الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يونيو 2021 22:53
للمشاركة:

صحيفة “كيهان” الأصولية – المواقع الجديدة في محور المقاومة

تناولت صحيفة "كيهان" الأصولية، في مقال لـ"سعد الله زارعي"، موضوع إعلان المقاومة الفلسطينية وجماعة أنصار الله اليمنية انتمائها إلى محور المقاومة. ورأى الكاتب أن الإعلان بشكل علني عن التحاق المقاومة اليمنية والمقاومة الفلسطينية بمحور المقاومة خلال الشهر الماضي حدث مهم للغاية ولا يجب المرور عليه مرور الكرام.

“نحن حاضرون بكل قوتنا وقدرتنا ضمن إطار محور المقاومة وفي إطار معادلة القدس وكما أننا جزء لا يتجزأ من هذه المعادلة والتي أعلنها السيد حسن نصرالله وتهديد القدس يعني حرباً إقليمية في إطار محور المقاومة. وشعوبنا ستنسق في كافة الأمور وبقدر المستطاع مع محور المقاومة من أجل الوقوف في وجه العدو الإسرائيلي والمؤامرات الأمريكية كما وأن الشعب اليمني متمسك بحقه في الحرية والاستقلال والحفاظ على كرامته وبالمقاومة الاسلامية للتخلص من المؤامرات الصهيو-أميركية.” هذا اقتباس من خطاب السيد عبدالملك الحوثي الذي ألقاه يوم الخميس الماضي في الذكرى السنوية ليوم “الصرخة في وجه المستكبرين”.

إن النقطة الأساسية في هذا الخطاب هي الإعلان الرسمي لليمن أنه ضمن محور المقاومة. حيث أن تأكيد دولة على عضويتها ضمن محور المقاومة له أهمية كبيرة جداً خاصة وأن هذه الدولة أو الأمة أعلنت ذلك بعد معاناة من سبع سنين من الحرب العنيفة والتي كانت أحد أسبابها “الدعم الإيراني” وأحد أشد التُهم الموجهة إليها.

يعتبر هذا الحدث الثاني من نوعه والذي حدث خلال الشهر الماضي. حيث أنه قبل ذلك أعلنت المقاومة الفلسطينية وبشكل رسمي وأثناء الحرب وتحت القصف الصهيوني الشديد أن فلسطين جزء من محور المقاومة. وفي خضم ذلك فقد أزال تبادل عدّة رسائل بين المقاومة الفلسطينية والمرشد الأعلى للثورة الاسلامية وقائد فيلق القدس خلال الحرب وبعدها كل شك هو هذه المسألة. وهذا الأمر أهميته إن لم تكن أكثر من أهمية الانتصار على الجيش الصهيوني فهي لا تقل عنه وذلك لأنه من ناحية أظهر العقلية الفلسطينية ويأسها من محور التطبيع العربي وهذا الأمر يعتبر خطيراً بالنسبة للصهاينة ومن ناحية أخرى فإن إعلان بقية أعضاء محور المقاومة الالتزام بالدعم العملياتي والعسكري للمقاومة الفلسطينية يشير أيضاً للوضع الجديد والذي يُعتبر مُضراً بالكيان الصهيوني. كما وأن السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قال في خطبته يوم الخميس وبكل صراحة نحن ضمن إطار معادلة القدس ونحن جزء لا يتجزأ عن هذه المعادلة. وفي هذا الصدد سنتناول عدّة نقاط:

  1. تشير التصريحات خلال الشهر الماضي لكل من مسؤولي سوريا والمقاومة الفلسطينية واليمنية واللبنانية بأن المساعي والجهود التي استمرت خلال العامين الماضيين من أجل إشغال كل جزء من المقاومة بقضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية معقدة وإبعادها عن القضايا العامة في المنطقة وبالأخص القضية الفلسطينية كانت مساعٍ فاشلة وبلا طائل وحتى أن هذه المؤامرة المعقدة هي السبب في تصريح أغلب هذه التشكيلات بأنها ضمن جبهة المقاومة. وهنا وقف الكيان الصهيوني في مواجهة ثلاث حوادث كبيرة وأحد هذه الحوادث إطلاق عدّة صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه المناطق الشمالية في فلسطين المحتلة على دفعتين. وهذا الأمر أدّى لتخبط الكيان الصهيوني بشكل كبير لدرجة أنه أجبر المسؤولين الفرنسيين للاتصال بحزب الله لطمأنتنه بعدم تدخل لبنان في الحرب الأخيرة. والحادثة الثانية هي إطلاق عدّة صواريخ من الأراضي السورية باتجاه المناطق الشمالية في فلسطين المحتلة والذي يعتبر أمراً غير مسبوق وهذا الامر زاد من قلق الكيان الصهيوني وخاصة عندما أعلن الرئيس السوري بشار الأسد خلال حرب الـ12 يوماً تضامنه مع فلسطين والقدس والمجاهدين وهو أمر غير مسبوق خلال السنوات العشر الماضية. والجدير بالذكر أن إطلاق الصواريخ من القنيطرة وتصريحات الأسد تشير إلى أن سورية هي في حالة تغيير لوضعها. والحدث الثالث هو هجوم سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان والأردن على الحدود الشمالية والشرقية لفلسطين المحتلة والتي أفضت لاستشهاد اثنين منهم وهذه الحادثة تدل على أن المخيمات من الآن فصاعداً قد دخلت ساحة الصراع وهي جزء في أي نوع من الحروب ستكون إسرائيل طرفاً فيه وهذا الأمر يعتبر جزءاً من تغيير المعادلة الأمنية والسياسية على حساب اسرائيل. وهذه الأمور تزيد من ثقل تصريحات ومواقف السيد عبد الملك بدر الدين واسماعيل هنية ويحيى السنوار.
  2. النقطة الأخرى في التصريحات المشتركة لمسؤولي المقاومة في اليمن ولبنان وسوريا وفلسطين تشير إلى أنه وبعد مُضي سنوات عصيبة فقد تضاءلت مخاطر وتكاليف التواجد في محور المقاومة – المحور المعادي لأمريكا واسرائيل وبمعنى آخر فقد انتهى زمن المشقة والتكلفة وبدأ زمن الفخر والنتائج. حيث أنه من مدة ليست بالبعيدة كان الانتساب للجمهورية الاسلامية سبباً في خلق أنواع مختلفة من المشاكل على الشخص المنتسب. ولكن اليوم وبسبب توسّع المقاومة في المنطقة من جهة والهزائم المتلاحقة والمتتالية لمكونات نظام الاستكبار والهيمنة في المنطقة من جهة أخرى أدّى إلى تضاؤل تكاليف التواجد ضمن محور المقاومة. وهذا الأمر بحد ذاته يمكنه أن يدل على بداية زمن جديد من العلاقات الداخلية والخارجية لمكونات جبهة المقاومة مع بعضها البعض وستكون علاقة ذات فاعلية أكبر وعلنية بشك أكبر كذلك. فعندما يقول السيد عبدالملك وبالفم الملآن نحن جزء من محور المقاومة وجزء من معادلة القدس فهذا يعني بأن قدرته وصلت لنقطة يمكنها أن تدعم عسكرياً فلسطين والقدس في ذات الوقت الذي يخوض فيه حرباً ضروساً مع السعودية والإمارات. وهذا بحد ذاته يُشير إلى خروج المنطقة من الوضع الماضي. حيث أنه خلال السنوات الأخير بُذلت مساعٍ وجهود كثيرة لتحديد وضبط الأوضاع في المنطقة تحت مظلة “تطبيع العلاقات بين الدول العربية والاسلامية في المنطقة مع الكيان الصهيوني”.  كما وأن الحكومة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية عملت بجد لهذا الأمر ولكنهم لم يصلوا لأي مكان أو نتيجة لدرجة أن السعودية تراجعت عن موقفها في دعم الفلسطينيين أمام الكيان الصهيوني خلال حرب الـ12 يوماً بين الكيان الصهيوني وفلسطين وأرسلت رسالة لإيران مفادها “الدعم يعني إنهاء ملف تطبيع العلاقات بين الدول العربية واسرائيل”. وعليه يمكن القول أنه من خلال دعم مكونات وعناصر المقاومة في المنطقة فقد انتهى زمن التكاليف الباهضة للمقاومة. إن ممع العسر يسرا.
  3. قبل فترة وجيزة من استشهاد القائد الحاج قاسم سليماني كانت المنطقة في العراق ولبنان وسوريا تعاني من مؤامرة معقدة ورهيبة وامتدت لأكثر من 20 شهراً. وقد بدأت هذه المؤامرة قبل ما يقارب الأربعة أشهر من استشهاد الحاج قاسم سليماني واستمرت لأوائل شهر آذار \ مارس الماضي. حيث كان أساس هذه المؤامرة تدمير الأسس الأمنية والساسية للحكومات في العراق وسوريا ولبنان وتفكيك المقاومة من خلال خطة اقتصادية. حيث أنه في العراق ومع ظهور عناصر كان ولاؤها للولايات المتدة واضحاً تم نزع الشرعية من الحكومة واضطرت حكومة عادل عبدالمهدي للاستقالة وبعد ذلك قام الأمريكيون وعلى عدّة دفعات بمهاجمة أقسام من الحشد الشعبي كونها الركن الأساسي الأمني لحماية الحكومة والنظام السياسي ولكن ذلك لم يُسفر عن أي نتيجة وآخر التقديرات الأمريكية عن المشهد الداخلي العراقي تُشير إلى أن الانتخابات البرلمانية المُبكرة والتي ستقام في تشرين الأول \ أكتوبر ستنتهي بحصول المجموعات البرلمانية الحالية الموجودة في العراق على الأصوات مرة أخرى مع تفوق نسبي لقوى المقاومة وعلى هذا الأساس فقد أثيرت مسألة تأجيل الانتخابات مرة أخرى خلال الأيام الأخيرة وبالطبع هذا الأمر لن يغير شيئاً في التشكيلات سواء أقيمت الانتخابات في تشرين الأول أم أيار من العام المقبل. وفي لبنان أُجبرت حكومة الحريري على الاستقالة ولكن بعد مُضي 20 شهراً لم تتغير الظروف الداخلية اللبنانية كثيراً وحتى أن الحريري –المتهم من قبل السعودية بإرضائه لحزب الله- لم يستطع تشكيل حكومة جديدة وبقيت إدارة الامور كما في السابق في عهدت حسان دياب. وفي سوريا أيضاً لم تفلح مؤامرة العقوبات الاقتصادية الجديدة بفصل الشعب عن الحكومة كما وأن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت بعد 15 شهراً من بداية عقوبات قيصر الشديدة أعلنت عن فشل المساعي الأمريكية ووكلائها الإقليميين.

لقد اعتقدت أميركا ووكلائها في المنطقة أنهم يستطيعون تغيير ظروف المنطقة من خلال إجبار الحكومات في دول المقاومة على التنحي وذلك من خلال الضغوط الاقتصدية وبالاساس كانت عملية اغتيال الشهيد القائد سليماني ضمن هذا الإطار ولكن اليوم ومع مرور ما يقارب الـ20 شهراً عن هذه المؤامرة وهزيمتها يجب تقديم الثناء للقائد اسماعيل قاآني. حيث أنه أدار هذا الوضع المُعقّد بشكل جيد وخلال فترة قصيرة من تحمله المسؤولية وذلك من خلال فهمه الجيد لظروف المنطقة وتجاربه القيّمة التي نهلها في عهد الشهيد سليماني. واليوم يمكننا التحدث عن هزيمة المؤامرات وانتصار المقاومة بعد 20 شهراً من مواجهة المخاطر المُعقدة. حيث أن وصول الليرة اللبنانية لأدنى مستوى لها خلال الأربعين عاماً الماضية لم يكن بالأمر الهين على بلد ذي اقتصاد صغير مثل لبنان. حيث كان من الصعب جداً إدارة أفكار المجتمع اللبناني بشكل صحيح ضمن هذه الظروف من أجل عدم انجرافه وسقوطه في الخطة الأمريكية وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا حيث أن ارتفاع سعر الصرف للدولار الواحد من 500 ليرة إلى 10 آلاف ليرة خلق ظروفاً صعبة جداً على الاقتصاد السوري الصغير الذي مزقته الحرب كما وأنه خلق مساحة وإمكانية لإعادة تنشيط معارضين بشار الأسد مرة أخرى حيث كانت الغدارة الصحيحة لمثل هذا المشهد أمراً معقداً وصعباً للغاية والذي لم يسبق له مثيل.

وفي نهاية المطاف يجب القول بأن الإعلان بشكل علني عن التحاق المقاومة اليمنية والمقاومة الفلسطينية بجبهة المقاومة خلال الشهر الماضي حدث مهم للغاية ولا يجب المرور عليه مرور الكرام. وهذا الأمر يفتح لنا آفاق جديدة وكذلك يحكي عن قدرة جديدة لجبهة المقاومة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “كيهان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: