لبورصة سعادت آباد بطهران صباح أمس تحدث عدد كبير من الخاسرين في سوق رأس المال(البورصة) مباشرة مع رئيسي، وبعد سماع كلام المتضررون في البورصة قال رئيسي: “لا ينبغي أن نتجاهل المشاكل لكن يجب أن نذهب إلى قلب المشاكل ونجد الحلول، وبمساعدة كل من يستطيعون أن يكونوا فاعلين في هذه القضية یتم معالجة المشاكل بشكل أسرع”.

 وأشار المرشح الرئاسي: لا يمكن إدارة سوق الأوراق المالية وقضاياها مثل التسعير ونطاق التقلبات بمجرد إعطاء الأوامر والفرامين ولكن يجب إنشاء آليات لها. وقال: إن العالم كله لديه بورصة ويعمل الناس مع البورصة مضيفًا أن أهم عامل لثقة الناس في البورصة هو استقرار هذه السوق. وتابع رئيسي: “الآن في بلادنا لا يمكن التنبؤ بحالة السوق والإنتاج والمبيعات والمشتريات بل وإنهم عندما يريدون بيع عنصر عادي يقولون دعونا نرى ما سيحدث الأسبوع المقبل!” وانتقد المرشح الرئاسي التغييرات المتكررة في القوانين والأنظمة مؤكداً: “الاستقرار في اللوائح هو أحد الشروط المهمة لسوق رأس المال (البورصة) حتى يتمكن المساهم من التنبؤ بحالة السوق”.

وقال “كل وظيفة تحتاج إلى دعم علمي حتى لا يتم عملها بشكل عشوائي علينا أن نجعل الوضع الاقتصادي برمته قابل للتكهن للجميع حتى يتمكن الناس من اتخاذ قرارات بشأن حياتهم وأعمالهم.” وتعهد المرشح الرئاسي ردًا على شكاوى عدد من المتضررين في البورصة من عدم تنفيذ قرار مجلس التنسيق الاقتصادي للرؤساء السلطات الثلاث بضخ 200 مليون دولار في البورصة، ووعد بمتابعة هذه القضية بجدية.

وأوضح كذلك: يجب ضخ المبلغ الذي تمت الموافقة عليه في اجتماع مجلس التنسيق الاقتصادي في سوق رأس المال في أسرع وقت ممكن حتى يمكن حل وضع سوق الأوراق المالية في أقرب وقت. وقال رئيسي “قضية البورصة هي أحد مخاوفنا الجادة وأعتقد أن كل الحلول يجب أن تؤدي إلى زيادة ثقة المساهمين والأفراد حتى يتمكنوا من الثقة الكاملة في سوق رأس المال”. وأشار المرشح الرئاسي إلى أن البورصة شأنها شأن البنوك يجب أن تلبي الاحتياجات المالية للإنتاج لكن ما حدث عمليًا كان مختلفًا. وعليه أكد على ضرورة أن لا تصبح البورصة مكانا لحل مشاكل موازنات الدولة وتعويض العجز في موازنة الحكومات.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: