الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 يونيو 2021 15:27
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – خطر الجمهورية أو خطر على الجمهورية

تطرق مقال لصحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية إلى مستقبل نظام الحكم في إيران والتحديات التي تواجه فكرة " الجمهورية" في ظل الحديث عن تحول نظام الحكم في البلاد من نظام رئاسي إلى نظام برلماني.

في السنوات السابقة حينما اثار الرئيس السابق محمود نجاد مسألة عدم التوافق مع سلطة البلاد وسيادتها عاد بعد ايام من العنف الى قصر رئاسة الجمهورية يحمل بيده سيفه الحاد ليدق أجراس الخطر متوعدا به  كبار المسؤولين في البلاد ومنذ ذالك الوقت تم طرح فكرة تشكيل حكومة برلمانية بدلا عن حكومة رئاسية حيث كانت الفكرة من هذه الاقتراح هو أنه وإذا استطاعت المجموعات والأحزاب انتخاب رئيس للحكومة عن طريق التصويت بالإغلبية، يمكن حينها تغير منصب رئيس الجمهورية الى رئيس حكومة أو  رئيس وزراء .

إضافة إلى ذلك فيمكن لإعضاء البرلمان في مثل هذه الحالات كبح جماح رئيس الجمهورية عن طريق نفوذهم البرلمانية  حيث  جعل  هذا الاقتراح في حقيقة الأمر رئيس الجمهورية مثل احمدي نجاد شخصا يمكن السيطرة عليه من خلال تحويله  الى رئيس وزراء يمكن السيطره عليه، والنقطة المهمة هي في الحقيقة أن كبح جماح والسيطرة على رئيس الوزراء ستتم من خلال قدرة البرلمان دون الاستعانة الى كبار المسؤلين لأجل القيام بهذا الأمر.

إن هذه السيناريو الذي كان يهدف الى  تبديل رئاسة الجمهورية الى برلمانية وقبل ان يصبح شيئا حقيقيا انتهى تماما إلى حد ما، فما هي أسباب ذلك ؟ السبب في ذلك يعود إلى ان الأشخاص الذين قامو بطرح هذه الفكرة نظروا الى الدول البرلمانية كمثال الهند والكيان الصهيوني وغيره من الدول ليجدوا ان هذا المقترح يساعد الأحزاب والمجموعات السياسية على زيادة قدراتها لسيتطيعوا من خلالها على تنفيذ كل ما يطعمون به وممارسة كل انواع الجشع  والطمع ولأسوء من هذا امتلاك اي نوع من القدرة لتنفيذ كل ما يرغبون به .

إن فهم هذه النقطة ليس بالأمر الصعب ففي الجمهورية الإسلامية الإيرانية  تعتبر الأحزاب التي تكون جيده ومقبولة  من خلال امتلاكها موقعا استشاريا وتوجيها. اما في حال أوجدت من اجل أن تمتلك القدرة وتحقيق غاياتها وطمعها فقط  فعندها لا يتم قبول مثل هذه الأحزاب في هيكلية الجمهورية الإسلامية وحتى لا يسمح بقيام مثل هذه الاحزاب اساسا داخل هيكل الجمهورية الإسلامية. وبسبب ذالك تم التخلي عن فكرة قيام جمهورية برلمانية خوفا  من التنافس الذي سيحصل بين الاحزاب لأجل الحصول على  القدرة والسلطة داخل البلاد الأمر الذي سيؤدي الى سلب وتهديد وجود  قدرة وسلطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

لكن الانتخابات الرئاسية  تتم  بطريقة خاطئة وغير صحيحة  ويوجد فيها عيب كبير، ففي الواقع ليس الرئيس فقط هو من ينتخب بل المسؤلون في الدولة يتم انتخابهم بنفس الطريقة ليدل على مستوى مشاركة الناس في هذه الإنتخابات فإذا اراد البعض يستطيعون أن يسنبوا مستوى هذه المشاركة  في أي نوع من الإنتخابات الوطنية مثل الانتخابات الرئاسية او مجلس الشورى الأسلامي أو مجلس الخبراء  الى مستوى دعم الشعب لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية  واتحديد مستوى الشرعية والقبول الشعبي للجمهورية الإسلامية في إيران .

وبالطبع  يؤكد المسؤولون في مجلس صيانة الدستور أن  مستوى اقبال الناس على الأنتخابات لا يرتبط بمشروعية الإنتخابات  ولا يغير بها أي شيء  حيث أن  المراقبين والسياسيين الذين يتابعون الوضع الإيراني عن كثب لا يهتمون بمشروعية أو مشروعية الانتخابات في الداخل الإيراني حيث يعتبر هؤلاء زيادة أو أنخفاض مستوى المشاركة في الإنتخابات  دليلا لزيادة او انخفاض الدعم الشعبي من قبل الناس لنظام الجمهورية الإسلامية بشكل كلي ومن هنا تكون النتيجة التي توصلوا اليها من خلال هذا الامر هو شرعية أو عدم الشرعية للحكومة داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

بطبيعة الحال إن  زيادة مستوى المشاركة في الإنتخابات  من قبل الناس هو دليل على زيادة التأييد والدعم الشعبي لحكومة الجمهورية الإسلامية حيث اكد المسؤولون وبينوا بأن ربط مستوى المشاركة العامة في الانتخابات بدعم الجمهورية الإسلامية هو امر قابل للفهم لدى الجميع وخصوصا أن وسائل الإعلام الوطنية من خلال التقارير التي اجرتها أكدت ذلك الأمر أيضا .

مع هذه الظروف فإن كل عامين تخضع الجمهورية الإسلامية في إيران لتقييم مستوى مشاركة الناس في الانتخابات، وهذا يعني أنه كل عامين تستطيع أن تقيم مستوى دعم الناس لحكومتها والمهم من هذا كله  هو  تقييم مستوى مقبولية الحكومة في إيران من منظر ورأي حكومي وشعبي . وتكون المسالة معقدة اكثر عندما نلتفت الى ان هناك بعض المعارضين الإيرانيين وغير الإيرانيين يستندون الى مستوى مشاركة الناس في الانتخابات على  مشروعيت وقبول الحكم في إيران ويقومون بالقاء الخطب ووضع النظريات اعتمادا على هذه الفكرة  . في الواقع خلال كل عامين النظام الجمهوري الاسلامي يكون عرضة للإختبار فيجب ان يظهر للجميع بانه لا يزال موضع قبول ورضا من قبل المواطنين وانه ايضا محبوب بالنسبة اليهم حيث ان الشعب الإيراني سيكون في يوم الجمعة يقضي معظم وقته أمام صناديق الاقتراع من اجل الادلاء بصوته .

ولكن في الجمهورية الإسلامية يعتقد بعض المسؤولين بان رئيس الجمهورية ليس بشخص او المنصب المهم جدا فهو في أحسن أحواله مجرد مساعد للمرشد الأعلى واضافة لهذه فهناك بعض الآراء والاعتقادات  للشيعة اليمينيين واصحاب التشدد الديني في الحوزات العلمية أيضا تقول  أن لا وجود للدور الشعب في داخل الحكومة فقط يكمن دور الناس بالقدوم الى الساحات فقط من اجل ان ينتخبوا وهذا كل دورهم في عمل الحكومة ولكن هؤلاء الاشخاص في حقيقة الأمر لا يوجد لديهم حق الترشح او اعطاء القرارت في مواقع صناعة القرار والحكم  ولهذه الامر الناس يمكن لهم  الإنتخاب ولكن لا يسمح لهم بان يكونو منتخبين .

في مثل هذه الحالة  تكون الانتخاب اختبار أكثر من كونه وسيلة لتحقيق غاية وخصوصا أن على نظام الجمهورية الإسلامية أن يتوسل الى  مواطنيه مرة خلال كل سنتين لنسيان عيوب السلطات وتخلفها عن وعودها وغطرستها وأكاذيبها التي أطلقتها في السابق وأن يأتوا إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى ويظهروا دعمهم للجمهورية الإسلامية من خلال المشاركة في الانتخابات. لهذا السبب يعتقد بعض كبار المسؤولين بأنه  لربما نستطيع في المستقبل من خلال الية اخرى غير  العملية الانتخابات من  تعين المسؤولين مثل المحافظين والممثلين عن المدن  ومجلس الشورى الإسلامي  ومجلس الخبراء وحتى رئيس الجمهورية  وفي هذه الحال سيكون اجراء الانتخابات مجرد عمل زائد لا معنى ولا تأثير له على الإطلاق . فإذا حدث هذا فإن نظام جمهورية إيران الإسلامية سيتخلص من الاختبار في سنتين، ولن يضطر بعد ذلك إلى التوسل إلى مواطنيه لأجل القدوم  إلى صناديق الاقتراع لأجل الانتخاب .

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: