الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 مايو 2021 10:23
للمشاركة:

اهتمام إيراني بمعركة غزة الأخيرة.. المكاسب كثيرة

بكثير من الاهتمام، تتفاعل إيران مع معركة غزة الأخيرة على أنها تحوّل استراتيجي على مستوى الصراع مع اسرائيل يشمل مستويات عدة يمكن التأسيس عليها. الأهم، عمليا، أن إسرائيل رغم الدمار الذي ألحقته آلتها العسكرية بقطاع عزة المحاصر، بدا واضحًا أنها ليست جاهزة لخوض معارك أكبر تتلقى فيها آلاف الصواريخ وفي بقعٍ تشمل جميع سكانها. هذه الخلاصة تعني سحب ورقة ضغط اسرائيلية في المواجهة بينها وبين طهران لتثبتها في اطار ما هو جارٍ حاليا، أي الحرب الأمنية والحرب بين الحروب في الشق الخارجي الايراني بين سورية والعراق.

منذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهات في القدس اوائل أيار/ مايو الجاري كانت طهران تراقب المشهد الفلسطيني باهتمام شديد، إذ لمست فيه نواة تحرّك في الداخل الفلسطيني قد يؤسس قواعد اشتباكات جديدة تزيد الضغط على إسرائيل.


لم يكن الأمر مرتبطا فقط يمعركةٍ بدأت من القدس المحتلة فقط، بل أيضا برؤية كان قد طرحها القائد الأعلى آيه الله علي خامنئي منذ سنوات، تحديدا في العام 2014 حين شدّد على تسليح الضفة الغربية، وفي مناسبات عديدة لاحقة عندما دعا لانتفاضة في الداخل الفلسطيني.

دعوات التسليح كانت بمثابة أمر عمليات لقوة “قدس” في الحرس الثوري، التي يبدو أنها لم تستطع ايصال سلاح الى الضفة لصناعة مواجهة هناك، لكنها نجحت على مستوى ثانٍ، في غزة، في تأمين ظروف مادية وتسليحية سمحت بقفزة نوعية على مستوى النوع والكم في التصنيع الداخلي الفلسطيني لترسانة غير مسبوقة من الصواريخ بدا أثرها واضحا في المعركة الأخيرة.


وليس شكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في خطابه الجمعة إيران على الدعم المالي والتسليح سوى اشارة إلى ذلك.


المستويات التي اهتمت بها إيران في المعركة كانت فعالية القبة الحديدية عسكريا، التحركات في الداخل الفلسطيني، وفي النتائج ضرب مسار التطبيع العربي الاسرائيلي الموروث عن حقبة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو مسار كان جرى التعريف عنه مباشرة او بالاشارة من ترامب واسرائيل وبعض الدول التي وقعت على اتفاقيات ابراهام بأن الهدف منه كبح إيران.


في الجانب العسكري والتأثير الميداني وضعت إيران هذه المعركة في مصاف حرب تموز/ آب 2006 بين حزب الله وإسرائيل استراتيجيا، أي أن نتائجها الردعية ستسمح للمقاومة الفلسطينية بالمزيد من الوقت لتطوير منظومتها الصاروخية وصناعة توازن نسبي في ظل اهتزاز شبكة الأمان الإسرائيلية، رغم فارق الامكانيات بين الأخيرة وبين القوة التي لدى فصائل المقاومة الفلسطينية.


وفي هذا الإطار لا بد من العودة إلى حادثة الصاروخ المضاد للطائرات والذي سقط قريبا من مفاعل ديمونا في 22 نيسان / أبريل الماضي والذي أثار الكثير من التساؤلات حول فعالية القبة الحديدية الاسرائيلية وقدرتها على حماية اسرائيل من حرب الصواريخ في حال اشتعالها مع إيران وحلفائها، هذه الحادثة ونتائج حرب غزة ستدفع اسرائيل بلا شك، إلى جانب التفكير كثيرا قبل أي مغامرة، إلى ترميم فعالية القبة التي وصلت الى 90 في المئة في التعامل مع مئات الصواريخ يوميا وفق أرقام إسرائيلية.


المتحول الأكبر من زاوية رؤية إيران في الصراع دخول صواريخ غزة على معادلة القدس ومناطق 1948، أي أن غزة اصبحت شريكة في حماية القدس والمسجد الأقصى وهذا يعني دورا اكثر اتساعا للفصائل المقاومة على مستوى فلسطين. فبدل أن ينحصر دفاع صواريخ غزة بغزة، خارج أي فعل تحريري ميدانيا، أصبحت اليوم حاضرة في عملية تقرير المصير الفلسطيني من مساحة الردع (ولو النسبي) لاسرائيل في التعامل مع الفلسطينيين خارج القطاع، وهو ما يعزز حضور طهران، ويمنحها المزيد من أوراق القوة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: