الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 مايو 2021 23:56
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – بضع كلمات حول التفاوض مع الولايات المتحدة

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقال لـ"محمد كاظم أنبار لوئي"، موضوع التفاوض مع أميركا وتأثير ذلك على إيران. حيث رأى الكاتب أن الولايات المتحدة تسعى إلى شن حرب نفسية في مجال السياسة وحرباً اقتصادية في مجال اقتصاد البلاد والعدوان والغارات الثقافية في مجال الثقافة في بلادنا.

ظلت قضية المفاوضات مع الولايات المتحدة على جدول أعمال الدبلوماسية الخارجية للبلاد لأكثر من 40 عاماً. كما وأن موضوع الدفاع والمقاومة هو أيضاً على جدول أعمال النظام والدبلوماسية الخارجية. فهل ثنائية التفاوض والمقاومة هي قطبية ثنائية حقيقية؟! حيث استطاع فصيل سياسي في انتخابات 2013 و2017 الوصول إلى السلطة التنفيذية من خلال الخطة المنحرفة لهذه القطبية وتوجيه الرأي العام. ومن خلال إقامة المفاوضات والادعاء بأن خصومنا لا يستطيعون التفاوض، وقّعوا على اتفاقية لم تحقق شيئاً سوى الخسارة المحضة للشعب الإيراني.

على الرغم من ادعاء رئيس دبلوماسية الدولة أنه عاش في الولايات المتحدة لأكثر من 30 عاماً، إلا أنه لم يتحلَّ بالصبر لدراسة قوانين وسلوك هذا البلد لمرة واحدة ومعرفة الظاهرة التي نواجهها على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات! حيث يخوّل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة رئيس الولايات المتحدة بانتهاك جميع وعوده لأي بلد أو أمة. وهنالك العشرات من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في سجل رؤساء الولايات المتحدة بحيث أن يكونون أحد أطراف العقد وينتهكونه ولا يترددون في الإعلان عن ذلك.

وفي مواجهة إيران كان أول اتفاق قطعوه بموجب التزامهم هو الاتفاق الجزائري الذي تم توقيعه أثناء احتلال عش التجسس وكان طرف الاتفاق حكومة بهزاد نبوي الذي لم يرد بعد على الأسئلة والغموض حول تنفيذ هذه الاتفاقية والتي انتهكت من قبل الولايات المتحدة وقد نُهبت مليارات الدولارات من أموال الشعب في الولايات المتحدة تحت هذه الذريعة.

حسناً بناءً على ذلك، هل من الممكن التفاوض مع الولايات المتحدة. عندما لا يلتزم الطرف الآخر بأي التزام، فهل له الحق في التفاوض بالأصل؟ كلا. إن المفاوضات مع الولايات المتحدة حتى مع الدبلوماسيين “ذوي حسن النيّة”، “غير الملمين بالقانون الدولي” و “الدبلوماسيين الذين يقفون أمام ابتسامات العدو ويعتبرونهم أصدقاءهم القدامى” ممنوعة وستؤدي بالتأكيد إلى الخسارة المحضة.

السؤال إذا كان التفاوض معقولاً فكيف يتم التفاوض؟ الجواب واضح أولاً أن نعلم أننا نتفاوض مع “العدو”. عدو تلطخت يداه بدماء مئات وآلاف الإيرانيين. عدو أضر بالشعب الإيراني بعقوبات تزيد عن ألف مليار دولار وحجز الأموال الإيرانية في مصارفه والمصارف العالمية بغطرسة وترهيب.

التبسّم مع هذه المجموعة المتعطشة للدماء والمفترسة على طاولة المفاوضات يدل على أننا لا نعرف ما الذي نتفاوض عليه؟! لكن صيغة التفاوض وطريقة التفاوض واضحة، فأي التزام قبله العدو في المفاوضات يجب أن يعمل به أولاً ومن ثم يقوم الجانب الإيراني بالتحقق من ذلك!

وبموجب الاتفاق الجزائري كان من المفترض بداية أن يفي الأميركيون بالتزاماتهم ويرفعون العقوبات ويطلقون سراح الأموال المحجوبة ويعودون إلى العلاقات الطبيعية وبعد ذلك نطلق سراح الرهائن. ولكن للأسف قبل أن يفوا بواجبهم أطلقنا سراح الرهائن ولم يفوا بأي التزام وأبقونا في أروقة محكمة لاهاي وكانوا يحكمون علينا بانتظام !

وخلال الاتفاق النووي هذا، قمنا أولاً بالوفاء بالتزاماتنا ولم يف الطرف الآخر بأي من التزاماته ومن ثم في عهد أوباما انسحبوا من الاتفاق النووي، واحتفل الرئيس التالي ترامب بتمزيق الاتفاق النووي بناء على نفس السلطة القانونية.

حيث إن إقرار القانون الاستراتيجي بشأن رفع العقوبات وإنفاذ حقوق الأمة في البرلمان هو أيضاً بناءً على نفس نتيجة الاتفاق النووي الذي وقعه السادة أنفسهم، حيث لم يقلل من مخاطر التفاوض.

بل فتح الباب أمام الدبلوماسية، التي تقول إن الولايات المتحدة يجب أن تفي أولاً بالتزامها، ومن ثم نختبر حقيقة ذلك وبعد ذلك إذا كان لدينا التزام، سنعمل به. وهذا القرار واضح حيث أنه يخدم المصلحة الوطنية. ولكن الرئيس أعلن عدم رضاه عن تمرير مثل هذا القانون في اليوم الأول من دون سبب! لماذا؟لأنهم يعرفون من المفاوضات والدبلوماسية ما فعلوه حتى الآن!

إن شكل إرادة الأمة وشروطنا التي اتخذت في أعلى سلطة لاتخاذ القرار في النظام، وهي المجلس الأعلى للأمن القومي والتي تضمن المصالح الحقيقية للأمة، واضحة. فماذا يعني الذهاب إلى فيينا حتى عندما يكون الطرف الرئيسي في المفاوضات ليس خلف الطاولة ولا يمكن أن يكون؟ والمقاومة التي تكون أحد ثنائيات أقطاب التفاوض المخادعة – ليست مقاومة. والذين ينتهكون المقاومة يسعون لبيع مصالح الشعب الإيراني بثمن زهيد، والمقاومة هي مصدر تفاوضنا الرئيسي وشرط ضروري لأي حوار مثمر.

حيث تتطلع الولايات المتحدة لكسب الوقت في المفاوضات. ويحتاج دبلوماسيونا إلى فهم سبب رغبتهم في شراء الوقت. حيث عجزت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في الأرض والجو والبحر كما وسُحقت عظام الناتو تحت أيدي مجاهدينا الشباب في معاركهم الضارية مع داعش وحرب الـ33 يوماً والـ55 يوماً والـ8 أيام وما إلى ذلك. و الولايات المتحدة تسحب أيديها من أفغانستان وذلك لهجمات القناصة والمجاهدين الدائمين، وسيحدث الشيء ذاته قريباً في العراق وسوريا. وتسعى الولايات المتحدة إلى شن حرب نفسية في مجال السياسة وحرباً اقتصادية في مجال اقتصاد البلاد والعدوان والغارات الثقافية في مجال الثقافة في بلادنا. وتحتاج الولايات المتحدة إلى وقت لتقويض المفاوضات. حيث ألقت فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات بظلالها على أبواب وجدران وممرات وزارة الخارجية وكلما ذهبوا إلى أبعد من ذلك حصلوا على الأقل ولم يكونوا على استعداد للاعتراف بأنهم خُدعوا. وذلك لأنه من خلال إعطاء الكثير من النقاط لأمريكا، لم يتمكنوا حتى من الحصول على نقطة!

المطالب الحقيقية للشعب في منطق قرار البرلمان هي نوع من توسيع الآفاق للمضي قدماً في المفاوضات. وذلك لأن كل مطالب الشعب الإيراني من الجانب الأمريكي واضحة ولا لبس فيها. ويجب رفع جميع العقوبات المفروضة تحت أي صنف أو اسم كانت. فى الحال! وليس على الورق ولكن عملياً، وليس مؤقتاً ولكن بشكل دائم! وهذا منطق صحيح لضمان مصالح الأمة الإيرانية. ولماذا تصرف الحكومة في الشهرين المتبقيين على انتهاء عملها لدرجة أنها بهذا التصميم واضح أنها ترمي بالحجارة؟ يقول الناس؛ كل هذا الكلام لمدة 8 سنوات تحت سقف المفاوضات وأنتم ترفضون أخذ أربع كلمات بدافع السرية هذا لا يكفي! إذن ما هو الوقت المناسب للطرف الآخر للعمل؟ يقول الناس كيف انتهكتم بالأصل شروط البرلمان والمجلس الأعلى للأمن القومي والمرشد الأعلى، وقبل أن يفى الطرف الآخر بالتزاماته، وأنتم أوفيتم من جانب واحد بجميع الالتزامات مع فرض مليارات الدولارات من الخسائر؟ هل ملأ سلوكك هذا الجانب الآخر وسمح للعدو بالظهور في وضع “المتطلب”؟

قلتم إن منافسينا لا يعرفون كيف يتفاوضون. والسؤال هل كنتم تعلمون كيفية التفاوض كيف لم تقرأوا نص الاتفاق النووي لتروا هل الموضوع هو “رفع العقوبات” أم “تعليق العقوبات” ؟! كما أن ذات التعليق على الورق ولم يحدث على الإطلاق!

السيد الرئيس، والسيد وزير الخارجية دعوا قرار البرلمان يُنفّذ، ودعوا ممثلي الأمة يرجمون رأس العدو برفع جميع العقوبات دون أي عذر. حيث يعرف الأشخاص الطيبون أن نتاج دبلوماسية الحكومة التي دامت 8 سنوات ليس حتى العودة إلى نقطة الصفر. وذلك لو أنه كان صفراً، لما عانت الأمة كل هذا الضرر في المجال النووي وانخفاض قيمة العملة الوطنية بمقدار 6 أضعاف ومن تضخم 400 و 500 % للعديد من العناصر والسلع.

والرئيس، بدلاً من شحذ هجماته على العدو الرئيسي الذي قدّم الأعذار السخيفة والمضحكة في كل وعوده لا يزال يهاجم من قال له بتعاطف أخي هذا الأسلوب وطريقة التفاوض هذه مع العدو ليست مثمرة!

والآن وصل العمل إلى هذه المرحلة، ومن دفع الحكومة إلى هذه الكارثة الدبلوماسية يقول: “لقد أزلنا ظلال الحرب عن البلاد.” أي ظلال حرب؟! الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لا حول لهم ولا قوة لرفع أنوفهم! أزلتم ظل الحرب عن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بالاتفاق النووي. ويكفي الاستماع لتقرير أوباما وجون كيري للكونغرس بعد توقيع الاتفاق النووي ليروا من أزال ظل الحرب وعن أي دولة؟!

المجموعة ذاتها التي اجتمعت اليوم في مقر “ناسا” وتريد أن تطير الأفيال في الانتخابات تقول: “أنقذنا الاقتصاد من قاع الوادي” ، “لم نسمح بأن يكون التضخم مثل فنزويلا”، أي وادٍ؟ أيُّ تضخم فنزولي؟ لماذا تهين وعي الناس وتتجاهلهم؟ لماذا لا تعترف بصدق أنك سلمت البلد “مرات “؟!

لماذا لا تتعلم من عدم التزام أمريكا بالتفاوض وتستخدم حكمتك الدبلوماسية في طرق جديدة لفرض حقوق الأمة؟ لماذا تريد للأمة أن تلدغ 10 مرات من جحر واحد؟ هناك ألف طريقة لم تستخدم لرفع العقوبات وصد تهديدات العدو. والحكومة لم تهتم بها في هذه السنوات الثماني، فهي تعرف فقط طريقة واحدة! وهو التفاوض؟ لقد كنتم تتفاوضون خلف الأبواب المغلقة في لوزان وجنيف وفيينا لمدة 8 سنوات، ولم تحققوا أي شيء ولستم على استعداد لأخذ العبرة من ذلك.

ما هي المدة التي يجب أن نعطي فيها النقاط النقدية ونبقي التزامهم قرضاً وعلى الورق أيضاً؟! والأهم أن المسؤولين الأمريكيين الحاليين لا يقدمون ذات الالتزام المُقرض وأنتم تحذفون الأخبار عن ذلك؟! ما اسم هذا النوع من الدبلوماسية؟ ما هي الحكومة والدولة التي تمثلونها في التفاوض على منافعها ومصالحها. لقد مررنا بالمفاوضات منذ عدة سنوات ونحن الآن بصدد التحقق من وفاء الجانب الآخر من التزاماته. لماذا لا يرى الجهاز الدبلوماسي بلده في هذا الوادي؟

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: