الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يونيو 2021 03:38
للمشاركة:

صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية – المناظرة التي لم يكن فيها فائز

أجرت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية، تقييما كليا للمناظرة الرئاسية الأولى التي جرت بين مرشحي الرئاسة الإيرانية يوم السبت، وخلصت إلى أن نتيجة المناظرة الأولى كانت متعادلة إلا أنه وبسبب قلة الإصلاحيين وكثرة الأصوليين فيها يمكن اعتبار المرشحين الإصلاحيين فائزين في هذه المناظرة.

لم يرغب الكثيرون بمتابعة المناظرات وذلك بسبب عدم معرفة الأسباب لتنحي الوجوه المألوفة والمعروفة وغيابهم والذين كان بإمكانهم تسخين جو المناظرات ولكن المناظرة الأولى أظهرت الحد الأدنى الذي كان متوقعاً من المرشحين إظهاره. حيث أن أحداً لم يتوقع أن يظهر محسن مهر علي زاده، وعبدالناصر همتي بهذا الشكل ويخوضا منافسة 2 أمام 5 بل ويتغلبا عليهم. استخدم مهر علي زاده وهمتي في المناظرة الأولى عبارات كان لها صدى كبيرا في المناظرة حيث خاطبوا منافسيهم بمصطلحات مثل “المصاب بداء التنقل المستمر بين المناصب”، و”من لم يتجاوز تحصيله الدراسي ستة صفوف مدرسية” (في إشارة إلى إبراهيم رئيسي)، و”المرشح الاحتياطي الكبير”. كما و أن إزالة اسم السيد محمد خاتمي وأداء الحكومة الإصلاحية من على التلفزيون وبعض المقابلات الجدالية بين المرشحين هو أمر لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. يقول عبدالناصر همتي حول المناظرات: “أسلوب المناظرات هذا أشبه بالمباريات الأسبوعية وقد قدّمت احتجاجي في النهاية على هذا الأمر.” ويجب انتظار المناظرة التالية لنرى كيف ستؤثر هذه التصريحات على إقبال الناس على المشاركة في الانتخابات خلال الأيام المُقبلة.

أقيمت المناظرة الأولى بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الثالثة عشر بعد ظهر يوم السبت في الخامس من حزيران \ يونيو وذلك مع غياب الوجوه المعروفة، وخصصت المناظرة الأولى لمناقشة القضايا الاقتصادية. لكن المناظرة – إذا صح تسميتها بالمناظرة – تمحورت وبدل مناقشة القضايا الاقتصادية وما يتعلق بها بدأت جدالات ثنائية أو متعددة بين المرشحين. ومع مُضي وقت المناظرة أصبحت مواضيع المرشحين أكثر اتزاناً؛ ولكن الأمر الذي تم التغاضي عنه هو أن كل مرشح كان ينوي تقديم الآخرين على أنهم الأسوء وهو الخيار المناسب للخروج من هذا الوضع الحالي أو كما يقال تقديم نفسه على أنه “الملاك المنقذ”. وكبعض المرشحين والذين بدلاً من تقديم برنامج مكتوب من أجل مجالات محددة في الاقتصاد سعوا إلى إعطاء الوعود مثل دعم يُقدّر بـ450 ألف تومان وكذلك تقديم سلة غذائية وكما أن البعض قدّم رسوم بيانية هي أشبه بالرسوم والصور العادية، وقدّموا أنفسهم على أنهم أخصائيون ضالعون في الاقتصاد وزعموا أنه لديهم خطة شاملة من أجل تحسين الوضع الحالي للبلاد وذلك من خلال قدرتهم على ادراك وفهم كافة القضايا والمشاكل الاقتصادية للبلاد. وهذا يأتي في الوقت الذي لو أننا نظرنا إلى تجارب بعض المرشحين المتواجدين في الانتخابات فمن السهل الملاحظة بأن شخصيات مثل رئيسي وزاكاني وقاضي زاده هاشمي وجليلي ورضائي لم يكن لديهم أي تجارب في الإدارة التنفيذية في البلاد بالأصل وجلَّ ما قالوه كان عبارة عما قدّمه لهم المستشارون الاقتصاديون. حيث قال محسن مهر علي زاده في مقطع من المناظرة مخاطباً رئيسي: “لقد قدّمت حلولاً من أجل إزالة العقبات أمام الانتاج فما مدى إطلاعك ودرايتك بمسألة الانتاج؟ حيث يمكن لبعض الخبراء أن يجتمعوا ويتحدّثوا عن أمر ما ويأتي شخص ما ويحفظ ذلك ويقدمه هنا ولكن هذا الأمر لا ينفع الناس ولا يفيدهم.” وفي خضم ذلك فقد تمكّن همتي ومهر علي زاده من تقديم إجابات واضحة لبعض الأسئلة وذلك بسبب تجاربهم التنفيذية التي لديهم. ولكن قبل أي شيء فإن الأمر الملفت للانتباه هو جو السخرية والاتهام والشتم الذي كان سائداً. حيث قام العديد من الشخصيات السياسية والنشطاء على الفضاء الالكتروني بإظهار ردود فعل تجاه هذه المعارك الكلامية. حيث أن هذه القضية جعلت الكثيرين يتأملون ويفكرون عما إذا بالإمكان إطلاق اسم المناظرة على هذا الحوار أو يمكن تسمية ذلك بالمجادلة.

خلال المناظرة الأولى وبعيداً عن المنصة الرئيسية لها والتي كانت تركز على الاقتصاد، وقد حاول المرشحون الإجابة اعلى بعض الأسئلة حول الاقتصاد إلا أننا قد شهدنا سناريو رئيسي من قبل المرشحين الأصوليين حيث حاولوا شن الهجمات المتتالية ضد همتي وذلك من أجل عزله وإبعاده عن دائرة المناظرة وقد بدأ السيناريو بخطاب محسن رضائي ومن ثم تلاه زاكاني وجليلي وقاضي زاده هاشمي  ورئيسي. ولكن ردود همتي وخاصة على زاكاني ومحسن رضائي وجليلي أدّت إلى تراجعهم عن مواقفهم.  والسيناريو الثاني يرجع إلى ثنائية مهر علي زاده ورئيسي حيث أن مهر علي زاده تجاهل جميع المرشحين في خطابه وركّز في كلامه على رئيسي.  حيث قال مخاطباً رئيسي: “البعض يقول أن السيد رئيسي يعاني من داء التنقل المستمر بين المناصب، حيث ينتقل من المحكمة إلى مكتب المدعي العام ومن هناك يتم ترشحه لرئاسة الجمهورية ومن ثم يذهب لرئاسة القوة القضائية؛ لديك خمس سنين للعمل ووفقاً لرأي وقرار المرشد الأعلى للثورة في أكثر الأماكن حساسية أي القوة القضائية؛ وبالمناسبة النظام القضائي هو المكان المناسب لمحاربة الفساد ولكنك متلهف للرئاسة؛ فما هو الضامن بأنك لا تترك رئاسة الجمهورية من أجل مقام أعلى؟” وباعتراف العديد من الخبراء والمحللين وبهذه التشكيلة أي 5 أمام 2 في المناظرة فقد كان المنتصر خلال المناظرة الأولى هما همتي ومهر علي زاده؛ وذلك لأنها رغم الظروف غير المتكافئة تمكّنا من إظهار مهنيتها. وفي المقابل فإن الأصوليين رغم أنهم وضعوا كل ثقلهم في المناظرة الاقتصادية إلا أنهم لم يتمكّنوا من الحصول على النتيجة التي أرادوها؛ وذلك لأنهم لم يتوقّعوا أن المرشحين المنافسين سيرغبان بالظهور على هذا النحو. وقد سُجّلت هزيمة الأصوليين الذين لم يتمكّنوا من الكلام أمام همتي ومهر علي زاده واقتصرت هجماتهم على حكومة روحاني وأدائها الاقتصادي. ولكن همتي أطاح بكل تصريحاتهم بجملة واحدة عندما قال: “أنا لست ممثلاً عن السيد روحاني وتم إستبعادي بسبب خلافي معه في وجهات النظر الاقتصادية؛ رغم أن روحاني لديه قدرة أكثر منكم في الخطابة ولكنه مثلكم كان جاهلاً بالاقتصاد.” وبالطبع كان لهذه المناظرة نقاط عطف وقد سببت الكثير من الضجيج في الفضاء الالكتروني. نقاط من ضمنها الأمور التي وجهها مهر علي زاده مخاطباً رئيسي : أنت تعاني من داء التنقل المستمر بين المناصب وليس لديك خلفية علمية سوى ستة صفوف من الدراسة، وكذلك عندما قال همتي لزاكاني أنت مرشح احتياطي كبير.

يمكن اعتبار المناظرة الأولى للانتخابات الرئاسية مكاناً لتوجيه الاتهامات والإهانات والتخريب ضد الحكومة. مكان انصب فيه المرشحون الأصوليون الخمسة في ردّهم على الأسئلة بداية بتشويه الأوضاع والهجوم والتخريب ضد شخص رئيس الجمهورية ومن ثم البدأ بالحديث عن القضية المطروحة. وفي هذا الصدد ووفقاً لإشعارات هيئة الانتخابات بوزارة الداخلية يتوجب مثول الأشخاص الذين تم السماح لهم بإهانة أشخاص غائبين أو تم وصفهم بالكذب إلى الهيئة للمساءلة، كما وسيتخذ المسؤولون الحكوميون الإجراءات المناسبة بالنسبة لهذا الأمر. حيث أن محمود واعظي رئيس مكتب رئاسة الجمهورية في رسالة إلى وزير الداخلية بصفته رئيس لجنة دراسة الحملات الانتخابية لرئاسة الجمهورية أكّد على ضرورة تحديد وقت مناسب ضمن برنامج المناظرة الثانية لمرشحي رئاسة الجمهورية الثالثة عشر في الإعلام الوطني وذلك من أجل الرد على الاتهامات التي وجهت ضد الحكومة وتم طرحها من قبل بعض المرشحين خلال المناظرة التلفزيونية الأولى. كما وأن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي في رسالة موجهة لرئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون  شدد على أنه: “ينبغي إعطاء فرصة لممثل الحكومة ضمن بث تلفزيوني حي للرد على الاتهامات التي ذكرت في أسرع وقت ممكن.”

 قال الناشط السياسي المعتدل، غلامعلي دهقان، في تقييمه للمناظرة الأولى لرئاسة الجمهورية: لقد أقيمت المناظرة الأولى بتشكيلة 5 أمام 2 وبدأت بهجمات ساحقة من قبل الأصوليين على الخيارين الغير أصوليين ولكن هذان الاثنان رغم قلتهما أمام المنافسين الآخرين استطاعا صد الهجوم والقيام بهجوم مضاد. وقال غلام علي دهقان لصحيفة “آرمان ملي”: على ما يبدو فإنه يمكن اعتبار نتيجة المباراة متعادلة ولكن كون المباراة كانت بتشكيلة 5 أمام 2 فإن هزيمة الأصوليين أكثر منطقية. حيث تفنن السيد زاكاني بالهجوم وضرب الكرة خارج إطار المرمى ولعب السيد قاضي زاده هاشمي خلال المباراة دور المساعد الحر. وأضاف: لقد كان السيد رئيسي معتدلاً وكان من الواضح نوعاً ما أن البقية كان دورهم مقتصراً على حمايته. وكان السيد رضائي أضعف من الجميع وليس لديه أي برنامج. كما وقال عضو حزب “الاعتدال والتنمیة”: في الطرف الآخر من الملعب كان دفاع وهجوم الدكتور همتي ناجعاً وتحدّث في الوقت والمكان المناسبين. كما وأن أداء مهر علي زاده كان مقبولاً؛ رغم أنه كان بإمكانه أن يُقدّم أفضل من ذلك. وصرّح دهقان: يبدو أن هنالك ثنائية قطبية أخرى بدأت تتشكل وقد ازدادت شعبية السيد همتي بشكل جيد خلال استطلاعات الرأي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: