الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 يونيو 2021 06:21
للمشاركة:

صحيفة “كيهان” الأصولية – الإصلاحيون: ليس لدينا أصوات.. مجلس صيانة الدستور قد تفضل علينا

ناقشت صحيفة "كيهان" الأصولية في تقرير لها علاقة الإصلاحيين بحكومة روحاني ومحاولاتهم الأخيرة انتهاج "استراتيجية الابتعاد عن روحاني "، مشيرة أن هذه الاستراتيجية جاءت بعد إدراكهم لفشل حكومته، وحرصا منهم على الحفاظ على ما تبقى لهم من سمعة وشعبية في الشارع الإيراني.

بعد وصول حكومة حسن روحاني إلى السلطة عام 2013 حاول أدعياء الإصلاح والذين كان له النصيب الأوفر في فوز روحاني في الرئاسة أن يحتلوا المناصب في حكومة “الأمل والتدير”، وأظهروا خلال السنوات الثمانية الماضية ومن خلال دعم وتأييد روحاني أنهم لا يملكون الإرادة والقدرة على إدارة البلاد وليس لديهم برنامج في هذا الخصوص، وقد ترتب على وجودهم خلقُ الكثير من المشاكل المتزايدة بدءا من التضخم والغلاء الفاحش ووصولا إلى ظهور المشاكل والأضرار الثقافية والاجتماعية.

وبدأ الإصلاحيون الذين حتى الأمس القريب كانوا يستميتون في الدفاع عن حكومة روحاني بإلقاء اللوم في ظهور المشاكل التي ظهرت في عهد حكومة روحاني على أطراف أخرى مثل وجود حكومة الظل، أو وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية أو فقدان روحاني للحظ وغيرها من الحجج والذرائع وذلك للتهرب من الإجابة على تساؤلات الرأي العام بعد أن رأوا أن جميع المشاكل في البلاد تسجل باسمهم وفي سجلهم السياسي. في هذا الإطار لم يتوان الإصلاحيون في تضخيم أزمات مثل أزمة السيول والزلازل وهجوم الجراد و.. لإظهار تعاسة حظ الرئيس حسن روحاني غافلين أن مثل هذه الممارسات من جانبهم لا تجلب سوى مزيدا من الاستياء الشعبي العام تجاه الإصلاحيين وسياساتهم.

الاستياء الشعبي إزاء الإصلاحيين

إن الامتعاض والاستياء الشعبي العام من الإصلاحيين تجلى بوضوح في الانتخابات البرلمانية الذي أجريت العام الماضي، وهذا الاستياء وباعترافٍ من شخصيات بارزة في تيار الإصلاح هو نتيجة لتراجع شعبية الإصلاحيين الاجتماعية وهو ما شكّل بداية استراتيجية “الابتعاد عن الحكومة”.

إن أدعياء الإصلاحات في البداية ومن خلال طرح مزاعم مثل عدم وجود مرشحين إصلاحيين وغيرها من المزاعم حاولوا تبرير عزوف الناخب الإيراني عن التصويت لصالح التيار الإصلاحي، هذا في حين أن الإصلاحيين قد شاركوا بكل ثقلهم في الانتخابات التشريعية الماضية وخاضوا هذه الانتخابات من خلال تقديم قوائم انتخابية مثل “تحالف الإصلاحيين الداعمين للحكومة”، و”أنصار الإصلاحات”، و” أنصار هاشمي”، و”قائمة التحالف من أجل إيران”، ورشحوا شخصيات مثل مجيد أنصاري ومصطفى كواكبيان، وعليرضا محجوب لكن هذه القوائم والشخصيات الإصلاحية لم تجلب الحد الأدنى من الأصوات في تلك الانتخابات.

إقرار الإصلاحيين بالهزيمة السياسية وتراجع شعبيتهم الاجتماعية

قال علي صوفي، الوزير السابق في حكومة محمد خاتمي الإصلاحية وعضو لجنة التشريع الإصلاحية، إن تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات كان متوقعا بالنظر إلى سوء الإدارة من جانب الحكومة والضغوط الاقتصادية التي بات يعاني منها المواطن. وذكر صوفي العام الماضي في تصريح صحفي أن “الإصلاحيين عموما قد فقدوا حاضنتهم الاجتماعية بشكل ملحوظ بحيث لو لم يرفض مجلس صيانة الدستور تأكيد أهلية هؤلاء الإصلاحيين فإن هزيمة الإصلاحيين في الانتخابات التشريعية كان متوقعا كذلك”. كما نقلت صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية في أبريل العام الماضي “نلاحظ اليوم أن الشعب بات مستاء بسبب أداء الإصلاحيين، إن تراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات التشريعية كان بسبب هذا الأمر أيضا”.

كما ذكرت صحيفة “سازندكي” في هذا الإطار “التيار الإصلاحي الذي طالما تبنى مطالب الناس قد فقد شعبيته الاجتماعية بشكل ملحوظ، وإن الانتخابات البرلمانية في دورتها الحادية عشرة هي ناقوس خطر يدق للتيار الإصلاحي ويؤكد لهم أن الإصلاحيين إذا أرادوا الاستمرار في المشهد السياسي فعليهم إعادة النظر في هيكليتهم واستراتيجيتهم”.

فشل استراتيجية “الابتعاد عن الحكومة”

انطلاقا من هذا الواقع والفشل المعترف به من قبل الإصلاحيين بدأ الإصلاحيون تطبيق استراتيجية “الابتعاد عن الحكومة” وزعموا أن حكومة روحاني ليست حكومة إصلاحية! وهو زعم لا محل له من الإعراب لدى الرأي العام الإيراني! ولم يؤدِ ذلك إلى أن يعتقد الناس بوجود فرق بين روحاني وبين الإصلاحيين، وهذا ما تؤكده استطلاعات الرأي وردود الأفعال الشعبية لاسيما في وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى إقرار الإصلاحيين أنفسهم.

وحاول الإصلاحيون منذ ذلك الحين اعتماد استراتيجية “الابتعاد عن الحكومة” حيث قال موسوي لاري، وزير الداخلية في حكومة محمد خاتمي الإصلاحية، في تصريح صحفي إن حكومة روحاني هي “أسوأ حكومة بعد الثورة ” عند الراي العام الإيراني.

الملفت في هذا الخصوص هو أن استراتيجية” الابتعاد عن الحكومة” لم تثمر بحيث اعترف الإصلاحيون في نهاية المطاف بأن حكومة روحاني والإصلاحيين هم في اتجاه واحد.

25 مليون صوت تتراجع إلى مليونين أو ثلاث ملايين

قال الناشط السياسي الإصلاحي وعضو البرلمان السابق، محمد علي وكيلي حول تراجع شعبية الإصلاحيين في عهد حكومة روحاني، “ما هو واضح وجلي هو أن تكلفة سياسية روحاني يتم دفعها من خزانة الإصلاحيين”، مضيفا ” لم تكن هناك دولة استطاعت ما استطاعته حكومة روحاني من تبديد الشعبية والحاضنة الاجتماعية للإصلاحيين حيث أوصل 25 مليون صوت إلى مليونين أو ثلاث ملايين خلال بضعة شهور”.

كما قال العضو السابق في حزب الاصلاحات، مهدي آيتي، لصحيفة “اعتماد ملي” “أحد أسباب عدم إقبال الناس على الإصلاحيين هو أداء حكومة روحاني”، مؤكدا أن أداء حكومة روحاني لم يكن فقط سببا في عدم إقبال الناس على الإصلاحيين بل كان كذلك السبب في تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات عموما.

الإصلاحيون هم شركاء الحكومة ويجب الاعتذار من الناس بسبب دعم روحاني

وتستمر الاعترافات والإقرار من جانب الإصلاحيين في الأيام الأخيرة حيث قال عبدالواحد موسوي لاري، المساعد المستقيل من لجنة التشريع الإصلاحيية ” يمكننا القول إننا كنا داعمين بكل ما اسطعنا من قوة لحكومة روحاني وبكل تأكيد يجب أن ننضم إلى الشعب ونقدم الاعتذار إذا كنا مخطئين”.

وتابع لاري قائلا “بعبارة أخرى إذا لم تكن هذه الحكومة قادرة على أن تعمل كما ينبغي وتكون بجانب الشعب فيلزمنا بعد أن ابتعدنا عن الشارع الاعتذار من الناس والإقرار بأن الإصلاحيين كانوا داعمين لحكومة روحاني وجميع الاحداث التي وقعت كان الإصلاحيون شركاء فيها، لا شبهة في ذلك لكن المؤكد ان هذه الحكومة ليست حكومة إصلاحية.

الانتخابات الرئاسية لعام 2021 وسراج الإصلاحيين الباهت

منذ الآن وبسبب الاستيعاء الشعبي من الإصلاحيين وحكومة روحاني أقر هؤلاء الإصلاحيون بفشلهم وهزيمتهم في الانتخابات الرئاسية القادمة.

وكان الناشط الإصلاحي صادق زيبا كلام قد علق العام الماضي في مقابلة صحفية بعد الحديث عن ترشح إسحاق جهانغيري  وقال ” الناس لن يصوتوا لأي إصلاحي”، مؤكدا ان “المواطن الإيراني لم يعد يؤمن بالإصلاحيين، والناس في الانتخابات الرئاسية لعام 2021 لن يصوتوا لمحمد خاتمي ناهيك عن إسحاق جهانغيري”.

وانطلاقا من هذا الاعتقاد تساءل موقع “عصر إيران” الداعم لحكومة روحاني والإصلاحيين العام الماضي بالقول: ” ماذا يريد أن يفعل جهانغيري حتى يترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2021؟ يبدو أن الإصلاحيين قد نسوا قضية مهمة وهي أنهم في الانتخابات المقبلة لا يمكنهم أن يكونوا سائلين بقدر ما يلزمهم أن يكونوا مجيبين”.

كما كتبت صحيفة “آفتاب يزد” في مقال لها قبل أيام “يمكن لنا فصل جهانغيري عن روحاني وسياساته من خلال اعتماد الشعبذة فقط”.

وقالت فرزانه تركان، عضو اللجنة المركزية لحزب كوادر البناء مؤخرا أن الإصلاحيين لم تعد لديهم أي مكانة شعبية مضيفة “حتى لو رشحنا أفضل شخصية إصلاحية فلن يكون لنا أمل في الحصول على رأي الناخبين”.

الإصلاحيون: رفض تزكية الإصلاحيين هو فضل من مجلس صيانة الدستور بحق الإصلاحيين

وبسبب هذا اليأس من جانب الإصلاحيين إزاء الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة فقد اعتبرت شخصيات إصلاحية بارزة أن رفض مجلس صيانة الدستور للشخصيات الإصلاحية في الترشح للانتخابات كان “فضلا من مجلس صيانة الدستور بحق الإصلاحيين”.

وعلى الرغم من أن بعض الشخصيات مثل جهانغيري قد التزمت الصمت وبعضها الآخر مثل بزشكيان وآخوندي قد احتجت على قرار مجلس صيانة الدستور إلا أن شخصيات مؤثرة في التيار الإصلاحي والتي توقعت نتائج الانتخابات الرئاسية قد شعرت بالرضا والاريتاح لهذا الإبعاد للمرشحين الإصلاحيين بل أكثر من ذلك حيث شكروا مجلس صيانة الدستور ويعتقدون لو أراد مجلس صيانة الدستور ان يسيس قراراته لأبقى على شخصيات مثل جهانغيري وعباس آخوندي في قائمة المرشحين المؤيدة أسماءهم بعد أن كان لهؤلاء نصيب كبير في المشاكل التي تعرضت لها البلاد.

وما يمكن فهمه من تصريحات ومواقف الإصلاحيين وإعلامهم هو أن مجلس صيانة الدستور قدّم خدمة كبيرة للإصلاحيين وهذه الخدمة منعت الإصلاحيين من “الموت السياسي الدائم”.

وكتبت صحيفة “آرمان ملي” في تقرير لها مؤخرا بعنوان ” حقا كان الله بعونكم” أن رفض تزكية الإصلاحيين يجب أن يفرح الإصلاحيين أنفسهم لأنه لم حدث غير ذلك فإن نسبة المشاركة الشعبية القليلة كانت تزيد من احتمالية فوز التيار الإصولي بالانتخابات وبالتالي يعتبر الإصلاحيين في هذه الحالة مهزومين سياسيا لكن الآن يمكن للإصلاحيين تبرير هزيمتهم والقول بأن فشلهم هو بسبب إبعادهم عن السباق الرئاسي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “كيهان” الأصولية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: