الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 أبريل 2021 23:10
للمشاركة:

صحيفة “همشهري” الصادرة عن بلدية طهران: التضخم يضغط بشدّة على المستأجرين

تناولت صحيفة "همشهري" الصادرة عن بلدية طهران، في تقرير لها، موضوع التضخم في إيران وأثر ذلك على معيشة الناس. حيث أوضحت الصحيفة أن الإحصاءات تشير إلى أن تكاليف المستأجرين والمواطنين الذين لا يمتلكون سيارات قد ارتفعت بشكل حاد.

تشير الإحصاءات إلى أن تكاليف المستأجرين والمواطنين الذين لا يمتلكون سيارات قد ارتفعت بشكل حاد. حيث تستمر ضغوط التضخم على المستأجرين كما وأن التضخم في قطاع النقل لا سيما مع ارتفاع أسعار البنزين في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، لا يزال يلقي بثقله على سلة تكاليف الأسر الإيرانية؛ خاصة مع تفشي فيروس كورونا وتزايد استخدام وسائل النقل الشخصية، حيث يبدو أن هذه العملية ستستمر بهذا الاتجاه في الأشهر المقبلة.

وتشير دراسات المجموعة الاقتصادية لصحيفة “همشهري” إلى أن أكثر من نصف التضخم الذي عانى منه الشعب الإيراني في نيسان/أبريل من هذا العام يرجع إلى نمو 5 مجموعات فقط من السلع والخدمات لا سيما نمو الإيجارات؛ حيث أن نمو مؤشر الإيجارات وحده أدى إلى ارتفاع درجة التضخم في الاقتصاد الإيراني بمقدار الخمس. وبعد الإيجارات، هنالك نمو أسعار السلع والخدمات مثل؛ النقل والخبز والحبوب واللحوم الحمراء والبيضاء والرعاية الصحية الذين شكلوا أكبر قدر من الضغط على الأسر الإيرانية.

يعد ارتفاع حصة الإيجارات في ثلاثة مؤشرات للتضخم الشهري، من نقطة إلى نقطة وسنوية، مؤشراً وفي الحقيقة مهدداً للوضع السكني للمواطنين الإيرانيين، خاصة في المناطق الحضرية ويظهر أن سياسات السنوات الـ16 الماضية في حكومتي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني مع نهج زيادة الاستثمارات في قطاع الإنتاج، بدلاً من تعزيز القوة المالية لمستهلكي الإسكان قد فشلت. ومع ذلك، بدلاً من إدراك الواقع المرير المتمثل في أن سياسات الحقن الجامح للموارد المالية والمصرفية وتقليل تكاليف البناء لم تكن فعالة، طالب البرلمان الإيراني مؤخراً الحكومة ببناء مليون وحدة سكنية جديدة في البلاد سنوياً، وحتى في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة منازل شاغرة. وقد أعلنت وزارة العمل والتعاون والرعاية الاجتماعية في تقييمها لمعدل التضخم في نيسان/أبريل من هذا العالم، أن مجموعات الإيجار والنقل والخبز والحبوب كان لها التأثير الأكبر في زيادة معدل التضخم؛

بعبارة أخرى، فقد أدى استمرار نمو الأسعار في هذه المجموعات الثلاث إلى استمرار ضغط التضخم على الناس. ومن المهم أن نلاحظ أن مُعامل أهمية قطاع الإسكان بما في ذلك الإيجارات وخدمات صيانة المساكن مطروحاً منه أسعار المساكن في التضخم السنوي في إيران يُحسب بنسبة 31.12%، والتي تُثقّل سلة تضخم الأسر الحضرية بنسبة 34.1% و 14.47% في المناطق الريفية، بينما تبلغ حصة المواد الغذائية والمشروبات في سلة التضخم للدولة بأكملها 26.6٪ ، وفي الحضر 24.5٪ وفي المناطق الريفية 38.5٪ وبالتالي، كلما زاد ضغط التضخم على الإيجارات، زاد عدد مواطني المناطق الحضرية وخاصة المستأجرين، وكلما زاد نمو أسعار المواد الغذائية والمشروبات، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية، فيجب أن يكونوا مستعدين لتحمل ضغط التضخم.

وفقاً لوزارة العمل، من بين مجموعات الإنفاق الـ 12 الرئيسية، فإن 4 مجموعات “الإسكان والمياه والكهرباء والغاز وكافة أنواع الوقود الأخرى” و “الطعام والمشروبات” و “الرعاية الصحية” و “النقل” على التوالي لها الوزن الأكبر في سلة الأسرة وتمثل و 76% من أهمية سلة السلع والخدمات التي تحتاجها الأسر، وكذلك المناطق الحضرية والريفية حيث بالطبع من ضمنهم هنالك حصة مجموعتين “الإسكان والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى” و ” المواد الغذائية والمشروبات ” وتمثل أكثر من 59٪.

ووفقاً لوزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية فإن معدل التضخم في المناطق الريفية في السنوات 2008 وحتى 2013 وأيضاً في السنوات 2016 وحتى 2020 قد تجاوز معدل التضخم الحضري، والذي يبدو أنه يرجع إلى أن المناطق الريفية أصبحت أكثر اعتماداً على المدن وزيادة حدته في ظروف التضخم الخاصة. وبالإضافة إلى ذلك في المناطق الحضرية تحظى مجموعة “الإسكان والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى” بأعلى وزن على مؤشر التضخم، بينما في المناطق الريفية تحظى مجموعة “الأغذية والمشروبات” بالوزن الأكبر.

إن السبب الرئيسي في ارتفاع تكاليف النقل يعود إلى ارتفاع أسعار الوقود وكذلك أسعار قطع غيار السيارات مما تسبب في تجاوز التضخم في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية. كما إن زيادة السيولة وارتفاع سعر الدولار وزيادة معدل التضخم المتوقع والزيادة المفاجئة في الطلب على بعض الأصناف مثل الحمضيات، والمنظفات وما إلى ذلك وبسبب تفشي كورونا، هم من بين العناصر الأساسية لأسباب التضخم من وجهة نظر وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية. لدرجة أنه في عام 2020، بالإضافة إلى استمرار العقوبات وتقلبات أسعار الصرف، ظهرت قضية تفشي فيروس كورونا مع الآثار على العرض والطلب لبعض المواد الغذائية والمنظفات وكذلك إغلاق الحدود وبالتالي تغيير طريقة الصادرات و واردات السلع والخدمات تسبب في تقلبات التضخم والقفزات.

تقول وزارة العمل أن معدل التضخم سيستمر في الارتفاع حتى نهاية الحكومة الحالية ليبلغ ذروته بنسبة 45٪ في نهاية آب/أغسطس، وبعد ذلك ستنخفض الأسعار تدريجياً لتصل إلى 29.8٪ بنهاية العام الجاري؛ أي أقل بنسبة 10٪ عن معدل التضخم في نيسان/أبريل من هذا العام. وإذا تحقق هذا التوقع، فسيسلم حسن روحاني الحكومة إلى الحكومة المقبلة في حين أن معدل التضخم أعلى من العام الذي استلم فيه الحكم. ووفقاً للمصرف المركزي الإيراني فقد بلغ معدل التضخم في إيران في نهاية آب/أغسطس 2013 وبداية حكومة روحاني 39٪. وأعلن صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له، من المتوقع أن يصل معدل التضخم في إيران إلى 39% بنهاية هذا العام، وهو أعلى بنسبة 10% من معدل التضخم الذي قدرته وزارة العمل الإيرانية. ولم يعلن المصرف المركزي بعد عن التفاصيل حول معدل التضخم المستهدف لهذا العام.

تظهر التجربة الفاشلة للحكومات في مواجهة معدل التضخم في إيران أن سياسات التجربة والخطأ مستمرة في الاقتصاد وطالما أن المصرف المركزي يلعب دور حصالة الحكومات وتهيمن عليه السياسات المالية ويغطي عجزاً كبيراً في الميزانية، فإن هذا الاتجاه التضخمي سوف يستمر. ويُخشى أنه في حالة التوصل إلى اتفاق نووي وإثمار محادثات فيينا على المدى القصير فإن الحكومة والبرلمان سيتبعان سياسة خفض قيمة السلع والخدمات مع تخفيض قيمة العملة على نطاق واسع من أجل إظهار النصر، ومن خلال قمع سعر الصرف، سوف يمهدون الطريق لعودة التضخم في السنوات القادمة وإهمال الإصلاحات الجادة للحد من التضخم.

وتحتل إيران حالياً المرتبة السابعة في جدول التضخم العالمي، وقبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية لا أحد يعرف من سيكون المرشح النهائي أو ما هي خططهم الاقتصادية لمعالجة النواة الصلبة للتضخم. وما يجعل شهر حزيران/يونيو أكثر سخونة هو الوعود التي لا نهاية لها لتعزيز الاقتصاد وكبح جماح التضخم، ولكن التجربة أظهرت أن الحكومات لا تبلي بلاء حسنا مع تضخم من رقم واحد ويحاولون التضحية بكفاءة الاقتصاد من أجل شعبيتهم السياسية من خلال زيادة الرواتب والأجور والمساعدات المباشرة وغير المباشرة ضمن إطار مدفوعات دعم. وسيظهر العجز الكبير في ميزانية الحكومة لهذا العام ونهج الحكومة المقبلة ما إذا كانت العودة إلى عصر التضخم أحادي الرقم واستمراره على الأقل خلال العشرين عاماً القادمة سراباً أم لا؟

ويعزى نصف التضخم الذي شهده الشعب الإيراني في نيسان/أبريل من هذا العام إلى نمو أربع مجموعات فقط من السلع والخدمات. وبحسب حسابات صحيفة “همشهري”، فإن نمو مؤشر الإيجارات وحده أدى إلى ارتفاع درجة التضخم في الاقتصاد الإيراني بمقدار الخمس. كما وتشير تقديرات مركز أبحاث وزارة العمل إلى أننا سنشهد أعلى درجة تضخم هذا العام في آب/أغسطس. وبحسب تقديرات الخبراء فإن معدل التضخم السنوي سيصل إلى 45٪ في آب/أغسطس من هذا العام.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “همشهري” الصادرة عن بلدية طهران

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: