الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 يونيو 2021 15:20
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – من هو المذنب في تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات.. الحكومة أم العقوبات أم المتطرفون؟

تناولت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في تقرير لها، أسباب وخلفيات الأجواء الباردة التي تسود الانتخابات الرئاسية في إيران، وتساءلت عمن يقف وراء هذا الواقع وما إذا كانت الحكومة أو العقوبات الاقتصادية أو سلوك التيار المتطرف هو العامل في تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسة.

أظهر الاستطلاع الأخير الذي أجراه مركز ايسبا  (مركز استطلاع الرأي العام للطلاب الإيرانيين) أن حوالي 40 بالمائة فقط من الناخبين المؤهلين للانتخاب هم على استعداد للمشاركة بالانتخابات الرئاسية، وهذه النسبة من المشاركة لا تحقق الغاية من الدعوة إلى المشاركة القصوى في الانتخابات بل تعد مشاركة منخفضة. وبحسب هذا الاستطلاع وبالطبع استطلاعات أخرى أجريت حتى الآن فإن سيد إبراهيم رئيسي هو في المقام الأول وهذا يدل على أن قسما كبيرا من المجتمع الذي ربما لن يشارك في الانتخابات لم يكن من جمهور الأصوليون لأن رئيسي حصل قبل أربع سنوات على نحو 16 مليون صوت.

وهكذا كما هو واضح فإن لدى الأصوليين صندوق اقتراع ثابت وبعضهم يكون لديهم مهمة أنه بغض النظر عن الوضع السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي بإن يقوموا بالتصويت للمرشح الرئيسي لجبهة المحافظين، هذا هو الجزء نفسه من المجتمع الذي سيأتي إلى الإنتخابات هذه الفترة وسيعطون صوتهم لرئيسي. تظهر مثل هذه الظروف المعينة أنه كلما تمكن الإصلاحيون من إقناع جمهورهم بالتصويت فازوا في الانتخابات، وكلما أهملوا هذا الجانب من إقناع الالجمهور هُزموا في الانتخابات وفاز منافسوهم.

ومن سمات رأس المال الاجتماعي الإصلاحي أنها ليست متجانسة بأي حال من الأحوال. هذه قضية يمكن رؤيتها في رأس المال الاجتماعي المحدود ولكن الثابت لدى الأصوليين وعلى الرغم من أنهم يقولون إن هناك عدة أطياف منها  العدالة والتقلیديون وما إلى ذلك لكن في النهاية، أولاً ليس لديهم مشكلة مع مبدأ المشاركة في الانتخابات. وثانيًا عندما يحدث إجماع تنظيمي فإنهم عادة لا يحدثون أي فرق لكن من الواضح أن رأس المال الاجتماعي للإصلاحيين يتكون من عدة أطياف مختلفة في الانتخابات. فقد ينضمون من المعارضة إلى جانب المرشح الإصلاحي وقوات مجاهدي الثورة الإسلامية السابقة والائتلافات السابقة التي تكون أكثر وضوحًا في التعبيرعن مطالبها الإصلاحية، وفي الوقت نفسه يعتبرون أنفسهم ملزمين بإطار النظام بدلاً من طيف الإصلاح اليميني وهو أكثر تفاعلية.

بالإضافة إلى ذلك فإن الجزء الأكثر أهمية في الجسم الاجتماعي الإصلاحي هو من الطبقة المتوسطة الذي عادة ما يتم خلق موجات انتخابية من قبل هذه الفئة. ومع ذلك وفقًا لاستطلاعات الرأي الحالية عندما لا يرغب هذا القسم في المشاركة في الانتخابات يتبدل الحد الأقصى للمشاركة بالانتخابات إلى الحد الأدنى. ولكن ما هي العوامل التي كانت أكثر فاعلية في تقليص رأس المال الاجتماعي للإصلاحيين؟، بمعنى آخر ما هو العامل في تقليص رأس المال الاجتماعي الانتخابي؟

عامل الحكومة

وصلت حكومة حسن روحاني إلى السلطة بدعم قوي من الإصلاحيين وبقول العديد من المحللين إنها لم تكن لتفوز في الانتخابات تحت أي ظرف من الظروف دون دعم السيد محمد خاتمي وأكبر هاشمي رفسنجاني. استطاع روحاني في  فترة حكومته الأولى على الحفاظ على رأس المال الاجتماعي للإصلاحيين جيدًا من خلال التحكم في التضخم وبالطبع إبرام الأتـفاق النووي لدرجة أنه حصل على أصوات أكثر في الجولة الثانية منه في الأولى وبالتالي فلا يمكن اعتبار أداء حكومة روحاني في دورة رئاسته الأولى عاملاً في هبوط رأس المال الاجتماعي. لكن الوضع تغير نوعًا ما في دورة رئاسته الثانية ولم يفِ روحاني بوعوده خاصة في مجال السياسة الداخلية وانفصل عن الإصلاحيين لدرجة أن واعظي رئيس مكتب روحاني أرجع الفوز في انتخابات 2013 إلى روحاني نفسه وليس إلى دعم الإصلاحيين. حاول روحاني أن يكون أكثر تحفظًا من ذي قبل وأن يلتزم الصمت بل وينكر الأحداث التي فرضت تكاليف كبيرة على الناس. كما فقدَ السيطرة على الاقتصاد وعلى الرغم من العقوبات لم يتم اتخاذ أي إجراء فعال للحد من التضخم وارتفاع الأسعار. كل هذا خيب آمال الناس الذين صوتوا لروحاني بتشجيع من الإصلاحيين وفي الحقيقة فإن فشل الحكومة في مختلف المجالات يُعزى أيضًا إلى الإصلاحيين.

عامل العقوبات

لكن القصة برمتها لا تعود إلى أداء حكومة روحاني فحسب ولعل السبب الأهم لانتشار الاضطرابات الاقتصادية والفقر العام بالطبع يعود إلى الضغوط الخارجية. في الواقع وعلى الرغم من فشل الإدارة في السيطرة على الوضع الاقتصادي كما كان متوقعا إلا أن الأزمة الاقتصادية واسعة النطاق في إدارة روحاني كانت متجذرة في العقوبات الأمريكية أحادية الجانب وانسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي . حيث عطلت  العقوبات فعليًا النشاط الاقتصادي الحر في إيران ووفقًا للخبراء الاقتصاديين وصلت مبيعات النفط الإيرانية تقريبًا إلى الصفر.  وإضافة إلى ذلك فإن التهديدات الأمريكية ضد الدول المختلفة التي تنص على أنه ” كان لديك تعامل اقتصادي مع إيران فلن ترى لون الدولار الأمريكي” تسببت في عدم تفاعل الدول الأخرى مع إيران كما كان من قبل بسبب الخوف من التبعات المترتبة على ذلك . مثل هذه الظروف عطلت الوضع الاقتصادي وأصبحت الحكومة التي رأت حياتها وموتها في الاتفاق النووي مجرد عنصر مراقب في حالة من اليأس.

عامل أداء المتطرفين الداخليين

بدل من أن تقوم القوى الداخلية المتطرفة بعد رؤية الاضطرابات واسعة النطاق من إخبار الناس بوضوح عن السبب الجذري للمشاكل وهو العقوبات، قاموا بصرف نظرهم عن انسحاب إدارة ترامب أحادي الجانب وتشبثوا بالحكومة لأغراض وتطلعات سياسية. كما أنهم أظهروا الحكومة في وسائل الإعلام الخاصة بهم وحتى في وسائل الإعلام الرسمية بأنها غير فعالة حتى اعتبر جزء كبير ومهم من الناس الحكومة منافسًا لهم. بالطبع بهذه الطريقة حاولوا تقديم الإصلاحيين على أنهم العامل وراء الكواليس ودائمًا ما أظهروا حكومة روحاني كحكومة إصلاحية، لكن كما ذكرنا لم يكن لحكومة روحاني الثانية روابط قوية بالإصلاحيين وحتى إسحاق جهانغيري بصفته النائب الأول لرئيس الجمهورية من أصل إصلاحي تم تهميشه كي يتمكن أقارب روحاني وأعضاء حزب الوسط والتنمية من لعب دور أساسي في الحكومة. تحدثت القوى المتطرفة من مختلف المنابر ضد روحاني وأهانت الحكومة ووصف قادة الإصلاحيين بالفشل ورأت أخيرًا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي نتيجة إهمال الفريق الدبلوماسي الذين كانوا جميعًا يتبعون سياسة سياسية أكثر من أن كونها تحليلة .

كل هذا بالطبع إلى جانب مائدة الشعب الفارغة أدى إلى يأس الشعب من خوض أنتخابات أخرى  كما نرى الآن حوالي 60٪ من جمهور الإصلاح وهو الجزء الرئيسي من الناخبين لا يريدون المشاركة في الانتخابات. ومع ذلك وبهذا القدر من الأصوات لا يزال من غير الممكن الجزم بمن هو المرشح الفائز لأنه وفقًا لآخر استطلاع لـ “ايسبا” حصل رئيسي على 63.6٪ من الأصوات. بينما حصل في الاستطلاع بعد المناظرة الأولى على نسبة تصويت 70.4٪. أي فقدان قرابة سبعة بالمئة من إجمالي الأصوات.

ومن المثير للاهتمام أن أصوات المرشحين الآخرين بغير همتي الذي زادت أصواته بنسبة أقل من 1%  لم تتغير كثيرًا ومع انخفاض اصوات رئيسي  زادت خيارات “دون إجابة” أو “لأعرف”. وهذا يعني أن 7٪ من أصوات رئيسي  التي تم الإدلاء بها الأسبوع الماضي تعود إلى أولئك الذين قرروا المشاركة في الانتخابات ولكن لم ينتهوا إلى الآن من تحديد قرار المشاركة من عدمه، وإذا تم تخفيض أصواته بهذه الطريقة فمن المحتمل أن تنسحب الانتخابات إلى الجولة الثانية. لأن أصوات رئيسي الحالية  وفقًا لاستطلاع “ايسبا”  يبعد 13 بالمائة فقط عن الفوز بالجولة الأولى ومن الواضح أن ظروف الانتخابات في الجولة الثانية مختلفة تمامًا عن الجولة الأولى وقد تكون الأصوات مختلفة تمامًا مع خلق موجات سياسية وقطبية ثنائية.

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: