صحيفة “اعتماد” الإصلاحية – أين تكمن عقدة المشاركة في الانتخابات؟
تناول الناشط الإصلاحي، عباس عبدي، في مقال له موضوع الشعارات التي يرفعها مرشحو الرئاسة وتأثير ذلك على نسبة إقبال الناس على صناديق الاقتراع، مؤكدا أن إطلاق شعارات غير قابلة للتنفيذ لن يساهم في زيادة نسبة المشاركة.
الظاهر أن قضية المشاركة في الانتخابات أصبح في هذه الأيام هو الموضوع الشاغل والأهم. وفي حال لم نأخذ بالحسبان الانتخابات الرئاسية الأولى التي أجريت عام 1979 ففي كافة الانتخابات الأخرى كان البعض يدعو الناس دائماً إلى مقاطعة الانتخابات ولكن يمكن القول وبثقة أن جميع هذه الدعوات لم تسفر عن أي نتيجة مطلقاً. لذلك فإننا نلاحظ أن معدل المشاركة يتأرجح بين الـ80 و الـ50% في حين أن دعوات المقاطعة كانت مرافقة دائماً. حيث أنه من أسباب عدم الأخذ برأي النقّاد هو هذه الدعوات التي بلا طائل وذلك لأن الناس لم ينجروا لهذه الدعوات التي لا أساس لها بل صمموا واتخذوا القرار وفقاً لأولويات حياتهم والواقع الموجود ضمن المشهد الانتخابي. وبالمحصلة وكمثال على ذلك فقد حظيت انتخابات عام 1993 بأقل نسبة مشاركة والانتخابات في عام 1997 وما بعد على أعلى نسبة مشاركة. وعلى الرغم من الدعاية التي أطلقتها المعارضة حيث ادعت بأن المشاركة والإقبال الفعلي كان أقل بكثير من الأرقام الرسمية وبالطبع لم يقبل أي أحد هذا البيان حول معظم الانتخابات وذلك لأن الناس هم ضمن المجتمع وعلى دراية جيدة بسلوكهم وسلوك المواطنين الآخرين. وكما ذكرت في مقالاتي السابقة فإن العوامل الرئيسية لنسبة المشاركة هي التنافس والثقة وخلق الأمل والرؤية. في حقيقة الأمر أنه يجب على كل مرشح عندما يتحدث أن ينقل شعوراً واضحاً للمجتمع. شعور يمنح الناس رؤية عن المستقبل. والجدير بالذكر أن منع الناس عن المشاركة أو حث الناس على المشاركة له تأثير محدود. مثل الترويج للبضائع. حيث لا يمكن لأي إعلان أن يأخذ مكان سعر وجودة البضائع. حيث أن الأمر الذي يحدد مقدار المبيعات هو السعر والجودة وخدمة ما بعد البيع ومصداقية الشركة المصنعة للبضاعة.
وعلى هذا الأساس ومن أجل زيادة المشاركة يجب بذل جهود لتحسين جودة البضاعة المُصنّعة أي خطط ووعود المرشح الرئاسي. وعلى سبيل المثال؛ لماذا قوبل الشعار الذي رفعه أحمدي نجاد بالترحيب عندما زعم أنه سيجلب أموال النفط ويمنحها للناس لتعمُر موائدهم؟ ذلك لأن الجميع كانوا يرون أن عائدات البلاد من النفط ارتفعت بشكل خيالي كما أن تطبيق هذا الشعار كان من ممكناً بغض النظر عما إذا كان قد نفّذ الوعد الذي أطلقه أم لا؛ أقام بتطبيقه بشكل صحيح أم لا المهم أنه أمر كان تنفيذه قابلاً للتصور. لكن اليوم وبعد أن أصبحت الحكومة في مقيدة بسياساتها المستقبلية ويتم بيع200 ألف مليار تومان من السندات فقط للعام الماضي وحده وذلك فقط لإدارة أمورها كما ويجب سداد هذه السندات في أسرع وقت ممكن وكذلك دفع فوائدها فكيف يمكن للمرء أن يقدم وعوداً لا أساس لها من الصحة ويتوقع من الناس أن تصدّق هذه الوعود؟ حيث أن هذه الشعارات لن تساعد في زيادة المشاركة والتصويت لصالح صنّاع هذه الشعارات فحسب بل ستثير غضب الشعب أيضاً.
أو أن يقوم مرشح آخر بإظهار وجهة نظره حول موضوع ما ليس له بداية أو نهاية ومن غير الواضح ما الذي يقوله سوى المجاملات والإطراءات. جيد والناس أيضاً يدركون أن هذا المرشح لا يمتلك أي خطة. وحقيقة الأمر أن وجود خطة من أجل حل مشاكل البلاد لا يعني إبداء الرأي بشأن كل ما يجول في البلاد من السياسة الخارجية والاقتصاد وحتى التربية والتعليم والصحة والصناعة والزراعة والفن والأدب والرياضة والانترنت والإعلام وما إلى هنالك. بالأصل هل يمكن لشخص واحد أن يكون ضليعاً في كل هذه الأمور؟ وحتى ولو كتب له مستشاروه فلن يكون قادراً على فهم الموضوع بدقة وإيصاله للناس. حيث ينبغي على المرشح الرئاسي أولاً إظهار نهجه ورؤيته في ما يخص الإدارة وإدارة البلاد ومن ثم يُسلط الضوء على بضعة أمور هي من ضمن أولويات الشعب ومن أجل حل هذه القضايا يقوم بشرح فكرة الحل لهذه القضايا وفقاً لنهجه. وبالإضافة لما سبق فإن شرح جميع الأمور أو إطلاق الوعود لن يُعالج الألم ولن يخلق مُحفزاً لمشاركة الناس.
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا
المصدر/ صحيفة “اعتماد” الإصلاحية
لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا