الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 مايو 2021 21:16
للمشاركة:

صحيفة “جوان” الأصولية – قائد دبلوماسي أم مُنفّذ بلا مسؤولية؟

تناولت صحيفة "جوان" الأصولية، في مقال لـ"كبری آسوبار"، حادثة تصريح وزير الخارجية محمد جواد ظريف المسرّب. ورأت الصحيفة أنه سيبقى للتاريخ أن هذا الاتفاق النووي الذي كان يُطلق عليه في البداية فتح الفتوح، أصبح في النهاية مثل جثة متعفنة تُلقى من كتف إلى آخر، وهذا كافٍ لإثبات فشل الاتفاق النووي، حسب تعبير الصحيفة.

بعد تصريحات القائد الأعلى للثورة علي خامنئي وعتابه حول ما قاله محمد جواد ظريف عن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحول شخص قاسم سليماني نفسه، والتي بثتها من قبل القناة السعودية إيران الدولية، وبدلاً من معالجة أخطاء ظريف المهنية والالتزام بمبادئ السياسة الخارجية للبلاد -التي تم التوصل إليها من خلال القانون- سعى مُدّعوا الإصلاح إلى تغيير ساحة اللعب واختصروا بؤرة الخلاف على الاتفاق النووي وما إذا كانت مسؤوليته مع ظريف أم لا.

“ما كان من المفترض أن تفعله وزارة الخارجية وماذا فعلت”، هذه الثنائية ضمن الاتفاق النووي، أما اليوم، وبمساعدة الملف الصوتي لمحمد جواد ظريف، فقد تم إزالته من الأذهان ولكن التشابه بين الاثنين منطقي للغاية، والفرق بينهما واضح جداً، حيث إن التذكير بما حدث خلال السنوات الثماني الماضية والنظر إلى منطق صنع السياسات والتنفيذ في جميع أنحاء العالم، يُنقي الأجواء من ادعاءات وزير الخارجية وما أعقب ذلك من ضجة من قبل أنصار الحكومة.

ما مقدار ما فعلته وزارة الخارجية بشأن موضوع المباحثات النووية، كان سياسة النظام، وما مقدار ما نفّذته وزارة الخارجية؟ الإجابة على هذا السؤال بسيطة للغاية. هل أخذ ظريف وروحاني “أمراً” من المرشد الأعلى من أجل التفاوض أم بعد الكثير من “الإصرار” على وجهة نظرهم، حصلوا على “إذن” للتفاوض؟

هذا الأمر واضح جداً حيث وفقاً لأهل المنطق، فإن تخيله يؤكده، ولكن أهل الفتنة يسعون إلى إثارة الشك والشُبهة. وهذه المرة، قسماً من تصريحات القائد الأعلى كذريعة حيث قال: “دع الجميع يعرف أن السياسة الخارجية لا تضعها وزارة الخارجية في أي مكان في العالم. السياسة الخارجية في جميع أنحاء العالم تتعلق بالمقامات الأعلى من وزارة الخارجية..” وهم يقولون إن كلام ظريف كان كذلك أي أنه كان مُنفذاً لسياسات النظام فقط. ولكن كلام القائد الأعلى له تتمة: “إن المراتب العليا والمسؤولين رفيعي المستوى في البلاد والذين هم من يحددون السياسة الخارجية؛ وبالطبع وزارة الخارجية مشاركة بذلك، لكن الأمر ليس بأن يكون القرار يعود إلى وزارة الخارجية؛ كلا، وزارة الخارجية هي المُنفذ وفي المجلس الأعلى للأمن القومي حيث يوجد جميع المسؤولين يتم اتخاذ القرارات وعلى وزارة الخارجية تنفيذها ودفعها بطريقتها الخاصة”.

وما هو واضح هو الاختلاف في طرق تنفيذ السياسة العامة، مما يجعل وزراء الخارجية المختلفين لنفس النظام يؤدون العمل بطرق مختلفة. وإلا فما الفرق بين وزير خارجية هذه الحكومة ووزير خارجية تلك الحكومة إذا كان كل منهم مجرد تنفيذيين وأيديهم مُقيدة؟

وزارة الخارجية هي “جزء” من عملية صنع القرار واتخاذه في السياسة الخارجية للبلد. وهذا ما نعرفه من كلام آية الله خامنئي حول وزارة الخارجية. حيث لها دور في صنع القرار، ولكنها ليست صانع السياسة الرئيسية. كما أن الاختلاف واضح مع ما يقوله ظريف وأنصاره، على الرغم من أن تعبيرات الجملة وظاهرها قد يكون متشابهاً. حيث تحدث ظريف بظلم واحتجاج؛ كان يجب أن أمنح سلطة كافية، لكنهم لم يفعلوا ذلك. في أي موقع يقول هذه الأشياء، لتبرير فشل وزارته، في توضيح أنهم لم يسمحوا له بالعمل؛ احتجاجاً على أن سلطته لم تكن كافية. ولكن القائد الأعلى من أي موقع يتحدث؟ في هذا المنصب، حيث صلاحيات وزارة الخارجية كافية وفي جميع أنحاء العالم يمارس وزراء الخارجية الدبلوماسية بنفس مستوى السلطة. في الحقيقة، ظريف يقدم الذرائع والمرشد الأعلى يريد أن يأخذ منه ذريعة “السلطة القليلة”. ويعتبر المرشد الأعلى هذا المنفذ “طبيعية” وروتينية لكل دول العالم، ويعتبرها ظريف سبباً للفشل و “غير طبيعية” وإشكالية. وعلى ما يبدو الآن فقد أصبحت الاختلافات واضحة أثناء مشاركة التعبيرات؟

لقد وصلت الأشهر التي قضاها حسن روحاني في محاولة الاستيلاء على الحكومة وتقديم الشعارات والوعود الانتخابية على أساس السياسة الخارجية – التفاوض مع الغرب وحل القضايا النووية والعقوبات – والنجاح في ذلك إلى هذه النقطة لم نشارك في السياسة الخارجية. وهذه خيانة للرأي العام؛ بادئ ذي بدء وخيانة لمن وثق بروحاني وصوت له على أساس هذه الشعارات. فكرة الاتفاق النووي فكرة من كانت؟ النظام والمرشد الأعلى أم روحاني وظريف؟ من كان شعاره الانتخابي التعاضد مع الربان وحل المشاكل النووية و العقوبات عن طريق التفاوض مع الغرب؟ أكان النظام والمرشد الأعلى أم روحاني وظريف؟

إذا كان وزير الخارجية لا عمل له، فلماذا في 5 أيلول/سبتمبر 2013، أي بعد شهر واحد فقط من تولي حسن روحاني منصبه، تولى الرئيس مسؤولية المحادثات النووية من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي وسلمها إلى وزارة الخارجية؟ إذا كان المسؤول عن المفاوضات هو منفذ فقط، فما الفرق بين جليلي وظريف في المفاوضات، ولما كان كل هذا الانتقاد من الإصلاحيين وروحاني وظريف لجليلي؟!”

ومن جهة أخرى، هل صمتت الحكومات خلال اجتماعات رؤساء النظام والمجلس الأعلى للأمن القومي للبت في السياسات والمفاوضات النووية الكلية، وهل لم يكن لديهم خطط أو أفكار؟ وهل أنهم لم يقدموا أي تقرير ولم يتم دراسة وجهة نظرهم أم أنهم لم يصروا على أي خطة؟

من المسؤول عن الاتفاق النووي؟ في أداء من تم إدراج عظمته؟ اسأل الآن ذات الرئيس الذي التقط صورة لصحيفة إصلاحية وقال، “مسؤولية التفاوض كلها على عاتقي” لتحمل المسؤولية.

خريف عام 2013، ولم يمض سوى بضعة أشهر على تولي روحاني الرئاسة. حيث صوّت له الشعب تحت شعار المفاوضة؛ وقال المرشد الأعلى خلال لقاء مع الطلاب: “بالطبع كما قلت لست متفائلاً؛ لا أعتقد أن هذه المفاوضات ستحقق النتيجة التي تتوقعها الأمة الإيرانية، لكنها تجربة وستزيد وتقوي الدعم التجريبي للأمة الإيرانية”.

لاحظوا هذه الصور المختارة من حكومة حسن روحاني ومحمد جواد ظريف على التوالي:

الصورة الأولى؛ انتهاك كامل وتدمير لجميع المفاوضات النووية وسعيد جليلي بصفته المسؤول عن المفاوضات.

الصورة الثانية؛ الوعد بحل مشاكل البلاد من خلال العلاقات مع الغرب.

الصورة الثالثة؛ الوعد بحل جميع المشاكل والعقوبات النووية من خلال المفاوضات النووية.

الصورة الرابعة؛ الإصرار على النظام للحصول على إذن للتفاوض وكذلك تغيير المفاوض من سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي إلى وزارة الخارجية ظريف.

الصورة الخامسة؛ التوقيع على الاتفاق النووي والدفاع عنه بكامل قوتهم وإدراجه في قائمة الشرف للحكومة ولشخص ظريف؛ تسليم عشرات القطع الذهبية لأعضاء فريق التفاوض ومنح ظريف لقب قائد الدبلوماسية.

الصورة السادسة؛ تدمير أي منتقد للاتفاق النووي واتهام النقاد بعرقلة فعالية الاتفاق النووي.

الصورة السابعة؛ الظهور التدريجي لعلامات ضعف وعجز الاتفاق النووي وأخيراً انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي باستغلالها لضعف الاتفاق النووي في مسألة الضمان التنفيذي.

الصورة الثامنة؛ تحميل المسؤولية الكاملة للاتفاق النووي على كاهل النظام والقائد الأعلى وإظهار منفذ غير لا يملك إرادة وغير مسؤول لظريف وغير قادر على الاستقالة رغم أنه لا يؤمن بما يفعله.

هذا الروتين، مهما كان اسمه، ليس صادقاً. حيث أن الانتصارات دائماً لها ألف مطالب و الهزائم يتيمة.

و لعبة اليوم التي تفاخر بها ظريف وأنصاره، ستهدأ أخيراً، على الرغم من أنهم حتى الآن أوصلوا ظريف من أعلى المراتب “قائد الدبلوماسية” إلى الأرض “الوزير غير المسؤول”؛ ولكن في الوقت الحالي، سيبقى للتاريخ أن هذا الاتفاق النووي الذي كان يُطلق عليه في البداية فتح الفتوح، أصبح في النهاية مثل جثة متعفنة تُلقى من كتف إلى آخر. وهذا كافٍ لإثبات فشل الاتفاق النووي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جوان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: