إيران 2021: ابراهيم رئيسي.. خلاصة التيار الأصولي
أسدلت إيران الستار على دورة الانتخابات الرئاسية الثالثة عشر، معلنة إبراهيم رئيسي رئيسًا للبلاد لأربع سنوات مقبلة، وذلك بعد أن كان أحد أبرز المرشحين السبعة الذين وافق مجلس صيانة الدستور على أهليتهم للترشح للانتخابات الرئاسية. وواحد من المتنافسين الأربعة الذين أكملوا السباق الانتخابي حتى النهاية، بعد انسحاب كل من سعيد جليلي وعلي رضا زكاني لصالحه.
يعدّ إبراهيم رئيسي أحد المقربين من القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، نافس حسن روحاني في الانتخابات السابقة، وشغل العديد من المناصب الحساسة في الدولة الإيرانية. إبراهيم رئيسي. من هو؟ وما هو البرنامج الانتخابي الذي قدمه؟ وما هي التوجهات السياسية التي سيحملها معه إلى قصر باستور الرئاسي؟
إلى رئاسة الجمهورية برغم العقوبات الأمريكية
يعدّ رئيسي من رجال الدين البارزين في إيران، حيث درس في الحوزة العلمية في مدينة مشهد، وأكمل دراسته الجامعية في مدينة قم في اختصاص الحقوق الدولية والقضاء.
تدرج رئيسي في في السلك القضائي، وكان من أبرز مناصبه نائب المدعي العام الثوري، مما جعله ينال اعجاب خامنئي الذي كلفه بمعالجة ملفات قضائية في البلاد.
كذلك، أشرف رئيسي على العتبة الرضوية في مشهد، عبر تولي رئاسة مؤسسة “أستان قدس رضوي” وهي أكبر مؤسسة خيرية لإدارة مرقد الإمام علي بن موسى الرضا بين عامي 2016- 2019، ومن ثم عيّنه خامنئي رئيساً للسلطة القضائية في البلاد، حيث ركّز بيان تعيينه بشكل أساسي على” الدعوة لاجتثاث الفساد” داخل القضاء. ويشغل رئيسي حاليا منصب نائب رئيس مجلس الخبراء وهي الهيئة الإدارية المخولة بعزل أو تعيين القائد الأعلى.
شارك رئيسي في لجنة الإعدامات عام 1988، حيث أوكله الإمام الخميني إلى جانب بور محمدي لتنفيذ أحكام إعدام لسجناء سياسيين بعد توجيه لهم تهم بالعمالة مع العراق إبان الحرب العراقية- الإيرانية، وكذلك محاكمات الحركة الخضراء في عام 2009، ويصف المغتربين الإيرانيين فترة حكمه في القضاء ب “الساعات السوداء”، وعلى ذلك فقد أضيف أسمه على قائمة العقوبات الأميركية بذريعة ” انتهاك حقوق الإنسان وقربه من خامنئي”.
في انتخابات 2017، حصل رئيسي على 16 مليون صوت مقابل 24 صوت لروحاني بنسبة 38% من أصوات الناخبين.
ورأى العديد من المراقبين والباحثين في الشأن الإيراني أن تعيين رئيسي في المناصب الحساسة طوال السنوات الماضية، تأتي في إطار محافظة القائد الأعلى على التوازنات السياسية داخل النظام السياسي الإيراني، بما يتيح الفرصة ليقاء التيار الأصولي مسيطرًا على كافة مفاصل الدولة، إلى جانب تهيئة رئيسي لتولي منصب القائد الأعلى خلفاً لخامنئي.
برنامجه الانتخابي ” حل المشاكل الاقتصادية ومكافحة الفساد”.
على الرغم من أنه من أبرز الوجوه البارزة للتيار الأصولي، وتربطه علاقات قوية ووثيقة بالقائد الأعلى والحرس الثوري الإيراني، ومع العديد من النواب داخل البرلمان الحالي، حيث طالب أكثر من 200 نائب برلماني بترشيحه للانتخابات، أعلن رئيسي في بيان رسمي عن ترشحه بشكل مستقل قائلاً: “مع احترامي لجميع المرشحين والجماعات السياسية، فسأتقدم بشكل مستقل”.
يقوم برنامجه الانتخابي الذي أعلنه خلال فترة الدعاية الانتخابية على محورين أساسيين: الأول حل المشاكل الاقتصادية، حيث يعد رئيسي من أبرز مناصري “الاقتصاد المقاوم” الذي يقوم على بناء اقتصاد مؤسساتي تديره الدولة، ويرفض تحكّم الشركات الغربية والأجنبية في اقتصاد البلاد، والمحور الثاني هو مكافحة الفساد، حيث أطلق سابقاً مشروعا لإصلاح السلك القضائي، حوكمَ واعتقل من ضمنه العديد من البرلمانيين والقضاة والوجوه البارزة في البلاد.
ووعد رئيسي خلال حملته الانتخابية بحل قضايا التهريب والفساد، والقضاء على كافة الامتيازات الخاصة غير المشروعة، وأعلن من خلال الإعلام الايراني عن برنامجه الذي تضمن أبرز النقاط التالية:
- الإنتاج هو أولويتنا الأولى وسنخطط لنقل السيولة إلى الإنتاج.
- نبني الشفافية والصدق مع الناس الذين يرددون بعض شعاراتها في مجال اتخاذ القرار والتنفيذ.
- ملء شغور الطاقة الاقتصادية للبلاد، والتي تبلغ نسبة شغورها 70٪ ، وإيجاد مليون فرصة عمل.
- بناء الفريق الاقتصادي المنسق.
- تخفيض تكاليف العلاج الطبي بنسبة تصل إلى 50٪.
- إيجاد تغيير في السلطة التنفيذية وأساليب إدارة شؤون البلاد.
أما على صعيد توجهاته السياسية القادمة، فقد أعلن رئيسي أن حكومته ستكون ذات طابع شعبي تقوم على مبادئ الثورة الإسلامية ونهج الإمام الخميني، ما يعني أنه لن يكون هناك أي تغيير جذري في السياسة الداخلية الإيرانية، ولن تخرج من عباءة القائد الأعلى.
وعلى صعيد السياسية الخارجية والاتفاق النووي يعد رئيسي غير مؤيد للاتفاق النووي، والانفتاح على محادثات مع الغرب، ما يعني أن التعامل مع الغرب في كافة الملفات لن يكون سهلاً كما الحال في حكومات التيار الإصلاحي سابقاً، حيث اعتبر سابقاً أن المفاوضات مع الغرب لرفع العقوبات الأميركية ليس منها جدوى قائلاً :”البعض في البلاد يعقدون محادثات كي يروا ما الذي يمكنهم الحصول عليه من الغرب، إذا عقدوا اجتماعات هنا في الداخل حول كيفية تعزيز الإنتاج وإزالة العراقيل، لكانت كثير من المشكلات قد حُلَّت الآن”، ويعتقد العديد من المراقبين وصول رئيسي للرئاسة قد يعيق الإتفاق النووي.
الجدير ذكره، أن تصدر رئيسي للانتخابات بفارق شاسع عن منافسيه لم يكن مستغربًا، حيث عده الكثيرون خلال الشهور السابقة للانتخابات أنه المرشح الأكثر حظاً في اعتلاء كرسي الرئاسة الإيرانية، وقد زادت حظوظ هذه التوقعات بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور العديد من المرشحين منهم : رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني ونائب الرئيس الحالي اسحاق جهانجيري ومحمود أحمدي نجاد ” الرئيس الإيراني السابق 2005- 2013″.
لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا